أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - أنا الإنسان، أنا الوطن: خَلْقُ حياة














المزيد.....

أنا الإنسان، أنا الوطن: خَلْقُ حياة


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 6747 - 2020 / 11 / 29 - 16:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في المبتدأ، وُجد الإنسان في الحياة عارياً، جاهلاً، لا ينطق، تماماً مثل سائر الحيوانات والكائنات الحية من حوله. لماذا أتي إلى الحياة، ومن أتى به، ولأي غاية أو هدف؟ لم يسأل، وما كان يستطيع. كل همه حينذاك أن يعيش، أن يبقى في الحياة، أن ينجو من المخاطر، أن يسد جوعه ويروي عطشه ويطفئ رغبته الجنسية. ما كان يشغله أي شيء آخر على الإطلاق. فبعدما وجد نفسه في معترك الحياة، دون أن يختار ولسبب لا يعلمه، تمسك بها بكل ما أوتي من حيلة وبأس، ولم يشغله سوى أن يبقى حياً في حياة لم يختارها، ولم يسأل نفسه حتى كيف نشأت أو لماذا.
حتى تمسكه بالبقاء كان رغماً عنه ولم يكن اختياراً. لقد نشأت الحياة مسلحة بحزمة من الغرائز الطبيعية الكفيلة بحفظ الحياة من التوقف والزوال. قلبه ينبض ورئته تتنفس وأعضائه الداخلية تؤدي وظائفها الحيوية من تلقاء نفسها دون استشارته؛ الجوع يضطره إلى أن يسده بالطعام، والظمأ بالماء العذب، والشهوة بالجنس...الخ. هكذا لا تزال تفعل كل الحيوانات حولنا حتى اليوم؛ ولم يكن الإنسان الأول متمايزاً في شيء. كأن الحياة أهم وأثمن من أن تؤتمن عليها الكائنات الحية كافة- ومن ضمنها الإنسان- ومن ثم نشأت مزودة بأسلحتها الخاصة- الغرائز الطبيعية- لكي تحصن وتحمي تحفظ نفسها من الانقراض.

ثم في زمن ما بعيد، بعيد جداً عن زمننا الحاضر، وبسبب حادث أو ظرف ما، تطورت لدى الإنسان دون سواه من الكائنات الحية ملكة "العقل". منذ ذلك الزمن، قبل نحو 100 ألف عام، بدأت حياة الإنسان تتميز وتتفرد عن بقية المخلوقات كافة، وخطى الإنسان خطواته الأولى نحو الحضارة كما نعيشها في زمننا المعاصر؛ تعلم الكلام والزراعة والاستقرار، اكتشف واستغل النار، صنع الأدوات، أعاد اكتشاف نفسه والكون كله، ليعيد إنتاج نفسه وبيئته المحيطة في صور حضارية مصنّعة شديدة الاختلاف والتباين عن صورها الطبيعية الخام. وكما تعلم الكلام والزراعة والاستقرار واستخدام النار وصناعة الأدوات، ابتكر كذلك مؤسسات وشخوص اعتبارية غير طبيعية- غير موجودة في الطبيعة كهبة طبيعية خام- مثل الأسرة والجماعة والقبيلة والعشيرة والمجتمع والدين والدولة والأمة....والوطن.
في الأصل، الانسان مخلوق طبيعي، هبة من الطبيعة مثله مثل أي حيوان أو نبات أو جماد آخر، لا يملك من أمر قدومه إلى الحياة أو مغادرته لها شيئاً. على النقيض، الشخوص والمؤسسات الاجتماعية الاعتبارية، مثل الشركة والأسرة والمجتمع والرئيس والدين والوطن...الخ هي مخلوقات ومنشآت ومؤسسات بشرية، صنعها الإنسان لتلبية أغراض ومقاصد وأهداف وغايات إنسانية. وكما خلقها، يستطيع في أي وقت أن يحلها أو يصفيها أو يعدلها أو يغيرها أو يستبدلها بأخرى، مثلما قد فعلت وتفعل كافة التجمعات البشرية عبر التاريخ مع شركاتها ومؤسساتها وأديانها ومعتقداتها ولغاتها وثقافاتها وأنظمتها السياسية والاجتماعية وعاداتها وتقاليدها وخلافه.

الإنسان ووطنه يشكلان موضوع هذا الكتاب. في البداية، وجد الإنسان الذي فيما بعد أنشأ وطنه لغاياته ومقاصده الشخصية. الإنسان هو ذلك الكائن الطبيعي المزود بغرائز طبيعية تحفظ له وجوده، والوطن هو في الأساس قطعة من الأرض أو منطقة نفوذ يشبع من عناصرها الأنسان متطلبات غرائزه ويحفظ بها مقومات بقاءه. في النهاية، الإنسان كائن أرضي لابد أن يعيش على الأرض (في وطن)، وليس كائناً فضائياً. لكن، من خلال عيش الإنسان في أرضه ومنطقة نفوذه (وطنه) ينشأ بينه وبينها نوع من الألفة والتوحد والتعلق الوجداني، ليصبح الوطن جزء لا يتجزأ من شخصية الإنسان المادية والمعنوية، يظهر في ملامحه الجسدية وكلامه وتفكيره وهيئته العامة. في الحقيقة، الإنسان يصنع وطنه بيديه، وبالضرورة يحمل المنتج النهائي جانباً من شخصية الصانع، ليصبح الإنسان ووطنه شيئاً واحداً ونفس الشيء، قدر لا انفصال ولا انفكاك عنه.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كل شيء هادئ على البر الغربي للأحمر
- مقاربة جديدة إلى النكبة الفلسطينية في ذكراها السبعون
- الانتحار العربي في سماء نيويورك
- صراع السيسي وأردوغان على المنطقة
- القائد عبد الفتاح السيسي
- أسلمة السياسة، وتسييس الإسلام
- من يحمل وزر الدماء في رابعة؟
- الكائنات العلائقية
- الكائن العلائقي
- المكتفي بذاته النسبي
- المكتفي بذاته المطلق
- الكلمة الناقصة
- إنها يد الله أيضاً
- ماذا أنت فاعل بنا؟!
- ارسم إلهك بنفسك
- الفاشية الدينية والفاشية العلمانية لا تستويان
- حرية التعبير لمحمد وتشارلي
- الإسلام الأزلي وإشكالية الصراع المحتوم
- عرض العصبجية العربية
- وهل فعلاً ثورة 23 يوليو أقامت عدالة اجتماعية؟


المزيد.....




- نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض ...
- أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
- الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
- غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز ...
- -حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
- قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
- ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب ...
- حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
- إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
- سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - أنا الإنسان، أنا الوطن: خَلْقُ حياة