|
صداقة الطّبيعة
نادية خلوف
(Nadia Khaloof)
الحوار المتمدن-العدد: 6928 - 2021 / 6 / 14 - 12:53
المحور:
الادب والفن
أحبّ الطبيعة المكتظة بالبشر، بالحيوانات، بالطيور، و الأشجار . في كل مكان زرته في هذا العالم صادقت الطبيعة ، ففي الشارقة كنت أصادق بحيرتها التي تكتظّ بالبشر ليلاً نهاراً ، كما أنّ النوارس و الغربان كانوا من أصدقائها مثلي . كنت وحيدة، و أولادي في سورية، فكنت أكتب لهم رسائلي ، أرميها في الماء، و تنزل دموعي لتصنع دوائر على سطها . عندما ذهبت إلى ابنتي في كندا . كنا نذهب معاً إلى حديقة في تورنتو تعادل مدينة كاملة، وفي أحيان يفيض النهر فيها قليلاً فيأسرني ، كما كان يأسرني تفكير ذئب يمشي على أطراف الأشجار بهدوء كي لا يؤذيه البشر ، وقد كتبوا على مدخل الحديقة أن هناك ذئب لكنه لا يؤذي عندما يكون هناك تجمعات . عندما أتيت إلى السويد ، وكان كامب اللجوء نفسه داخل غابة، لكن هناك بعض البساتين، كنت أمشي في الصباح فأرى الأحصنة . في البداية قلدت صوتهم، ثم أصبحت أعرّفهم على نفسي، أو أغني لهم فيأتون مسرعين .كان من أصدقائي اثنان ذكر، و أنثى ، وعندما مررت مرة مع ابنتي استغربت عندما وقفت قرب السياج أغني فأتوا إلي مسرعين إليّ . فقط في سورية لم أستطع أن أصادق الطبيعية إلا عندما أزور عائلتي في القرية، فقد كنت أذهب إلى ما يسمى المجري ، أجمع منه الأحجار الملساء، أرسم بها أملاً على حواف ذلك المكان، أما في القامشلي ، ورغم أنني حاولت ، لكنني فشلت ، فقد كنت أذهب مع صديقاتي " المعلمات " السريان إلى الحديقة الكبيرة ، ونتمتّع بجلسة جميلة، ثم هاجر أغلبهم، حاولت أن أذهب في الصباح فرأيت جميع رفاقي ، وكنت أرغب أن أنساهم ، و أصبح للحديقة لون آخر فهجرتها . منذ أن انتقلت في السويد إلى المدينة التي أقيم فيها منذ ثمان سنوات ، و أنا مواظبة في الذهاب في طريق فيه غابة صغيرة ، وفيه حديقة من أجل الكلاب . أذهب في الصيف و الشتاء حيث يغريني منظر الثلج الذي أحببته ، ومنظر الطريق المكتظ، فالسويديون يستيقظون باكراً كما ينامون باكراً، على الطريق يمشي الرجال و النساء مع كلابهم، أغلبهم من المسنين في غير يوم العطلة بينما الشباب يحملون حقائبهم على ظهورهم ويسيرون على " الزلاجة" في طريقهم إلى عملهم في الجانب الآخر من الطريق حيث المعامل. استيقظت اليوم كعادتي باكراً ، فتحت باب الشّرفة. كان الجو غائماً، ونسيم يتسرب منها ، عدت إلى فراشي، فتحت باب غرفة النوم ، أمسكت بهاتفي كي أقرأ الصحف، لكنني غفوت ، قمت متأخرة قليلاً ، أردت أن أذهب إلى " السوبر ماركت" لأشتري بعض الحاجات، شعرت كأن يداً تحرفني عن مساري في اتجاه الغابة، فالنسيم يصلح لعناق عاشقين، و ألأشجار تنطق بالحياة .خطر لي كيف كان الأقدمون يعبدون بعض مظاهر الطبيعة ، اعتقدت أنهم على صواب ، فذلك الجمال يستحق العبادة. في طريق عودتي رأيت شجرة ضخمة، أسندت رأسي إليها، سمعت صوت ليليث، أو ليليتو سيدة الهواء. قالت لي : أنا روح الحرية ، من حقي أن أتمتّع بالحياة أعيش هنا ، يمكنك في يوم ما مشاركتي العيش داخل تلك الشجرة . تمنيت أن أبقى مع ليليث نتبارى في مفردات الحرية، لكنني كنت جائعة فعدت إلى المنزل، وكلي حنين لتلك اللحظات الجميلة.قادمة إليك يا ليليتو !
#نادية_خلوف (هاشتاغ)
Nadia_Khaloof#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المغذّي
-
التاكسي
-
من يومياتي
-
ذكريات من فندق المرضى
-
أوروبا ، وسياسة الهجرة
-
هواجس الصّباح
-
جميعهم الرسول محمد
-
طريق الهاوية -20-
-
طريق الهاوية -19-
-
طريق الهاوية -18-
-
طريق الهاوية -17-
-
طريق الهاوية -16-
-
لا تنتهي الدكتاتورية بموت الدكتاتور
-
طريق الهاوية -15-
-
طريق الهاوية -14-
-
النّبش في الذّاكرة
-
طريق الهاوية -13-
-
طريق الهاوية -12-
-
قصة عن العبودية
-
طريق الهاوية -11-
المزيد.....
-
فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ
...
-
انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا
...
-
صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة
...
-
الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف
...
-
حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال
...
-
الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
-
الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم
...
-
الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
-
أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم
...
-
-جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|