أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نادية خلوف - كأنّني انتحرت














المزيد.....

كأنّني انتحرت


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 6954 - 2021 / 7 / 10 - 11:26
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


بينما أنتظر السّيارة أمام منزلي تتوارد إلى ذهني الأفكار. أشياء من الماضي ، أفكار عن الحاضر ، ولا شيئ حول المستقبل.
أركب في السيارة من الخلف، يربط السّائق الحزام ، ليس لأنّه يحترمني، فهو لا يعرفني، لكنّها أصول مهنة سائق المشفى يدربونه عليها. أكون معفية من التفكير بالوصول، أو النزول ، أحياناً أغمض عيني ،فالطريق يأخذ ساعتين ، و في أكثر الأحيان أبحث عنّي في سنّ الشّباب، كأنّني لم أمرّ به، بل ربما كنت أقلّ تجربة من موكلاتي من النساء حيث لم أتأسف يوماً على شبابي ، بل ربما أعتقد أنني خلقت بعمري الحالي.
الأسماء في قصتي مستعارة ، لكنها قصة حقيقية ربما لم أجد تجسيدها كما هي.
عندما وصلتْ لجملة" كأنّني انتحرتُ" تذكرت بعضاً من نقاش دار بيننا في مكتبي . إنها أمل . أتت من أجل أن تقيم دعوى على إخوتها علّهم يصالحونها على بعض المال . اعتذرت منها، قلت: نحن وكلاؤهم، ولا يمكننا أن نتوكل في قضيتك، لكن عقودهم صحيحة، هناك بيع وشراء بينهم وبين المرحوم والدك.
كأنها أرادت أن تفرغ جعبتها ، قالت لي: " زوجي سافل، لكنّ إخوتي سفلة أيضاً" هم يعرفون وضعي ويتجاهلون . لا أريد وراثة بل جزء بسيط مما عندهم كي أستطيع إعالة أولادي. "
أجبتها: زوجك ميسور ، لماذا تدخلين في دعوى خاسرة ؟
شرحت لي معاناتها :
"كنت في الثامنة عشر من عمري عندما شعرت بالعنوسة ، نظرات عائلتي لي كانت تجعلني أرغب في الزواج بأي طريقة ، نلت الثانوية ، وعملت في وظيفة في الدولة بعد أن توسّط لي خالي ، وكان له منصب مرموق . كان في ذلك الوقت شاب يأتي إلى الدائرة من أجل معاملة له ، في مرّة قال لي أحبّك ، صدقت، أصبحت أحدّث نفسي من الفرح ، لم أعد عانس!
أحياناً أسميه الصعلوك ، جسده هزيل ، وعلى عينيه قطوع صفراء ، لكنّه في النهاية رجل ، و أفضل من كلمة عانس!
بعد أن أنجبت ابني الآوّل ندمت على الزواج. أتيت إلى الدنيا بطفل ليس له أب، فهو لا يأتي إلى المنزل إلا في آخر الليل ، ولا يساهم في جلب الطّعام، ثم اكتشفت أن له علاقات نساائية، كذبت نفسي ، وعذرته .
أنجبت الطفل الثاني ، الثالث، و الرابع ، رأيت نفسي كالأم العازبة ، فهو لا ينفق علينا ، ومرتبي لا يكفي ، يستدين مني الراتب عنوة ولا يعيدة، وعندما أطالبه يصفني بالحقيرة.
كان أحياناً يجلب أصدقاءه ، يطلب مني أن أحضّر الطعام ، يشربون الخمر ، و لا مانع لديه أن أجاملهم . كبر أولادي ، وكنت أجهل عنه بعض الأمور ، فقد اكتشفت أنه يتحرّش بالأطفال من الجنسين ، ويدفع للنساء اللواتي يمارسن الدعارة ، بدأت أخاف على نفسي من الإيدز، وفي النهاية قرّرت الطلاق ، لكن دون العودة إلى المحكمة ، طلاق داخل " عش الزوجية" المهدّم . قاطعته ، وقلت له السبب ، طلبت أن يساهم في المصروف فحمل عليّ سكيناً .هربت منه ، أغلقت باب المطبخ علي، و لآنه سكران لم يستطع فتح الباب، في اليوم التالي اعتذر مني ، فهو يخاف من شماتة الناس به لو تركته . أصبحت مبتلية بأربعة أولاد يحتاجون لمصاريف ، فكرت بترك المنزل ، ثم غيرت رأيي ، فلمن أترك أولادي ؟ قد يعتدي على ابنتي ، لم يعجبني سلوكه معها ، فأبعدتها عنه .
وصل أولادي إلى الجامعة، ضاقت بي الدنيا ، لا أعرف كيف أؤمن لهم معيشتهم، وفي مرة قال لي ابني أنّ علي أن أطلق والده ، فرفضت . قلت له: نحن مطلقان نعيش تحت سقف واحد ."
أوقفتها ، قلت لها: اسمحي لي أن أقول لك أنك بعت كرامتك. كيف تبقين مع هكذا رجل؟ عليك أن تتركيه على الفور !
"وماذا تريدينني أن أفعل؟ ربما لا يهتم لأمري، ويقول لي دائماً بأن الباب يتسع لجمل، لكن لو أقدمت على الطلاق فعلاً فمن سوف يرعى أولادي ؟ هو لن يهتم لهم إلا من باب النكاية ، وسوف تهبّ معه عشيرته ، فهم في اإيذاء يد واحدة.
على من يعيش في هذا المكان من العالم أن لا ينجب الأطفال، لكن لا أخفيك سراً أنني فكرت بالانتحار ، كدت أفعلها ثم عرفت أنه وعائلته سوف يتهمونني بأخلاقي -ههه -مع أنّني لا أصلح للدعارة ، و لو كنت أستطيع لفعلتها، لكن داخلي يرفض تلك الأمور ، مع أنّه سهل لي طريق الدعارة ، لم أفهم عليه . اعتبرت نفسي في تلك اللحظة التي قررت فيها الانتحار أنّني انتحرت ، أصبحت أقوم بمهمتي كالرجل الآلي . هذا هو حظي من الحياة ، أغلب أزواج صديقاتي محترمين يكفون بيوتهم من الطعام ، يدفعون للدروس الخصوصية لأولادهم كي يتفوقوا، قد لا يكونون مثاليين ، لكن ليس لديهم نيّة بتدمير الأسرة ، يعتبرون أنفسهم رجالاً مسؤولين عن إعالة العائلة ، وهذا يكفي."
بعد عدة سنوات مات زوج أمل بحادث سير، كان يقود سيارته تحت تأثير الخمر . عندما عزيتها قالت لي أن ابنها قال لها: شكراً يا أمي لآنّك لم تطلقيه ، فلولاك لكنا دخلنا مستشفى المجانين .
قالت لي أمل : "خسرت عمري وشبابي ، عشت الموت في سن الثلاثين . اليوم لن أطلب مكافأة من أولادي ، لن يعوضوا لي عمري، ولن أكون عبئاً عليهم. في مرة قلت لهم وكنا مجتمعين: يكفي أنّني حميتكم من الجنون ، ضحك ابني وقال: هل أنت متأكدة؟ إنني اليوم لست حزينة ، ولا سعيدة ، أعيش يوماً بيوم. "
هذه القصة حقيقية عن امرأة اعتبرت نفسها ميتة كي تكمل مسيرة قاسية.
وصلت السّيارة إلى المستشفى، فتح السائق لي الباب. نزلت و أنا أفكر بأنّني لم أكن ناضجة مثل تلك المرأة التي حاولت إنقاذ أربعة أطفال، بل كنت أناقشها على أساس أن عليها أن تترك منزلها دفاعاً عن الكرامة . كان حماسي في غير مكانه، عرفت فيما بعد أن الحلول لا تأتي من خلال العنترية، و أن الكرامة أمر نسبي ، فقد دافعت عن كرامتها وفق ماهو متاح .
ليس جميع النساء تعاني مثل أمل، وليس جميع الرجال مثل زوجها، أغلب الناس يرغبون أن تكون حياتهم طبيعية إلا من كان لديه إشكال ما كأن يكون مثل زوج أمل،و الكثير من الرجال لديهم هذا الإشكال ، لكن ليس جميع النساء مثل أمل فاختبار الصبر صعب، والبعض طاقته تنفذ. . .



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لغة الصّمت
- المارد الذي يعيش فيّ
- حول انسحاب تركيا من اتفاقية استانبول
- متى تخلع النساء ثوب الضحية؟
- الفضاء الصيني
- فنّ العيش الكريم
- أثر الطلاق على المرأة
- التوارث السّياسي الاجتماعي
- هكذا هي الحياة
- ذاتي تقابل ذاتي
- إطلالة على العالم الافتراضي
- رعاية المسن في وطننا
- سرّ نجاتي
- النّسويّة كحبل غسيل
- نظام ، ونظام موازٍ
- أزمة المشاعر الإنسنيّة
- بايدن وبوتين
- القيم الاجتماعية الواهية
- صداقة الطّبيعة
- المغذّي


المزيد.....




- محكمة أميركية تلغي حكما يدين -المنتج المتحرش- في قضايا اغتصا ...
- بي بي سي عربي تزور عائلة الطفلة السودانية التي اغتصبت في مصر ...
- هذه الدول العربية تتصدر نسبة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوي ...
- “لولو العيوطة” تردد قناة وناسة نايل سات الجديد 2024 للاستماع ...
- شرطة الكويت تضبط امرأة هندية بعد سنوات من التخفي
- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نادية خلوف - كأنّني انتحرت