الشيوعية العمالية : هَوَس التفتت و تفتيت الحركة الشيوعية 2-20

حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي
(Hussain Alwan Hussain)

الحوار المتمدن-العدد: 6686 - 2020 / 9 / 24 - 04:18
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    

ثانيا / تأسيس الحزب الشيوعي العمالي الالماني
كان الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) هو أكبر الاحزاب السياسية في ألمانيا وأنجح حزب اشتراكي في العالم خلال العقد الذي سبق اندلاع الحرب العالمية الأولى . و رغم اعترافه الرسمي بكونه حزباً ماركسياً ناشطاً في الأممية الثانية ، إلا أنه تحول تدريجياً إلى حزب إصلاحي ينبذ مبدأ الثورة البروليتارية و يهادن المصالح الرأسمالية . و عند اندلاع الحرب بين الدول الرأسمالية الاوربية المتصارعة فيما بينها على نهب المستعمرات في عام 1914 ، فقد صوّت أعضاء الحزب الاشتراكي الديمقراطي في الرايخستاغ لصالح اعتماد التخصيصات المالية لدخول المانيا في حرب النهب الامبريالي هذه لتسحق في أتونها الطبقة العاملة الاوربية التي لا مصلحة لها في الحرب عبر ضرب بعضها ببعض . و قد تسبب هذا الموقف الخياني ضد وحدة مصالح الطبقة العاملة الاوربية ككل بانشقاق الجناح اليساري في الحزب الاشتراكي الديمقراطي ليشكل الحزب الاشتراكي الديمقراطي المستقل لألمانيا (USPD) و كذلك رابطة السبارتاكيين . و عندما اندلعت الثورة في نوفمبر 1918 لتعم جميع أنحاء ألمانيا ، وحّد الشيوعيون الالمان بقيادة كارل ليبكنخت و روزا لوكسمبورغ هذين التنظيمين ليشكلوا الحزب الشيوعي الألماني (KPD) في مؤتمره التأسيسي الذي انعقد في برلين خلال الفترة من 30 كانون الأول / 1918 - 1 كانون الثاني / 1919 .
التزم الحزب الشيوعي الألماني بشعار إقامة الثورة البروليتارية في ألمانيا ، واستمرت محاولاته للسيطرة على الحكومة خلال عامي 1919 و 1920 . ولكن الحكومة الألمانية الاشتراكية الديمقراطية (رفاق الأمس) الجديدة ناصبت العداء لسياسة الثورة الاشتراكية التي وضعها الحزب الشيوعي الألماني ، فشكل وزير دفاعها "غوستاف نوسكي" من قدامى المحاربين الذين تم تسريحهم في الحرب العالمية الأولى مجاميع من الكتائب شبه العسكرية المناهضة للشيوعية ، أطلق عليها اسم "فريكوربس". و عندما اندلعت انتفاضة السبارتاكيين الموءودة في برلين في كانون الثاني 1919 ، تم القبض على ليبكنخت ولوكسمبورغ من قبل أفراد هذه المليشيا وقتلا بأسنة حراب البنادق .
بعد فشل الانتفاضة ، تشكل في ضوء إحباطاتها الرهيبة جناح متطرف في الحزب الشيوعي الألماني يرفع الشعارات التالية المضادة للبرنامج السياسي المصادق عليه ديمقراطياً في المؤتمر العام للحزب الشيوعي الألماني :
• الإلغاء الفوري للديمقراطية البرجوازية وإقامة دكتاتورية البروليتاريا (كيف في ضوء الشعارات الرنانة الآتية ؟)
• رفض الثورة بقيادة الحزب الشيوعي وفق النموذج البلشفي ؛
• الرفض التام للشكل اللينيني للتنظيم و كذلك للديمقراطية المركزية ؛
• عدم الاشتراك في الانتخابات البرلمانية ؛
• رفض النشاط داخل النقابات العمالية القائمة .
و لكون الشعارات أعلاه تنسف من الجذور البرنامج السياسي المقر ديمقراطياً في الحزب ، و لكونها غير قابلة للتنفيذ في ضوء توازن القوى القائم وقتئذً على الأرض ، و لأن من شأنها تكبيل الحزب الشيوعي الألماني بالقيود الخانقة في نشاطه السياسي الحثيث للتحول إلى حزب ديمقراطي جماهيري (و هذا ما سيحصل بعدئذ) حسب المبدأ الماركسي "الديمقراطية هي الطريق للاشتراكية"؛ فقد اتخذ الحزب الشيوعي الالماني بقيادة "بول ليفي" - في مؤتمره المنعقد بهايدلبرغ خلال الفترة من 20-23 تشرين الاول ، 1919 - قراره بطردهم من الحزب . و بعد مضي بضعة أشهر ، في 4 نيسان من عام 1920، أسس هذا الفصيل أول حزب شيوعي عمالي (KAPD) في العالم .
يتبع ، لطفاً .

#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)       Hussain_Alwan_Hussain#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات