أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف حمك - حلمٌ ليس كغيره من الأحلام .














المزيد.....

حلمٌ ليس كغيره من الأحلام .


يوسف حمك

الحوار المتمدن-العدد: 6563 - 2020 / 5 / 14 - 14:38
المحور: الادب والفن
    


أقبل إليَّ طَلْق المُحَيَّا ، و تباشير السعادة مطبوعةٌ على شفتيه . هيئته كانت توحي بأن ينابيع السعادة قد انفجرت في صدره دفعةً واحدةً .
كنت أعلم أن له أمنيةً وحيدةً كان الزمن ينافسه لإسقاطها من خبايا ذاكرته ، دون أن يعلم أن قلبه كان قد احتفظ بها ، ليحرسها بصمتٍ . لكن طول المسافة كان العائق الوحيد لمنع جروحه من الالتئام و تعافيه من التعاسة - كما كل العشاق -

قال لي بالحرف : " على حين غرةٍ رأيتها جالسةً بقربي على مقعد قطارٍ كان يسير بنا إلى وجهةٍ ما . أمسكت بيدها اليسرى الغضة الحريرية ، و سرعان ما شبكت بين أصابعي و ربطت يدي بأناملها الناعمة بشدةٍ ، فرفعتْها قليلاً ، ثم نقشتْ عليها لثمةً رقيقةً دافئةً .
رعشةٌ غريبةٌ نادرةٌ تسللت بين جوانحي ، و على إثرها تشجعت بتحرير سبابتي من بين أصابعها الندية ، و لامستُ به أنفها الأقنى و ثغرها الجميل بحركاتٍ وديعةٍ تمهيداً لطبع قبلةً على خدها الأيسر ، طمعاً في إطالة عمري و زيادة رصيدي في البقاء على قيد الحياة . لأن التقبيل دواءٌ لجروح القلب ، و للنفس غذاءٌ ، و للروح بلسمٌ شافٍ "

تنهيدةٌ واسعةٌ خرجت من أعماق روحه استوقفتْه برهةً .
سألته : و ماذا بعد ، هل نلت مرادك ؟
فرد متحسراً متحشرجاً : رنين هاتفي المحمول من متصلٍ غليظٍ أيقظني فجأةً ، فحرمني من قبلة العمر ، و أفسد عليَّ حلمي .
و عقب تنهيدةٍ أخرى أعمق و أوسع أردف قائلاً : لقد كان حلماً و مجرد خيالٍ لا أكثر .

نعم . حلمٌ كان يشغل قلبه قرابة عقدٍ من الزمن ، و هو يعاني من وطأة الكبت و القمع .
تذوًّق حلاوة الانشراح للحظاتٍ وهميةٍ ، و تمنى لو دامت تلك اللحظات بنشوتها و طال حلمه أكثر فأكثر .
فاشتياقه كان متأججاً لأيام الشغب المبهجة المخزونة في ذاكرته المرهقة من شدة وطأتها .

لم يكن للسحر علاقةٌ بحلم العاشق التعيس هذا ، و لا مس الشيطان كما تفسير شيوخ الفقه و تأويلات تجار الدين .
و إنما هي أمنيةٌ مكبوتةٌ و رغبةٌ ملحةٌ من صفوة ذكريات أيامٍ خلت ، يتمنى الحالم تحقيقها طبقاً لتفسير المختصين النفسيين و الفلاسفة .

الكثير منها أضغاث أحلامٍ متداخلةٍ ، مبهمة التفاصيل غير مترابطةٍ . و منها مصحوبةٌ بالكوابيس .
و لبعضها تفاصيلٌ واضحة المعالم كما في اليقظة ، كحلم صاحبنا العاشق هذا .
و نادراً جداً ما تتنبؤ الأحلام بمستقبل حالميها فتصنع منهم مشاهيراً . يقال : إن الألماني فريدريك كيكولي عالم كيمياء العضوية قد استلهم تفاصيل صيغة تركيبة البنزين من رحم حلمٍ راوده بعد فشله طيلة أسابيع من الجهود المكثفة المضنية .
أما أوتو لوي عالم الأعصاب هو الآخر ألمانيٌّ ، فقد أعانه الحلم في إيجاد ضالته لإحدى تجاربه في علم الأعصاب ، و حاز على إثرها جائزة نوبل في طبابة علم وظائف الأعضاء .

و من يدري فربما هذا الحلم هو من الصنف الأخير ، فعاشقنا صاحب هذا الحلم ، يعيش هو الآخر على أرض ألمانيا - تلك الأرض الخصبة لنمو الأحلام المتنبئة بالمستقبل - فلعل المسافات تقصر ، و يتقلص طولها ، و ينعدم البعد ، ليلتقي الأحبة ، فيسير بهم القطار مجدداً في رحلة عشقٍ حقيقيةٍ و في وضح اليقظة ، لا في الحلم أو من وحي الخيال .



#يوسف_حمك (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بريق الجمال يشعشع آفاق الخيال .
- الأول من أيار عرفانٌ بجميل الكادحين .
- لا شيء يداوي غير جذوة الإبداع .
- دعوا العلوم و السياسة و التخصص لأهلها .
- الأخبار الملفقة تغزو العقول .
- فلتكن عزلتك حصاداً مثمراً .
- إعصار الكورونا يشل حركة الحياة .
- غلاء المهور عنفٌ موجعٌ بحق الفتاة .
- نداء الفاسد لا يحظى القبول بالمطلق .
- للمرأة في كل أيامها .
- و ماذا في صالات العزاء غير المفاخرة و الرياء ؟!
- الاحتفاء بالحب ليومٍ واحدٍ تقزيمٌ لقدره .
- هل حقاً : عصا الجنة وسيلة ردعٍ و امتثالٍ ؟
- حينما يكون الوطن مختطفاً .
- ليس من طبع المرتزق ، البحث عن ذاته .
- العطاء حكمةٌ راقيةٌ ، و سلوكٌ أنيقٌ .
- الكيل بمكيالين ، أم غشاوةٌ على الأعين ؟!
- كل عامٍ و مستقبلنا يصنعه المستعمِرون و الطامعون .
- براعة الشرق في صناعة الأصنام ، و عدم الأوطان .
- إطلالة نافذتي مفعمةٌ بمشهد الحياة .


المزيد.....




- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...
- طهران تحت النار: كيف تحولت المساحات الرقمية إلى ملاجئ لشباب ...
- يونس عتبان.. الاستعانة بالتخيل المستقبلي علاج وتمرين صحي للف ...
- في رحاب قلعة أربيل.. قصة 73 عاما من حفظ الأصالة الموسيقية في ...
- -فيلة صغيرة في بيت كبير- لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميل ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف حمك - حلمٌ ليس كغيره من الأحلام .