يوسف حمك
الحوار المتمدن-العدد: 6464 - 2020 / 1 / 14 - 02:48
المحور:
الادب والفن
عرفته كما هو ، بأدنى صفاته و بلا مبالغةٍ :
في عينيه جحودٌ شائنٌ ، و في ابتسامته مكرٌ شنيعٌ ، و في نبرة صوته نفاقٌ مهينٌ ، و في جريرته حسدٌ مريعٌ .
نفسه تخلو من المشاعر كالآلة ، عقله مبرمجٌ على نهج المنشار في الذهاب و الإياب ، يفتح المسار ليفرط في الأخذ دون معرفة الجميل ، أو رد العطاء .
ينطبق عليه أقوال الحكماء :
كم علمته نظم القوافي ... فلما قال قافيته هجاني
أعلمه الرماية كل يومٍ ... فلما اشتد عوده رماني .
إسداء المعروف شيمة النفوس النبيلة ، و تقديم العون خصلة الأرواح المرهفة .
و لا يخفى أن في السخاء مروءةٌ ، و في الجود استحضارٌ للُّطف ، و في الكرم تذوقٌ للبراعة و اللباقة .
مخطئٌ من يظن أن العطاء النقي بكافة أصنافه - دون مقابلٍ أو طمعٍ - سببٌ للفناء ، و أن الإحسان باعثٌ للزوال ، و أن المعروف علة الاندثار .
مثلما تنمو الأجسام بالطعام و الشراب ، كذلك تكبر النفوس و تنتعش بالعطاء . و بالسخاء تسمو الأرواح ، و ترتقي رفعةً .
و من الجود تتهلل الوجوه ، و تنفرج البسمة من مبسم الشفتين .
لإسداء الجميل ملامحٌ تنثر حولنا روعة أطيافها ، و توقد شعلة الجمال ، و تنير وهج البهاء .
و لأن النفوس الراقية مغرمةٌ بالإسداء فهي تشعر بالكمال في كل منحةٍ . و تمتلئ عظمةً في كل عطاءٍ .
ولا نقصد من يبادر لقبض منفعةٍ ، أو اختلاس الرياء و المفاخرة .
لأن مثل هؤلاء لا مكان لهم في اهتمامنا ، و لا حصة لهم في جميل الكلام و حسن الخلق .
مثلهم مثل من يتلقى العون ، لكنه مجحدٌ بالعطاء ، و ينسى المعروف .
هؤلاء ناكرو الجميل ، ملامحهم قبيحةٌ ، مصاصو الجهود و الطاقة وقت الشدائد .
الجفاء من طبعهم ، و عدم الوفاء لمن كان لهم سنداً في المحن .
اللؤم من شيمهم ، و جلفٌ للسريرة و غلاظةٌ للجريرة .
على النقيض من النفوس الكريمة التي لا تعرف الجحود . بل وفيةٌ لذوي المعروف و الجود . لا تعرف النكران .
ثقافتها راقيةٌ ، و أرواحها تنضب نبلاً و نقاءً . تغدق على غيرها بالشكر و العرفان ، مهما كان الإسداء هزيلاً و العطاء ضئيلاً .
فليكن عرفانك وفيراً غزيراً ، و ردك للجميل أوفر و أغزر .
#يوسف_حمك (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟