أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - الفاشية الدينية والفاشية العلمانية لا تستويان















المزيد.....

الفاشية الدينية والفاشية العلمانية لا تستويان


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4694 - 2015 / 1 / 17 - 23:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في الجزء الخامس من سلسلته "نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب"، يتساءل الكاتب نهرو عبد الصبور شاهين بسخرية وشماتة ظاهرتين حول علاقة العلمانية بالقيم الإنسانية: "في أي حقبة زمنية وفي أي بلد من بلدان العالم قامت "العلمانية" بمفردها بأنسنة العلاقات بين طوائف الناس في هذا البلد أو ذلك المجتمع؟؟، ثم ما علاقة العلمانية بالإنسانية؟؟، أليس عتاة الطغاة قاتلوا الشعوب المجرمون السفاحون المستبدون من الحكام كانوا علمانيين؟؟ وألم تكن أنظمة حكمهم أنظمة علمانية لا علاقة لها بالأديان من قريب أو بعيد؟؟، فهل منعت العلمانية كل من: عبد الناصر وتشاو شيسكو وكمال أتاتورك وبينوشيه وصدام حسين وحافظ الأسد والقذافي وكيم جونغ إيل وبشار الأسد وعبد الفتاح السيسي وعشرات أمثالهم هل منعتهم علمانيتهم من الشمولية والاستبداد والطغيان وذبح وسجن وقتل وقهر شعوبهم؟؟، هل منعت العلمانية "ستالين" أو "هتلر" أو "موسيليني" أو "ماو تسي تونغ" من ارتكاب المجازر الوحشية الهمجية ضد عشرات الملايين من البشر؟؟....".

وفي فقرة أخرى حول علاقة العلمانية بحقوق المواطنة للجميع يواصل الكاتب هجومه الشرس على العلمانية قائلاً: "فالعلمانية تعادي المواطنين من أتباع الدين _أي دين_ الذين يريدون أن يحتكموا لشرائع دينهم، وتفرض العلمانية على جميع المواطنين وخاصة المسلمين ترك شرائع دينهم عنوة وقهراً وتفرض قوانين وشرائع وضعية صنعها بشر من عند أنفسهم، وهنا تستوي الفاشية العلمانية مع الفاشية الدينية لا فرق بينهما على الإطلاق، فكما أن هناك فاشية دينية لأتباع التيارات الإسلامية السياسية التي تريد أن تفرض التشريعات والقوانين الإسلامية على غير المسلمين أو على المنتسبين للإسلام من العلمانيين والملحدين واللادينيين عنوة وقهراً فكذلك الفاشية العلمانية تفرض تشريعاتها وقوانينها عنوة وقهراً على الجميع دون استثناء.

أرد هنا على حضرة الكاتب بأنه فوق الهوة الشاسعة التي لا تخطئها العين الأمينة ما بين "الفاشية العلمانية" و"الفاشية الدينية" من حيث الشكل، هناك أيضاً اختلاف إلى حد التضاد في الجوهر، كما يستدل على الأقل من الحروب الكلامية والقتالية غير المنقطعة بين الطرفين. من حيث الشكل، النظام العلماني (شمولي أو ليبرالي) يسوي بين جميع المواطنين (في القمع أو الحرية) بصرف النظر عن اختلافاتهم في العرق أو اللغة أو الدين أو الجنس...الخ. في قول آخر، تحت نظام الحكم العلماني كل المواطنون سواء بمعنى الكلمة، بصرف النظر عما إذا كانوا في الحقيقة سواء في تجرع كأس القمع أو في التمتع بنسيم الحرية. على النقيض، الشمولية الدينية تقوم على تفرقة فاضحة ما بين أتباع الدين السائد والأقليات الدينية أو غير الدينية الأخرى، بما يجعلها لا ترتوي بالتنكيل بالمخالفين والمنشقين في هذه الحياة فقط إنما تلاحقهم بويلات العذاب الأبدي في الحياة الآخرة أيضاً! في الوقت نفسه، هي تحجز كل كراسي الجنة كاملة العدد لأتباعها. ففي الوقت الذي تسوي فيه "الفاشية العلمانية " بين كافة المواطنين في العذاب والقمع دون تفرقة، "الفاشية الدينية" تمارس تفرقة وتمييز بين المواطنين على أسس طائفية ودينية في أفج وأشع صوره، لدرجة استمرارها حتى لما بعد مفارقتهم للحياة على هذه الأرض!

الفاشية العلمانية تمارس القمع على أرضية "المساواة" التامة بين المواطنين بينما الفاشية الدينية تمارس القمع نفسه لكن على أساس "التمييز" الطائفي والديني، فهل تستوي المساواة مع التمييز؟!

من حيث الجوهر، الفاشية العلمانية تستهدف بناء المجتمع الفاضل- من وجهة نظرها- على هذه الأرض، في هذه الحياة الدنيا؛ في المقابل، الفاشية الدينية تسعى هي أيضاً لبناء مجتمعها الفاضل- كما تريده- لكن ليس على هذه الأرض أو في هذه الحياة الدنيا بقدر ما هو بالأعلى في السماء، في الحياة الآخرة! لذلك، مهما كانت نتائج الفاشية العلمانية قاسية ومفجعة ومنتهكة لأبسط مبادئ حقوق الإنسان والرحمة كما في الأمثلة التي ضربها الكاتب المحترم، إلا أنها على الدوام كانت تخلف أثراً من "عمران" عقب زوالها. هذا، للمفارقة، هو نفس ما حدث مع أنظمة حكم تولى ناصيتها زعماء مستبدون وطغاة وعديمي الرحمة بمواطنيهم من أمثال "عبد الناصر وتشاو شيسكو وكمال أتاتورك وبينوشيه وصدام حسين وحافظ الأسد والقذافي وكيم جونغ إيل وبشار الأسد وعبد الفتاح السيسي". برغم كل قسوتهم وقلوبهم الميتة إلا أنهم قد خلفوا ورائهم بقع من نظام وانضباط وعمل وعمران وتقدم وتنوير متناثرة هنا وهناك لا ينكرها إلا جاحد، وسط تركة ثقيلة بالآلام ومشاعر المرارة وخيبة الأمل. في المقابل، كان ولا يزال أداء الفاشية الدينية في هذا الجانب النظامي والانضباطي والعمراني والتقدمي والتنويري قاصراً إلى حد الإهمال، حيث كان ولا يزال تركيزها الرئيسي منصب على العمل للآخرة أكثر من الحياة الدنيا. فإذا كانت حقيقة أن الفاشية العلمانية تقبل أن تضحي بالآخرة طمعاً في كسب الدنيا، فهي حقيقة كاشفة أيضاً أن الفاشية الدينية تأبى أن تشتري الحياة الدنيا بالآخرة، أو أن تعمل لإعمار هذه الحياة الدنيا على حساب الآخرة. العلمانية، في الجوهر، هي كسب العمران على الأرض بينما الدينية، في الجوهر أيضاً، هي الفوز برضا الرب في السماء. إذا كان كذلك، أي النظرتين للحياة هي الأقرب والأكفأ لإعمارها- رغم الأخطاء؟!!

في النهاية أذكر الكاتب المحترم أن الفاشية العلمانية حين تفرض "على جميع المواطنين وخاصة المسلمين ترك شرائع دينهم عنوة وقهراً وتفرض قوانين وشرائع وضعية صنعها بشر من عند أنفسهم" لا يمكن أن تستوي أبداً مع "فاشية دينية لأتباع التيارات الإسلامية السياسية التي تريد أن تفرض التشريعات والقوانين الإسلامية على غير المسلمين أو على المنتسبين للإسلام من العلمانيين والملحدين واللادينيين عنوة وقهراً"، وذلك لحقيقة بسيطة جلية بذاتها: القوانين الوضعية العلمانية تفرض على جميع المواطنين على قدم المساواة دون أي تفرقة أو تمييز، بينما التشريعات والقوانين الإسلامية تفرق بين المواطنين على أساس طائفي وديني وتميز المسلمين على غير المسلمين. فكيف يستويان؟!!



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرية التعبير لمحمد وتشارلي
- الإسلام الأزلي وإشكالية الصراع المحتوم
- عرض العصبجية العربية
- وهل فعلاً ثورة 23 يوليو أقامت عدالة اجتماعية؟
- اللادولاتيون العرب
- ماذا يريد الفلسطينيون؟
- علوم الإنسان والأديان
- تبضيع الأنثى
- لعبة الثعبان والفأر
- سويسرا الشرق؟!
- جمهورية كردستان الديمقراطية
- آفاق الديمقراطية في البيئة الصراعية العربية
- العلمانية في الإسلام
- هل صليت على النبي اليوم؟
- المرأة والأقليات العربية بين التحرير والتمكين
- ديمقراطية التوحيد الإسلامية
- جدلية الوحي والتاريخ (10)
- جدلية الوحي والتاريخ (9)
- جدلية الوحي والتاريخ (8)
- جدلية الوحي والتاريخ (7)


المزيد.....




- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - الفاشية الدينية والفاشية العلمانية لا تستويان