أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - الجمهورية الريفية















المزيد.....

الجمهورية الريفية


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 6682 - 2020 / 9 / 20 - 13:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بحلول 18 شتنبر 2020 ، تكون قد مرت تسعة وتسعين سنة على ميلاد اول جمهورية اثنية عرقية بشمال افريقيا ، وبالضبط بالمغرب الاقصى الذي كان يسمى مراكش .
فجمهورية الريف التي تأسست كدولة اتحادية لقبائل الريف في 18 شتنبر 1921 ، جاءت ضمن الثورات التي قامت بها القبائل البربرية بالريف ، وبالأطلس المتوسط ، والاطلس الكبير قبل بداية القرن ، وقبل دخول فرنسا الى المغرب ، ضد النظام السلطاني بفاس ، كنظام تقليداني ، وكنظام عندما أسس لدولته وسماها بالدولة المخزنية ، بعد القضاء على الدولة العصبية ، القبائلية ، والمشاعة ، وبنى كل قوتها على الانتساب الى النبي ، وعلى فرض الضرائب العديدة ، واستعمال الغارات والاغارات على القبائل التي رفضت دفع الضريبة للسلطان ، واستعمال مختلف أنواع البطش والتقتيل في تحصيل الضرائب ، لمليء صندوق مال السلطان ... دفع بثورات القبائل البربرية الى تبني نظام الجمهورية الأثنية والعرقية ، التي تبنت قاعدتها على رفض الغزو العربي لشمال افريقيا ، وما نتج عنه من مآسي كالسلب ، والاستفراد بنساء البربر، وتصديرهم الى الحاكم العربي في دمشق ..
لكن ما يلاحظ على هذه التجارب الثورية الجمهورية ، انها وباستثناء الجمهورية الريفية التي كانت انفصالية ، فهي كانت وحدوية ، هادفة جمع شمل الشعب المغربي ، في نظام جمهوري بعض الإطاحة بالنظام السلطاني الذي كان يحكم من فاس ..
عندما أسس الريفيون جمهورية الريف الانفصالية ، حيث كانت لها حكومة ، وكان رئيس الجمهورية محمد بن عبدالكريم الخطابي ، ورغم الرسائل العديدة التي وجهها الى أمريكا ، والى اوربة شارحا وموضحا ، طبيعة جمهوريته الانفصالية ، فلا دولة اعترفت بها ، باستثناء دولتين فرنسا وانجلترا ، التي كان بهما سفيرين للجمهورية الريفية هما ، حدو بن حمو بباريس ، وعبدالكريم بلحاج بلندن .
والسؤال هنا : كيف ان يكون هناك سفيرين للجمهورية الريفية بباريس وبلندن ، وهاتين الدولتين لا تعترفان طبقا للمعاهدات الدبلوماسية ، بالجمهورية الريفية ؟
اعتقد ان الفعل غير الواضح هذا ، مرده الى انتهازية دولتي " سايكس وبيكو " اللتين كانتا تنتظران ما سيسفر عنه ميلاد جمهورية بشمال المغرب ، من خلال توجهها السياسي والايديولوجي ....
لكن ما ان بدا ان التوجه إسلامي ، وان مستقبل الجمهورية سيكون ضد التحالف المسيحي ، الكاثوليكي ، البروتستاني ، واليهودي ، حتى ناصبت الدولتين الاستعماريتين العداء للجمهورية الريفية التي دخلت في حرب تحرير مع اسبانيا الاوربية الكاثوليكية ...
لقد عاشت الجمهورية الريفية الانفصالية ستة سنوات ، من 1921 الى 1926 ، وتعرضت لحرب قاسية من قبل ثلاثة دول هي ، اسبانيا التي ضربت الريف بالغازات السامة ، وفرنسا ، والنظام السلطاني الذي حج الى قصر فرساي يقدم الشكر لفرنسا على انتصارها في حرب الريف ، التي انهت عمر الجمهورية الريفية ..
لقد كانت الثورات القبائلية البربرية الرافضة للنظام السلطاني بفاس ، والهادفة لا قامت جمهوريات بربرية ، والكل يتذكر ما تعرض له الثائر الجيلالي الروگي المكنى ب ( بوحمارة ) من قبل المخزن بفاس ، وكيف تم التنكيل بقبيلته ، وبكل القبائل التي انخرطت في مشروع ثورته على السلطان عبد الحفيظ ، وهو تنكيل يشبه ما تعرض له البرامكة عندما اسودت غيومهم ، واكفهر جوهم ، ويشبه التنكيل الذي مارسته الخلافة التي لم تكن راشدة ، على القبائل التي ثارت بعد وفاة النبي بدعوى الردة ..
فما قمام به خالد بن الوليد ، وعمر بن الخطاب .. على القبائل التي ادخلوها بالجبر وبحد السف الى الإسلام ، كان إبادة جماعية ، وتفنن في ابتكار ابشع ، واقبح وسائل القتل والتقتيل ، والعذاب والتعذيب ، بدعوى حرب الردة ..
باقتراب نهاية العشرينات وبداية الثلاثينات من القرن الماضي ، وبسبب التدخل العسكري الفرنسي ، باسم الحماية الموقعة مع السلطان عبدالحفيظ ، وبسبب التدخل الاسباني ، تكون الثورات القبائلية قد انهزمت ، وتكون الجمهورية الريفية قم تم القضاء عليها ، ويكون بذلك عهد جديد قد بدأ ، سيعرف ب ( الحركة الوطنية ) ، التي ناصبت العداء لجيش التحرير الذي تكوّن من القبائل البربرية ، الساخطة والرافضة للنظام السلطاني ..
واذا كانت القبائل البربرية غير الريفية ، قد قطعت مع المشاريع الجمهورية ، وتقوقعت كل اثنية في قبيلتها وفي محيطها ، فان القبائل الريفية ظلت تحمل في طياتها حلم الجمهورية الريفية ذات الاتجاه الإسلامي ، وهذا سيبدو على الأرض مباشرة بعد الاستقلال الشكلي ، حيث سينتفض كل الريف ضد النظام العروبي العلوي في سنة 1957 و 1958 ، وتعرض الى إبادة جماعية عبّر عنها الملك الراحل الحسن الثاني في يناير 1984 ، عندما وصف الريفيين بالأوباش ، وعندما قال " ان من مصلحة الريفيين ان يعرفوني كلمك وليس كولي للعهد " ، كما تعرض الشمال الى مجزرة رهيبة في انتفاضة يناير 1984 ، التي كانت ثور شعبية شيعية ، رفع فيها المتظاهرون صور آيات الله الخميني ..
ومنذ ها ظل الريفيون يحنون الى جمهورية الريف ، كدولة انفصالية عن المغرب ، وهذا ما سيبدو اثناء حراك الريف بزعامة ناصر الزفزافي ، ودخول حركة 18 شتنبر على الخط ،وتبني الحراك لشعاراتها الانفصالية ، وسيكون اكبر مشهد عكس نزعة الانفصال ، ترديد شعارات الانفصال ( عاش الريف ) ، حمل راية وعلم الجمهورية الريفية بالملايين ، والدوس بالأقدام ، وحرق العلم المغربي بأوربة ...
ان المتتبع لكل التطورات التي مر بها الصراع السياسي والقبائلي بالمغرب ( عدي اوبيهي ) ، ( الريف ) ، ( الصحراء ) ، سيلاحظ ان الصراع لم يكن محتدا فقط ، وسط الشعب ، والقبائل ، والاقاليم ، والجهات .... بل انّ الصراع كان محتدما بين أبناء القبائل العاملين بمؤسسات الدولة ...
فاذا كانت كل انتفاضات الريف الشعبية ، تهدف الوصول الى الجمهورية الريفية الانفصالية ، فان أبناء الريف ، وأبناء الاطلس المتوسط ، العاملين بالدولة خاصة بالجيش ، رغم انهم كانوا يكرهون ويرفضون النظام الملكي ، الاّ ان معارضتهم للدولة ، لم تكن ذات طابع انفصالي ، يهدف الى انشاء دولة خارج ارض المغرب ، لكنهم كانوا جمهوريين وحدويين ضمن كل المغرب .
ان تحرك ضباط الجيش في انقلاب 1971 ، وفي انقلاب 1972 ، كان يهدف الى إقامة جمهورية بربرية في كل المغرب ، بعد النجاح في اسقاط الدولة العلوية ... وكانت تلك الوحدة يمثلها الانتساب القبائلي الذي ينتسب اليه الضباط الانقلابيين ، فكانوا يمثلون كل الاثنيات والاعراق ، من الريف ( الجنرال المدبوح والكلونيل عبابو ... ) ، الاطلس المتوسط ( الجنرال بوگرين ، الكلونيل العربي الشلواطي ... ) ، سوس ( احمد رامي ) ، والعرب ( الجنرال حبيبي ، الكلونيل الفنيري .. ) ..
وبينما خبت كل اشكال الانقلابات العسكرية ، بتغيير النظام لكل السياسات الأمنية السابقة عن الانقلابين العسكريين ، ودمج كل الضباط الكبار في النسيج الاقتصادي المنفعي للدولة ، استمر الريف يحلم بتجربة الجمهورية الريفية ، معتقدا ان حل المعضلات السوسيو/اجتماعية المستفحلة ، تكمن في نظام الجمهورية الريفية التي تحتضن فقط الريف ، ولا تحتضن كل المغرب ...
فبعد مرور تسعة وستين سنة على إقامة جمهورية الريف ، التي لم تعترف بها اية دولة في العالم ، ولم يكن لها ممثلون بالمنظمات الدولية ، ولا بالأمم المتحدة ... لا يزال هذا الحلم يراود الريف ، مع العلم انه خارج اجماع الشعب المغربي ، ووحدة ارضه ، يبقى حلما انتحاريا ، وحلما مغلوطا ... سيجعل أي دولة انفصالية مرتقبة ، مسخرة بيد القوى الامبريالية والصهيونية ..
فعوض رفع شعار ( عاش الريف ) ، يجب رفع شعار ( عااااااااااش المغرب ) .



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا تحضر واشنطن لمحمود عباس ؟
- ابراهيم غالي الذي لم يعد غالياً منذ سنة 1991 ، يوجه خطاب بكا ...
- نكبة ام نكسة ؟
- المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني
- الاضراب عن الطعام
- ذكرى 6 شتنبر 1991
- هل سيطبع النظام المغربي مع دولة اسرائيل ؟
- هل ستطبع الانظمة العربية مع الدولة الصهيونية ؟
- تصعيد جزائري يخبط خبط عشواء
- هل من قاسم مشترك بين ملف الريف وملف الصحراء ؟
- إخبار الرأي العام / كوماندو بوليسي اعتدى عليّ / إختطاف من ال ...
- خطاب الملك ، خطاب ودعوة لنزول الشعب ، وليس الرعايا الى الشار ...
- أخيرا أُسدل الستار عن محاكمة ( قتلة ) رفيق الحريري -- تمخض ا ...
- النظام المغربي يصدر مذكرة توقيف دولية في حق المواطن الالماني ...
- الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون يحذر الجزائريين من ( الثورة ا ...
- بعد اسقاط الحكومة وليس استقالتها ، لبنان الى اين ؟
- هل توجد أنتلجنسيا مغربية ؟
- إتفاقية الجزائر
- الهامش الديمقراطي
- محنة عمر الراضي / لا يعذر احد بجهله للقانون ، والقانون لا يح ...


المزيد.....




- بعد وقف إطلاق النار.. ترامب: تغيير النظام في إيران سيخلق فوض ...
- لماذا يعد تغيير النظام في إيران أمرًا صعبًا؟ أستاذ في جامعة ...
- لماذا اختارت إيران القاعدة الأمريكية في قطر لتوجيه رسالتها ل ...
- المستشار الألماني: -الوقت حان- لوقف إطلاق النار في غزة
- مقتل 4 أشخاص بصواريخ إيرانية أصابت مبنى سكنيا في بئر السبع ج ...
- إيران: هل من بديل سياسي؟
- دوي انفجارات في إيران رغم أمر ترامب بوقف الهجمات الإسرائيلية ...
- غزة: مقتل أكثر من 50 فلسطينيا بنيران الجيش الإسرائيلي معظمهم ...
- إسرائيل: لن نهاجم إيران مجددا بعد مكالمة ترامب ونتنياهو
- ماذا تفعل حين يقرر طفلك التوقف عن رياضته المفضلة؟


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - الجمهورية الريفية