أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الجنابي - مَسارِحُ اللَّيلِ














المزيد.....

مَسارِحُ اللَّيلِ


علي الجنابي
كاتب

(Ali . El-ganabi)


الحوار المتمدن-العدد: 6970 - 2021 / 7 / 26 - 00:26
المحور: الادب والفن
    


(سطور من كتابي ؛ " صديقتي النملة")..
أزفَ الليلُ..
أزِفَ فَطَمَسَ بجِلبابِهِ كلَّ كبرياء تَتَمَطّى، فأسكَتَ شِعرَ قصائِدها، وأسبَتَ نثرَ جرائدِها،
ودعسَ بحِجابِهِ كلَّ خُيلاءَ تَتَخَطّى، فأكبَتَ بذرَ مكائدها، وأخبَتَ جذرَ حقائدها.
قد كنسَ الدُّجى تَصَعُّرَِ الخُدودِ بسَبتٍ قاهرٍغَشّاها، فباتَ سَواءٌ فيها واليها ومولاها، مُتَعافيها ومُبتلاها،
فلا فضلَ لنفسٍ على نفسٍ، إذ الوِسَادَةُ باسِطةٌ يدها بِطَغواها، وإذ الأرواحٌ مُنسَلِخَةٌ من أهوائِها ومَداها، ومن أجوائِها وصداها.
جثثٌ هامدةٌ، وكلُّ جثّةٍ فاغرةٌ بسذاجةٍ فاها، لتكونَ مسرحاً لهوامِ الليلِ وسحاياها، المَرئيّ من عظاياها، والمِجهريّ من خفاياها،
لتسرحَ الهَوامُ كما يشاءُ مزاجُها وتشاءُ نواياها.
لكأنَّ الأفواهَ مسارحٌ لهَوامِ اللَّيل، ولكأنَّ المرءَ ماهو إلّا فاهٌ محمولٌ مُسخَّرٌ لبلاياها؟
ثم تراهُ يأتيها صاغِراً كدَكَّةٍ لرقصِها وعَزفِها ورَزاياها، رغم أنّهُ وللتوِّ قضى نهارَهُ، يصولُ في تفسيرِ المَسائِلِ وفي تسخيرها،
ويجولُ في تبرير الدلائِلِ وفي تزويرِها.
وهاهوَ ذا أمسى غثاءً مُتَفقِّعٍاً من شَخيرٍ، وهَبَاءً مُتَقطِّعٍاً من زَفيرٍ، ويَستوي في ذلك الشّخيرِ الزّعيمُ في قصرهِ والحالِمُ الفقيرُ، ويستوي في ذلك الزّفير الفَاجرُ في قعرِهِ والعالِمُ البَصيرُ.
كلُّ فاهٍ يَشخرُ،
وفي كلِّ فيهٍ فيهِ هوامُ اللَّيلِ تَمخُرُ،
لتُبَتِّكَ في أبوابهِ مَليحَ إزرارِها، وتُفَكِّكَ بأنيابِها فسيحَ أكوارِها، وتُهَتِّكَ بين طيّاتِ لِسانيّهِ "صَريحَ أسرارِها" و"قبيحَ أوزارِها"، مُطلِقَةً هَزَّها وأزَّها والصَّفير.
لكنَّ جلبابَ اللَّيلِ له حِجابٌ آخرُ غير.
حجابٌ من رُضابٍ في فَرْشٍ عفيف، وقولٍ شريفٍ لطيفٍ،
ومُغدِقَة نَفَحاتُهُ في فضاءٍ كفيفٍ أليف، تُشِعِرُ العابدَ أنّهُ وحدهُ ولا خَلْقَ غيرَهُ عند معبودهِ المُضيف،
فَتراهُ عَوّاماً بلا تَجديف، لَوّامَاً بلا تَخويف، حاضرة نبضاتُهُ إذ يُناجي معبودَهُ، فيُبادلُهُ معبودُهُ النّجوى وليفاً لوليف.
إنّكَ يا ليلُ لصادق الوعدِ فلا تستأخرُ ميقاتَكَ طَرفَةَ عينٍ، فلا فتورَ ولا تسويف، ولاتستقدمُهُ طَمعاً في غايةٍ أو تحريف,
ثمَّ وليأتيَ الفجرُ يطلبُكَ حثيثاً لايسابقُكَ في تكليف، فكلاكما في فَلَكٍ تسبحانَ بتقديرٍ مُذهلٍ وتَصريف.
وأيا ليل! هاهو الفَجرُ قد غَمَزَ بخيطِ حاجبهِ من حُضنِكَ متَرَسِّمَاً بتَلْهِيج،
ومتَبَسَّمَاً بسَجيّةٍ شَجيّةٍ كأنّهُ رضيعٌ في حُضنِ أمّهِ يتَبَسَّمُ بتَدريج،
ومتَنَسَّمَاً من عَبقِ حنانٍ ودودٍ وشيج. ومُتَجَسِّماً بعطرٍ تَغارُ منهُ بقيّةُ ساعاتِ اليومِ ودقائقُهُ لما فيهِ من مزيجٍ بهيج.
عطرٌ غَمَزَ ليَلمِزَ أنَّهُ ولادةٌ لأمَلٍ حاملٍ لأريج، وغَمَزَ ليَرمزَ أنَّهُ إعادةٌ لعَمَلٍ كافِلٍ وحُبُكٍ من نسيج.
وهُسْ ياليل! فالفجرُ الرضيعُ متَوَسَّمٌ لإستقبالٍ له من الأنامِ حافلٍ وبهيجٍ، مابينَ عجيجٍ وحجيج.
وماعلِمَ أنَّ غَمَزَاتَهُ بارت وباتَت إثنانِ وحسب بها مُتَوَلِّعَان، وإثنانِ منها مُتَقَلَّعَان من القَومِ..
فأمّا المُتَوَلِّعانِ؛
فرفيقُهُ الدّيكُ المُتَرَنمُّ بتغريدةِ الفجرِ والقاهرُ للنّوْم، أبداً اليومَ وكلَّ يَوْم. ثمّ شيخٌ بهِ مُتَوَلِّعٌ ويتهادى بالبدرِ الى مسجدهِ لصلوةٍ، ورُبَما نافلة من صَوْم.
وأمّا المُتَقَلِّعانِ؛
فخَمَّارٌ مُتَقَلِّعٌ مُتَسَكِّعٌ خَرَجَ لِتَوِّهِ من خمّارةٍ، يَتَنادى بِسُوءِ لفظٍ، وبخربشاتِ من لَوْم.
وأمّا رابعهُمُ..
فذلكَ صَبيٌّ (يتيمٌ) مُتَوشِحٌ رأسُهُ كيسَ وبرٍ فارغٍ كأنَّهُ له قاربُ عَوْم، ليَتَفادى كلَّ فُجاءةٍ فجريةٍ وحَوْم، إذ هو مُبكرٌ إلى سوقِ الخضرِ وذلك دأبُهُ كلّ يوم. ولئن...



#علي_الجنابي (هاشتاغ)       Ali_._El-ganabi#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (هَلَّا من مؤسسةِ نشرٍ أو ناشرٍ مكينٍ أمينٍ مُتَرَفِّع)؟
- تهنئةٌ لمناسَبةِ عيدِ الأضحى المبارك
- قَلائِدٌ مِن كَبَاب
- في المطعمِ: أنا وصديقتي النّملة
- مُزحَةُ دِلدِل
- وقائعُ جَلسةِ مُحاكمةِ النّملةِ:دِلدِلُ
- دِلْدِلُ .. أختُ عَنْبَسَة
- أَجَل: هَكذا تُورَدُ الإبِلُ ياغَزَّةَ
- رِحْلَةُ الفِنْجَانِ
- إعترافٌ مِن وَالِد
- حكايةُ *كَسَّار*مع حُقنَةِ الحُمّى
- مفهومُ السَّكينةِ بين (مَكَّة) و (لاس فَيغاس)
- مَفاعلُ غَزّةَ النُوويّ
- ( أنا الثورُ ياغزّة)!
- والله إنَّ هؤلاءِ لرجالُ مُخابراتٍ
- -إي وَرَبّي: لا أَوفى ولا أَصفى مِن مِهنةِ المُخابرات-
- ★عندما يشُعُّ الظلامُ ★
- *لغز الرَغَدِ والسَعدِ*
- (الله يِخْرِبْ بَيْتَكْ, دَمَّرِتْنَهْ بشَخصِيتَكْ)!
- حَيهَلا رمضانَ


المزيد.....




- ناوروكي وماكرون يبحثان الأمن والتجارة في باريس ويؤكدان معارض ...
- بغداد السينمائي يحتفي برائدات الفن السابع وتونس ضيف الشرف
- أبرز محطات حياة الفنان الأمريكي الراحل روبرت ريدفورد
- حوار
- ماري عجمي.. الأديبة السورية التي وصفت بأنها -مي وزيادة-
- مشاهدة الأفلام الأجنبية تُعاقب بالموت.. تقرير أممي يوثق إعدا ...
- وفاة الممثل والناشط البيئي روبرت ريدفورد عن عمر يناهز 89 عام ...
- نجم الفنون القتالية توبوريا يعرب عن تضامنه مع غزة ويدعو إسرا ...
- نجم الفنون القتالية توبوريا يعرب عن تضامنه مع غزة ويدعو إسرا ...
- عودة قوية للسينما البحرينية إلى الصالات الخليجية بـ-سمبوسة ج ...


المزيد.....

- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الجنابي - مَسارِحُ اللَّيلِ