أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علوان حسين - الحور العين / 3-3














المزيد.....

الحور العين / 3-3


حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)


الحوار المتمدن-العدد: 6526 - 2020 / 3 / 30 - 17:28
المحور: الادب والفن
    


انقضت سنوات ثلاث من مدة محكومية داشر ، لم يفوّت الشيخ عبد الباري ليلة واحدة منها دون أن يمضيها باللواط به و التمتع بتلمس و مصمصة و قرص و عض كل أجزاء جسده مثل ديدن الضباع . و لم يكن الشيخ يشبع البتة من مجامعته ، متفنناً في اختراع الأوضاع التي بات داشر يحفظ أرقامها عن ظهر قلب . و شيئاً فشيئاً ، بدأ داشر يستجيب لدفئه و رقته و حنانه ، فغدى مخنثاً تماماً .
في ضحى اليوم الأول من الأسبوع الأول من السنة الثالثة في السجن ، استدعى الشيخ عبد الباري داشراً من المطبخ ، وقال له :
- أبشّرك أيها الحبيب أن أمر العفو عمّا تبقى من مدة محكوميتك قد صَدَر ، و سيتم أطلاق سراحك صباح بكرة بالتأكيد .
- بشَّرك الله بالخير ! إنني أكاد لا أصدّق هذا ! هل أنت متأكد ؟
- أكيد ، و رب الكعبة . إذهب الآن و أبدل ملابسك و استحم و تعطّر و التحق بي في خلوتي ؛ سأقفل علينا المصلى من الآن حتى صباح يوم بكرة لنستكمل مقتضيات جهاد النكاح في دار الحرب هذه !
- و ماذا عن إقامة فريضة الصلوات ؟
- يا حبيبي : هذه دار الحرب ، و المؤمن الحقيقي لا يترك الجهاد وسط المعركة لإقامة الصلوات ، فللضرورة أحكام واجبة التطبيق ! عجّل أيها المجاهد الصنديد !

خرج داشر من السجن و بجيبه مبلغ محترم مع رسالة توصية من الشيخ عبد الباري للشيخ هاني في بلدة الرقة حيث تحكم داعش .
في الرقة ، استقبله الشيخ هاني أفخم الاستقبال ، و أولم له ، ثم ضمّه إلى حريم فروخه الخمسة و الخمسين .
بعد مضي أربعين يوماُ ، أبلغه الشيخ هاني بأن مجلس الشورى قد صادق على توصية الشيخ عبد الباري بتعيينه ذبّاحاً للدولة الإسلامية تحت إمرته .
و هكذا صار داشر الملثَم يضرب رؤوس الرجال و النساء في الساحات العامة و أقبية المعتقلات .
بعد مضي ثلاثة شهور ، احتلَّ الدواعش مدينة داشر ، فسارع الأخير بالانتقال إليها .
طرق على باب دار أبيه ، فخرج له رجل طاعن في السن . سأله عن أبيه ، فأبلغه بوفاته منذ أكثر من عامين . ثم سأله عن شزنة ، فأبلغه بأنها هي التي أصبحت المالكة للدار التي يستأجرها منها الآن ، و هي أيضاً مسؤولة تجنيد طالبات الإعداديات و الكليات لجهاد النكاح زرافات و وحداناً و اصدار جداول الخفارات الليلية و النهارية لمواعيد نكاحهن مع أفواج الجهاديين ساعتين لكل واحدة منهن ؛ كما و تشتغل في أوقات الفراغ عضّاضة للمتبرّجات في أسواق المدينة . سأله عن الشيخ طقعان ، فأعلمه بكونه قد أصبح الآن نائب أمير داعش الجديد للبلدة . فار الدم برأسه و كزَّ على أسنانه ، ثم شكره و ودّعه .
انتقل لباب الدار الملاصق لدارهم ، دار حبيبته حنان . طرق الباب ، فطلعت عليه أمَّها "فخرية" ، التي سارعت لمعانقته و تقبيله مترحّمة على روح الشهيدة أمّه صديقتها . سألها عن حنان ، فأجهشت بالبكاء ؛ ثم كفكفت دموعها و أبلغته بصوت متهدج بأنها قد انتحرت برمي نفسها من فوق الجسر وسط نهر دجلة عندما سمعت بالحكم عليه بالسجن سبع سنوات و نصف . ثم طلبت منه التفضّل بدخول الدار لأخذ قسط من الراحة و شرب الشاي ، فأعتذر . عندها قالت له مستأذنة :
- دقيقتان و أعود إليك ، فلك عندي أمانة ثقيلة علي .
عادت فخرية و هي تحمل كيساً أسود دفعته إليه قائلة :
- في يوم انتحار المرحومة المشؤوم ذاك ، دخلتُ غرفتها ، فوجدت على سريرها هذا الكيس و فوقه رسالة تشهد بأن المبلغ المحفوظ في الكيس هو أمانة برقبتها لك . تفضّل استلم : مليونين و مائتين و ثمانية آلاف دينار بالتمام و الكمال . عِدَّها و قارنها بجدول المرحومة لمبالغ و تواريخ الإيداعات المرفق بها كي تتأكد من صحتها ؛ و هذه هي رسالتها ، و ما على الرسول إلا بالبلاغ المبين .
تلقّف داشر الرسالة بأطراف أنامله كمن يخشى خدشها ، و شمّها ، فحيّاه عطر الخزامى لحنان . أجهش بالبكاء و جلس القرفصاء ، ثم تقيأ و تقيأ و تقيأ . دعته فخرية ثانية للدخول و غسل وجهه و شرب بعض الماء ، فرفض . ثم كفكف دموعه بمنديله الأزرق المقلّم النظيف و هو يقول لها :
- سأحتفظ بهذه الرسالة معي ؛ أما المبلغ فهو هديّة منَي لك تيمُّنا بذكرى المرحومة حنان الماجدة التي كانت أجمل شيء في كل حياتي .
بكي الاثنان ثانية ؛ ثم شكَرَ داشر أم حنان ، و ودّعهاً دون أن يكفكف دموعه .

ألحقت كل هذه الأنباء الحزينة أبلغ الإحباط و القهر بداشر ، فغلّفت روحه ظلمات الكآبة و استبدت به ثم استفحلت . و سرعان ما بات بَرِماً بكل الحياة ، فراح يلعن في سره ليل نهار زيف و ألاعيب و أحابيل و حقارات و غدر و ظلمات هذه الدنيا الخدّاعة . ثم عقد العزم على اللحاق بشهيدة الحب حبيبته الماجدة حنان في الجنّة بأسرع ما يمكن ، فتطوّع مع من يُسمَّون بالانغماسيين . ربطوا له حزام عبوات السيفور الشديدة الانفجار و المثقلة بالمسامير و كريّات الرصاص على صدره ، و فجّر نفسه وسط نقطة سيطرة للجيش و الشرطة العراقية شمال بغداد ، فتمزّق إرباً إربا هو و رسالة حنان المحفوظة فوق قلبه .

بعد بعثه في جنّة الآخرة ، طلب داشر من الخازن تزويجه بحبيبته حنان ، فقال له بأنها قد أودعت في النار لانتحارها . بكى و تقيأ كثيراً . ثم طلب تزويجه بالحور العين لافتضاض بكاراتهن فاكهاً أخيراً وفاءً لوعد الله لعباده المؤمنين الجهاديين .
جاءته ثنتان من الحور العين ، و كلتاهما تمتلكان وجه شزنة بدمها و لحمها و أسنانها الطويلة المدبّبة الحادة ، فانتفض داشر من مكانه قائماً و تناول سكيناً و هتف فيهما :
- يا شزنَتَي الجنّة من الحور العين ، إنكما تقزِّزاني ، فاسمعا جيداً و أطيعا : العض ممنوع منعاً باتاً . اقرءأ الفاتحة على روحيكما بسرعة فقد حان محانكما ! سأذبحكما الآن ذبح النعاج لأدخل بكما النار حسب سنّة الله و رسوله فأرى حبيبتي الماجدة حنان فمثلها تكون الحور العين الحقيقية لمن أوتي ذرّة من عقل سليم !

تمّت .



#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)       Hussain_Alwan_Hussain#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحور العين / 2
- الحور العين / 1
- الامبريالية و العصر الجيولوجي البشري / 2
- الامبريالية و العصر الجيولوجي البشري / 1
- سياسيات مصطلح -الإبادة الجماعية-
- خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وانعطافها الحاد نحو اليمين ...
- خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وانعطافها الحاد نحو اليمين ...
- التلفيق ضد ماركس : بكّير نموذجاً / 4 و الأخيرة
- التلفيق ضد ماركس : بكّير نموذجاً / 3
- التلفيق ضد ماركس : بكّير نموذجاً / 2
- التلفيق ضد ماركس : بكّير نموذجاً / 1
- لِمَ قَبَرَ بكّيرْ تعليقيَ الصَّغيرْ ؟
- إغتيال قاسم سليماني : آخر مسلسل جرائم ترَمْپ
- يا أحرار العراق كافة : اتحدوا الآن مع المتظاهرين لوقف المزيد ...
- يا ثوار العراق : لا تقبلوا إلا بإسقاط النظام
- الفاشية الجديدة : الحلف الصهيوني لنتنياهو و ترَمپ و آل سعود ...
- الفاشية الجديدة : الحلف الصهيوني لنتنياهو و ترَمپ و آل سعود ...
- الفاشية الجديدة : الحلف الصهيوني لنتنياهو و ترَمپ و آل سعود ...
- الفاشية الجديدة : الحلف الصهيوني لنتنياهو و ترَمپ و آل سعود ...
- رباعيات مظفّر النوّاب : وصف و ترجمة 2-2


المزيد.....




- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علوان حسين - الحور العين / 3-3