أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - فنّ العيش الكريم














المزيد.....

فنّ العيش الكريم


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 6946 - 2021 / 7 / 2 - 09:02
المحور: الادب والفن
    


قليلة هي المرات التي استمعت فيها إلى كلمات الغزل الرقيقة !
كان غزلنا حول القضية ، أصبح اليوم لنا قضايا عالقة بين السّماء و الأرض.
ينتهي الحبّ بالزواج ، وتصبح العلاقة هي واجب بناء أسرة، الحبّ هنا مودّة، عادة يومية، قد يمارسها بعض النّاس، وقد ينتهي الكلام الرّقيق إلى الأبد و تتحول العلاقة الإنسانية إلى غريزة اسمها:" غريزة البقاء" مشتركة بين الحيوان و الإنسان.
يقول لي : " كنت جميلة ولا زلت، لازالت صورتك في ذاكرتي ، لكنّك لم تكوني تجيدين الحبّ . حاولت أن أسمعك مراراً كلمات غزل ، قلت لي لا تحاول، محكوم على تلك العلاقة بالفشل، فكلانا ينتمي إلى عقيدة ، وسوف تكون النتيجة الموت ، و أنا أحبّ أن أحيا" .
كان ذلك في عام 2011 عندما التقينا صدفة في مكان ما من العالم .
في اليوم التالي دعاني إلى الانضمام إلى عائلته في حفل ميلاد زوجته ، لبّيت الدعوة ، لا أعرف السبب مع أنني كنت أمارس العزلة كأحد فنون البقاء .
عرفني على زوجته ، و أولاده ، تحدّث لهم عن الماضي ، وكيف التقينا على طريق " النّضال" في سبيل لا شيء، ثم أكمل : " صحيح أنّنا كنا لا نفهم ماذا نقوم به، لكن ذلك الانتماء جعلنا نقبل بعضنا مع أننا ننتمي إلى مذاهب ، وقوميات مختلفة. أحببتها ، كنت مستعداً لقلب ديانتي، لكنها صدتني بكلمتين ".
عقبت زوجته على الحديث: " أنت محظوظة أنّك لم ترتبطي به ، فهو لا يصحو من السّكر ، لا أعرفه ولا يعرفني "
بدأ الحفل ، وكان ابنه هو المطرب ، و أنا وحيدة بين غرباء عني في الترف والحب ، لم يعرفوا الحياة القاسية ، خلافاتهم طبيعية ، و رغم وصف المرأة لزوجها ، فإنّ عيشهم يعادل عيش الملوك ، لا زال الرجل يعمل بمنصب في دولة ليست وطنه، يعيش في فيلا ، لديه مقومات الحياة الكريمة، ويحضر عيد ميلاد زوجته أربعين شخصاً أغلبهم يعرف بعضهم البعض ينتمون لنفس الطبقة الميسورة في بلاد الغربة.
رحل ذهني إلى الماضي ، بينما كان الشّبان يرقصون ، سألت نفسي: ماذا فهمت من الحياة ، و أين أجدني؟
كأنّه أشار إلى ابنه الذي يحيي الحفلة أن يخلّصني من وحدتي ، رأيت الشاب يجثو على قدميه أمامي ، وهو يعزف لي على الغيتار ، ثم و قف و أمسك بيدي ، غنى لي ، شربوا نخبي . وبينما كنت أتجاوب ، و أرفع الكأس أضعها على شفتي دون أن أشرب ، ثم سألتني: لماذا يكرمونني هكذا؟ ألا يعرفون أنني لا أستحق؟
عدت إلى الجلوس مكاني ، فهمست زوجته في أذني:" أنت جميلة. سرقت مني الأضواء ، حضورك الصامت أعطى للمكان تميّزاً ".
توفي صديقي بعد أشهر من لقائنا، و بقيت علاقتي جيدة مع العائلة . لم يتأثر وضع العائلة الاقتصادي بوفاة رب الأسرة ، فقد كان لأولاده أعمالاً خاصة ، ودخلهم المادي جيد ، كان تعاملهم مع والدتهم جيداً ، هو لم يكن عنيفاً ، فتربى أولاده على المحبّة . فقد أورثهم العلم و الثروة ، وحسن المعاملة. لم يمنعه النّضال من أجل " قضية " في الماضي من العيش الكريم. قال لي يومها: "عندما ضاقت عليّ الدنيا في وطني هربت من المكان، تعذّبت كثيراً قبل أن أستطيع بناء نفسي، النضال الحقيقي هو أن تحمي أسرتك من الفقر و الذّل ".
في الحقيقة لم أفهم كلماته يومها ، حيث كانت لا زالت أفكار " الوطن" تلازمني ، و أنه علينا أن " نموت ليحيا الوطن" ، لكنّني لم أناقش هذا الأمر إلى أن تغير رأيي بالتدريج من تلقاء نفسه ، وجدت نفسي أقوم بما قام به الرجل قبل أعوام كثيرة. تذكرت كلماته وقلت : كنت سبّاقاً يا صديقي . الآن فهمت حديثك، لكن لا تؤاخذني لأنّني كنت بطيئة الفهم ، فعالمي كان يعيش ضمن شعارات حفظتها في المرحلة الابتدائية ، و لم أتخلص منها. أعدك أنني سوف أتعلم فن العيش. . .



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أثر الطلاق على المرأة
- التوارث السّياسي الاجتماعي
- هكذا هي الحياة
- ذاتي تقابل ذاتي
- إطلالة على العالم الافتراضي
- رعاية المسن في وطننا
- سرّ نجاتي
- النّسويّة كحبل غسيل
- نظام ، ونظام موازٍ
- أزمة المشاعر الإنسنيّة
- بايدن وبوتين
- القيم الاجتماعية الواهية
- صداقة الطّبيعة
- المغذّي
- التاكسي
- من يومياتي
- ذكريات من فندق المرضى
- أوروبا ، وسياسة الهجرة
- هواجس الصّباح
- جميعهم الرسول محمد


المزيد.....




- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - فنّ العيش الكريم