يوسف حمك
الحوار المتمدن-العدد: 6576 - 2020 / 5 / 28 - 17:14
المحور:
الادب والفن
كانا جالسَيْن على درجٍ أسفل عتبة حانوتهما ، يراقبان بصمتٍ عميقٍ قوافل النساء المارة أمامهما ذهاباً ، و كوكبةً من الفتيات اللواتي يخترقن جمهرتهن إياباً .
أحدهما شابٌ في مقتبل العمر و أعزبٌ ، أما الآخر فأربعينيٌّ متأهلٌ . حالته العاطفية متأزمةٌ ، بينه و بين زوجته بونٌ شاسعٌ من المسافة ، مضطرب البال ، متفاقم الحال و المزاج .
فوباء الكورونا قد عزز مكانة القلق في دواخله ، بإطالة زمن الفراق بينه و بين حليلته .
اللذة الجنسية غدت هاجسه إلى حدٍ تكاد تخرج عن السيطرة ، و ناهيك عن الشعور بالوحدة و الكبت و الرغبة الجامحة لإفراغها .
الجنس اللطيف حافزه لنبش متعة العلاقة الحميمية في خبايا ذاكرته ، و تطلعه إلى إعادة الكرة لنشوةٍ أخرى ، تثير مخيلته لإرواء عطشه الجنسيِّ و ظمئه الروحيِّ .
مشهدٌ أنثويٌّ خرافيٌّ كلوحةٍ رسمت بعنايةٍ فائقةٍ من نسج خيال خصبٍ لفنانٍ بارعٍ :
بروز نهدٍ مستديرٍ كعش بلبلٍ ، يتوقده شبقاً ، كونه بوابة الإثارة و موضع الجذب ، و ربما له بمنزلة دواء الخلود .
قدٌّ بهيٌّ بدلاله يأخذه إلى حافة السكر ، و وجهٌ صبوحٌ يذهب عنه وحشة البعد . و طرفٌ كحيلٌ بغنجه يربك القلب ، و يراقصه بدون لحنٍ أو نغمٍ .
خدودٌ ورديٌّ أسيلٌ حريريُّ الملمس .
و ردفٌ كرويٌّ مثيرٌ ، تنتفخ أوداجه من فرط اللذة ، كأنه قبلة عينيه . و خصرٌ أهيفٌ نحيلٌ يخطف بصره خلسةً .
رقة أنوثةٍ حانيةٍ هي الملاذ الأول و الآخر له ، و شاغل فكره و المزار المقدس لروحه ، و ينبوع إلهامه لوكان كاتباً .
ولوج عينيه إلى عريٍّها الباهرٍ لكشف بواطن مفاتنها و مواضع الإثارة ، حتى كاد أنين الجسد يخرج من صمته ، بعد أن لفّت حبل إغرائها حول عنق شبقه الهائج .
يغازلهن بصمتٍ ، و في سره يحادثهن ، فيملأ قلبه حباً ، و يغذي روحه عشقاً .
و في المساء يعود منهك الجسد من عبء العمل و خائر القوى ، يئن من وطأة الكبت ، فيتأوه من حسرة الحرمان .
قلبه الظامئ ينسج من الشوق خيوطاً وهميةً من الحب المتوغل في عروقه و السارق لليله .
و الروح تتأرجح بين مغريات الحاضر ، و نشوة الماضي .
أما الذهن فيهدهده بسرد تفاصيل مشهد اليوم ، و دقائق ذكرياته العتيقة ، فيغطه في نومٍ عميقٍ مكتنزٍ بالأحلام .
#يوسف_حمك (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟