أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علوان حسين - البُلبُل الفتّان















المزيد.....

البُلبُل الفتّان


حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)


الحوار المتمدن-العدد: 6699 - 2020 / 10 / 10 - 00:16
المحور: الادب والفن
    


دَخَل أمير بكامل أناقته قاعة موظفي فرع اليرموك للمصرف التجاري الحكومي و ذلك في تمام الساعة الحادية عشرة صباحاً من يوم الخميس - وقت بدء دوامة المعتاد كل يوم كموظف تطبيق الحسابات اليومية . نظر إلى منضدة جلوس أميرة ، فوجدها فارغة . إحمرَّ وجهه رغم محاولته تكلّف عدم الاهتمام . أين هي اليوم ؟ هل ذهبت لتقضي حاجة ما ؟ أم أنها مجازة ؟ مع مَنْ هي الآن ؟ غاب القط ، إلعب يا فأر . كلا ، كلا ، لا بد أنها قد لَمَحَته و هو يدخل الفرع ، فخافت أن ينتقم منها لأفعالها السوداء حياله ، فاختفت بعيداً عن أنظاره . نعم ، إهربي مني فأنا الرجل المهاب . إنّما أين المفر ؟ وراءك وراءك ، و الزمن طويل .
تحرّك مباشرة إلى كرسي فارغ منزو كائن عند منضدة " طلال " مسؤول شعبة الذاتية ، و جلس عليه ، و راح يحدّق بحذائه الذي حرص على تلميعه صباح كل يوم كصفحة المرآة . ثم رفع رأسه ، فانتبه إلى كونه لم يسلّم على أحد من الموظفين . و لماذا يتنازل و يسلم عليهم ؟ كلهم حشرات حقيرة تتآمر عليه لكونه أحسن منهم في كل شيء . انتظروا قليلاً لتروا ما الذي سيسطره التاريخ عني . سأجترح الهوائل ؛ و أعمل ما لم تستطعه الأوائل . و لكن لا بأس ، لأريهم شدّة تواضعي ، و سموّ تربيتي ، و علوَّ همَّتي ، و أتنازل و أنا مقتدر ، فأسلم على هذا البغل مسؤول شعبة الذاتية .
- صباح الخير ، سيّد طلال .
- صباح الخير .
الحقير : لَمْ يذيِّل ردَّه لي بـ "سيّد أمير" . أخاطبه بمنتهى الأدب و الاحترام بـ "السيّد طلال" ، و هو يستنكف عن مناداتي بـ "السيّد أمير" . كيف تجرؤ على التعالي علي ؟ ها ؟ و بأي حق تكسر مقامي ؟ بل بأي حق تضع نفسك إزائي ؟ هل تمتلكك ذرّة من عبقريتي ؟ تعال و طبِّق الحسابات اليومية الضخمة للفرع بنصف ساعة مثلما أفعل أنا بعد إغلاق أبواب الفرع كل يوم ، إن كنت تستطيع ، أيها الخرتيت . تالله لو كُفّلت بهذه المسؤولية ، للبثت واقفاً إزاء الحاسبة و رزم الجداول و الأرقام على الأشرطة و أنت تدير برأسك مثل بغل الناعور طوال شهرين فتضرب أخماساً بأسداس دون أن تظفر منها بطائل . و ستبقى الحسابات اليومية لأكبر مصرف تجاري في الشرق الأوسط غير متطابقة . نعم ، هذا أكيد . لا يطبِّق الحسابات اليومية بسرعة الصاروخ إلا عبقري مثلي ؛ عبقري مُلهم بالولادة ، لبيب ، ممن يقرؤونها و هي طائرة . و لكن لماذا لم يرد هذا البغل على تحيّتي بأحسن منها ؟ ها ؟ لا بد أنه قد أصبح يحقد عليَّ بسبب قيام تلك الناشز بتشويه سمعتي الماسيّة أمامه و أمام غيره من الموظفين و الموظفات كافة ممن لا يسوون شروى نقير . أنا لك أيتها الآبقة من بيت الطاعة . وراءك وراءك ، و الزمن طويل . لا بد أن أريك من هو السيّد أمير الخطير . أنا البطل المغوار الذي تخشاه الجبابرة - فترتعد فرقاً عند ذكر إسمي أمامها - تكسرين مهابتي أمام عصام الناس و عظامهم ، و أمام كل أهلي و أقاربي و معارفي ؟ انتظري أيتها الحقيرة لتري بأم عينيك أي رجل أضعتيه . أنا أمير الأبي و إبن الأصول الذي لم و لن يسمح لـ "حرمة" بالية بالضحك عليه . أنا أمير : زين الشاب ، و الأوسم ، و الأرجح ، و الأعقل ، و الأرفع مقاماً ، الذي تتمناه أجمل جميلات العالم . أمير البطل ، كامل الأوصاف ؛ أمير الاسم على المسمى ؛ أمير زين الرجال ؛ أمير الذي دوّخ جميع أطباء الأمراض النفسية في كل مستشفيات و عيادات بغداد ، فضحك على عقولهم الصغيرة ، و رفض بإصرار كل توصياتهم المتكررة له بدخول مستشفى الأمراض النفسية للعلاج هناك . من هم أولئك الأطباء لكي يملوا إراداتهم الملتوية عليّ أنا أمير بطل التحرير القومي القادم لا محال و الأفهم منهم بدرجات ! نعم ، بالتأكيد . لقد رفضت أدويتهم الغالية و غير المفيدة بل و المدمرة و التي سببت لي الصلع المبكر و تيبس العضلات و جحوظ العينين و جوع البطن المستديم . و بذلك فقد أثبت للتاريخ و للعلم بكوني أصحى منهم و أفهم منهم ؛ بل أعلم حتى من أعلم أطباء العالم قاطبة . كل هذه العظمة و التميُّز و ترفضينني يا حقيرة ؟ سيأتي اليوم الذي ألقنك فيه درساً قاسياً يجعلك تندمين فيه على ساعة ولادتك المشؤومة . نعم ، ليس درساً واحداُ فحسب ، بل و أطناناً من الدروس القاسية . من تكوني لتضعي رأسك العصفوري إزاء رأسي الجبل ؟ ها ؟ و يا جبل ما هزّتك الرياح . صدق من قال أن النساء ناقصات عقل و دين . و العجب العجاب هو أنها تقترف كل هذه الأعمال المشينة ثم تدعي بأنها امرأة مثقفة ، و بنت عائلة محترمة ، و تعرف الأصول . يُبدد الرجل الشريف مثلي كل تحويشة العمر الضخمة للزواج بها ، و تحويلها إلى ست بيت محترمة أمام الله و الناس ، و يستأجر لها بيت الزوجية ، و يؤثثه ، و يحجز في المدينة السياحية في الحبانية لقضاء شهر العسل ، و يستأجر سيارة الزفّة و يزينها بأبهى زينة ، و يجلب موكب سيارات رجال الزفّة المحترمين شيباً و شباناً ، ثم ترفضه في يوم العرس بالذات . نعم ، في يوم العرس و ليس قبله بيوم . الحقيرة . بدلاً من أن تشكرني و تسجد لي و تقبّل قدميَّ ، تجازيني بهذا العقوق ، أنا ولي أمرها . بأي حق ترفض الانصياع لولي أمرها و تاج رأسها و رأس كل مَن خلّفوها ؟ ها ؟ لأنه قال كلمة صدق بحق والدها ؟ ألم يعامله هذا المغرور كزعطوط منذ أول زيارته - و هو زين الرجال - لبيته طالباً يد ابنته ؟ ألم يصفعه بكلامه الجارح عندما قال له جهاراً نهاراً و من دون إظهار أدنى احترام لمشاعره الحساسة الرهيفة : إنك لم تؤهل نفسك بعد لتأسيس بيت الزوجية ؟ ألم يرفض وفدين من وفود الرجال المحترمين الذين أرسلهم للتوسل عنده ، و أبلغهم بكونه غير مقتنع به كزوج مناسب لأبنته البتة ، و أنا من أنا ؟ ما الذي ينقصني ، ها ؟ ألست موظفاً و شاباَ مثقفاً و وسيماً و أنيقاً و عندي سلاح الفحولة القوي المتين ؟ ألست طالب كلية و سأحصل على البكالوريوس بعد سنتين فقط فتصبح شهادة الماجستير و الدكتوراه في جيبي ؟ ما المطلوب من الرجل لكي يصبح مؤهلاً للزواج ، ها ؟ أ من العيب أن أكون رجلاً عصامياً كوّن نفسه بنفسه و لا ميراث لديه ؟ كيف تجرأ هذه الحقيرة على لومي لا لشيء إلا لأنني قلت لها في يوم الزفة بأنني بفضل إصراري البطولي و مواهبي الفذة قد أجبرت أباها على الرضوخ لإرادتي و القبول بتزويجي بها أخيراً رغم أنفه . نعم ، هذا هو كل شيء . لم أسبه أو أشتمه أو أعتدي عليه أو أكسر وجهه أمام الناس . كل الذي فعلته هو أنني شبّهته بالحمار المضرب عن الطعام عندما يرضخ بفعل الجوع و الضرب المبرح للنزول للأمر الواقع فيأكل تبن سيده الذي كان يرفض ، و ليس أكثر من ذلك . هل ألام لأنني شبهته بالحمار الحارن المتبطر على نعمة ربه و العاق لسائسه ؟ و الله لأن الحمار أحسن منه ! لديه عمارتان و خمسة دور مؤجرة و لا يقبل أن يُخلي حتى واحداً منها لكي تتزوج ابنته فيه . أي أب بخيل كزّ هذا الذي يقبل لنفسه أن تتبهدل أبنته الوحيدة فتتزوج في بيت مستأجر بعيداُ عن بيت أهلها ، وكل ذلك بسبب جشعه الرهيب الذي يمنعه عن التخلي عن فلاسين بدل الإيجار الشهري لدار واحدة من دوره الخمسة المستأجرة ؟ ها ؟ أي أب هذا ؟ ها ؟ أهذا هو تقديره لمقام ابنته الوحيدة ؟ ها ؟ يبخل عليها ببيت حقير و هو البليونير ؟ لمن يجمع كل تلال رزم النقود التي يرقد عليها ؛ و هو عجوز خرف دنف ، برجلين تتدليان في القبر ، ها ؟ يا عيبة الرجال ! إذا كنت لا تستحي فاعمل ما تشاء . على الأقل إعمل معروفاً واحداً تلقى به وجه ربك قبل أن تموت ، و أنت تتمشدق في كل مناسبة و غير مناسبة بمخافة الله و إطاعة أوامره . أهكذا أمر الله المسلمين ؟ تالله إن الإسلام براء منه . نعم ، أكيد . بل ، و أن اليهودي و الله لأشرف منه . على الأقل لأن اليهودي يحضّر جهاز عرس ابنته منذ أول يوم تلد فيه ؛ فيأتيها الزوج خالي الوفاض و صفر اليدين مختلياً من كل شيء إلا من سلاح الفحولة ، ليحصل من أهلها على كل شيء : بضمنها الدار و السيارة . طيب لنترك الدار على حدة ، لماذا لم يقدِّم لها و لو حتى واحدة فقط من سياراته الفاخرة الثلاث كهدية زواج ، و عربوناً يثبت لي أمام الناس حسن نيته ؛ فيكسر عيني ، فلا أهجوه بما يستحق ؟ ها ؟ على الأقل إفعل هذا تحسّباً ، كي أحترم ابنتك في المستقبل ، فأتنازل عن حقي في تأديبها بالضرب ، و لا أطردها من البيت ليلاً بلا ملابس و لا نقود لعصيانها أوامري الحكيمة . أب طمّاع حقود و مستهتر بمصير ابنته . ما ذا كنت ستفعل لو لم تكن هي ابنتك الأصغر المدللة ؟ أبنته الصغرى ؟ تالله إنها مثله ، بل هي أسوأ منه ؛ فكل فتاة بأبيها معجبة . ما دُمتِ معجبة بأبيك إلى هذه الدرجة ، لماذا لم تتزوجيه ، فتكفيني شرّك ؟
- هاهاهاهاها !
- أراك تضحك اليوم يا أمير ! هل أنت فرح لورود أمر نقلك لفرع الصالحية ؟
إنتبه أمير لمحدثه . إنه مدير الفرع . هل يقوم احتراما له ؟ أم يلبسه كالنعال على مرأى و مسمع كل الموظفين لكونه لم يحترمه فيناديه بـ "السيّد" ؟ ثم ما هو موضوع نقله ؟ إنه لم يقدم أي طلب للنقل ، فكيف يتم نقله من فرعه فجأة و هو آخر من يعلم ؟ الحقيرة ! لا بد أنها هي السبب . نعم ، لا يوجد غيرها . إن كيدهن عظيم ! و الله لن يقوم احتراماً له مادام أمر نقله من هذا الفرع التعس وارد . سيلبسه كالنعال ، و يأخذ كتاب نقله بأسرع ما يخرج ، و يلفظهم - هؤلاء الجاحدين لأفضاله - لفظ النواة ، ليروا بأنفسهم من الذي سيطبِّق لهم الحسابات اليومية . سيبقون على الأقل سنة كاملة بلا تطبيق ، و سيضرسون الشوك و يستدعوه ثانية و هم صاغرون .
- هاهاها .
- إن أمر انفكاكك جاهز لدى السيد طلال ! يا سيد طلال !
- نعم ، أستاذ .
- سلم السيد أمير كتاب انفكاكه ، لطفاً !
- صار ، أستاذ !
- أتمنى لك كل الموفقيّة ، سيد أمير ! مع ألف سلامة !
أهذا هو كل شيء ؟ ينقله إلى فرع بعيد دون مقدمات و لا إحم و لا دستور ؟ ما هذه العشوائية في اتخاذ القرارات المصيرية ؟ و ما هذا الاستهتار بمستقبله ؟ استهتار ؟ بل قل هو الاعتداء الآثم الذي ما بعده اعتداء . لن يسكت . إن البطل أمير ليس من أولئك الجبناء الذين يسكتون على الضيم . ليفرغ جام غضبه على هذا الحقير طلال .
- طلال ! لماذا لم تبلغني بورود أمر نقلي ؟ ها ؟ أم أن شغلكم يجب أن يكون كلّه دفّاني ؟
- لقد آثر السيد المدير إبلاغك بنفسه و ذلك احتراماً لمقامكم الكريم و تقديراً لخدماتكم الجليلة للفرع ؛ و هو الذي أبلغني بذلك !
- أنا لم أقدم طلباً للنقل ، فما هو سبب نقلي من الفرع دون أخذ رأيي ؟
- هاهاها ! لا بد أن مزاجك رائق للمزاح اليوم !
- لم أفهم !
- هاهاها ! أنت تعلم أنه لا يجوز بقاء الزوج و زوجته في فرع واحد للمصرف ، أليس كذلك ؟
- أ ، نعم ، نـ نعم ! طبعاً ، طبعاً أعرف ذلك ! و لكن لماذا قررتم نقلي أنا بالذات و ليس أميرة ؟
- لأن التعليمات تقضي بنقل من يشغل المنصب الأهم من الزوجين ، و أنت موظف الحسابات اليومية ، و هو أهم عمل لموظف غير مخوّل بالتوقيع في المصرف .
- همم . صحيح ! و لكني لا أخفي عليك : لقد فوجئت تماماً بصدور أمر النقل بهذه السرعة !
- سنفتقدك كثيراً ، يا سيد أمير !
- و من الذي سيطبّق لكم الحسابات اليومية ؟
- لقد كلّفني المدير بتطبيقها بنفسي اليوم ، و بتدريب موظف جديد عليها .
- و من أين لك المعرفة بتطبيق الحسابات اليومية ؟
- هل تمزح ؟
- كلا !
- غريب . من الذي درّبك على تطبيق الحسابات اليومية ؟
- السيد مهدي ، يرحمه الله .
- ألف رحمه على روحه الطيبة . و من الذي درّب السيد مهدي نفسه ؟
- لم يقل لي . من تقصد ؟
- أنا الذي درّبت المرحوم على تطبيق الموازنة اليومية . كان ذلك قبل انفكاكي من الفرع عندما قُبلت في مرحلة الماجستير ، فتوجّب علي ترك الوظيفة ، و التفرّغ للدراسة .
- و هل أنهيت دراسة الماجستير ؟
- كيف تسألني مثل هذا السؤال ؟
- و لماذا تستنكر سؤالي ؟
- لأنني أستاذ محاضر في نفس القسم الذي أنت الآن طالب مسائي فيه !
- صحيح ؟
- طبعاً !
- و لكنني لم أشاهدك في القسم أبداً !
- صحيح ؛ أنا أدرِّس في قسم المحاسبة ، و لكن في كلية الإدارة و الاقتصاد بجامعة بغداد ، و ليس قسم المحاسبة في الجامعة المستنصرية الذي أنت تَدْرُس فيها .
- همم ! و ماذا تدرّس ، أستاذ ؟
- اختصاصي : محاسبة كُلف العمليات المصرفية .
- و متى أنهيت دراسة الماجستير ؟
- قبل خمس سنوات ؛ و لقد استحصلت موافقة السيد مدير الفرع على ترشيحي لدراسة الدكتوراه ضمن قناة الموظفين المتميّزين للعام القادم .
- مبروك !
- جزيل الشكر ، أستاذ أمير ! العقبى لك ، بحول الله .
- إن شاء الله . لا أخفيك أنني مصمِّم كل التصميم على إكمال دراستي العليا في اختصاصي : الحسابات المصرفية .
- تقصد حسابات العمليات المصرفية ، أستاذ ؟
- نـ - نعم ، نعم ؛ العمليات المصرفية .
- لماذا لا تبحث في موضوع : تطوير العمليات المصرفية لدى مصرفنا مثلاً ؟ و تجري دراسة ميدانية للواقع الحالي ، و ترسم في ضوئها الخطة المستقبلية للتطوير ؟
- فكرة لا بأس بها .
- أستطيع مساعدتك في إعداد مثل هذه الدراسة الميدانية .
- شكراً ، و لكنني – مثلما قلت لك – أفضِّل البحث في اختصاصي : الحسابات المصرفية ؛ حسابات العمليات المصرفية ، أقصد !
- بالتوفيق ! تعال لتستلم كتاب الانفكاك .
- بالمناسبة ، أين هي ؟ هذه العاقّة ؟
- أي عاقّة تقصد ؟
- من غيرها ؟ أميرة ؛ زوجتي التي لم أدخل بها !
- يا رجل : ألا تستحي من التلفظ بكلمات نابية ضد زوجتك ، و هي امرأة شريفة و بنت عائلة محترمة ؟ إن هذا لا يليق لا بمقامك و لا بمقامها . شف سيد أمير : كل الأزواج الجدد تحصل بينهم خلافات أول أيام زواجهم ، ثم تعود المياه إلى مجاريها الاعتيادية فيما بينهم ، فيصبحون كالسَّمن على العسل . لذا ، لا يجدر بك الآن أن تتفوه بكلمات نابية ضد زوجتك أمام الغير ، و هي قرينتك و أم أطفالك مستقبلاً أنشاء الله ، لتندم على أقوالك مستقبلاً . هذه المرأة قد اقترن اسمها باسمك ، و أصبحت حرمك و شرفك ؛ و عزوتها عزوتك ، و إهانتها إهانة لك .
- صحيح . و لكن ، أين هي مختفية منّي الآن ؟
- ليست مختفية ! إنها مجازة إجازة اعتياديه !
- كم يوماً ؟
- ليوم واحد فقط . تفضَّل كتاب انفكاكك .
خطف المغلف الورقي من يد السيد طلال دون أن يقرأ عنوانه ، و خرج مسرعاً من الفرع إلى الشارع و هو يحرق الأرم دون أن يودّع أحداً من زملائه .
الحقيرة . لابد أنها هي التي رتّبت أمر نقله بالتآمر مع مدير الفرع الحقير هذا عليه ، و الدليل الأكيد على ذلك هو علمها علم اليقين بيوم انفكاكه ، فأخذت الإجازة كي لا يراها . أنها تخشاه ، بالتأكيد . نعم بالتأكيد ؛ فهو رجل مفتول العضلات تهابه النساء . إنه شاب مهيب . يجب عليه أن ينتقم ، نعم ! عليه أن ينتقم منها شر انتقام .
- صباح الخير ـ حبيبي !
- من ؟ حبيبتي أميرة ؟ ما الذي جاء بك الآن ؟ و ما هذه السيّارة الفاخرة التي تسوقين ؟
- أصعد بسرعة يا حمار قبل أن يغرَّمني شرطي المرور !
- أمري لله الواحد القهار . صعدت .
- اسمع : سنذهب الآن لبيتنا كي تعتذر أشد الاعتذار من الوالد ـ صار يا جبّار ؟
- صار .
- ثم تقبِّل قَدَميَّ بكل خشوع و لياقة أمامه ؛ صار يا بطل ؟
- صار .
- و من الآن فصاعداً تنفّذ كل ما أقول بالحرف الواحد و أنت ساكت ، و إياك أن تسمعني أدنى كلمة مزعجة ؛ صار أميري الحلو ؟
- صار .
- و تأخذ يوميا حبّة الديباكين ؛ صار يا مسكين ؟
- صار .
- أوووه يا بُلبلي الفتّان : تستطيع الآن أن تقبِّل خدّي بكل حنان !



#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)       Hussain_Alwan_Hussain#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشيوعية العمالية : هَوَس التفتت و تفتيت الحركة الشيوعية 6-2 ...
- الشيوعية العمالية : هَوَس التفتت و تفتيت الحركة الشيوعية 5-2 ...
- الشيوعية العمالية : هَوَس التفتت و تفتيت الحركة الشيوعية 4-2 ...
- الشيوعية العمالية : هَوَس التفتت و تفتيت الحركة الشيوعية 3-2 ...
- الشيوعية العمالية : هَوَس التفتت و تفتيت الحركة الشيوعية 2-2 ...
- الشيوعية العمالية : هَوَس التفتت و تفتيت الحركة الشيوعية 1-2 ...
- وداعاً مديري العام فؤاد حسين الوكيل
- حكومة الكاظمي : ذاك الطاس و ذاك الحمّام
- طواطم الأستاذ عبد الحسين سلمان / 1-10
- معدل الربح و فائض القيمة حسب ماركس / 2-2
- معدل الربح و فائض القيمة حسب ماركس / 1-2
- إلى الكاظمي : ألجم وزير ماليتك لئلا تطير
- قصيدة -محكمة عسكرية- لسعدي يوسف : وصف و ترجمة
- سرقات الحرامي مصطفى الكاظمي
- ضريح القائد المؤسس حفظه الله و رعاه
- السمات المميزة لأسماء الحُبِّ في معجم العربية الفصحى
- الماسونية (البنّاؤون الأحرار) / 3-3
- الماسونية (البنّاؤون الأحرار) / 2
- الماسونية (البنّاؤون الأحرار) / 1
- لم يُمكن للفيروس التاجي أن يُشعل فتيل المُسْتَعِر الأعظم للر ...


المزيد.....




- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علوان حسين - البُلبُل الفتّان