|
مكر السياسيين و تجار الدين بات فاضحاً .
يوسف حمك
الحوار المتمدن-العدد: 6698 - 2020 / 10 / 9 - 18:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من رحم المصالح تولد الحروب كلها ، و الحقائق المستورة تتوضح بعد حمية المعارك الوطسية حينما تبنى الأحلاف الجديدة ، و يطرأ التعديل على الاصطفافات القديمة . ينقشع اللبس ، و تسقط الأقنعة ، لتبدو الوقائع جليةً بإزالة الغموض ، فتتوالى الفضائح ، و تُفقد الثقة بمواقف المتدينين الملتحين و السياسيين الذين يمتهنون الكذب و التضليل و اجترارها إلى حد العهر و الفجور . عندها الأبواب كلها تفتح أمام حقيقةٍ وحيدةٍ و هي : المصالح عاجلاً و آجلاً .
قُبالة المصالح تفقد الأيديولوجيات وزنها ، و الطائفية تخسر مقداراً كبيراً من ثمنها . و في وجه المكاسب المادية تسقط كل الاعتبارات ، و هاجس المادة من قبل المتنفذين في الساسة و الدين ، يطغى دائماً على كل المبادئ ، و يخترق جدار قيم الطائفية و العرقية و سواها ... بسهام الجشع و غول الطمع .
لم ينفع لون المذهب الواحد في الصراع الدائر بين آذربيجان و أرمينيا في الدمج بين الاتباع أو الائتلاف بين قلوب الأنصار ، و لا اختلاف الدين نجح في التأليب بين النقيضين أو إفساد العلاقة . فالخلافات على توزيع مدخرات بحر قزوين و تنظيم حدوده من أهم أسباب الفرقة بين إيران و آذربيجان الشيعيتين ، إضافةً إلى هواجس كل واحدةٍ منها تجاه الأخرى في الانتقام ، كخوف الأولى من محاولة باكو بإيقاظ الشعور القوميِّ لدى الأذريين داخل إيران - و الذين يفوق عددهم للأذريين في آذربيجان نفسها - و مطالبتهم بالانفصال . مقابل خشية الأخيرة من سعي إيران بقوية النزعة الطائفية لدى الشيعة من أبنائها . فضلاَ عن هبوب الخطر الاسرائيليِّ من الآراضي الآذربيجانية على خاصرتها .
و على الضفة الأخرى تركيا السنية تربطها بباكو الشيعية أكبر العلاقات الاقتصادية و التجارية إلى جانب الشركات المستثمرة المتبادلة بين البلدين ، علاوةً على طموحات أردوغان بتأمين بورصةٍ للغاز و النفط و الكهرباء ، كما إنشاء سوقٍ لتصريف صادراتها ، إضافةً إلى إضعاف قوة أرمينيا العدوة التاريخية اللدودة و كسر شوكتها . لذا فدعم أردوغان لباكو سخيٌّ و عطاؤه نابعٌ من القلب .
و باعتبار أن للمال جاذبيةٌ أعظم ، فالمساعي الأرمينية فشلت في كسب إسرائيل حليفةً لها . فالأخيرة تأتي في المرتبة السادسة من الدول المستورة لصادرات النفط الآذربيجاني ، مقابل بيع أسلحتها لباكو التي تعتبر ثاني أكبر مستوردٍ لتلك الأسلحة . فضلاً عن إقامة قواعد و موطئ قدمٍ هناك ، لتهديد إيران و التجسس عليها ، و الانطلاق منها لضرب عمق إيران حين تستدعي الضرورة .
و مثلما للمصالح الدور الريادي في بناء التحالفات ، كذلك للجغرافيا أحياناً دوره في التقارب بين الدول . فإذا كانت حدود أرمينيا مع تركيا و آذربيجان مغلقةً ، لكي تتنفس يريفان وجب عليها إيجاد منفذٍ للارتباط بالعالم الخارجيِّ من خلاله . فكان فتح الحدود مع إيران المسلمة الشيعية و جورجيا . نعم أرمينيا المسيحية تتلقى الدعم السريَّ من إيران . غير أن الجرح النازف للأولى هو عدم العثور على ظهيرٍ تتكئ عليه في محنتها كإسناد باكو لأنقرة و تلقي الدعم المعلن السخيَّ منها .
و لمصلحة روسيا مع الطرفين ، تسعى لصوغ حلٍ يرضيهما و تسوية النزاع ، لئلا يتفاقم الوضع سوءاً ، دون الوقوف الفعليِّ بجانب أرمينيا ، كوقوف أنقرة مع باكو .
لذا فتعابير : حسن الجوار - الانتماء للطائفة الواحدة أو الدين الواحد - و الترويج للسلام و الديموقراطية و حقوق الإنسان و دعم الحريات . و الحديث عن المبادئ و الإنسانية و العدالة و القيم الروحية و الأخلاقية و الوطنية ، كلها كذبةٌ كبرى و تلفيقٌ لدعم الطغاة و المستبدين ، و خدعةٌ لاحتلال البلدان و نهب الثروات . و الأخطر فتاوى تجار الدين بتكفير المعارضين و أصحاب الحقوق المشروعة ، و غلف كل خزعبلاتهم و نفاقهم بغلافٍ ربانيٍّ ، للسيطرة على العقول و بسط النفوذ و التمدد باسم الله و بعون الأنبياء .
#يوسف_حمك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
و يبقى الاشتياق للغائبين جارفاً .
-
الانغلاق المؤدلج آفة العقل .
-
شر بلية الغزاة و أذيالهم ، ما يضحك .
-
كونوا سنداً لصنع العباقرة .
-
المعرفة نتاج الخيال المترف .
-
هل الاستعمار أرحم من حكامنا ؟!!
-
أعيادكم ، و المآتم واحدةٌ .
-
السياسة و الدين وجهان للعملة ذاتها .
-
حروبٌ مدمرةٌ ، بدافع الحب اندلعت .
-
بالنهضة و البناء و الرفعة ، يفتخر المرء .
-
أحلام الخلافة أضغاث أوهامٍ .
-
أحلام السلاطين ، و أطماعٌ بلا حدودٍ .
-
واصلوا لقاءاتكم بعجالةٍ ، و لو كرهت الأبواق المستأجرة .
-
محنة العقل في ظل الأيديولوجيات .
-
الحياة بدونه مرةٌ بطعم العلقم .
-
الأنوثة مفتاحٌ لفك ألغاز فحولته .
-
حينما يبلغ العقل ذروة انقباضه .
-
أغلب المستقلين شرفاءٌ مخلصون .
-
حلمٌ ليس كغيره من الأحلام .
-
بريق الجمال يشعشع آفاق الخيال .
المزيد.....
-
السيسي يلتقي ولي العهد السعودي في مشعر منى
-
ألمانيا.. الشرطة تطلق النار على رجل -هدّدهم بفأس-
-
بسبب السرقات.. شرطة هونولولو تطلق تحذيرا غريبا: لا تترك ممتل
...
-
موسكو للغرب.. لا سلام بأوكرانيا من دون روسيا
-
أربع هزات أرضية في جورجيا في يوم واحد
-
قناة عبرية: الجيش الإسرائيلي يرسم سيناريوهات لمواجهة خطوة دو
...
-
فرنسا.. حملة الانتخابات التشريعية المبكرة تبدأ رسميا الاثني
...
-
بايدن في بيان بمناسبة عيد الأضحى: نبذل كل ما في وسعنا لإنهاء
...
-
-كتائب القسام- توقع قوة إسرائيلية بحقل ألغام وتسقط أفرادها ب
...
-
حكومة طالبان تعلن المشاركة في محادثات الدوحة لمناقشة مستقبل
...
المزيد.....
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
المزيد.....
|