أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - المكتفي بذاته النسبي














المزيد.....

المكتفي بذاته النسبي


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4739 - 2015 / 3 / 5 - 11:13
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


وجود الوجود ذاته يمنع أن يوجد فيه أي مكتفي بذاته مطلق. الاكتفاء الذاتي المطلق شرط أساسي مسبق لقدرة الخلق المطلقة (من العدم). لكن فعل الخلق ذاته يشترط وجوداً متزامناً لكل من الخالق والمخلوق في فراغ أو فضاء أو وجود أو كون واحد، الذي ينشئ بينهما بالضرورة علاقة ما تبادلية (تكاملية) تعد شرطاً جوهرياً لتحقق عملية التخليق ذاتها. فإذا كان الخالق بحاجة إلى مخلوقه حتى يؤهل في النهاية لصفة ’الخالق‘، فهو عندئذ لا يكون أبداً خالقاً مطلقاً من العدم بقدر ما يكون صانعاً أو مؤلفاً أو مجمعاً لمخلوقاته من مواد كونية أولية متناثرة هنا وهناك عبر الفضاء الكوني؛ وعندئذ لابد أن يكون الفضاء الكوني سابق الوجود على مثل هذا الخالق ذاته. فهذا الفضاء الكوني السابق الوجود على وجود الخالق ذاته يحرم هذا الأخير من صفة الاكتفاء الذاتي المطلق (في العدم)، ببساطة لأنه قد احتاج واستخدم مواد الفضاء الكوني الأولية لإتمام عملية الخلق، التي عندئذ لا تكون من عدم لكن من مواد كونية أولية سابقة الوجود. هذه العملية بحد ذاتها تحرم الخالق من الاكتفاء الذاتي المطلق وتضعه بالضرورة في علاقة مركبة مع المادة الكونية الأولية من جهة، ثم مع المنتجات النهائية المخلقة من هذه المادة من الجهة الأخرى.

هكذا يكون من المستحيل، والهراء، الحديث عن اكتفاء ذاتي مطلق وفي الوقت نفسه الحديث عن وجود (أو خلق) أياً ما كان، وأينما كان. فالحديث عن الاكتفاء الذاتي المطلق هو في الحقيقة حديث عن العدم؛ والعدم ليس له وجود. في المقابل، الحديث عن الوجود يتطلب نوعاً آخر ضرورياً من الاكتفاء الذاتي: الاكتفاء الذاتي النسبي.

يمكن تعريف الاكتفاء الذاتي النسبي ببساطة على أنه ’القدرة على رد الفعل‘. فكل ما (أو من) يملك- من صفاته- القدرة على أن يرد بفعل مقابل على فعل ما يقع عليه، يكون مكتفياً بذاته بدرجة نسبية بالضرورة، وليس بدرجة مطلقة. رد الفعل من الصخرة على الفعل الواقع عليها من الشمس أو الريح أو المطر بها، رد الفعل من الشخص الطبيعي على الفعل الواقع عليه مما يحيط به من شروط فيزيائية واجتماعية وثقافية ...الخ، هو ما يجعل كل من الصخرة والإنسان متساويان في صفة الاكتفاء الذاتي، الذي هو الآن نسبياً وليس مطلقاً؛ كل ما له وجود مميز ومختلف عن الموجودات الأخرى- حقيقية أو افتراضية، مرئية أو غير مرئية- عبر الكون وفيما وراء الكون، وله القدرة على أن يؤثر فيما حوله وأن يتأثر به، هو بالضرورة مكتفي بذاته نسبياً. وفي تلك الصفة تتساوى الجمادات مع النباتات مع الحيوانات، الأشخاص الطبيعية مع الأشخاص الاعتبارية مع الوهمية الأسطورية، الجرثومة مع الديناصور، الجمعية الخيرية من بضعة أفراد مع منظمة الأمم المتحدة التي تتسع عضويتها للعالم أجمع؛ ويتساوى فيه أيضاً النافع مع الضار، الكريم مع البخيل، الشرير مع الطيب، الملاك مع الشيطان، الله مع إبليس، الجنة مع النار...الخ.

إذا كانت الصخرة قادرة على اعتراض تدفق الشمس أو الريح أو الماء، فهي بالضرورة تؤثر في تلك القوى الطبيعية من خلال رد الفعل الإعتراضي هذا؛ وسواء تكيف الإنسان مع شروط حياته الفيزيائية والاجتماعية والثقافية أم تمرد وثار ضدها، فهو في جميع الأحوال يتأثر بها ويؤثر فيها برد فعله تجاهها أياً ما كان؛ وإذا كانت منظمة الأمم المتحدة (الشخص الاعتباري) قادرة على التأثير في قرارات الدول أعضائها (أشخاص اعتبارية) ومن ثم مواطني تلك الدول (أشخاص طبيعيين)، فبالتأكيد هذه المنظمة الأممية هي ذاتها في النهاية محصلة ردود أفعال (قرارات) تلك الأشخاص الاعتبارية (الدول المستقلة) والأشخاص الطبيعية (المواطنين) أنفسهم؛ وإذا كان الله الخالق قادر على أن يخلق الخلق، فهو أيضاً بحاجة لهذا الخلق ذاته حتى يكون خالقاً؛ وأن يكون هناك ملائكة قادرة على طاعة أوامر الله، وأبالسة قادرة على عصيان الأوامر نفسها، يعني في جميع الأحوال امتلاك الملائكة والأبالسة معاً قدرة الاكتفاء الذاتي النسبي للإتيان برد فعل أياً ما كان نوعه تجاه الأمر الواقع عليها من الله، ويجعل من كل من كبير الملائكة جبريل وكبير الشياطين إبليس وكبير الآلهة الله متساوون هم الثلاثة معاً في صفة الاكتفاء الذاتي النسبي، أو في القدرة على الإتيان برد فعل ما تجاه فعل ما يقع بهم.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المكتفي بذاته المطلق
- الكلمة الناقصة
- إنها يد الله أيضاً
- ماذا أنت فاعل بنا؟!
- ارسم إلهك بنفسك
- الفاشية الدينية والفاشية العلمانية لا تستويان
- حرية التعبير لمحمد وتشارلي
- الإسلام الأزلي وإشكالية الصراع المحتوم
- عرض العصبجية العربية
- وهل فعلاً ثورة 23 يوليو أقامت عدالة اجتماعية؟
- اللادولاتيون العرب
- ماذا يريد الفلسطينيون؟
- علوم الإنسان والأديان
- تبضيع الأنثى
- لعبة الثعبان والفأر
- سويسرا الشرق؟!
- جمهورية كردستان الديمقراطية
- آفاق الديمقراطية في البيئة الصراعية العربية
- العلمانية في الإسلام
- هل صليت على النبي اليوم؟


المزيد.....




- ترامب وماسك وفانس كعمّال.. صينيون يسخرون من الحرب التجارية ب ...
- -زفيزدا-: مسؤول أمريكي كبير يشارك باحتفالات -عيد النصر- في م ...
- غزة: 52.418 قتيلا حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي على القطاع
- غزة: إسرائيل تفرج عن مسعف فلسطيني بعد نحو شهرين من مقتل 15 م ...
- وسائل إعلام سورية: مقتل رئيس بلدية صحنايا وابنه
- -المسيرة-: غارات أمريكية تستهدف مديرية خب الشعف بمحافظة الجو ...
- رد مصري على محاولة التلفزيون الإسرائيلي تشويه أهرامات الجيزة ...
- بريماكوف: سلطات ألمانيا تحاول بوقاحة منع ممثلي روسيا من المش ...
- مستشار بالكونغرس الأمريكي للمخادعين فوفان ولكزس: نسعى جاهدين ...
- ترامب يهنئ إسرائيل بعيد -الاستقلال- ويؤكد عمق الشراكة بين ال ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - المكتفي بذاته النسبي