أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - أسلمة السياسة، وتسييس الإسلام














المزيد.....

أسلمة السياسة، وتسييس الإسلام


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4901 - 2015 / 8 / 19 - 22:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في مشهد لن ينساه التاريخ بسهولة وقف رأس الجيش المصري، وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي آنذاك، متقدماً رأسي الدين الرسمي المصري، شيخ الأزهر الشيخ أحمد الطيب ممثلاً للإسلام والبابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية ممثلاً رسيماً للمسيحية، وألقى بياناً عطل بمقتضاه الدستور وعزل الرئيس الشرعي المنتخب ديمقراطياً آنذاك، د. محمد مرسي. قبل ساعات معدودة من هذا البيان التاريخي، كانت جماهير الشعب المصري قد نزلت إلى الشوارع في كافة ميادين البلاد بالملايين تنادي بانتخابات رئاسية مبكرة وتجهر برحيل الرئيس المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، لسبب جوهري هو الخوف من المحاولات الجلية لهذه الجماعة ذات الأساس الديني لهدم أسس مدنية الدولة الوطنية المصرية وتحويلها إلى دولة دينية على شاكلة الجمهورية الإيرانية الإسلامية بصورة أو بأخرى. فإذا كان حقاً الخوف على مدنية الدولة الوطنية من الدين لهذه الدرجة، لماذا يحضر إلقاء هذا البيان المناهض لتأسيس دولة دينية والمدافع عن مدنية الدولة كما يزعم أكبر الزعامات الدينية في البلاد كلها؟!

لا شك أن الدين عامة، ثم الإسلام على وجه التحديد عقب الفتوحات الإسلامية، كان ولا يزال يشكل مكوناً حاسماً في المشهد السياسي سواء في مصر أو في سائر البلدان العربية الإسلامية على وجه الخصوص. في الوقت نفسه، هناك اختلاف شاسع ما بين توظيف السيسي للدين، تحديداً الإسلامي، في السياسة وما بين توظيفه من قبل تيار الإسلام السياسي، وتحديداً من قبل جماعة الإخوان المسلمين في مصر وسائر البلدان العربية. في الواقع السيسي، مثل أسلافه بدءاً من الخليفة الخامس معاوية بن أبي سفيان وصولاً إلى الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، ومثل كافة الحكام العرب المسلمين في سائر الدول الشقيقة، يمارس ذات العملية التي تشكل القاعدة وبقيت صاحبة اليد والكلمة العليا عبر المنطقة- أسلمة السياسة.

هي عملية إضفاء الصبغة الدينية، الإسلامية هنا، على قواعد وآليات السياسة والحكم لتعزيز الشرعية وسط القاعدة العريضة من البسطاء والعامة عبر بناء دور العبادة وحضور المناسبات الدينية وأداء الصلوات والظهور بصحبة كبار رجال الدين، تماماً كما كان يفعل حكام مصر القديمة في العهد الفرعوني قبل آلاف السنين، والذين لا يزال يمكن رؤيتهم رؤى العين وهم يفعلون ذلك حتى اليوم على جدران المعابد الباقية. تماماً كما وقف السيسي يلقي بيانه محاطاً بكبار رجال الدين، كذلك كان حال الفراعنة القدماء، كما كان أيضاً حال الخلفاء والحكام المسلمين منذ معاوية حتى اللحظة. مع ذلك، هذه الصبغة الدينية لا، ولم تكن، تمس القواعد الصلبة للعبة السياسية في شيء يذكر. كانت، ولا تزال، السياسة هي السياسة، توضع وتدار بقوانين السياسة الحرة، بينما الدين مجرد أحد الشكليات المزينة والمكملة للصورة، لكن غير المؤسسة لها أو الجوهرية فيها بأي حال. هذه هي أسلمة السياسة، مجرد تسمية أو توصيف شكلي مع بقاء السياسة في الأصل مثل أي سياسة أخرى في أي مكان أو زمان آخر مهما اختلفت المسميات والتوصيفات، محكومة بأصول وقوانين السياسة ذاتها قبل أي شيء آخر. في النهاية ورغم الاضافة والقيمة الشكلية العظيمة من حضور رجالات الدين، السيسي في الحقيقة هو من وضع البيان وألقاه وعهد تنفيذه.

لكن في تسييس الإسلام تصبح المعادلة معكوسة، بحيث يكون رجل الدين هو الحاكم الفعلي بينما رجل السياسة مجرد الصورة الشكلية التكميلية. حسب ادعاء أنصار مدنية الدولة، هكذا فعلاً قد كان د. محمد مرسي، مجرد واجهة شكلية رسمية سواء لمرشد الجماعة أو لمكتب الإرشاد أو لهيئة كبار علماء الدين الأزهرية التي نصبها الإخوان وفقاً لدستور 2012 رقيباً مطلقاً على التشريع بحجة مطابقته لأحكام الشريعة الإسلامية. كانت القرارات الرئاسية والقوانين التشريعية تُسن حقيقة بمكتب الإرشاد ثم ترسل إلى الرئيس والبرلمان المنتخبين لمجرد التوقيع والإصدار بعد استيفاء الإجراءات الشكلية الضرورية؛ وكان ذلك، في قولهم، يؤسس حتماً لدولة دينية صريحة لكن من وراء حجاب مدني.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يحمل وزر الدماء في رابعة؟
- الكائنات العلائقية
- الكائن العلائقي
- المكتفي بذاته النسبي
- المكتفي بذاته المطلق
- الكلمة الناقصة
- إنها يد الله أيضاً
- ماذا أنت فاعل بنا؟!
- ارسم إلهك بنفسك
- الفاشية الدينية والفاشية العلمانية لا تستويان
- حرية التعبير لمحمد وتشارلي
- الإسلام الأزلي وإشكالية الصراع المحتوم
- عرض العصبجية العربية
- وهل فعلاً ثورة 23 يوليو أقامت عدالة اجتماعية؟
- اللادولاتيون العرب
- ماذا يريد الفلسطينيون؟
- علوم الإنسان والأديان
- تبضيع الأنثى
- لعبة الثعبان والفأر
- سويسرا الشرق؟!


المزيد.....




- فيديو منسوب لمشاهد دمار في إسرائيل جراء الصواريخ الإيرانية.. ...
- بين هدنة مؤقتة وبداية تحول استراتيجي.. ماذا بعد وقف إطلاق ال ...
- شاهد.. غوارديولا يداعب الكرة مع لاعبي السيتي على الشاطئ
- أبو عبيدة: جثث العدو ستصبح حدثا دائما ما لم يتوقف العدوان
- لماذا تتجه طهران لمنع الوكالة الدولية لتفتيش منشآتها؟
- كاتب روسي يدعو موسكو للتحرك دبلوماسيا من موقع قوة
- موقع تركي: القبة الفولاذية باتت ضرورة ملحة لتركيا
- طهران تستعيد نبضها الهادئ بعد صخب الحرب
- وول ستريت وأسباب تعجُّل ترامب لوقف الحرب
- لماذا نشرت اليونان سفنا حربية قبالة السواحل الليبية؟


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - أسلمة السياسة، وتسييس الإسلام