أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - ماذا يريد الفلسطينيون؟















المزيد.....

ماذا يريد الفلسطينيون؟


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4517 - 2014 / 7 / 19 - 18:37
المحور: القضية الفلسطينية
    


ربما لا يوجد الآن شعب في العالم لا يعرف ماذا يريد بالضبط سواء من نفسه أو من الآخرين مثل الفلسطينيين. وفي اعتقادي، لو استطاع الفلسطينيون سواء في بداية الصراع أو خلال أي من مراحله المتعددة فيما بعد أن يعرفوا ولو بصورة عامة ماذا يريدون لأنفسهم، وأن يتفقوا عليه ولو عند الحد الأدنى، لكان حالهم غير هذا الذي يرثى له الآن. فالقضية الفلسطينية ليست فريدة من نوعها في التاريخ. بل هناك شعوب كثيرة عبر التاريخ قد قطعت الأشواط نفسها وأقسى منها وانتهت إلى نتائج أفضل بكثير. وكان المتغير الأهم لدى تلك الشعوب الناجحة، في اعتقادي، يتوقف بدرجة كبيرة على معرفتها ماذا تريد من الصراع قبل خوضه، أو ما هي الغاية أو الغايات النهائية المنشودة من وراء الصراع، وبالتالي الوسائل والتكتيكات والاستراتيجيات الأكثر ملائمة الهدف في ظل الظروف المتغيرة.

بحسبة بسيطة، ربما يتبين أن الفلسطينيين قد تلقوا من الدعم سواء المادي أو المعنوي أضعاف ما قد تلقته شعوب أخرى قد ناضلت وتناضل سواء في سبيل نيل حق تقرير المصير تحت حكم ذاتي أو إقامة دولها القومية المستقلة، وربما أكثر حتى من كل الدعم الذي قد تلقته وتتلقاه إسرائيل. رغم ذلك تبقى النتيجة الفلسطينية مخيبة للآمال بشدة، مقارنة ببقية الحركات النضالية سواء من أجل التحرر من الاحتلال أو تقرير المصير أو إقامة الدولة القومية. فرغم اندلاع الصراع فعلاً على الأرض منذ نحو مئة عام الآن، تحت الانتداب البريطاني، لا يزال الفلسطينيون لم يتقدموا خطوة واحدة أكثر مما كان عليه حالهم حينئذ سواء باتجاه التحرر من الاحتلال أو تقرير مصيرهم في حكم ذاتي تحت السيادة الإسرائيلية أو الاستقلال بأنفسهم في دولة قومية فلسطينية ذات سيادة.

هنا لابد أن يفرض السؤال نفسه: لماذا كل هذا الإخفاق الفلسطيني خلال هذا الزمن الطويل؟ وأضيف أن ’الإخفاق‘ في هذا المكان لا يعني العجز أو الفشل في التوصل إلى حل أو تسوية نهائية للقضية الفلسطينية، بقدر ما يعني تحديداً عجز الفلسطينيين وفشلهم الموثق في تحريك قضيتهم في اتجاههم، أو بما يخدم مصالحهم سواء القصيرة أو المتوسطة أو البعيدة الأجل، بأي شكل أو وسيلة مهما كانت، عنيفة أو حيادية أو سلمية، حتى دون الاقتراب من الحل أو التسوية النهائية للقضية الكلية. ما أقصده هنا هي الإنجازات المرحلية والجزئية، لا الانتصارات الكلية والنهائية. فكما قد أخفق الفلسطينيون في تحقيق أي نصر كلي ونهائي حتى اليوم ولا يتوقع أن يحققوا أي من مثله في المستقبل القريب، هم أيضاً- وهو الأهم والأخطر بكثير جداً- قد فشلوا أيضاً فشلاً محبطاً في تحقيق أي إنجازات مرحلية وجزئية ملموسة على الأرض.

على صعيد الانتصارات الكبرى، لم يحقق الفلسطينيون حتى اليوم أي نصر يذكر على عدوهم المعلن- إسرائيل؛ وعلى صعيد الإنجازات المرحلية والجزئية- سواء فيما بينهم أو في تفاصيل وتكتيكات الصراع مع العدو المعلن- لم يحقق الفلسطينيون حتى اليوم أيضاً أي إنجاز يذكر. فلا يزال الفلسطينيون دون أي مؤسسات وطنية حقيقية قادرة على إدارة التنافس والصراع سواء فيما بينهم أنفسهم أو بينهم وبين عدوهم المعلن؛ لا يزال الفلسطينيون دون حكومة وطنية حقيقية، رغم عشرات الإدارات الفصائلية المستقلة إلى حد إقامة العلاقات وتلقي المعونات الخارجية الخاصة بها؛ لا يزال الفلسطينيون دون جيش وطني حقيقي، رغم عشرات العصابات والمجموعات والميليشيات المسلحة المتقاتلة فيما بينها أكثر من قتالها تحت علم وطني واحدة ضد العدو المعلن. وكما لا يزال الفلسطينيون، بعد نحو مئة عام الآن، دون دولة وطنية وأي من المؤسسات الضرورية لقيام هذه الدولة، هم كذلك لا يملكون قدرة اقتصادية كافية لإعالة أنفسهم. الأخطر لا يزال أنهم، نتيجة لهذه الأسباب، قد أصبحوا يعانون أيضاً من فقر ثقافي مدقع بات يهدد بزوال الشخصية الوطنية الفلسطينية ذاتها وتبعثرها بين ثقافات شتى، شاملة بالطبع الثقافة الإسرائيلية. فتماماً كما أصبح الفلسطينيون يعيشون الآن على جود المعونات المادية الأجنبية، هم بالتزامن أيضاً يعيشون على ما تجود به عليهم ثقافات خارجية بالقدر الذي قد أصبح يشكل خطراً حقيقياً على الشخصية الوطنية الفلسطينية.

ربما لو سألت فلسطينياً اليوم ماذا تريد من نفسك ومن الآخرين لمساعدة الشعب الفلسطيني، قد يجيبه بأنه يريد من كل الفلسطينيين مثله توحيد الكلمة والهدف على إزالة دولة إسرائيل المغتصبة لأرضهم وأرض آبائهم وأجدادهم من الوجود لكي يقيموا على أنقاضها دولتهم الفلسطينية المأمولة. والوسيلة الأمثل وربما الوحيدة، في اعتقاده، لتحقيق هذا الهدف هي القوة، القوة المسلحة تحديداً- ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة. وهو أيضاً يريد من أشقائه العرب والمسلمين وأصدقائه الأجانب في الدول الأخرى بالمنطقة وحول العالم أن يساعدوا الفلسطينيين ويقفوا معهم ويدعموهم بكافة السبل حتى تحقيق الغاية الفلسطينية الأعظم- القضاء نهائياً على الدولة الصهيونية.

في المقابل، قد تسأل فلسطينياً آخر نفس السؤال وتخرج بإجابة مختلفة إلى حد التناقض مع الأول، الفلسطيني مثله. معارضة بأتباع محور المقاومة الأوائل، هؤلاء هم الفلسطينيون المعتدلون الذين يبتغون أيضاً إقامة دولة فلسطينية كتتويج نهائي لنضال طويل، لكن هم يختلفون مع المقاومين البواسل في الاعتقاد بأن الحلم، بالنظر إلى توازن القوى، لن يتحقق بقوة السلاح ولا على أنقاض الدولة الإسرائيلية، إنما بتعايش الدولتان الفلسطينية والإسرائيلية معاً جنباً إلى جنب وفي سلام وأمان ورخاء. وفي سبيل ذلك، أقر هذا الفريق المعتدل بعدم جدوى استعمال العنف ومضى في طريق مفاوضات السلام والتسوية سواء المرحلية أو النهائية.

في النهاية ليست المشكلة، ولم تكن أبداً، في انقسام مكونات أي شعب أو دولة صغرت أو كبرت بين صقور وحمائم. مثل هذا الوضع هو الطبيعي والصحي والسائد في كل المجموعات البشرية والشعوب والدول الطبيعية والصحية حول العالم، بما في ذلك داخل إسرائيل وأمريكا ومصر والسويد وإيران...الخ. الاختلاف في وجهات النظر هو أمر طبيعي وصحي لتطور المجموعات والشعوب والدول. لكن ما هو غير طبيعي أو صحي على الإطلاق هو اختلاف بل وتناقض السياسات التنفيذية، الواقع بين الفلسطينيين، الذي مرده بعثرة آليات صنع القرار وحمل السلاح وإنفاذ القانون الوطني الفلسطيني بين أيدي جماعات وفصائل فلسطينية مختلفة. هذا الواقع المؤسف والمتردي قد ترك الفلسطينيين، رغم الادعاء بكونهم يشكلون شعباً واحداً، بأكثر من سياسة داخلية وخارجية مستقلة ومتضاربة، بأكثر من هوية ثقافية وأحلام قومية متباعدة ومتنافرة، بأكثر من قوة مسلحة قادرة على القضاء على بعضها البعض وعلى الحلم الفلسطيني من قبل حتى أن تدوس على طرف واحد للعدو المعلن.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علوم الإنسان والأديان
- تبضيع الأنثى
- لعبة الثعبان والفأر
- سويسرا الشرق؟!
- جمهورية كردستان الديمقراطية
- آفاق الديمقراطية في البيئة الصراعية العربية
- العلمانية في الإسلام
- هل صليت على النبي اليوم؟
- المرأة والأقليات العربية بين التحرير والتمكين
- ديمقراطية التوحيد الإسلامية
- جدلية الوحي والتاريخ (10)
- جدلية الوحي والتاريخ (9)
- جدلية الوحي والتاريخ (8)
- جدلية الوحي والتاريخ (7)
- جدلية الوحي والتاريخ (6)
- جدلية الوحي والتاريخ (5)
- جدلية الوحي والتاريخ (4)
- جدلية الوحي والتاريخ (3)
- جدلية الوحي والتاريخ (2)
- جدلية الوحي والتاريخ (1)


المزيد.....




- قبيل زيارته إلى المنطقة.. شركة ترامب تعلن عن مشروعين في دبي ...
- وزير الصحة الأمريكي يثير جدلًا بادّعاءات غير دقيقة حول لقاح ...
- المبادرة المصرية تشارك في مؤتمر المنتدى العربي للتنمية المست ...
- سوريا.. شركة فرنسية تستثمر في تطوير ميناء اللاذقية
- والتز يعدد فوائد اتفاقية المعادن المبرمة بين واشنطن وكييف
- إدارة ترامب تدعو لمراجعة برنامج الرعاية الصحية للمتحولين جنس ...
- مستعرضا قدراته الحديثة.. الجيش الباكستاني يجرى تدريبات حربية ...
- فعاليات روسية في معرض تونس للكتاب
- فانس: واشنطن ستسعى إلى محادثات مباشرة بشأن أوكرانيا خلال الم ...
- البيت الأبيض: اتفاق المعادن مع أوكرانيا يعكس التزام الولايات ...


المزيد.....

- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - ماذا يريد الفلسطينيون؟