أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - ابن الله














المزيد.....

ابن الله


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 6784 - 2021 / 1 / 10 - 17:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ماذا تقصد؟ بالمعنى المجازي، جميعنا أبناء الله، أنا وأنت وهم، جميع المخلوقات ومن ضمنهم البشر. نحن جميعاً، بل والكون كله، لم نخلق أنفسنا. بل نتصور أن هناك خالق ما يقف حتماً من وراء، أو فوق، هذا الكون العملاق وكان سبباً أولاً لوجوده ربما لغرض أو غاية ما في نفسه ولا يعلمها سواه. بهذا المعنى، أنا "ابن الله"، وأنت أيضاً "ابن الله"، صنعته وخلقه.

لكننا لا نقصد هنا مثل هذا الخلق أو الصناعة، بل نعني "الأبوة" البيولوجية. حتى لو كنا في بداية الحلقة خليقة وصنيعة كائن أعلى ما، إلا أننا لا نزال مستمرون في الحياة عبر تسلسل وراثي لابد من انتقاله عبر التزاوج والتلقيح بين ذكر وأنثى من كل نوع. أقصد هنا تحديداً "الأب" والأم". حتماً ولابد أن يكون لكل منا أب وأم، أنا وأنت وهو وجميع كائنات الكون كافة. وفي غياب أحد الطرفين، الأب أو الأم، يستحيل منطقياً تصور وجود أي منا، أنا أو أنت أو هم أو أي كائن حي آخر في الكون، حتى رغم وجود الخالق الأعلى في الحالتين. في قول آخر، سوف يقف الخالق الأعلى عاجزاً عن أن يخلق ولو بعوضة في حال انتفاء وجود أي من ذكر أو أنثى البعوض، حتى لو كان هو نفسه من خلق أول ذكر وأنثى بعوض في هذه السلسلة. هكذا الحال أيضاً مع الإنسان، لن يوجد إنسان ولن يستطيع حتى الإله أن يخلق أو يصنع إنساناً من دون وجود الرجل والمرأة، حتى لو كان الله نفسه قد خلق أول رجل وأول امرأة في الكون.

لكنها تحققت- المعجزة. مريم ابنة عمران قد انجبت بالفعل ولداً ذكراً اسمه عيسى من دون الحاجة إلى رجل، وهي عذراء! مريم العذراء حملت وأنجبت رجلاً نبياً من دون أن يمسسها بشر! يقال أن الروح الإلهية قد حلت فيها محل الحيوان المنوي الذي يهبه الذكر للأنثى، حين نفخ فيها الله من روحه.

هنا، في هذه الحالة حصراً، أصبح لدينا "ابن الله" حقيقة وليس مجازاً. أمه من البشر، مثل أي امرأة في الكون، لكن أباه إله، خالق الكون كله. إذا صدقت هذه السردية، يصبح عيسى في واقع الأمر وليس في مجازه "ابن مريم" أو "ابن الله" أو "ابن روح الله"، أو ابنهم جميعاً- ثلاثتهم.

هناك حالة بلال "ابن رباح" مؤذن الرسول. جميعنا نقر بكونه بشراً سوياً، عادياً مثلنا، أتى عبر جماع اكتمل بين ذكر وأنثى. لكن أمه كانت عبدة، وكان من الشائع آنذاك مجامعة الإماء والجواري والعبيد من دون التزامات اجتماعية ثم ينسب ثمرة هذا الجماع إلى الأم. في ذلك الزمان، كان هناك الملايين من أمثال "ابن رباح"، وكان عرفاً مألوفاً. "ابن مريم" ليس مثل "ابن رباح"؛ ابن مريم نبي، نصف إله، أو هجين أتى من تلاقح بصورة ما بين الإله الخالق وامرأة عادية من البشر. ومن هنا يأتي الثالوث المقدس "الآب والأم وروح القدس"، حيث الآب الله والأم مريم ثم الروح التي بعثت الحياة في المسيح، أو هي المسيح ذاته.

هل المسيح بشر؟ لا. هل هو إله؟ لا. ماذا هو إذن؟ هو كائن يقف في منتصف الطريق بين الإله والبشر، يسد الفراغ ويعوض النقص ويوصل الطرفين ببعضهما البعض. هو المعنى والروح والشرارة التي تبعث الحياة والنور والأمل. هو نفحة الله إلى الأرض، أو قبس من نوره.

لكن ماذا لو كان السيد المسيح مجرد "ابن رباح" آخر، كان ثمرة التقاء بين ذكر وأنثى ومجرد أن هذا الذكر مجهول. ماذا لو كان القانون الكوني المنفذ في كائنات الكون كافة بلا استثناء قد نفذ كذلك في مريم ابنة عمران وابنها عيسى وكانت مجرد امرأة مثل أي امرأة لقحت بحيوان منوي من رجل مجهول وحملت منه ابنها عيسى، الذي بدوره يصبح بشراً مثل كل بشر آخر. هل بشريته تلك ستجرده من نبوته وقداسته؟ ألم يكن إبراهيم أبو الأنبياء، وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وموسى، ومحمد بن عبد الله بشراً أنبياء؟

في هذه السردية، ستفقد مريم العذرية، ستمسي زانية. مريم ليست مثل رباح، حيث الأولى سيدة حرة شريفة من أصل ونسب بينما الأخيرة عبدة جارية غير ذات أصل ونسب. وفقاً لأعراف وتقاليد ذلك الزمان، أن تفقد المرأة الحرة عذريتها في غير زواج شرعي يجردها من الشرف بينما لا شرف للأمة والجارية، ومن ثم لا قيمة ولا ثمن لغشائها العذري. هي عبدة وجارية غير شريفة في جميع الأحوال، قبل العذرية وبعدها.

يبقى أن جميع الأنبياء كانوا من ذوي أصل وحسب ونسب، آبائهم أعلام معلومين. كيف إذن سيصبح الحال مع عيسى المجهول الأب؟ هل سيصبح ابن رباح آخر؟ وهل كان بمقدور بلال ابن رباح أن يصبح نبياً، حتى رغم ما قد يكنه له البعض من محبة وتقدير لتضحياته في نصرة الرسالة؟!



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وطن عربي حقاً؟
- وما نيل الأوطان بالتمني، لكنها تؤخذ غلابا
- أنا الإنسان، أنا الوطن: قصةُُ حياة 7
- أنا الإنسان، أنا الوطن: قصةُُ حياة 6
- وحي السماء
- قول الصدق
- أنا الإنسان، أنا الوطن: قصةُُ حياة 5
- أنا الإنسان، أنا الوطن: قصةُُ حياة 4
- سلام على إسرائيل
- أنا الإنسان، أنا الوطن: قصةُُ حياة 3
- أنا الإنسان، أنا الوطن: قصةُُ حياة 2
- أنا الإنسان، أنا الوطن: قصةُُ حياة 1
- أنا الإنسان، أنا الوطن: قصةُ حياة
- أنا الإنسان، أنا الوطن: خَلْقُ حياة
- كل شيء هادئ على البر الغربي للأحمر
- مقاربة جديدة إلى النكبة الفلسطينية في ذكراها السبعون
- الانتحار العربي في سماء نيويورك
- صراع السيسي وأردوغان على المنطقة
- القائد عبد الفتاح السيسي
- أسلمة السياسة، وتسييس الإسلام


المزيد.....




- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - ابن الله