أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - من مذكرات امرأة متحرّرة -5-















المزيد.....

من مذكرات امرأة متحرّرة -5-


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 6748 - 2020 / 11 / 30 - 11:46
المحور: الادب والفن
    


ضعت في طريقي و أنا ذاهبة إلى لا شيء. لا أعتقد أنّني رسمت هدفاً حتى الآن. رحلتي كانت بدافع الهرب . لماذا أعاني ما دمت قادرة على اختيار طرق أخرى للحياةحتى لو كانت هروباً؟
لم أعد أختبئ بثيابي
أشعر بمتعة الضّياع
العالم هنا لا يؤنبّني
في كل نسمة هواء أعيش
عندما أتّعرى أشعر أنّي أنا
عندما أقهقه أشعر بي
عندما أغنّي أنسحب من الماضي
تكون الأغنية من كلماتي ولحني
إنني عالم كامل، فريق، قبيلة.
الأمر ليس صعباً. عليك فقط أن تختار
اخترت طريقي
لا زلت أحوم حوله ،
وأقبض على الرّيح
. . .
لن أقضي عمري هنا . عليّ أن أتصرف.
سوف أرسم خطّة للعيش. لا يوجد دفتر ولا قلم للرسم . وجدتها!
أمسكت بعود ، وبدأت أكتب على التّراب . شعرت بالمتعة ، لكنّ الخطّة لم تأت، كتبت قصيدة قصيرة أمجّد فيها نفسي:
حان وقت الاحتفاء بالذات يا هبة
ارقصي على نغمة الحياة
ابكي
اضحكي
احضني نفسك ، لن يحضنك أحد
عندما تعلين في المراتب ، تدخلين عالم المال و الأعمال
سوف يزحف الحق إليك
يتغزّل بك الشعراء
يبني لك أهل قريتك تمثالاً
يأتي زوجك يطلب المغفرة
الأمر بسيط يا هبة
سوف يكون العالم كالخاتم في اصبعك
فقط أعيدي تلافيف دماغك
لا تسمحي لأخد بغسله
. . .
كنتُ فرح، أصبحتُ مرح، و الآن اسمي هبة
أسمّي نفسي ما أشاء
ليس للأسماء ثمن
لا شيء يربطني بمعنى اسم ما،
ولا حتى بالعالم
العالم هنا من رسمي وتلويني
يمكنني أن أحدد الزمان والمكان
وحدي أرقص على صوت الليل
وحدي أبحث عن مستقبل
ووحدي سوف أصنعه
...
محوت القصيدة. الأمر سهل. مرغت التراب فوقها ونسيتها.
هل أستطيع الدخول يا ساحر؟
انظر إلي : أرفع السّياج هكذا و أدخل من تحته.
رافقْني في رحلة استكشافي للمكان.
يا للهول! يبدو المكان مهجوراً . إنني خائفة بعض الشيء. لا. لن أخاف، على ماذا
أخاف؟
أرى بئراً ، حوله شواهد قبور
وضعت فمي على فوهة البئر ، صرخت ، عاد الصدى .
قرأت الأسماء على القبور. كلّها أسماء فتيات وربما نساء.
سوف أقرأ اللوحة المكتوبة .
لا تقترب !
البئر ليس له قرار
خطر الموت!
في هذا البئر العميق تقيم مئات النساء اختصرنا أسماءهن بعشرة : عائشة، فاطمة، رقيّة، أسماء، ذات النطاقين، زينب، مريم ، سارة، سجود، وحفصة.
في هذا البئر تمّ غسل شّرف كلّ النّساء الآثمات، الزانيات في السّر، فتخلصت عوائلهن منهن هنا.
ماذا يعني هذا؟
هل أتيت إلى هنا كي أسقط في البئر ؟
ماذا تقول يا ساحر؟
خذني إلى مكان أكثر أماناً. لا أرغب بالموت، أحبّ الحياة!
سوف أقرأ اللوحة الأخرى المكتوبة على تمثال امرأة .
هنا كانت تعيش عاتكة -المرأة القاضي -التي كانت تحكم على الفتيات العاشقات بالرمي في البئر .
كان الأب أو الأخ يأتي بابنته ، أو أخته، و يأخذ حكماً شرعياً من عاتكة بالرمي في البئر، يقال أن عاتكة لها عقل رجل لذا فإنها كاملة العقل، و أحكامها نافذة. هي لا تحيض، ولا تلين في قضية الشّرف. استناها مجمع العلماء من الأنوثة !
هههههههه. مجمع العلماء لا علاقة له بالعلم ، هو مختص بفرج المرأة بقتلها، بجلدها، وكل الأحداديث في علومهم تتحدّث عن جسدها، وفتنتها. تباً لكم من علماء!
تبّاً لك يا عاتكة !
هل صدّقتِ قضيّة البنات العاشقات تلك؟ كيف تعشق الأنثى ؟
في قريتي العشق يعني الاغتصاب .
أكاد أقلب على قفاي من الضحك ، ف" جميع" بنات قريتي تعرّضن للاغتصاب . . . هههههه. سوف يقولون: ما أدراك؟ رجال قريتنا رصينون ذوو قيم و أخلاق!
صديقاتي في المدرسة الابتدائية تعرضن للتحرش من قبل أحد أفراد العائلة، أما أنا فقد تعرّضت للتحرش من الأقارب في العائلة، ومن أصدقاء العائلة. لم أكن أعرف أنّه تحرش ، كنت أبكي لأنّني مذنبة ، و أخشى أن أقتل في قضيّة شرف .
تباً لك يا عاتكة !
كنت تتسترين على القتل بحجة أنّك قاض . اليوم لا يحتاج الأمر إلى التّستر . يقتلون الفتاة في الشّارع، الحافلة، في المدرسة، ويقتلون الرّجل أيضاً. القتل هو سمة العصر .
تباً لك يا عاتكة !
أليس من الأفضل لك لو كنت ضحية على أن تصنعي تاريخاً من الجريمة بحق بنات جنسك؟
لولاك لما تجرّأ عليّ زوجي، ولما غسلوا دماغ ابنتي.
تباً لك يا عاتكة !
أنا هبّة التي سوف تفضح قصّتك ، وتطلب من النساء أن يرمينك بحجرات إبليس .
ساحر يهز ذيله بينما أذرف دموعي . أرى خيالاً أبيض قادم من بعيد . إنني خائفة . رجلاي لا تساعداني على الرّكض ، سوف يقبض عليّ. هو ملاك الموت. هل ملاك الموت يقوم بالتعذيب ؟ لا مشكلة لي مع الموت، أنا لم أعش أصلاً ، لكنني لا أحبّ الألم.
سوف أقاومه حتى لو كان ملاكاً ، ليكن، الموت واحد .
ابتسم الملاك لي ، أخافني أكثر، عندما كنت طفلة ، وبعد أن تحرّش بي زوج أختي كنت أراه في حلمي يبتسم لي فأبلل فراشي من الخوف. الملاك المبتسم مرعب.
لا أصدّق ما أراه. إنّه الأعرابي الذي قال لي تستّري، فرميته في الطّريق .
عرّف بنفسه : أنا متطوّع في مؤسسة الشّرف ، لا أؤمن بالقتل ، فليس في القتل نصّ شرعي. نحن نجلد فقط دون رحمة لو كان الحكم نافذاً. هنا ندرّب القضاة و المتطوعين. لقد أتيت برجليك.
بدأت تلافيف دماغي تعود إلى عملها. حتى لو غُسل الدّماغ يمكن أن يعود، أردت أن أراوغ، تجاهلت أنّني تعاركت معه: قلت له: أحتاج إلى طعام، و شراب، وفراش دافئ، وحمام. من الجيد أنني التقيتك . سوف نناقش معاً قصة الشّرف هذه، رأيت رؤيا أيها المحترم، أرسلني الله لك كي أنقل رسالة لك منه. رأيت الأنبياء في حلمي مجتمعين، وسمعت صوت الحبيب يكلّفني بالمهمة .
صدّق الرجل كلامي، ارتبك ، قرأته . نحن نحبّ الشّعوذة، ونخاف منها. سوف أستعمل كل الحيل كي أصل. عرفت الآن الهدف: كي أستطيع أن أفرض أمراً ما. عليّ أن أملك المال و السّلطة ، وعندما أملكهما أكون دائماً على صواب ، عندها سوف أكشف عن هذا المكان. الهدف ليس الجعجعة، بل الوصول إلى مركز ما بواسطة ما أملكه . لن أصرف وقتي في الثرثرة عندها، وسوف أقول دائماً : تباً لك يا عاتكة!
أكملت حديثي: هل سمعتَ بالمجدلية؟ أنا أختها في الرّضاعة . .



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من مذكرات امرأة متحرّرة 4
- من مذكرات امرأة متحرّرة -3-
- من مذكرات امرأة متحرّرة -2-
- من مذكرات امرأة متحرّرة -1-
- نسويات
- المعاناة
- رحلة البحث عن السعادة
- من أين أتت تغريدات ترامب الروحانية
- من غرفة العلاج الكيماوي
- حول دفء العلاقة المزيّف
- إلى ابنتي سيناء في يوم مولدها
- أمازون في السويد
- ترامب ، أم بايدن؟
- جميعهم يقلّدون أبطال الأساطير
- الدين، العلم، والأرهاب
- رسالة إلى السّرطان
- شعار - أمريكا أولاً-يتراجع
- لا تستسلم للحنين
- ظاهرة ترامب مستمرة حتى لو لم يربح
- الانتخابات الأمريكية


المزيد.....




- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - من مذكرات امرأة متحرّرة -5-