أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - تبضيع الأنثى














المزيد.....

تبضيع الأنثى


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4509 - 2014 / 7 / 11 - 18:21
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


في السوق، كان أول ما يفعله المشتري هو أن يمسك بشفتي الدابة فيباعد بينهما بغلظة مقززة ليكشف عن أسنانها ويفحص بنفسه إذا كانت كاسرة، أو قد تجاوزت السن المثالية؛ ثم يلتفت إلى جسمها وقد يجسه ويتحسسه بأصابعه المتسخة، ليتأكد إذا كانت مكتنزة وملتفة القوام أم نحيلة ولا يكاد لحمها يستر عظمها. السن الصغير والجسم الممشوق الملفوف هما من أهم المعايير المرغوبة في البقرة إذ تبشر بقدرة عالية على التحمل والإنجاب، فضلاً عن صورة جميلة تسر الناظرين لاسيما المشتري الذي يرى أن من حقه التمتع بالخلف والجمال نظير ما صرفه من حر ماله على بضاعته. لأن المشتري لم تربطه في السابق أي علاقة معرفة أو عشرة سابقة بالبقرة، هي في عينه مجرد بضاعة تباع وتشترى، بقرة مثل أي بقرة.

في عالم الإنسان، حين لا تكون ثمة علاقة معرفة وعشرة سابقة بين الرجل والمرأة يكون الرجل في نظر المرأة مجرد ذكر مثل أي ذكر، وتكون المرأة في نظر الرجل مجرد أنثى مثل أي أنثى. فما دامت الهوية الشخصية قد توارت لصالح الطبيعة الغرائزية، يصبح الأكثر ذكورة من بين الرجال هم المفضلين في عيون النساء والأكثر أنوثة من بين النساء هن المفضلات لدى الرجال. من ثم تتحول المرأة إلى مجرد بضاعة (امرأة مثل أي امرأة) في عين الرجل، الذي لا يزيد بدوره عن مجرد مشتري (مشتري مثل أي مشتري) في نظر المرأة. في ظل علاقة التبضيع المتبادل هذه، لا يرى الرجل في المرأة، مثل البقرة، أهم من سنها الصغير وقوامها الممشوق الجميل حتى لو كانت في الصفات الشخصية من أغبى وأحط النسوة على وجه الأرض. في المقابل أيضاً لن ترى المرأة في الرجل أهم من عناصر القوة الشرائية (الفتوة، المال، الجاه، السيطرة).

لو كان المشتري على معرفة وعشرة سابقة بالبقرة، ما كان بالطبع سيحتاج إلى معاينتها معاينة البضاعة النافية للجهالة؛ كان، بفضل العشرة والتجارب المشتركة بينهما، سيعرفها جيداً وأحياناً أكثر من معرفته لنفسه؛ كان سيعرف ما هي بالضبط نقاط القوة والضعف، الإيجاب والسلب، المميزات والعيوب فيها؛ ماذا يفرحها وماذا يحزنها؛ كيف يكسب رضاها ويتفادى غضبها؛ متى يلاعبها ومتى يتركها لحالها. باختصار، كانت العلاقة بينهما ستكون أكثر تفصيلاً وعمقاً بكثير من مجرد علاقة المشتري ببضاعته. هي عندئذ لن تكون بقرة مثل أي بقرة والسلام لكن البقرة الأفضل والأحب إلى قلبه من بين كل البقر على وجه الأرض حتى لو كانت أكبرهن سناً وأقلهن جمالاً. خلاف جميع الأبقار الأخرى، ثمة معرفة وعشرة مشتركة (علاقة حب؟!) جمعت بينهما ولا يستطيع أن يعوضها لا سن أصغر ولا جمال أكبر.

في عالم الإنسان، نفس علاقة المعرفة والعشرة هذه هي التي تجعل في نظر كل واحد منا أباه الرجل الأفضل في العالم، وأمه المرأة الأفضل في العالم، وهو شخصياً الشخص الأفضل في العالم لا لشيء سوى لأنه الأكثر معرفة وعشرة بهم وبنفسه من بين كل الرجال والنساء والشخوص على وجه الأرض. علاقة التبضيع لا تقوم في وجود المعرفة والعشرة المشتركة (أو علاقة الحب).

هكذا، طالما حرمت الفتاة من الشروط اللازمة لإقامة علاقة معرفة وعشرة مشتركة (حب) مع الفتى، ستظل في نظره مجرد بضاعة أنثوية (فتاة مثل أي فتاة) توزن بمقاييس انتفاخ الصدرين وانحناء النهدين واحمرار الخدين والشفتين وكحل العينين حتى لو كانت أغبى وأنكد فتاة في الكون، وهو في نظرها مجرد مشترى (الذي يدفع أكثر يكون صاحب الحظ والنصيب). في مثل هذا الوضع الغائبة منه شروط المعرفة والعشرة المشتركة (علاقات الحب) لا يلتفت كثيراً لسمات شخصية ذات قيمة جوهرية وحاسمة بخلاف ذلك مثل المستوى العلمي، الثقافي، الذكاء، الذوق، العطف، الرقة، عذوبة الحديث، المرح، الانضباط، الاقتصاد،...الخ. هكذا ينتهي الحال بأفضل البنات إلى العنوسة، ببساطة محزنة لأنهن قد اخترن لأنفسهم طريق العلم وبناء الشخصية وسط بيئة متخلفة لا تزال مصرة ببلادة نادرة على معايير صغر السن والقوام الممشوق فوق وأهم من أي معايير أخرى.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لعبة الثعبان والفأر
- سويسرا الشرق؟!
- جمهورية كردستان الديمقراطية
- آفاق الديمقراطية في البيئة الصراعية العربية
- العلمانية في الإسلام
- هل صليت على النبي اليوم؟
- المرأة والأقليات العربية بين التحرير والتمكين
- ديمقراطية التوحيد الإسلامية
- جدلية الوحي والتاريخ (10)
- جدلية الوحي والتاريخ (9)
- جدلية الوحي والتاريخ (8)
- جدلية الوحي والتاريخ (7)
- جدلية الوحي والتاريخ (6)
- جدلية الوحي والتاريخ (5)
- جدلية الوحي والتاريخ (4)
- جدلية الوحي والتاريخ (3)
- جدلية الوحي والتاريخ (2)
- جدلية الوحي والتاريخ (1)
- العقل الفقهي وتنصيص الواقع
- العقل الفقهي والسلطة


المزيد.....




- ” قدمي حالًا “.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة في الب ...
- دراسة: الوحدة قد تسبب زيادة الوزن عند النساء!
- تدريب 2 “سياسات الحماية من أجل بيئة عمل آمنة للنساء في المجت ...
- الطفلة جانيت.. اغتصاب وقتل رضيعة سودانية يهز الشارع المصري
- -اغتصاب الرجال والنساء-.. ناشطون يكشفون ما يحدث بسجون إيران ...
- ?حركة طالبان تمنع التعليم للفتيات فوق الصف السادس
- -حرب شاملة- على النساء.. ماذا يحدث في إيران؟
- الشرطة الإيرانية متورطة في تعذيب واغتصاب محتجزات/ين من الأقل ...
- “بدون تشويش أو انقطاع” تردد قنوات الاطفال الجديدة 2024 القمر ...
- ناشطة إيرانية تدعو النساء إلى استخدام -سلاح الإنستغرام-


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - تبضيع الأنثى