أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - الكلمة الناقصة














المزيد.....

الكلمة الناقصة


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4734 - 2015 / 2 / 28 - 14:51
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ثمة اعتقاد شائع أن الكلمة هي السائدة على الفعل، الآمرة لتحققه، ومن ثم هي الأعلى مركزاً والأسمى منزلة إلى حد القداسة لبعض الكلم. المسيح كلمة الله، إشارة جلية لأعظمية ابن الكلمة (الروح) على ابن الطبيعة الوراثية (الجسد)؛ موسى كليم الله، تأكيداً لشرف الكلمة على الفعل؛ القراءة على محمد، اقرأ بسم ربك الذي خلق، حيث يجسد الوحي والقرآن أولى لبنات الإسلام وأعظمها قدسية. وفي هذا المكان لا ينبغي تفويت الإشارة إلى المكانة التي يتمتع بها ’أهل العلم‘، أو منظرو الفقه والحديث والقرآن، في الإسلام.

علاوة على ذلك، تتجلى أسبقية وأهمية الكلمة أيضاً في القوانين والنصوص التأسيسية الحاكمة لكافة الكيانات الاعتبارية، سواء دول مستقلة، اتحادات من دول مستقلة، منظمات دولية، شركات متعددة الجنسيات، جمعيات خيرية، أندية رياضية واجتماعية...الخ. فكما يبدو في الظاهر، الكلمة هي في العادة سابقة على تحقق الفعل وحاكمة له أثناء وبعد تحققه. رغم ذلك، قد لا يحسم الموضوع بهذه البساطة المريحة. فأي استقصاء جاد يجب ألا يأخذ من مقدماته حقائق بديهية مسلمة، وإلا ما كان جديراً من الأصل باسمه ولقبه. فما هو مصدر هذه النصوص التأسيسية الحاكمة المستولدة منها كيانات وأفعال شتى فيما بعد؟ هل صحيح أن الفعل ابن الكلمة، ومحكوم بها؟! ما هي العلاقة التراتبية بين الكلمة والفعل، أيهما حقاً يسبق الآخر ويسود عليه؟ وأيهما، الفعل أم الكلمة، مكتفي بذاته- يستطيع أن يوجد مستقلاً عن الآخر ومستغنياً عنه؟

هم يقولون إن الله مكتفي بذاته، بمعنى أن وجوده سابق على وجود الكون ومستقلاً ومستغنياً عنه؛ وبهذا الشرط الجوهري المسبق- الاكتفاء الذاتي- استطاع أن يخلق منه الوجود فيما بعد، ومن ثم أصبح الوجود بالضرورة مستولداً منه، محكوماً به. الله مكتفي بذاته قادر على أن يوجد بمفرده- كما كان بالفعل قبل الخلق- من دون الوجود؛ بينما الوجود لم يوجد بمفرده ومن ثم يصبح استمرار بقائه مشروطاً ببقاء مصدره المنشئ- الله المكتفي بذاته. هكذا يكون الله كاملاً، مكتفياً بذاته، مستقلاً بنفسه بينما الإنسان ناقصاً لا يستطيع الاكتفاء بذاته، عبداً تابعاً لله ولا طاقة له على أن يتحمل أعباء استقلاليته الذاتية بعيداً عن ربه.

نعود إلى ’الكلمة‘ و ’الفعل‘، حيث تربط الأولى غالباً بالأوامر والنواهي الإلهية والكتب المقدسة والقوانين والنصوص التأسيسية الحاكمة، التي يهيأ للأكثرية أن قدسيتها وأسبقيتها تنبع من كونها مكتفية بذاتها، مستقلة عن وجود الفعل وحاكمة له بعد وجوده؛ بينما تربط الثانية بالحيز التنفيذي، سواء في طاعة الأوامر الإلهية أو امتثالاً للقوانين واللوائح، ومن ثم دونيتها وتبعيتها للكلمة والاشتراط بها. ما هو، في التحليل النهائي، مضمون الكلمة؟

إنه، بلا أدنى شك، فعل، فعل خالص. فالكلمة في جميع الأحوال ليست سوى حركة رمزية (بالإشارة أو حروف الهجاء أو خلافه) لحركة فعلية ذات نتائج وآثار ملموسة على الأرض (الفعل)؛ أو أن الكلمة هي في التحليل النهائي صورة مرآة (مستوية، مقعرة، محدبة، مشوهة، جزئية، منحرفة...الخ) لفعل حقيقي قد تحقق أو لا زال قيد التحقق في الواقع.

هل يصدق عاقل أن رضيعاً وهو يرضع من ثدي أمه لابد وأنه قد فهم وامتثل أولا لكلمة ’ارضع‘؛ أو إذا كان من سوء حظه أنه ولد بإعاقة تمنعه السمع والفهم والكلام، أنه لن يستطيع أداء نفس ’الأفعال‘ التي يؤديها المتكلمون، من دون حتى أن يفقه كلمة واحدة مما يقولون؟! أيهما إذن المكتفي بذاته، الكلمة أم الفعل؟!



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنها يد الله أيضاً
- ماذا أنت فاعل بنا؟!
- ارسم إلهك بنفسك
- الفاشية الدينية والفاشية العلمانية لا تستويان
- حرية التعبير لمحمد وتشارلي
- الإسلام الأزلي وإشكالية الصراع المحتوم
- عرض العصبجية العربية
- وهل فعلاً ثورة 23 يوليو أقامت عدالة اجتماعية؟
- اللادولاتيون العرب
- ماذا يريد الفلسطينيون؟
- علوم الإنسان والأديان
- تبضيع الأنثى
- لعبة الثعبان والفأر
- سويسرا الشرق؟!
- جمهورية كردستان الديمقراطية
- آفاق الديمقراطية في البيئة الصراعية العربية
- العلمانية في الإسلام
- هل صليت على النبي اليوم؟
- المرأة والأقليات العربية بين التحرير والتمكين
- ديمقراطية التوحيد الإسلامية


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - الكلمة الناقصة