يوسف حمك
الحوار المتمدن-العدد: 6687 - 2020 / 9 / 25 - 18:17
المحور:
الادب والفن
استوقفتني أغنية فيروز " سلملي عليه .... " لتنتشلني من قحط الحاضر الهش الموحش ، إلى فسحة زمنٍ كان زاخراً بالإنس و البسمة .
أقلب صفحاته القديمة ، فأراها مليئةً بصور الراحلين أبدياً ، كما للغائبين الحاضرين على قيد الحياة .
الشوق يثقل كاهل الجسد ، و الفراق يرهق عاتق النفس حينما يشعل شموع حنينٍ يجيد إتقان فن دفء قلوبٍ اُنتُزع منها أحبةٌ .
على مائدة الذكريات أجتمع بهم . فأصغي إلى حكاياتٍ معطرةٍ بأريج الماضي ، و قصصٍ أحلم أن أراها في اليقظة و على مسالك ساحة الواقع .
وحده طيفٌ يحوم حولي في فضاء الغياب ، يرفرف بجناحي وجع الشوق المنتظر الذي لا يماثله شوقٌ .
يسرقني منهم ، يداعبني بوجهٍ وسيمٍ و كلامٍ بهيجٍ ، يُسمعني صوتاً عذباً و حديثاً جميلاً ، و يطربني بضحكةٍ بديعةٍ و بسمةٍ ساحرةٍ .
معه وحده أنفق لهفة الشوق الملتهبة التي تلازمني دائماً كروحي .
و أغدق عليه حنيناً جارفاً ، لأرتوي من تفاصيله .
فباختلائي لهذا الطيف الودود أصل إلى شاطئ الحياة .
أردد تراتيل الود بعنايةٍ ، فاختار طقوس حبٍ تليق بمقام ملامح ناعمةٍ تجذبني ، و أبذل جهداً لترويض الزمن ، كي أستعير منه مهلةً مديدةً ، لينطفئ عطش لهفتي .
فأشبع من أدق تفاصيلها ، بعد أن طبعت قبلة الشوق الدافئة على جبين روحها .
نعم الذكريات قد لا تعود من جديدٍ ، غير أن سحر جمالها أشد قوةً من النسيان و منه أعنف .
في كل مكانٍ وطأناه ، طبعنا على صفحاته بصمةً ،
و على جدرانه بقيت بعض الذكريات مرسومةً دون أن ينال منها الزمن ، فبقيت صامدةً .
و على مفترق دروب محطات رحالنا و ترحالنا ، تركنا أحلاماً بعضها مازالت تنتعش نابضةً القلب ، ربما لأننا نحن كنا أبطالها أو غيرنا ، فلأنها لامست أعماق مشاعرنا .
و بعضها بقيت مشلولةً ، و ما تبقى لقيت حتفها ، فابتلعها النسيان .
أغنية فيروز عن السلام للمحبين الغائبين ، زادتني غوراً في أهوال أتون الحروب و ضراوة معارك بلدان الشرق المنحوسة ، في زمنٍ هُزم السلام فيه ، و حملت الطمأنينة حقيبتها فرحلت .
و هيجتني بكثيرٍ من اللهفة ، لأوصل سلاماً إلى وجوهٍ ، أشتقت إليها في بلادٍ لا مكان للسلام فيها .
على النقيض من زمن فيروز حيث كان السلام دعائمه ، و الأمان ركيزته ....
#يوسف_حمك (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟