|
لا تغيير على ملامح العام المقبل .
يوسف حمك
الحوار المتمدن-العدد: 6776 - 2020 / 12 / 31 - 18:04
المحور:
الادب والفن
في ختام كل عامٍ نقيم الموائد العامرة بالأطباق النفيسة ، و أصناف الأطعمة الدسمة ، و أنواع المشروبات الفاخرة . و في أجواءٍ رومانسيةٍ ساحرةٍ . متوهمين بأن القدر سيفتح لنا منفذاً على جدار القهر ، ليكون فسحة املٍ ، فنفك أحزمة الشقاء ، لمغادرة فضاء الإبادة و الإجتثاث و السحق و الاجتياح ... وصولاً إلى رصيف الأمان . متاملين بأن العام الجديد مقبلٌ إلينا بجناحين مثقلين بالنفع و الأمان .
غير أننا ننسى أو نتناسى بأن إرثاً ثقيلاً من الجهل المقدس المشبع بالأنانية و التخلف قد تجذرت في عقولنا منذ أربعة عشر قرناً ، و من سمه الزعاف تتجرع شعوب الشرق شراب الحزن و الجزع بكؤوس الويل و العذاب . تحبس أنفاسها في أجواءٍ مشحونةٍ بالرعب و الأرهاب و التهديد ... و لِمَ لا ؟! فالنوائب تتكدس أكواماً ، و الفاقة لهم بالمرصاد ، الجوع يهطل عليهم بغزارةٍ ، و حرمان آلاف العوائل من المأوى ، تهجيرٌ قسريٌّ ، و تشريدٌ متعمدٌ ، و قسوةٌ تتمادى ، المذلة باتت لهم ثقافةً راسخةً ، و الأوجاع من أولويات روتينهم ، كما المآسي في أوطانهم التي غدت بالنسبة لهم معتقلاً كبيراً .... و ناهيك عن القتل و الذبح كالأنعام بالجملة ....
منذ مئات القرون و قطار الأسى و الشقاء مازال يشق أرجاء الشرق المنحوسة دون توقفٍ ، ولا جدوى من محاولة إيقافه بفضل اعتراض الحكام الذين امتهنوا القتل و الدمار حرفةً ، كما فتاوى شيوخ الدين لإباحة الذبح و قطع الأعناق .... تحالفٌ وطيدٌ بين الفريقين لاصطياد الأرزاق ، و التلذذ برؤية اللحم المطحون بالدم وسيلةً لجمع الثروة و التربع على عرش السلطة ...
هؤلاء القادة و تجار الدين الملتحون المعممون هم وكلاء القوى العظمى ، يمشون أمام شعوبهم متغطرسين متكبرين ، و على بطونهم يزحفون صاغرين امتثالاً لأوامر أسيادهم في الخارج . النصوص المقدسة سلاحهم الفعَّال لإذلال شعوبهم و السكوت إزاء سطوتهم ، ولا مفر للخلاص ، و القدسية المزعومة تعشعش في عقولنا ، فترسم حدوداً ضيقةٌ لرؤيتنا . ولا مناص للإنقاذ و الأوطان رهينةً بين أنياب جبابرة القوى الكبرى ، و صراع طغاتها على اقتسامها ..
و علاوةً على ذلك فإن عامنا الحاليَّ تجاوز مما سبقه من الأعوام في الجناية متلبساً بالجرم المشهود ، فأقبل إلينا مجرماً بحمل فيروس الموت و الوباء ، و ها قد هَمَّ بالرحيل قاتلاً سفاحاً . عامٌ كاملٌ و هو يوزع الموت في كل أرجاء المعمورة شرقاً و مغرباً ، و ناهيك عن شل الحركة ، و إيقاف كل الأنشطة ، و الحظر على التجمعات ، حتى التعليم بات عن بعدٍ تحاشياً من بطش ذاك الفيروس السفاك ، و الاقتصاد بات في تراجعٍ مفزعٍ ....
قد نطوف في فضاء خيالنا ، و نحن نصوغ روائع الأفكار للابتكار و الإبداع ، لبناء القصور و ازدهار الأوطان ، فتتسع دائرة أحلامنا للاستنهاض و الانسلاخ من المهانة و الانقياد . غير أن موروثنا الفكريَّ السلفيَّ الكهفيَّ ، يظل عائقاً معانداً ، يبني سداً منيعاً بيننا و بين الحرية و الأمان و الحب و الجمال ...
و لكن ، جميلٌ جداً أن نتفاءل ، و لو للحظاتٍ وسط أجواء التشاؤم ، حتى لو كنا نتنفس تحت كومة الركام . و الأجمل أن نعيش بأحلامنا التي تمدنا بالأمل و التفاؤل . فالعظمة لكل قلبٍ مليءٍ بالحب و الجمال . و العزة لكل نفسٍ تتدفق منها اللطف و الحنو . و طوبى لكل روحٍ طافحةٍ بالإنسانية و حب الحرية . فكل عامٍ و نحن على قيد التفاؤل ، و عشق الحياة الآمنة .
#يوسف_حمك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
للمبادرين بالدخول إلى القفص الزوجيِّ .
-
و مازلنا نبحث عن ذواتنا التائهة
-
حينما يكذبون جهاراً و علانيةً .
-
العبرة بالخواتيم .
-
من تمنطق فقد تزندق !!!
-
نعمة مواقع التواصل مصدرٌ للإزعاج .
-
كانت راية الرسول سوداء ، و لواؤه أبيض .
-
مكر السياسيين و تجار الدين بات فاضحاً .
-
و يبقى الاشتياق للغائبين جارفاً .
-
الانغلاق المؤدلج آفة العقل .
-
شر بلية الغزاة و أذيالهم ، ما يضحك .
-
كونوا سنداً لصنع العباقرة .
-
المعرفة نتاج الخيال المترف .
-
هل الاستعمار أرحم من حكامنا ؟!!
-
أعيادكم ، و المآتم واحدةٌ .
-
السياسة و الدين وجهان للعملة ذاتها .
-
حروبٌ مدمرةٌ ، بدافع الحب اندلعت .
-
بالنهضة و البناء و الرفعة ، يفتخر المرء .
-
أحلام الخلافة أضغاث أوهامٍ .
-
أحلام السلاطين ، و أطماعٌ بلا حدودٍ .
المزيد.....
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
-
لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش
...
-
مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
-
مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|