أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - من مذكرات امرأة متحرّرة 4














المزيد.....

من مذكرات امرأة متحرّرة 4


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 6747 - 2020 / 11 / 29 - 13:16
المحور: الادب والفن
    


أنظر إلى الاتجاهات الأربع ، يظهر أمامي طريقان ، سهم إلى اليمين،و آخر إلى الشمال. تقع المزرعة الخاصة على اليمين ، قليلاً إلى اليسار توجد لوحة مكتوب عليها : لا تقترب! خطر الموت. أمسكت بوردة شائكة ، بدأت أنزع أشواكها و أنا أردد إلى اليمين أم إلى إلى اليسار ، رست آخر شوكة إلى اليسار. اختارت لي ما يدعى خطر الموت.
قرأت هذه العبارة منذ طفولتي ،
أردت أن أعرف السّر،
فهنا توتّر عالي خطر الموت، وهناك مزرعة وحوش هي خطر الموت. لم تحدد اللوحة ما هو خطر هنا. فلأبدأ الرحلة إذاً !
شيء ما يضحكني، كأنني لست أنا!
ما لك يا مرح تضحكين؟
هل تحدثينني يا أنتِ؟ إنني فرح!
بل مرّح!
فلتخسأ ذاتي المغامرة، التي بدّلت لي اسمي في ثانية.
إذن سوف أكون مرح. أنا لست تلك المرأة التي كانت في ذلك الزمان، بل هذه التي تقف هنا. أسير في طريق خطر الموت الجميل، الهدوء يلف المكان، وعلى طرفه يوجد سياج ، له بوابة ، يجلس قرب البوابة كلب حراسة كبير أمامه صحن نظيف مليء بالطعام .
أسندت كتفي إلى البوابة . كان الكلب منبطحاً ، يفتح فمه. قلت له بصوت ناعم : مرحبا.
أجاب بهدوء: وو .
كأن أحد يكركرني ، لا أتمالك نفسي عن الضحك .
اسمع يا كلب. اسمي مرح. أنا جائعة وعطشى. هل يمكن أن أتناول من صحنك بعض الطعام؟ اعتقدت أنه وافق ، مددت يدي تناولت الطعام والشراب .
لقد شبعت الآن . سوف أنام قليلاً بحراسة الكلب أمام السياج.
أشعر بالبرد، لكنّني تعبة يغلبني النعاس . نمت الليل كلّه ، شعرت بالحرارة في جسدي، فتّحت عينيّ، رأيت الكلب يغطيني بجسده الدّافئ، عندما استيقظت قام ، وعاد إلى مكانه .
في داخلي امتنان للحياة
عرفتني الحياة على كلب شهم
أحاطني بعنايته
اليوم فقط رأيت أنني أستحق العيش ، لكن لماذا أستحق؟
نستحق أن نعيش الحياة مثلاً لأننا خلقنا كي نعيش ، و أن يكون نوع عيشنا مقبولاً
كل ذلك بسبب كلب أدفأني في ليلة باردة .على كل حال . كنت قد مللت من مهنتي ، فمنذ ولدت و أنا أتعلّم كيف أقدّم الطاعة، ثم تعلّمت أن أكرّر أعمال المنزل كل يوم مجاناً طبعاً .
كأنني أناقض نفسي، فلطالما تمنيت أن أتزوج. شعرت بالعنوسة في سن العشرين ، تزوجت في الثانية و العشرين، كنت أشعر أن الجميع يراقبني عندما آكل ، وكأنّهم يقولون لي : أنت معتوهة. لماذا لم يطلبك أحد للزواج؟
عندما طلبني زوجي لم أصدّق أن المنقذ قد أتى . كدت أطير من الفرح. سوف أصبح سيدّة محترمة، انتظرت أن يحملني و أنا بفستان الزفاف بين يديه ، وتكون الأمور رومانسية. للأسف لم يجلب لي فستان زفاف .
في تلك الليلة اعتقدت أنني في الجنّة مع أنه كان نائماً حتى الصباح:
غداً سوف يقول لي حبيبتي، وهو خارج
سوف أودّعه بقبلة
إنّه حبيبي
هو مسكين لم ير أفلام الحبّ، ولم يقرأ قصص الرومانسية
أعذرك حبيبي كيفما تصرفت
خلقت كي أسهر على راحتك أيها الغالي
أشعر أن من حقّك عليّ أن أقبّل رجليك.
لقد خلصت من الذّل، حيث كانت تترك لي زوجة أخي صحون الجلي كلها، أقف على المجلى ساعات. قلت له مرّة حبيبي عندما عاد من عمله. نظر إلي بطرف عينه، وقال: كفاك مراهقة! اجلبي لي طعام الغداء، وعندما جلبته رمى بصحن الطّعام في وجهي، أرسل خلف أمه . قال لها: علميّها كيف تطبخ. قالت له أمّه: النساء كالأحذية يمكنك تبديلها متى شئت . اعتقدت أنّني أستحق، فلو كان راض عن أدائي لم يفعل ذلك ، كلام أمّه سيء، لكنّه حقيقي. اعتذرت منه، ووعدته أن آخذ درساً في الطبخ بإشراف أمّه. أمهات الشباب يرغبن بفتاة تسهر على راحة ابنهن، فهنّ قد حضّرنه ليكون رجلاً، وكلما كان صارماً مع زوجته ارتفع مستواه في عين أمّه بالعكس تماماً مما كانت توصيني به أمي. كانت تقول لي: عليك أن تعبدي زوجك .
أقف الآن على تلة صغيرة تبعد عن السّياج قليلاً . حتى الآن لم يقابلني خطر الموت. أشعر ببعض الجوع. سوف أذهب إلى قرب السّياج ، قد يكونوا جددوا طعام كلب الحراسة.
عندما رآني الكلب ابتسم، دفع صحن الطعام بيده فشاركته ممتنة له.
أتدري يا كلب ؟ أنت مدرسة في الأخلاق . لم أكن أعرف طعم الحياة إلا بعد أن رأيتك.
جلس الكلب، وكأن حديثي طاب له.
عندما حدّثت الكلب عن خضوعنا للقوة
هز ذيله و ابتسم
عندما حدّثته عن اختيار النّساء للعبودية، وقف على قدميه الخلفيتين، اتجه جهة السماء ، عوّى طويلاً ، فهمت منه أنّه يعاتب أحداً ما يسكن في السّماء.
عندما أخبرته عن عروس زوجي . نام على ظهرة فرأيت أعضاءه التناسلية .
كدت أدير وجهي كي لا أخجل، لكنّه كان يداعب نفسه فصفقت له.
لا أشعر هنا بالغربة، لكنني أشعر بقلة الحيلة. علي أن أجد عملاً، كي أعيش.
هل أجيد عملاً ما؟
لا أجيد سوى التنظيف، والدوران حول نفسي، فقد كان عملي في الطفولة أن أتعلم كيف أكون امرأة مطيعة، وبعدها أصبح عملي مكرّراً إلى حد الملل.
سوف أسميك ساحر أيها الكلب اللطيف. بوجودك لا أشعر بالغربة. اسمع يا ساحر. لا زلت أتمنى أن ألتقي برجل أحبّه ويحبني. لن يأتي طبعاً اليوم ولا غداً، فأنا في وضع لا يسمح لأحد بحبي، ثم إن الحب ليس إلا الشهوة، هناك حبّ آخر يتضمن الشهوة، ونية الاستمرار.
منذ الطفولة، و أنا أحسد أم نذير الدّاية . جلستها ممتعة، وزوجها يبدو كرجل حقيقي ، تترك له دور الرجولة، يذهبان متعانقان إلى البيت ، بعد عشرين سنة زواج استمرّ الودّ بينهما. أهل الحيّ يتهامسون عليها، يقولون: يحبّها لأنّها تعيله. ما المانع؟ ليتني أملك عملاً ، يحبني رجل و أعيله. أليس كذلك؟
لو امتلكت مهارة عمل لشعرت بأنوثتي أكثر مثل أم نذير الدّاية. هي ورثت المهنة عن أمّها ، هذا يعني أنّ أمها ليست مثل أمّي، كما أنّ أبا نذير ورث الرّجولة عن أبيه ، فقد كان أبوه معروفاً بتعامله الحسن مع زوجته، لم يتزوج عليها عندما مرضت ، أحاطها بالعناية حتى ماتت. كم من الرجال و النساء ورثوا عاداتهم عن والديهم؟ ربما قلة قليلة.
كأن حديثاً كان مملاً . نام ساحر، وضحكت كثيراً لأنّني كنت أحدّث نفسي.



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من مذكرات امرأة متحرّرة -3-
- من مذكرات امرأة متحرّرة -2-
- من مذكرات امرأة متحرّرة -1-
- نسويات
- المعاناة
- رحلة البحث عن السعادة
- من أين أتت تغريدات ترامب الروحانية
- من غرفة العلاج الكيماوي
- حول دفء العلاقة المزيّف
- إلى ابنتي سيناء في يوم مولدها
- أمازون في السويد
- ترامب ، أم بايدن؟
- جميعهم يقلّدون أبطال الأساطير
- الدين، العلم، والأرهاب
- رسالة إلى السّرطان
- شعار - أمريكا أولاً-يتراجع
- لا تستسلم للحنين
- ظاهرة ترامب مستمرة حتى لو لم يربح
- الانتخابات الأمريكية
- - ليالي الموت في فيينا-


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - من مذكرات امرأة متحرّرة 4