أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسن مدن - بين التعددية والخصوصية














المزيد.....

بين التعددية والخصوصية


حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 6775 - 2020 / 12 / 30 - 00:17
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لا يمكن أن نتحدث عن خصوصية ثقافية خارج التعددية الثقافية، فالخاص يُعرف من خلال العام. ما من ثقافة منعزلة عن بقية الثقافات في العالم، حتى لو زعم أصحابها العكس، مُدعين نقاء ثقافتهم وأصالتها. وكما نتحدث عن تأثير ثقافة من الثقافات، ولتكن ثقافتنا العربية مثلاً، في ثقافات الشعوب والأمم الأخرى التي بلغتها، فبالمقابل يتعين الاعتراف بأن ثقافتنا نفسها تأثرت بثقافة الآخرين.
الثقافة كائن حي يتطور ويغتني بمؤثرات ومعارف جديدة باستمرار، بعضها آتٍ من دينامية التطور الذاتي الخاص بكل ثقافة حية، ترفض التحجر والانغلاق، وبعضها الآخر آتٍ من الثقافات الأخرى التي نتفاعل معها، خاصة في عالم اليوم الذي تقاربت فيه المسافات، وتداخلت به الأمم، وثقافتها أيضاً، بالنتيجة.
على هذا يترتب سؤال: ألا يوجد مكان لما يوصف بالخصوصية الثقافية في نظام متعدد الثقافات؟ إنه نفسه سؤال الهوية، فالكونية، وهي على كل حال فضاء أرحب وأوسع وأغنى من العولمة، لا تلغي تعدد الهويات في الإطار الكوني العام، وفي هذا، بالذات، يكمن الفرق بين بعض دعاة العولمة التنميطية، وبين الأفق الإنساني الكوني.
وإذا كان التنميط يفرض نمطاً ثقافياً وهُوياتياً واحداً على العالم، بغرض طمس ما فيه من تعدد في الثقافات ومن تنوع فيها، وهو تنوع قائم حتى في الثقافة الواحدة، فإن الأفق الإنساني الكوني يقر بالخصوصيات ، لكن في إطار ثقافة إنسانية شاملة تتكون من مجموعة روافد، يمثل كل رافد منها، ما درجت العادة على وصفه بالخصوصية. وهي خصوصية تنفرد بسمات يمليها سياق التطور التاريخي والتكوين النفسي للأمم، وأحياناً حتى تأثيرات الجغرافيا والبيئة المحيطة، لكنها أيضاً تلتقي مع الكوني في القيم والتعبيرات الشاملة، التي قد يكون لها صفة المطلق إزاء ما هو نسبي.
من حق أصحاب كل ثقافة، وبالتالي أصحاب كل هوية، لا بل ومن واجبهم أيضاً، الحفاظ على ثقافتهم وإحيائها، ومنعها من الذوبان والاندثار، لكن دون أن يقودهم ذلك إلى الانغلاق على الذات، وإغلاق النوافذ بوجه الرياح الطيبة الآتية إليهم من الثقافات الأخرى، فسلوك مثل هذا سيبقيهم هم وثقافتهم في العتمة. ما من ثقافة حية، وأصيلة، تخشى هبوب الرياح من الثقافات الأخرى. التفاعل والتحاور هما ما يغني الثقافات الوطنية والقومية، أما الانغلاق فهو الذي يقودها إلى التحجر والعزلة، وبالتالي إلى التراجع والتخلف.
كل الثقافات والهويات نسبية. المطلق هو الكوني والإنساني العام. وليس من شأن النسبي أن يتغلب على المطلق، ولا منطق في أن يعتبر معركته معه. النسبي يغذي المطلق ويتغذى منه، يأخذ منه ويعطيه. وحين يذود أهل ثقافة ما عن ثقافتهم لا يكونون بذلك يسدون خدمة لأنفسهم أو يؤدون واجباً مستحقاً عليهم فحسب، وإنما يسدون الخدمة ذاتها ويؤدون الواجب ذاته للثقافة الإنسانية الشاملة، لأن الرافد يغني النهر.



#حسن_مدن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إبداع الأمس.. إبداع اليوم
- جدل الدولة والأمة
- ذكي وحنون
- البابا ذو الخف الأحمر
- (وطن) الفلسطيني
- حداثات لا حداثة واحدة
- رفع الأشخاص على الأكتاف
- الأمية أنواع
- توليد الجدل
- لبنان وموسيقى تايتانيك
- غطرسة الثقافة
- سرفانتس العاشق
- تصدّع حوامل الحداثة العربية
- (كورونا) شأن سياسي
- أوهام ملفوفة بورق السيلفون
- قنابل شتاينبك الموسيقية
- حنين الكمنجات وحنينها
- فاطمة المرنيسي ونشيد النساء نحو الحرية
- في ذكرى صالح علماني مكتشف القارة اللاتينية
- مدافع الفكر بعيدة المدى


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسن مدن - بين التعددية والخصوصية