أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - قول الصدق














المزيد.....

قول الصدق


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 6767 - 2020 / 12 / 21 - 22:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الصدق أن تقول الحقيقة. لكن، هل تعرف الحقيقة، كل الحقيقة؟ ومن الذي يعرف الحقيقة، كل الحقيقة؟! نحن نتحدث عن كل شيء وفي كل أمر يمس حياتنا ووجودنا ليس في هذه الحياة الدنيا فحسب وإنما في الآخرة كذلك. لا بأس. هذا له فائدة عظيمة في تدبر معيشتنا والارتقاء بها على الأرض وهو، لا جدال، حق أصيل من حقوق الإنسان. من حق كل إنسان أن يتحدث في كل قضية ومسألة "يتصور" أن لها آثار وتداعيات سواء على حياته الدنيا أو الآخرة. لكن، رغم ذلك، هل حديثه هذا حق رغم تصوره أنه كذلك؟!

الرجل، أي وكل رجل، كائن ناقص بطبعه، مقيد بشروط زمانية ومكانية محدودة للغاية تحول دون بلوغه الكمال في أي شيء. أمد حياة الإنسان في الأرض قصير للغاية على المقياس الكوني، مساحة حركته محدودة للغاية، وهو في الحقيقة لا يعادل أكثر من مجرد ذرة غبار في كون لا متناهي. كيف لذرة بهذه الضآلة أن تملك، أو تدعي، حقيقة كون لا متناهي؟! أقصى ما يستطيع الانسان ادعائه من الحق والصدق يجب أن يتناسب مع حجمه في الكون. وحتى هذا الحق والصدق النسبي المتناه الضآلة لن يكون كاملاً ومستوفياً بقدر ما يكون من منظور معين، في زمن معين ومكان معين، ومحكوم بشروط ومتغيرات معينة. هذه هي طبيعة الإنسان، ناقصة ومحدودة، وهكذا سيكون كل ما سيصدر عنها من أقوال وأفعال مهما تصور الإنسان نفسه خلاف ذلك.

مع أن الإنسان بنقصه لا يملك الحق الكوني المطلق، لكنه لا يزال يملك من الحق والحقيقة ما يلبي له حاجته للبقاء والرخاء، في الدنيا والآخرة. ورغم ضآلة هذا الحق والحقيقة في أقوال الرجل وتصوراته، لكنها تكفيه لاستكمال الرحلة. المشكلة تظهر حين يدعي الرجل أن ما يملك من الحق والحقيقة يزيد عن كفايته الذاتية ويتخطاها إلى الحقيقة المطلقة الكافية لإشباع الآخرين في أزمنة وأمكنة أخرى، وربما البشرية جمعاء أمد الدهر.

حين يتحدث الرجل في أي موضوع أو مسألة مهما كانت، هو حينئذ يتحدث من منظوره "هو"، من مكانه وزمانه "هو"، وفق احتياجاته وآماله وتصوراته "هو"، ولن يستطيع أبداً أن يضع نفسه "بالضبط" مكان أي شخص آخر حتى يستطيع أن يتحدث باسمه مثلما يتحدث عن نفسه. حين يتحدث المرء عن نفسه، هو حينئذ يعطي وجهة نظر شخصية، ذاتية التي لن تصدق أو تنطبق بالضرورة على شخص آخر، أو تلبي له احتياجاته وآماله وتصوراته "بالضبط" كما يحس ويشعر بها هو نفسه. كل شخص هو أعلم شخص في العالم بنفسه، وباحتياجاته وآماله وتطلعاته.

هل رجل السياسة، أي وكل رجل سياسة، حين يتحدث باسم الأمة يقول الصدق السياسي باسمها؟ لا، لأنه رجل ناقص ونسبي مثل أي رجل آخر. ومثل كل رجل آخر، هو في أحسن الأحوال يعبر عن رأيه ومنظوره السياسي الشخصي أو الحزبي. لذلك، لا ديمقراطية، ولا سياسة بالمعنى السليم، من دون حرية الرأي والتعبير والمعارضة والاختلاف. حين لا يسمع سوى صوت السياسي منفرداً، مهما كان عالياً ومدوياً، هو حينئذ "يكذب" على نفسه والآخرين متصوراً أنه يقول الحق والصدق. لكن الصدق نسبي، يوزن ويقارن بمقدار ما تحمله الآراء والتصورات المغايرة والمعارضة من حقيقة نسبية.

وماذا عن رجل الدين حين يتحدث باسم الدين؟ هل يجسد حديثه الدين حقاً، أم مجرد وجهة نظر شخصية في موضوع ديني مثل وجهة النظر العادية لأي شخص آخر؟ هل يستطيع رجل الدين الناقص بحكم كونه رجلاً أن يملك ما يدعي كونها الحقيقة الدينية المطلقة؟

إذا كان رجل الدين يكذب حيال ما يدعيها حقائق إلهية مطلقة لأنه بحكم نقصه البشري ما من سبيل يوصله إلى أبواب الحقيقة المطلقة، فماذا عن الأنبياء والرسل؟ أليس ما قالوه الصدق والحق؟

عندئذ لابد أن نتساءل: هل هؤلاء الأنبياء والرسل رجال بشر مثل سائر الرجال أم كائنات غير ذلك؟



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا الإنسان، أنا الوطن: قصةُُ حياة 5
- أنا الإنسان، أنا الوطن: قصةُُ حياة 4
- سلام على إسرائيل
- أنا الإنسان، أنا الوطن: قصةُُ حياة 3
- أنا الإنسان، أنا الوطن: قصةُُ حياة 2
- أنا الإنسان، أنا الوطن: قصةُُ حياة 1
- أنا الإنسان، أنا الوطن: قصةُ حياة
- أنا الإنسان، أنا الوطن: خَلْقُ حياة
- كل شيء هادئ على البر الغربي للأحمر
- مقاربة جديدة إلى النكبة الفلسطينية في ذكراها السبعون
- الانتحار العربي في سماء نيويورك
- صراع السيسي وأردوغان على المنطقة
- القائد عبد الفتاح السيسي
- أسلمة السياسة، وتسييس الإسلام
- من يحمل وزر الدماء في رابعة؟
- الكائنات العلائقية
- الكائن العلائقي
- المكتفي بذاته النسبي
- المكتفي بذاته المطلق
- الكلمة الناقصة


المزيد.....




- المفتي قبلان: عدم التضامن مع إيران يعني خسارة العرب والدول ا ...
- بعد سنوات من الصمت.. “الجمل” يعيد الروح الرياضية للمؤسسة الع ...
- العراق يدعم اجتماع وزراء خارجية الدول الإسلامية في إسطنبول ب ...
- ريشون ليتسيون أول مستوطنة لليهود في فلسطين
- وزير خارجية إيران يدعو الدول الإسلامية للتحرك ضد إسرائيل
- هل عارض ترامب خطة إسرائيلية لقتل المرشد الأعلى الايراني؟
- “ماما جابت بيبي”.. تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 على جميع ا ...
- إعلامي مصري شهير يتهم الإخوان المسلمين بالتعاون مع إسرائيل
- إيران تفتح المساجد والمدارس للاحتماء من ضربات إسرائيل
- وزير الخارجية الإيراني يدعو الدول الإسلامية إلى التحرك ضد إس ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - قول الصدق