|
أغلب المستقلين شرفاءٌ مخلصون .
يوسف حمك
الحوار المتمدن-العدد: 6568 - 2020 / 5 / 19 - 04:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كتب السيد khalil kerro على صفحته الفيسبوكية بالحرف : " أنا أحسد (( المستقلين )) . لا أحد يستطيع محاكمتهم سوى وجدانهم ."
و تعليقاً على هاتين الجملتين كتبت السيدة nagham draie بالحرف أيضاً : " المستقل هو شخصٌ جبانٌ لا مبدأ له ، يجيد القفز في كل الجهات . "
لا خلاف لنا مع ما كتبه السيد خليل كرو . بل نوافقه الرأي تماماً ، و نشد على يديه تطابقاً فيما ذهب إليه . أما السيدة نغم دريعي التي علقت بعنفٍ و تحاملٍ ، بوضعها كل المستقلين في سلة الجبن و خانة الانتهازية ، دون أن تستثني منهم ولا شريفاً واحداً . فعتابنا عليها لعدم كتابتها كلمة ( بعض - أو معظم - أو الكثير .) هذه الكلمات الثلاثة تنفي مفهوم الكلي للمجموعة ، لتأكيد الجزئي . غير أننا لسنا بصدد شرح و تفسير القضية الفلسفية لعلم المنطق حول علاقة الكل بالجزء . لكننا نقول للسيدة : لو أنها كتبت : بعض المستقلين جبناءٌ لا مبادئ لهم ، فهم يجيدون القفز في كل الجهات . - أو معظم المستقلين جبناءٌ .... - أو الكثير من المستقلين جبناءٌ ..... إلخ لأغلقت على نفسها باب النقد من الكثيرين ، و وفرت علينا جهد الرد أيضاً .
فالمستقل يا سيدة نغم دريعي كما قصده السيد خليل كرو : هو الشخص الذي ليس له انتماءٌ لحزبٍ ، يترقب أخطاءه فيحاسبه . ولا مسؤول له يترصد عثراته فيؤنبه . ولا تكليف له لمهمةٍ من قبل غيره ، إن تقاعس في أدائها فيوبخه . كما ليس له ارتباطٌ ملزمٌ بهيئةٍ أو مؤسسةٍ ، إن بدر منه ما لا ينسجم مع مبادئها ، أو أبدى رأياً مغايراً لنهجها ، فعاقبته بالتوقيف أو الفصل أو الطرد أو دفع الغرامة المالية أو حتى خصم الراتب .
لا أحد يوكله عملاً ، لا يرغب بإنجازه . ولا سلطة تفرض عليه التعامل مع فئةٍ يبغضها ولا يطيقها . كما لا يتعرض لاختبارٍ في ذكائه و طاقاته ، كي يرتبك و يتلعثم ، فيداهمه القلق و الاضطراب . هو بغنىً عن ضغوط الواجبات المفروضة عليه مكرهاً . لا ارتباط له بموعدٍ مرغمٍ ، ولا توتر من لقاءٍ غير مثمرٍ ، أو جفاءً من حوارٍ مخيبٍ للآمال . أو ابتلاءً بمسؤولٍ أحمق غير كفءٍ - وما أكثرهم ، فهم بعدد شعر رأسك - .
و بما أنه عاقلٌ ناضجٌ ، فهو يعرف ما عليه من مسؤولياتٍ فرديةٍ و اجتماعيةٍ و قوميةٍ - طوعيةٍ و غير حزبيةٍ أو مؤسساتيةٍ - تجاه الأفراد و الوطن و المجتمع . و بناءً على ماسبق : فالاستقلالية هي التمتع بنعمة الحرية ، كما إدراك معناها الحقيقي ، و التلذذ بطعمها الطيب . حتى العمل الحر الخاص به ، يدفعه لأن يتصرف بحريةٍ و بلا قيودٍ . وهو خيرٌ من العمل تحت إمرة أحدٍ يجعل نفسه سيداً عليه . كما يشعره بالارتياح و انشراح الصدر أكثر من ارتباطه بعملٍ حزبيٍّ أو مؤسساتيٍّ ، يضيق خناقه بتوجيهاتٍ روتينيةٍ و مواعظ مملةٍ .
هو مستقلٌ أي تحركاته ذاتيةٌ ، و تصرفاته كيفيةٌ ، و اختياره للشيء بإرادته . لا مسؤول يسيره ، ولا مدير يرأسه ، ولا قائد يذله أو يقلل من شأنه ، ولا رزمةً من البنود يكبله ، ولا أيديولوجية تضخ أفكاراً في رأسه على أنها هي الصائبة وليس سواها . هو مستقلٌ أي : هو معتدلٌ بفكره دون تقليدٍ ، و بآرائه حرٌ لا يتقيد بما يملي عليه ، فلا دائرة مرسومةً حوله ، ليشعر بالحرج للخروج من طوقها .
سيدتي نغم : معظم المستقلين كانوا حزبيين شرفاء - لا متحزبين - و كانوا يشعرون بوخز الضمير لعجزهم عن تحقيق مطالب الجماهير ، و إصلاح ما يجب إصلاحه . كان نضالهم يذهب سدىً ، و كفاحهم غير مثمرٍ يذهب أدراج الرياح . و إن قال أحدهم : كان عليهم مواصلة النضال لتذليل العقبات و إزالة التعثرات ، و تصحيح المسار . فنرد عليهم : لا طاقة لقلةٍ من الشرفاء في مواجهة كثرةٍ من الفاسدين و الانتهازيين ذوي النفوذ داخل الحزب . و ناهيك عن الارتباط الخارجيِّ ، كون ملف الأحزاب دائماً في جعبة الدول الإقليمية و القوى العالمية . شعورهم بالإحباط من النضال الخائب و الصراع مع رفاق الدرب في الحزب الواحد على المناصب و المنافع و النفوذ - فصراع الرفاق ضد بعضهم أشد شراسةً مع الأعداء - يجعل المخلص منهم بغنىً عن ذلك ، و ناهيك عن أن تعداد الأحزاب بعدد النجوم - فيخرج من الحزب مكرهاً محبطاً ، لا خوفاً و جبناً كما أدعت السيدة نغم ، فمبدأ الأخلاق مزروعٌ في نفسه لا يبيعه لكنوز الدنيا ولا يسترخص روحه لقاء نفوذ الكون كله ... بعكس الكثير من الحزبيين و المتحزبين ، تجار المبادئ البارعين بفنون القفز في كافة الاتجاهات - بحسب تعبير السيدة نغم - و السياسيين الذين لا يراعون ذمةً في سبيل مصالحهم . معظمهم متلونون لا يثبتون على لونٍ ، يميلون دائماً حسب منافعهم . الفساد مهنتهم و القتل ، الوعود الكاذبة و تشويه الحقائق دون برهانٍ استرتيجيتهم ، أما وظيفتهم فتأجيج عواطف الجماهير بالخطب الحماسية و إثارة المواضيع القومية بالتضليل لاجتذابهم طمعاً في الوصول للسلطة و المال و النفوذ .
باسم الشعب دائماً ، وبلسان الكادحين بل و الأمة كلها يتكلمون دون أي توكيلٍ أو تخويلٍ من أحدٍ . أجنداتهم خارج سياق الوطن ، و ممارساتهم تسير في مجرى مصالحهم . هزائمهم متواصلةٌ ، و خيباتهم متتاليةٌ ، و فسادهم معلنٌ ، و انكساراتهم على قدمٍ و ساقٍ . كما السواد الأعظم منهم مدَّاحون للظالم ، مطبِّلون للمستبدين و الطغاة ، و لبائعي الأوطان مصفقون .... حقاً إنهم لو يفلحوا إلا في جمع الثروة و تكديس المال ، وخلق الفوضى و الانقسام و التفكك ، و تشريد الناس و تهجيرهم و تجويع العباد ، و دمار البلدان و بيع الأوطان .
أما المستقل المسكين فماذا يملك من نفوذٍ لينهب و يهدم ، أو قوةٍ ليقتل و يشرِّد ، فيبيع الأوطان بأرخص الأثمان ؟!!!
#يوسف_حمك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حلمٌ ليس كغيره من الأحلام .
-
بريق الجمال يشعشع آفاق الخيال .
-
الأول من أيار عرفانٌ بجميل الكادحين .
-
لا شيء يداوي غير جذوة الإبداع .
-
دعوا العلوم و السياسة و التخصص لأهلها .
-
الأخبار الملفقة تغزو العقول .
-
فلتكن عزلتك حصاداً مثمراً .
-
إعصار الكورونا يشل حركة الحياة .
-
غلاء المهور عنفٌ موجعٌ بحق الفتاة .
-
نداء الفاسد لا يحظى القبول بالمطلق .
-
للمرأة في كل أيامها .
-
و ماذا في صالات العزاء غير المفاخرة و الرياء ؟!
-
الاحتفاء بالحب ليومٍ واحدٍ تقزيمٌ لقدره .
-
هل حقاً : عصا الجنة وسيلة ردعٍ و امتثالٍ ؟
-
حينما يكون الوطن مختطفاً .
-
ليس من طبع المرتزق ، البحث عن ذاته .
-
العطاء حكمةٌ راقيةٌ ، و سلوكٌ أنيقٌ .
-
الكيل بمكيالين ، أم غشاوةٌ على الأعين ؟!
-
كل عامٍ و مستقبلنا يصنعه المستعمِرون و الطامعون .
-
براعة الشرق في صناعة الأصنام ، و عدم الأوطان .
المزيد.....
-
أدى لحريق هائل.. سائقة تفقد السيطرة على سيارتها وتخترق جدار
...
-
بتهمة القتل غير العمد.. السجن 5 سنوات لممثل مشهور
-
موجة قطبية تاريخية تضرب الولايات المتحدة وكندا
-
صحيفة: آمال زيلينسكي في استخدام الأسلحة الغربية ضد روسيا لن
...
-
مراهقة كندية تربح 36 مليون دولار أمريكي بفضل أول تذكرة يانصي
...
-
إثيوبيا: آبي أحمد ومسؤولون حكوميون يعقدون أول اجتماع مع قادة
...
-
بسبب قلة المعاشات التقاعدية.. كبار السن في كوريا الجنوبية يض
...
-
مقال بموقع إنترسبت: لا علاقة له بمعاداة السامية.. لماذا يكره
...
-
العراق.. قرى بالسليمانية لم تصلها الكهرباء منذ عقود
-
قنبلة قديمة تعطّل خطا رئيسيا للقطارات في ألمانيا
المزيد.....
-
سيميائية الصورة في القصيدة العربية PDF
/ ياسر جابر الجمَّال
-
طه حسين ونظرية التعلم
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الخديعة - منظمة الفساد الفلسيطينية
/ غسان ابو العلا
-
قطرات النغم دراسة في موسيقى الشعر العربي
/ ياسر جابر الجمَّال
-
سيميائية الصورة في القصيدة العربية
/ ياسر جابر الجمَّال
-
مُتابعات – نشرة أسبوعية العدد الأول 07 كانون الثاني/يناير 20
...
/ الطاهر المعز
-
مدار اللسان
/ عبد الباقي يوسف
-
عوامل تبلور الهوية الفلسطينية(1919-1949م)
/ سعيد جميل تمراز
-
الحد من انتشار الفساد المالي والأداري في مؤسسات الدولة
/ جعفر عبد الجبار مجيد السراي
-
الدَّوْلَة كَحِزْب سِيَّاسِي سِرِّي
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|