أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكرم شلغين - هبلة















المزيد.....

هبلة


أكرم شلغين

الحوار المتمدن-العدد: 6932 - 2021 / 6 / 18 - 16:20
المحور: الادب والفن
    


"حسبي الله" صرخت الشابة العشرينية إيمان وهي تنظر إلى الأوراق التي تفتش بها والدتها أمامها وهي تبين النتائج الدراسية لوالدتها عندما كانت طالبة جامعية في السنة الأولى. "لقد أنهوا حياتك يا أمي" تابعت إيمان "لقد كنتِ طالبة متفوقة..." "لقد فهمت منك مرة أن خالي الأكبر أصر على مغادرتك الجامعة وعدم متابعتك الدراسة بحجة أنك لن قاصرة عقليا وذلك لن يعطي نتيجة وحرام خسارة الفلوس...!" قالت الأم: "نعم"! احتبست دموع إيمان وهي تردد لقد كبرت وأنا أسمع من أعمامي أنني "بنت الهبلة"! وعندما أرى والدي يشتمك ويتلفظ بالكلام الجارح كنت أتذكر ما كان عمي يشرحه لي عن أن أبي مسكين والعائلة أجبرته على الزواج من المجنونة والدتي...! دائما يكررون أمامي أنه كان من الممكن أن يكون لوالدي مستقبلا زاهرا وليس أقل من وزير ولكنه أنهى حياته مع الهبلة التي أجبرته العائلة بالزواج منها...! بكت الأم وقالت يا ابنتي بعد وفاة جدك أصبح كل شباب العائلة يتحكمون بي وبشقيقاتي...وكنت أنا استهدافهم الأول خاصة أنني كنت كبرى شقيقاتي وكنت باشرت في دراستي الجامعية... تجرأت إيمان بالكلام عن العائلتين (عائلة والدها وعائلة والدتها) بل بالشتائم نظرا لظلمهما لوالدتها...ثم ضيّقت من دائرة شتائمها لتخصص والدها تحديدا فقالت بعصبية: "من يظن نفسه؟ من هو ليقول لك دوما يا عايبة و يا هبلة؟" ألا يخجل من نفسه وهو من تركك وتركنا أطفالا وذهب ليعمل في الخليج؟ ألا يكفي أنه وضعني بعهدة شقيقه الذي زوّجني قسرا لابنه المشوه وأنا لم أبلغ سن الخامسة عشر بعد والذي طلقني بعد شهرين؟ ألا يخجل من أفعاله؟ إنه لا يحمل صفات الأب ولا يستحق أن يكون زوجا لك، لن أسمح له أن يشتمك مرة أخرى...هم من دمروا حياتك وأنت من كان أمامك مستقبل رائع لولاه ولولا هذه العائلة المخجلة"!
بعد عدة أيام عند الظهيرة كان الأب يصرخ بعالي صوته مناديا زوجته: يا بنت العاهرة البطيخة اشتريتها قبل يومين وأنت لا نظر ولا خبر..ّ الزوجة الصالحة والأم الحريصة تغسلها تفتحها وتضعها في الثلاجة.." ثم صعّد من شتائمه أكثر وخرج من الغرفة الداخلية إلى الصالون مرتديا دشداشته وراح يصرخ يا شر...والله أنا شر...أكثر منك لأنني بقيت معك..." إثر هذا الصراخ تراكضت إيمان وشقيقتها ووالدتها إلى المطبخ ورحن يعملن على فتح البطيخة ووضعنها في الجزء العلوي من الثلاجة مع المواد المفرّزة. بعد دقائق أحضرن صحن البطيخ له فراح يأكل ويبصق بزر البطيخ الأسود بيده ثم يرميه في نفس الصحن وعندما انتهى دخل إلى الغرفة التي جاء منها صارخا شاتما وبعد قليل كان صوت شخير خفيف يأتي من غرفته.
اغتنمت الفرصة إيمان وقالت لوالدتها ارتدي ملابسك لنخرج واحزمي حقيبتك...فعلت الأم وفعلت مثلها إيمان وأما شقيقة إيمان الأصغر فبقيت في البيت. خرجت إيمان ووالدتها إلى الشارع وراحتا تستعرضان أين عليهن الذهاب! فكرتا في الأقارب جميعا واستقرتا على أن تذهبا لبيت خال إيمان أحمد. عندما وصلتا إليه ورأى حقيبتان معهن راح يسأل عما حصل، تنقلت تعابيره وجهه بين الغاضب وهو يستمع إلى تكرار من قاله زوج أخته عن أن أخته عاهرة وابنة عاهرة وبين المتبرم لأن تفكيره لابد أن يكون قد انشغل بأنهن ستبقين لديه لفترة ما... في النهاية قال: هذه غرفتكن إلى أن يفرجها الله. عندما أصبحتا داخل الغرفة كانتا كمن وصل بر الأمان من جهة وبين من يريد أن يقتص من الأب والزوج الغاضب من جهة أحرى، و كانت الأحاديث بينهن تتقاطع فلم تنطق واحدة منهن بجملة كاملة بل كانتا تتكلمان بأنصاف الجمل الجازمة بمستقبل سيعيد للأم مستقبلها الذي خسرته بسبب زواجها إذ وعدتها ابنتها أنها ستعمل ومن رواتبها ستستأجر شقة صغيرة لهن وسترغم والدتها على العودة للجامعة للبحث عن مستقبل فقدته في الماضي...وريثما تتم تلك الخطوات سترفع الزوجة قضية ضده من أجل الطلاق ومطالبته بالنفقة.
بعد أربعة أيام راحت إيمان مع والدتها إلى المحكمة لرفع قضية ضد الزوج وعادتا إلى بيت خالها وهن منشغلات بكلام من كان من المفترض أن يدلهن على ما سيفعلنه إذ قال إن على الزوجة طاعة زوجها وتحمله في كل الظروف وحين يغضب من قساوة الحياة ويحكي كلمة ما لزوجته فذلك أمر اعتيادي ـ ويحصل بين الجميع ـ فاسمها زوجة وعليها أن تتحمل لتكون معه ضد قساوة الحياة. وإن قال لزوجته "أبوك..أمك.. أختك... فذلك أقل من عادي ولن يجلب ذلك خربان الدنيا.."!
راحت إيمان في الأيام التي تلت تجوب شوارع البلدة بحثا عن إعلان لأي عمل ولكنها لم تجد ما قد يحقق الحد الأدنى من رغباتها...وحتى تلك الأعمال لم تكن موفقة في حيازة أي منها لأنها كشخص لم ترق لأرباب العمل.
راحت الأيام والليالي تتوالى وإيمان ووالدتها على ما هن عليه، لا شيء يتغير ولا شيء يلوح في الأفق، فقط أتى الخبر من الموظف في المحكمة بأن على الزوجة أن تأتي بعد يومين لمناقشة أمر القضية. في الموعد المحدد ذهبت الأم ومعها إيمان إلى ذلك الشخص الذي كان قاسيا في كلامه مع إيمان وأما لوالدتها فقال نحن عادة نحاول أن نصلح ذات البين عندما يحصل خلاف بين الرجل والمرأة قبل البت فيما هو أبغض الحلال إلى الله (الطلاق) وذلك يتطلب أن تجلسي مع زوجك ويكون معكما الشخص المختص من طرفنا وتتكلما أمامه وسنرى حلا للمشكلة دون الطلاق إن أمكن! قالت إيمان لا أريد ذلك إن والدتي ستضعف أمامه وستخاف منه وإن عادت إليه فلا ضامن لها بتغيير سلوكه معها، لقد جعلها خرساء! أجابها الموظف: أنت تسعين لخراب بيت والدتك...والدك رجل وبإمكانه أن يتزوج فورا...لذلك إياك ومحاولة تدمير بيتا عُمره سنين طويلة وفيه عشرة عمر. ثم التفت إلى والدة إيمان وقال: الموعد هو يوم الأربعاء الساعة الواحدة بعد الظهر هنا.
عادتا لبيت الخال الذي سمع ما قاله الموظف لهن فعلق إنه شخص يفهم وعارف وقد مرّ على رأسه قضايا كثيرة...صمتت إيمان ووالدتها، ولاحقا بينهن في السر كن يتهامسن أن الخال لابد وأنه ضاق ذرعا بهن وخاصة أنهن لا يساهمن بأي شيء في مصروف البيت.
يوم الأربعاء عند الساعة الواحدة كانت الزوجة تحكي أمام مصلح ذات البين عن الشتائم والمعاملة القاسية التي تلقاها من زوجها بل وأحيانا رفع يده للضرب، وأما الزوج فاعترف أنه يشتمها ولكن ذلك ليس مقصودا وإنما الشيطان هو المسؤول...قالت الزوجة إنه دائما يفعل ذلك.. وقد تدخل بينهما سابقا أناس وتعهد أمامهم بأن يحترمني وبأن لا يشتمني ومن ثم نسي وعده بعد أيام...فالتفت إليه الموظف وقال: حاول أن يتغلب الرحمن فيك على الشيطان! ثم قال ستأتون إليّ يوم الأحد وننهي الموضوع...
خرجا وتوجهت الزوجة مع ابنتها إيمان إلى بيت شقيقها أحمد الذي سارع لمعرفة ماذا حدث.
في نفس اليوم خرجت إيمان وراحت تكثف من مراقبتها لأي إعلان في الشارع عساها تجد عملا وعادت يوميا بما خرجت به خالية الوفاض. ويوم الأحد ذهبت مع والدتها الى المحكمة وقابلتا هنالك والدها الذي قال للموظف: أنا أحترمها وهي زوجتي وأم أولادي ولا أقوى على العيش بدونها... وهكذا أنهى الموظف القضية حتى قبل رفعها، وعادت الزوجة وزوجها ومعهما إيمان إلى البيت. بعد يومين من ذلك كان صراخ الزوج عاليا يملأ المكان: " ولك يا بنت الشر.. قلتلك أنت هبلة...أخوك لم يحتمل وجودك أنت وابنتك المجنونة...و"القاضي" عرف أنك مجنونة وشكرني على إيماني بالله لأنني احتملتك هذه السنين... جربتي تطلعي ولكنك عدتي لهذه الصرماية!



#أكرم_شلغين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خيبات
- حقيبة
- كارل ولغز الورقة
- غيرة آدم
- ولكتبي الضائعة حكايات
- رشيد
- نسوية، ونسوية خاصة
- عشق القيود!
- هناك تأتيه الأفكار!
- بر الأمان
- انتبه فجوة (Mind the gap!)
- أما كفانا موتاً ودماراً؟
- طال التفكير
- هروب معنون بالأخلاق العامة
- من يستحق المساعدة!؟
- وجاء الفارس
- دنيا ودين!
- هلوسات وحدة ووحشة
- هل تغلبت العاطفة في نظرة سعيد !؟
- الرجل المناسب


المزيد.....




- خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية بالاسم فقط “هنــــ ...
- في ذكرى رحيل فلاح إبراهيم فنان وهب حياته للتمثيل
- الفنان صبيح كلش .. حوار الرسم والتاريخ
- مرتديًا بذلته الضيقة ذاتها .. بينسون بون يُصدر فيديو كليب سا ...
- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
- عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده ...
- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكرم شلغين - هبلة