أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - آل البيت السامي














المزيد.....

آل البيت السامي


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 6794 - 2021 / 1 / 21 - 16:55
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


نعم، كما ربما قد يتبادر إلى ذهنك، هم آل بيت النبي. لكن البيت المقصود هنا لا يقتصر على بيت النبوة فقط، بل يتجاوزه إلى "البيت" الأنموذج، ذلك القالب الذهني المسيطر في لاوعي معظمنا ويجعلنا نفكر بطريقة قوالبية بشكل أو بآخر بينما نعتقد أننا نصف ونشخص الواقع بطريقة موضوعية. ربما لاستغراب البعض، حتى أغلب مرتادي هذا المنتدى اليساري لهم بيوتاتهم الذهنية، وبيوت نبوية كذلك. وماذا يكون البيت الذهني الأنموذج، الموجود في الذهن والمخيلة وليس في الواقع بالضرورة؟ هنا، بيت النبوة وآله يقدمون المثال.

هم في الحقيقة نفر من البشر مثل أي وكل بشر، مثلي ومثلك. لكن العقل البشري البيوتاتي صنع منهم مؤسسة ذات بنيان مادي ومعنوي أكبر كثيراً من مجموع أفرادها. ومن ثم أصبح بيت النبوة ليس كمثل أي بيت بشري آخر، بمرور الزمن أضفيت عليه صفات جعلته يسمو كثيراً فوق بيوتات البشر العاديين، إلى منزلة تقارب القداسة، حيث لا يجوز المساس أو الاقتراب أو النقد أو الخوض أو أي شيء آخر مثلما قد يحدث مع سائر البيوتات البشرية. لماذا؟ لأنه بيت النبي، وحرمته من حرمة النبي نفسه. ومن أين أتي النبي بهذه الحرمة والعصمة؟ أتى بهما من عند الله، من اتصاله بالله عبر الوحي ونقل رسالته إلى البشر. ربما المسألة أعمق وأكثر تعقيداً، والبيت النبوي ليس هو الأنموذج الأصلي، بل مجرد نسخة. ما هو الأنموذج الأصلي، إذن؟

ربما الأنموذج الذهني الأصلي للبيت السامي والمعصوم هو البيت الإلهي. منذ قديم الزمان قد تصور الإنسان آلهته في صورة مكبرة ومعظمة ومثالية لصورته هو ذاته، وأعطى للإله آلاً وبيتاً كتلك التي للإنسان في الأرض. وحتى لو كان الله لا يتزوج ولا ينجب مثل الإنسان، إلا أن له في جميع الأحوال حاشية ومحيطين، كرسي وعرش، وملائكة يحيطون به ويشكرونه ويسجدون له ويسبحون بحمده. ربما الملائكة والجان هم آله، والكون عرشه وبيته. هكذا يتصور الإنسان إلهه، له آل وبيت مثلما للإنسان. وربما على أساس أنموذج آل البيت الإلهي السامي والمقدس هذا تم استنساخ أنموذج آل البيت النبوي المرفوع والمحمود والمعصوم والمصان بعيداً عن النقد والتجريح، وحتى عن الخوض والموضوعية. لكن براعة الخيال البشري لا تنتهي عند هذا الحد.

لقد اختلق العقل البشري الكثير من البيوتات الذهنية السامية الأخرى، المبنية في الذهن والخيال وغير الموجودة في الواقع والحقيقة بالضرورة، أو على الأقل بنفس صورتها المثالية البعيدة والمعصومة من الشوائب والنواقص والتناقضات. من هذه البيوتات، مثلاً، البيت الماركسي وآله، حيث يقف كارس ماركس نداً للنبي محمد، وتلامذته صنواً لآل بيت النبي وصحابته وأتباعه. كارل ماركس نبي لدى حواريه وأتباعه، والماركسية عالم مثالي خارج عالم البشر لم يتحقق بعد على الأرض كما بشر به نبيه، أو هي الأنموذج الإلهي الأصلي الذي نقتبس منه قدر استطاعتنا وبقدر ما تسمح الظروف. كذلك الحال مع بيوتات سامية أخرى مثل الديمقراطية، والرأسمالية، والبوذية...الخ.

ولا تنتهي البيوتات السامية، بل هناك أيضاً العديد من بيوتات السلطة والحكم العربية التي بنيت على نفس صورة البيت النبوي وآله، الذي بني بدوره استنساخاً لصورة البيت الإلهي الذهنية. تأمل خصائص وصفات بيوتات الحكم، وقارن بينها وبين بيت آل النبي، وأخبرني أين الاختلاف أو الفارق. هناك السمو والعصمة والتبجيل الكامل، والطاعة العمياء في جميع الأحوال.

في الحقيقة، لا توجد بيوتات سامية ولا معصومة. كل ما هنالك أفراد ومفردات، لبنات، كائنات، أحجار وصخور مبعثرة ومتناثرة هنا وهناك من دون ترتيب أو هيئة معينة. والعقل البشري هو الذي يصطنعها ويضفي عليها هيئة وشخصية، يختلق من مفردات الكون بيتاً وآلاً للإله، ومن نفر من البشر العاديين بيتاً وآلاً لهذا أو ذاك. لماذا؟ لأن العقل البشري من بين عقول الحيوانات والكائنات الحية كافة يملك قدرة هائلة على الخيال والابتكار. المشكلة أن نفس هذا العقل المبدع والخلاق يصدق غالباً أن ما قد اصطنعه من نسيج خياله هو الحقيقة- أو الحقيقة الكاملة- في الواقع كذلك.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شرعية يوليو
- عراق في مهب الريح
- الانقلاب المبارك
- جمال وثورته
- الأنبياء المؤسسون
- ابن الله
- وطن عربي حقاً؟
- وما نيل الأوطان بالتمني، لكنها تؤخذ غلابا
- أنا الإنسان، أنا الوطن: قصةُُ حياة 7
- أنا الإنسان، أنا الوطن: قصةُُ حياة 6
- وحي السماء
- قول الصدق
- أنا الإنسان، أنا الوطن: قصةُُ حياة 5
- أنا الإنسان، أنا الوطن: قصةُُ حياة 4
- سلام على إسرائيل
- أنا الإنسان، أنا الوطن: قصةُُ حياة 3
- أنا الإنسان، أنا الوطن: قصةُُ حياة 2
- أنا الإنسان، أنا الوطن: قصةُُ حياة 1
- أنا الإنسان، أنا الوطن: قصةُ حياة
- أنا الإنسان، أنا الوطن: خَلْقُ حياة


المزيد.....




- مفتي القاعدة السابق: هذه الرؤى جعلت بن لادن يعتقد أنه المهدي ...
- حزب الله يُصدر بيانًا حول -النصر الإلهي- للجمهورية الإسلامية ...
- بعد تفجير انتحاري داخل كنيسة بدمشق.. هل المسيحيون مهددون في ...
- -رحل صدام والجمهورية الإسلامية لا تزال موجودة-.. دبلوماسي سا ...
- السنة الهجرية: حقائق عن التقويم القمري الذي سبق الإسلام بمئت ...
- -تعازي الرئيس غير كافية-... أكبر رجل دين مسيحي في سوريا ينتق ...
- -سرايا أنصار السنة- تتبنى تفجير الكنيسة بدمشق والبطريرك يازج ...
- المسيحيون في سوريا.. قلق وتخوف بعد هجوم كنيسة مار الياس
- إيران تعلق على مواقف دول عربية وإسلامية متفاوتة بالشدة والله ...
- المسيحيون قي سوريا.. قلق وتخوف بعد هجوم كنيسة مار الياس


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - آل البيت السامي