ليلة الضرب : ظهور تفاصيل عملية التطهير في فندق الرِيتز- كارلتون الرياض

حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي
(Hussain Alwan Hussain)

الحوار المتمدن-العدد: 6738 - 2020 / 11 / 20 - 08:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

حصرياً : بعد ثلاث سنوات ، كَشَفَ بعض المعتقلين السعوديين عن تفاصيل ما جرى لهم
بقلم مارتن تشولوف ، مراسل الشرق الأوسط للغارديان
الغارديان : الخميس 19 نوفمبر 2020
في أوائل شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من عام 2017 ، تم القبض على ما يقرب من 400 من أقوى الشخصيات في المملكة العربية السعودية ، و من بينهم الأمراء و كبار رجال الأعمال و الوزراء ، و احتجزوا في فندق ريتز- كارلتون الرياض ، فيما أصبح يُعرف بأنه أكبر عملية تطهير و أكثرها إثارة للجدل في تاريخ المملكة الحديث .
هزت تلك الاعتقالات أسس المجتمع السعودي ، حيث تحول على الفور رجالات الدولة الذين لا يمكن المساس بها إلى أهداف للاعتقال . و تم الضرب عرض الحائط بالاعتبارات الأميرية ، و الاستيلاء على الأصول المالية ، و اسقاط الإمبراطوريات التجارية . لقد تمزق الاتفاق التقليدي القائم بين الدولة السعودية و النخبة الاقتصادية المؤثرة بين عشية و ضحاها .
الآن ، كشفت الشخصيات البارزة التي تم القبض عليها في تلك الاعتقالات عن تفاصيل ما قالوا إنه قد حصل لهم . المعتقلون السابقون ، و الكثير منهم جُرّدوا من ثرواتهم ، يصورون مشهدًا للتعذيب و للإكراه يقوده مستشارو الديوان الملكي في محاولات فوضوية لفهم الاستثمارات وراء ثروة العائلات الأكثر نفوذاً في المملكة ، و من ثم الاستيلاء على ما يمكنهم العثور عليه .
روايات ما حدث في فندق الريتز ، والتي تم تقديمها من خلال وسيط ، مصدرها هو بعض كبار رجال الأعمال السعوديين ، الذين يزعمون بأنهم قد تعرضوا للضرب و للترهيب من قبل ضباط الأمن ، تحت إشراف وزيرين ، و كلاهما من المقربين من الشخص الذي أمر بالتطهير : ولي العهد محمد بن سلمان. يأتي هذا الكشف في الذكرى الثالثة للتطهير و ذلك قبل انعقاد قمة مجموعة العشرين في الرياض في نهاية هذا الأسبوع ، و الذي حولته جائحة كوفيد - 19 من حدث عالمي إلى ندوة عملاقة عبر الإنترنت . الأمير محمد - الحاكم الفعلي - سيواجه أيضًا اعتبارًا من كانون الثاني (يناير) رئيسًا أمريكيًا جديدًا من المرجح أنه سيتجنب منحه الغطاء الشامل الذي توفره له الآن إدارة ترامب الحالية ، لصالح اتباع نهج أمريكي أكثر تقليدية يهتم بقضايا حقوق الإنسان. و لا تزال المدافعات عن حقوق المرأة بقيادة السيارات في السعودية – و من بينهم لجين الهذلول – يقبعن في السجن بالرياض رغم حملات المطالبة بإطلاق سراحهن . فقد تم نشر علامة على القمة موضوعها تمكين المرأة ، على اعتبار أنها مناسبة للحث على تقديم الرأفة ، لكن المسؤولين السعوديين ظلوا غير مبالين بها .
غالبًا ما كانت اعتقالات فندق ريتز - كارلتون تبدأ بمكالمة هاتفية ، لاستدعاء الأهداف للقاء الأمير محمد ، أو الملك سلمان نفسه . في حالة أخرى ، قال اثنان من رجال الأعمال البارزين إنهما قد طُلب منهما الاجتماع في منزل ما وانتظار انضمام مستشار من الديوان الملكي إليهما. وبدلاً من ذلك ، فقد ظهر لهم مسؤولو أمن الدولة ، و أدخلوهم إلى السجن من فئة الخمس نجوم ، حيث كان الحراس وكبار المساعدين ينتظرون .
وقال مصدر مطلع على ما حدث : "في الليلة الأولى ، كان الجميع معصوبي الأعين ، و تعرض الجميع تقريباً لما تسميه المخابرات المصرية بـ " ليلة الضرب ". "سُئل المعتقلون عما إذا كانوا يعرفون سبب وجودهم هناك . لم يكن أحداً منهم يعرف ذلك . تعرض بعضهم للضرب المبرح . بعضهم قيدوا بالجدران ، و تركوا في أوضاع مجهدة استمرت لساعات ، و كان كل من قام بالتعذيب هم من السعوديين .
"لقد تم تصميم ليلة الضرب الأولى لتليينهم . ثم في اليوم التالي : وصل المحققون ".
بحلول ذلك الوقت ، تم فصل المحتجزين في غرف في الفندق الذي كان قبل عام واحد فقط مكانًا لإطلاق خطة الأمير محمد الطموحة المسماة : "رؤية 2030" - الإصلاح الشامل للمجتمع السعودي الذي كان من المفترض أن يفتح الدولة المتحجرة على العالم الذي كان حتى تلك النقطة مفتوناً باتساع نطاق إصلاحاته الموعودة .
و قال مصدر عن المحققين : "هناك اعتقاد خاطئ بأن المحققين قد اكتشفوا كل شيء وفق كشوفات للبيانات والمعلومات". "لم يفعلوا ذلك . في الواقع ، كانوا يعرفون القليل جدًا ، و كانوا يتلقطون المعلومات على الطاير عنها . صحيح أنهم كانوا على اطلاع بشأن الأصول السعودية للمعتقلين ، لكنهم كانوا ميؤوسًا منهم بالنسبة للأصول الخارجية ".
تحدث بعض المعتقلين عن تعرضهم للتهديد بكشف المعلومات الحساسة عنهم ، مثل علاقاتهم خارج نطاق الزواج ، أو التعاملات التجارية التي لم تكن لتنال الموافقة حتى في ظل النظام العتيق . لم يتم تسريب أي شيء من ذلك ، لكن التفاصيل القليلة التي ظهرت قد أعطت أهمية للمكالمات التي بدأ يتلقاها إبراهيم ورده - الأستاذ المساعد في التمويل الدولي في كلية فليتشر بجامعة تافتس في الولايات المتحدة - في منتصف عام 2017 من طلاب سابقين له يسألون عن الشخصيات السعودية البارزة من رجال المال الذي كان قد درس استثماراتهم .. لقد شعر بأن شيئًا كبيرًا يلوح في الأفق في الرياض ، و كان على حق.
قال: "لقد انتهى المطاف بالعديد ممن تخرجوا من صفي إلى عالم التجسس المالي". "وبقيت أتلقى طلبات غريبة من بعضهم حول هوية من كان متورطًا في العديد من عمليات الخداع المالي . و أصبح من الواضح لي أنهم كانوا يعدون التقارير للشركات التي كانت تعمل لصالح السعوديين في الوطن ".
فاجأ عدم فهم المحققين للهياكل الاستثمارية بعض المعتقلين الذين تم استجوابهم . وقال المصدر المطلع على الأحداث داخل فندق ريتز : "كان هؤلاء يلجؤون للتخمين بصدد صافي ثروة المعتقلين ". "لقد كانت عملية ابتزاز. و في مرحلة ما ، سمحوا للأشخاص بالوصول إلى رسائل البريد الإلكتروني والهواتف الخاصة بهم و طلبوا منهم الاتصال بمديري العلاقات [المصرفية] في جنيف و طلب تحويل مبالغ كبيرة من المال . و قد تم الرد على المتصلين بأنه لا توجد أرصدة في حساباتهم . هنا ، تصور [المحققون] بأن جميع الأصول كانت نقدية و ليست حسابات مصرفية .
و ". قال مصدر مصرفي كبير ، رفض الكشف عن اسمه ، إن المديرين التنفيذيين في القطاع المصرفي السويسري بدأوا تحقيقاً في أعقاب المعاملات غير المنتظمة التي تمت في وقت تلك الإجراءات الصارمة. و يبدو أن الكثير من عمليات النقل هذه قد تمت تحت الإكراه . و لقد تم إيقاف البعض منها لأن الطلبات لم تكن روتينية ، لكن البعض منها نجح في التنفيذ ".
و قال العديد من المحتجزين لمساعديهم إنهم ما زالوا في حيرة عن السبب وراء اعتقالهم هم بالذات هناك . كان بعضهم من المقربين من النظام الملكي السعودي على مدى أجيال ، و استفادوا من مكانتهم هذه في الوصول إلى الملوك و الأمراء الذين ما كانوا ليخجلوا من تنمية قادة الأعمال من خلال الوساطة و الأريحية في منح العقود . و يتمتع جميع أفراد العائلة المالكة السعودية بعلاقات مع العائلات الصناعية الكبرى و كانت الرعاية السياسية محورية في اتمام الصفقات . و قال المصدر: "هذه ملكية مطلقة ، مما يعني أن القادة يمكنهم فعل كل ما يريدون". "و لقد فاز الناس بالمزايا من خلال ترسخ مثل هذه العادات في المملكة ".
و في الكثير من الأحيان ، لم يكن لدى المحققين أدنى فكرة عما كانوا يبحثون عنه . و تحول التحقيق إلى الابتزاز المفضوح في بعض الأحيان ، لأن بعض المعتقلين رفض التوقيع على أي شيء . لم تكن هناك أي إجراءات قانونية واجبة الاتباع في التحقيق حيث لا وجود لشيء من قبيل "صفقة الاعتراف" في نظام العدالة السعودي ، لكن هذا ما كانوا يحاولون فرضه ".
بعد ثلاث سنوات ، لا يزال الأمير محمد يصر على أن كل من جُرِّدوا من الثروة كانوا مذنبين بالفساد . و يقول المسؤولون السعوديون إن ما يصل إلى 107 مليارات دولار (80 مليار جنيه إسترليني) قد تم استردادها من 87 شخصًا و إعادتها إلى الخزانة السعودية . و لقد حظيت تلك الاعتقالات بتأييد واسع بين أوساط من المجتمع السعودي ، حيث لا يزال ولي العهد يتمتع بشعبية على الرغم من مضي ثلاث سنوات ملآى بالعناوين المؤذية المرتبطة به ، بما في ذلك مقتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي ، الذي نفذته في اسطنبول فرقة اغتيال مرتبطة بالمساعد السابق للأمير محمد .
و قالت المصادر التي تحدثت إلى الغارديان إن المبلغ الذي تم ضبطه كان أقرب إلى 28 مليار دولار ، و زعمت أن التطهير قد جاء على حساب خرق الثقة بين النظام الملكي و مجتمع الأعمال السعودي .
كان الأمر يتعلق بشكل واضح و بسيط بترسيخ حكم محمد بن سلمان . حصل ذلك قبل اقتراف فظاعة مقتل خاشقجي ، و بسبب حقيقة أنه قد استطاع الافلات من العقاب بخصوص تصفيات الريتز ، فقد أتاح ذلك له اقتراف جريمة الاغتيال التالية . فنفس الحراس المتورطين في الريتز تورطوا في اغتيال جمال خاشقجي . و قال أحد المصادر إن التاريخ لن يكون متسامحاً مع محمد بن سلمان في أي منهما.
و قال ورده : “عادة ما تكون مبادرات مكافحة الفساد ذات دوافع سياسية باستخدامها كأدوات لإقصاء أولئك الذين أثروا . أنها توفر قوائم انتقائية لأولئك الذين تم إثرائهم و تلك حالة واضحة على التقاطع بين المال و السياسة في العالم الإسلامي ".

#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)       Hussain_Alwan_Hussain#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل