نادية خلوف
(Nadia Khaloof)
الحوار المتمدن-العدد: 6953 - 2021 / 7 / 9 - 11:58
المحور:
الادب والفن
تعلمت لغة الصّمت منذ ساعات،
طفل صغير أمامي لايكف عن الحديث،
لا يهتم لي إن سمعته أم لا، عندما أتـجاهله يلّح بالسؤال .
أسأل: لماذا فقدت الكلام؟
لم أفقد الكلام طواعية ، روحي مولعة بالحديث عن التّرهات ، عن الفرح، عن الهروب، عن الحياة ، لكنّهم يمنعونني. من هم؟ أنتم جميعاً !
أجبرني آبائي -لي الكثير من الآباء-أن أكون مستمعة فقط ، ولا زلت طفلة تبحث عن أمّ كي تنقذها من الجمع الغفير الذي يحيط بها، الذي يقدم لها النصيحة ، وطريق الخلاص . لديّ أم ترتجف من الخوف ، ليس من أجلي ، بل لآنها تخشى منهم ؟ من هم؟ أنتم الآباء!
أنطلق بحديثي الصامت ، لا أستمع للنّصيحة، فقط أسمع بين الحين و الآخر كلمة: الله. النّار، و العذاب .
أتجاهل ، أدير ظهري لمصدر الصوت ، ينطلق لساني بالشتائم بيني وبيني، لا أحد يسمع سواي ، تأتيني من الطرف الآخر أصوات : الوطن ، الخيانة ، القتل.
في البدء أردت أن أحدّث الله بيني وبينه دون أن يسمعني أحد. فتشت عنه دون جدوى ، ربما اختبأ.
فتّشت عن القائد كي أسأله عن معنى الوطن . كان مشغولاً يحاسب الخونة .
فتّشت عن الحبيب كي أسأله عن معنى الحب. جثى على ركبتيه ، قال لي : أنت حبيبتي . سألته :ما معنى الحبّ؟ أجابني: أن تضحيّ من أجلي كي أسعد بالحياة، صدّقته، سلمته نفسي ، وبعد أن تمتّع اختفى ، ترك لي رسالة : "أنت ساذحة ، ليس هناك شيء اسمه الحبّ ، بل هو مزاج الرّجل، و أنت اليوم خاطئة سوف ترجمين." ذهبت إلى أمّي، كانت على سجادة صلاتها تدعو الله أن يوفق إخوتي ، شرحت لها ما جرى معي، قالت لي تستحقين القتل. كيف سوف أحميك ؟
كل هذا جرى منذ ساعات قليلة ، جعلني أكفّ عن الكلام .
لو جاء آبائي إليّ الآن وطلبوا منّي أن أتوب،
لو أتى الله إلي ومشيت على السراط فسقطت في النّار،
لو أرسل لي القائد رسولاً كي يقتلني ،
ولو ركعت أمي على سجادة صلاتها تنتظر أن ينتهي آبائي من مهمّتهم .
ماذا سوف يكون مصيري؟
مصيري أنا من أقرّره ، أتعامل معهم بلغة الصمت ، أغدر بهم، أعيش حياتي.
منذ ساعات بدأت أتحدث بلغة الصمت . ساعات هي عمر، كنت خائفة فيه من الشمس و القمر، ومن الجنّ والبشر، من الحبّ، و الرّب.
أمارس اليوم لغة الصمت . . .
#نادية_خلوف (هاشتاغ)
Nadia_Khaloof#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟