|
تعلّم الحريّة
نادية خلوف
(Nadia Khaloof)
الحوار المتمدن-العدد: 6957 - 2021 / 7 / 13 - 11:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كل الكلمات المتداولة حول الحرية لا تعنيني ، و لا أعرف معناها ، و بخاصة بعد أن أصبح يتداولها الآباء و الأبناء معاً ، ربما انتهى صراع الأجيال ، وبدأت موجة من تجحيش الأجيال-مع الاعتذار من الجحش كونه كائن حيّ. كيف يمكنك أن تكون حرّاً بينما تنتمي لعائلة لا تؤمن بحريتك، ولم تدرّبك على الحرية؟ أرى الحرية في سلوك أبي و أمي ، وليس في النصائح التي يقدمانها لي ، هي تربية مصاحبة يكتسبها الأطفال ويطورونها لأن الحياة تتطور وحاجات الجيل الممقبل تختلف عن حاجات الجيل السابق. ترى اليوم شخصاً كان من ضمن النّطام مثلاً ، ومن كثرة إيمانه " بالثورة السّورية العظيمة" -على حد وصفه -، فإنّه يحق له أن ينصحنا نحن الدراويش ، أو أن يتنمّر علينا ، فيقول لنا مثلاً : قلت لكم! أفيقوا من غفلتكم ! . . . إلخ أصبحت الثورة شجرة لبلاب ، وخرج من ضمنها المقتولين ، و الساكنين في خيم تلعب بها الطبيعة كما تشاء. عقدة التّفوق الآن هي أكثر من أيّ وقت مضى. نعتقد أنّ العالم معجب بنا ، فنحن نضفي على أسمائنا رائحة الياسمين ، مع أننا في ذهابنا وعودتنا عن طريق البرامكة لم نشمّ إلا رائحة بول البالغين على جدران قريبة من الجامعة . نحن شعب مدمن ربما، وليس الإدمان هو إدمان الكحول ، أو المخدرات فقط ، بل إدمان الدين السياسي الذي يكون مفعوله مثل مفعول الكحول تماماً . في العالم اليوم حملة ضد الكحول و التدخين و المخدرات ، لكنّ الإدمان موجود، وبكثرة. العلماء و الأطباء الذين يقدمون لنا المعلومات لا يظهرون وبيدهم السيجارة ، و أمامهم كأس كحول، ويتمايلون كما شاكيرا. ينظمون عباراتهم بإيقاع سريع يشدنا. إذا كان إدمان الكحول ، و المخدرات هو أحد أسباب العنف العائلي -وفق الدراسات -فكيف يمكن لي أن أشاهد لك بثاً مباشراً وشفتك العليا ترتجف لأنك احتسيت الكحول، وسيجارتك بيدك ، وكونك عصري فإن الطرب يرافقك . لقد هربت منك قبل أن أهرب من النّظام، كما هرب منك أولادك وزوجتك بطريقة ، أو بأخرى ، هنا أتحدث عن الرجال ، لأن من يبث على الهواء من النساء قلة . أغلبهن يقدمن أفكاراً مدروسة، وربما مسروقة، لكنّها هامة. أما عن الدين السياسي، و الذي هو قطعاً غير الإيمان ، فالإيمان أمر داخلي معقد ، أما الدين السياسي فهو استبداد تحت اسم الدين. رأيت مفارقات كثيرة حول ذلك : أثناء موجة اللجوء إلى الغرب . حمل بعض الأفراد معهم وثيقة تقول أنهم من الطائفة الاسماعيلية، أو العلوية، أو طائفة الموحدين ، هم يتباهون بطوائفهم أنها متمدنة وعلمانية ، لكنّهم كانوا يجهلون أن الغرب يمنح الإقامة فوراً لأصحاب الأديان غير السمواوية فقط كالإيزيديين مثلاً. هذا لا ينفي حق الإنسان أن ينتمي لدين أو طائفة ، هذه هي حريته الشخصية، ومن حقّه أن يفخر بذلك دون أن يفرض قناعته على العالم ، وهنا أرغب أن أذكر بعض الأشياء حول النساء من الأقليات و التي يكون التمييز ضد المرأة أكبر منه عند الأكثرية ، حيث أنّ الرغبة الجنسية عند النساء هي عيب لا بد منه عند الأقليات على سبيل المثال، بينما معترف بها عند الأغلبية ، حق الوراثة أيضاً يعتبر من العيب أن ترث المرأة حتى لو لم يوجد نص ديني بذلك.بغض النّظر أن الأفكار الداعشية عند الأقلية و الأغلبية واحدة، فلو طلب منا زعيم روحي أن نقتل سوف نقتل. كنّا مجموعة تنظمها بلدية المنطقة لتعلم اللغة ، كان معنا شخص من البيرو ، خلال التعارف سألني من أين أنت؟ قلت من سورية . جلب الخارطة ، وطلب مني أن أحدد أين تقع فهو لم يسمع بها، لكنّنا نصرّ من خلال الدبكة في شوارع الغرب أن نقوّلهم مالم يقولونه، و أن قلوبهم ذابت عندما رأوا تميزنا ، هم ينظرون ويمرون، علماً بأنهم يتحاشون التقرب منا إلا من خلال التجمعات التي تنظمها الدولة، لكن لا يظهرون التمييز كون قانونهم يعاقب على التمييز . لقد عملوا متاحف يشرحون فيها معاناة الغجر ، يشرحون لك عندما تزورها، لكنك كغجري تبقى غجرياً ، وجميع اللاجئين ربما هم نوع من الغجر. نحن مهمشون في بلدنا ، لجأ بعضنا للغرب ، لن نكون غربيين إلى مابعد أجيال، وبعض التجمعات لم تتغير منذ مئة عام ، لكن ما يثير الاهتمام أن البعض منا أصبح يعتقد أنه فرنسي، أو ألماني ، مع أنه رسمياً يقال : " ألماني من خلفية أفغانية" ، وحتى رئيسة حزب اليسار في السويد و التي ولدت في السويد يشار لها بسويدية من أصول مهاجرة . أرى أنه يلزمنا الكثير كي نتعلم التواضع ، وننسى أن السّوريين قد علموا العالم الأبجدية، نترك للعالم نفسه أن يقول هذا. قليلاً من الواقعية، و العودة عن جنون العظمة سوف يمنحنا الحرية.
#نادية_خلوف (هاشتاغ)
Nadia_Khaloof#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
امرأة لا مبالية
-
الحريّة الدينية
-
كأنّني انتحرت
-
لغة الصّمت
-
المارد الذي يعيش فيّ
-
حول انسحاب تركيا من اتفاقية استانبول
-
متى تخلع النساء ثوب الضحية؟
-
الفضاء الصيني
-
فنّ العيش الكريم
-
أثر الطلاق على المرأة
-
التوارث السّياسي الاجتماعي
-
هكذا هي الحياة
-
ذاتي تقابل ذاتي
-
إطلالة على العالم الافتراضي
-
رعاية المسن في وطننا
-
سرّ نجاتي
-
النّسويّة كحبل غسيل
-
نظام ، ونظام موازٍ
-
أزمة المشاعر الإنسنيّة
-
بايدن وبوتين
المزيد.....
-
المشاط يعرب عن تضامن الشعب اليمني وحكومته مع إيران
-
روسيا تجهز لإطلاق قمر صناعي للحصول على بيانات رقمية عن الموا
...
-
مقتل 27 فلسطينيا في غارة جوية إسرائيلية وسط غزة
-
الديوان الملكي السعودي يعلن إصابة الملك سلمان بالتهاب في الر
...
-
سفارة روسيا لدى طهران: موسكو مستعدة لمساعدة إيران بعد -الهبو
...
-
لقطات توثق الوضع الجوي في منطقة حادث مروحية الرئيس الإيراني
...
-
أزمة دبلوماسية بعد تصريحات خطيرة من رئيس الأرجنتين عن زوجة ر
...
-
خبير بريطاني: الأوكرانيون متخوفون من سيطرة روسيا على مدينة ز
...
-
بأمر من بوتين.. طائرات روسية متطورة وفرق إنقاذ تصل لإيران لل
...
-
إيران.. قائد الحرس الثوري يتوجه إلى منطقة حادث مروحية رئيس ا
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|