|
الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون يحذر الجزائريين من ( الثورة المضادة )
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6646 - 2020 / 8 / 14 - 10:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
غرائب الحكام العرب : في كلمة القاها الرئيس الجزائري مؤخرا ، ومن دون حشمة ولا خجل ، حذر الجزائريين من ثورة مضادة يهيئ ويحضر لها من داخل وخارج الجزائر ، ويقف وراءها ما سماهم سيادته ( بالعصابة ) ، ويقصد بها بعض الوزراء والضباط وسعيد اخ الرئيس بوتفليقة الذين يقبعون في السجون بتهم الفساد .. فحين يتحدث الرئيس الجزائري عن الثورة المضادة ، فالسؤال يصبح هو : --- هل فعلا حصلت ونجحت الثورة حتى يمكن الحديث عن الثورة المضادة ؟ --- ومنذ متى كان جائزا الحديث عن الثورة المضادة ، دون حصول الثورة المتناقضة مع الثورة المضادة ؟ --- وهل ما حصل من مسيرات ، كانت تنظم يوم الجمعة تناسباً مع الصلاة ، كان بالفعل ثورة ، ولا نقول انها نجحت ، بل ان الحراك الشعبي لم يصل حتى الى ربع الطريق ، حتى لا نقول نصفه ، فأحرى الحديث عن نجاح ثورة لم تكن ابدا ثورة ، وكانت فقط شعارات نجح النظام العسكريتاري الجزائري في الالتفاف عليها ، وفي تحنيطها ، واجهاضها ، منذ انطلاقاتها الأولى ، حتى لا تتمدد وتصبح طوفانا ، قد ينتهي بالفعل الى تسمية الحاصل بالثورة ، فيما لو نجحت في دك نظام 1962 ، الذي لا يزال يجثم على صدر الشعب الجزائري ، ولا يزال مستمرا في نفس نهب الثروة ، وكأننا ما نزال مع الهواري بومدين ، ومع عبدالعزيز بوتفليقة .. فعن اية ثورة يتحدث الرئيس الجزائري حتى يحذر من نقيضها الثورة المضادة ؟ لا اعتقد ان الرئيس عبدالمجيد تبون يتجاهل او يجهل ابجديات الثورة ، لكن استعماله للفظ ومصطلح الثورة ، لإيجاد مسوغ باسم الثورة التي لم تحصل ابدا ، فقط لتبرير شرعية حكمه ، الذي لا يرجع اصله الى إرادة واختيار شعب الثورة ، انْ كان قد حصلت فعلا ثورة ، والذي وقف ضد مسيرته الاسبوعية ... ، وانما أساسه ، انّ جنرالات الجيش المحافظين على مصالحهم ، هو ما حدى به الى توظيف مفهوم مصطلح الثورة ، لإضفاء مشروعية شعبية لا علاقة لها بحفاظ الجيش ، على استمرار نفس النظام الذي يحكم باسم ثورة لم تعد ثورة ، منذ الانقلاب المدبر على اول رئيس اشتراكي هو أحمد بن بلة .. فعندما يختزل الرئيس ما حصل ( بالثورة ) في ما سماه ( بالعصابة ) ، فهل الثورة بمفهومها المعروف والمتداول عالميا ، تحصل ضد طبقة ، او ضد نظام ، او ضد دولة ، اوْ وفي مستملحات الرئيس ، وهذا يبقى اجتهادا خاصا به ، يعتبر مجرد الانقلاب على ( عصابة ) بمثابة ثورة ... عندما خرج الشعب الجزائري منتفضا ضد نظام 1962 ، فمن بين الشعارات الرئيسية التي رفعها ، كانت اسقاط الجمهورية البالية القائمة ، والمعنى من ذلك المقصود ، جمهورية جبهة التحرير الوطني التي حكمت الجزائر منذ إسقاط أحمد بن بلة ، وبناء جمهورية الجزائر الجديدة ، التي يجب ان تكون جمهورية الشعب الجزائري ، لا جمهورية FLN التي افقرت الجزائريين ، وبذرت ثرواتهم في أشياء سفسطائية ، خدمت الجنرالات وصقور الجبهة ، والحقت الأذى بالشعب وبالدولة الجزائرية ، التي كان من المفروض ان تكون دولة الشعب ، وليس دولة الجنرالات ، وصقور FLN . ان اختصار ما سماه الرئيس بالثورة المضادة لثورة لم تكن أصلا ، في ما سماه ( بالعصابة ) وعددها لا يتجاوز خمسة عشر نفرا ، لم يكن ابدا ثورة ، ولا حتى مشروع اصلاح سياسي الأقل من الثورة . فما حصل مع ما سماه ( بالعصابة ) كان تصفية حسابات سياسية مع الموقوفين ، وكان طلسم لتدويخ الشعب الجزائري ، بانّ ما حصل من سجن ( العصابة ) ، هو ثورة حقيقية ، وانّ كل مطالب الشعب الذي رددها في الحراك قد تحققت بالكامل . ان سجن من سماهم الرئيس ب ( العصابة ) لدر الرماد في اعين الجزائريين ، ولطي صفحة الحراك حتى يستمر نفس النظام الامتداد الطبيعي لنظام 1962 ، يفعل فعلته في الجزائر ، كان مهزلة مكشوفة ، ومسرحية ملعبة ببلادة ، وكان تكذيبا مُبجلا انّ ما حصل بالجزائر ليس بثورة ، ولم يكن ابدا ثورة ... انّ الجمهورية الجديدة التي طالب الجزائريون لتكون للجزائريين ، تم اجهاضها في المهد ، وقد ساهم في هذا الإجهاض الوحش كرونا ، الذي حال دون تتميم الحراكيين الاحرار والشرفاء ، مسيراتهم النضالية ، حتى اسقاط جمهورية FLN ، وبناء جمهورية الجزائريين .. والسؤال الذي نطرحه لسيادة الرئيس الذي يتكلم عن الثورة --- منذ متى كان في التاريخ ، تصفية حسابات مع رموز للنظام وليس مع النظام ، وادخالهم السجن ، بمثابة ثورة ؟ --- ومنذ متى كان في التاريخ ، اعتبار حراكا فشل بالالتفاف عليه وتحنيطه ، ولم يصل الى دكّ أعمدة الدولة القائمة ، بالثورة ؟ --- و هل ما حصل من حراك في كل البلاد العربية ، كان حقيقة ثورة ، ما دام ان الحراك اسقط الرئيس الشخص ، وابقى على النظام الذي انتج الرئيس ، وبرع في انتاج رئيس اقبح من الرئيس السابق ، ولنا احسن مثال في الدكتاتور السيسي الذي يقتل الشعب المصري ، وفي مجلس السيادة السوداني ... فهل الثورة تقتضي دك وتحطيم دولة ، لبناء على انقاضها دولة جديدة ، ام تقتضي فقط الاكتفاء بتغيير شخص رئيس ، بشخص رئيس آخر .. ان نظام 1962 الذي لا يزال يحكم الجزائر ، هو من انتج ( العصابة ) ، وهو من انقلب عليها ، بعد ان مسح فيها كل اوساخ النظام ، وقدمها قربانا من اجل الحفاظ على النظام الذي انتج ( العصابة ) ، وانتج رؤساء الجمهورية الذين تناوبوا على الحكم في الجزائر .. من الهواري بومدين الذي انقلب على اول رئيس جزائري اشتراكي ، هو احمد بن بلة ، الذي تدخل جمال عبدالناصر شخصيا لفك اسره ، الذي دام حوالي سبعة عشر سنة ، الى الشادلي بنجديد ، الى عبدالعزيز بوتفليقة ، الى الرئيس عبدالمجيد تبون ... ولو لم يرضى نظام الجنرالات ، المتحالف مع صقور FLN على الرئيس تبون ، هل كان بإمكانه ان يكون اليوم خامس رئيس للجزائر منذ استقلالها في سنة 1962 ؟ ان أي رئيس مرتقب لحكم الجزائر ، لا يمكنه ان يخرج عن عباءة الجنرالات الذين يمثلون السلطة ، ويمثلون الحكم الحقيقي في الجزائر .. فعندما حاول الرئيس بوضياف التمرد ، والخروج عن طاعة الجنرالات في قضية الصحراء ، التي كان على وشك الاعتراف الصريح بمغربيتها ، تم اغتياله بأمر من جنرالات الجيش ، وحين حاول الشادلي بنجديد الاختلاف مع سياسة الجنرالات في قضية الصحراء ، تم التعجيل بإبعاده ومحاصرته ... ان الرئيس عبد المجيد تبون ، هو جزء أساسي من نظام 1962 ، الذي كان يناصر ويطبل لعبد العزيز بوتفليقة ، قبل ان يتمكن منه المرض والخرْفِ .. ولولا رضاء ومباركة جنرالات الجيش ، هل كان لعبد المجيد تبون انْ يتحدث اليوم عن الثورة المضادة لثورة لم تحصل قط .. ان حديث الرئيس على الثورة المضادة ، وهذا يبقى مجرد وهم ، وتوهم ، وضرب من الخيال ، لمداعبة خيال الجزائريين على ثورة لم تحصل اطلاقا ، هو نوع من التخويف ، والترهيب ، للجزائريين المهددين في امنهم ، وسلامتهم ، وطمأنينتهم التي كدرتها الحرب الاهلية ، التي سقط فيها حوالي مليون ضحية برصاص الجيش ، الذي كان يقف وراء كل عمليات الابادة التي تعرضت لها قرى ، ومداشر ، باسم جماعات اسلاموية وهمية ، تم توظيفها كغول للقتل ، والترهيب ، وتعميم الفوضى ، والتخويف من اجل تدعيم حكم الجنرالات ، ومن اجل استمرار بسط يدهم على الشعب ، وعلى ثروته المنهوبة .. لقد اعترف العديد من الضباط ، ومن الدبلوماسيين الجزائريين ، بجرائم الجنرالات في الحرب الاهلية ، وعلى رأسهم انوار مالك الذي اصبح بوقا ، وزماراً ، ومرتزقاً لآل سعود المجرمين ، كما اضحى بوقاً لجنرالات الجيش بعد انقلابه عليهم ، عندما اصبح لاجئا سياسيا بفرنسا ... هكذا تدار السياسة في الجزائر بلد المليون ونصف مليون شهيد ، وانا أتساءل كيف وصلوا الى حقيقة المليون ونصف مليون شهيد بالضبط ، هل احصوا عدد من كان يسقط في حرب التحرير ، وكيف كان الإحصاء ، وما هي المعايير التي اعتمدوها في عملية الاصحاء ... ولماذا لم تكن نتيجة الضحايا مثلا مجرد مليون و عشرين الف ضحية .... وقد سقت هذا المثال لأبين انّ ما ساد من مغالطات ، واكاذيب حرب التحرير، بالنسبة للعدد الحقيقي مِمّنْ استشهدوا ، لا تختلف عن المحاولة الأخيرة للرئيس عبدالمجيد تبون ، لتغليط الشعب الجزائري بحصول ثورة لم تحصل ابدا ، ليبرر حديثه المخدوم عن ما اسماه بالثورة المضادة ، التي يبقى الهدف الحقيقي منها تذكير الجزائريين بمآسي الحرب الاهلية التي كان يقف وراءها جنرالات الجيش ، حتى يتكاتف الشعب وراء نظام 1962 الذي يجثم حتى اليوم على الجزائر ، درئاً لمخاطر عودة ( الإرهاب ) ، وتكون الحصيلة تأبيد واستمرار نفس النظام منذ استقلال 1962 . فعن اية ثورة مضادة يتحدث سيادة الرئيس ، والمفروض ان الثورة التي ستهددها الثورة المضادة لم تحصل ابدا ... ؟
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بعد اسقاط الحكومة وليس استقالتها ، لبنان الى اين ؟
-
هل توجد أنتلجنسيا مغربية ؟
-
إتفاقية الجزائر
-
الهامش الديمقراطي
-
محنة عمر الراضي / لا يعذر احد بجهله للقانون ، والقانون لا يح
...
-
تحليل خطاب الملك
-
دعاة التغيير
-
القرارات ( الارتجالية ) للدولة المغربية
-
بلاغ وزارة الداخلية
-
محاولة الحكومة مصادرة مقر المنظمة الطلابية - الاتحاد الوطني
...
-
وهم الاسطورة السياسية
-
في الزمن الرديء ، الزمن الموبوء ، تصبح الخيانة نضالاً باسم ح
...
-
هل النظام المخزني قابل للإصلاح ؟
-
- شرق عدن غرب الله -
-
محكمة العدل الدولي تصدر قرارا ضد الحضر الجوي على إمارة قطر
-
بين تصريح الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون ، وتصريح أبا بشرايا
...
-
من المسؤول عن عرقلة حل نزاع الصحراء الغربية ؟
-
إسبانيا الأمة العظيمة ، ترتعش من شدة الخوف ، من الجار المغرب
...
-
مواصلة الصراع السياسي في المغرب
-
الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون يدعو النظام المغربي الى تقديم
...
المزيد.....
-
-انتهاك صارخ للعمل الإنساني-.. تشييع 7 مُسعفين لبنانيين قضوا
...
-
لماذا كان تسوس الأسنان -نادرا- بين البشر قبل آلاف السنوات؟
-
ملك بريطانيا يغيب عن قداس خميس العهد، ويدعو لمد -يد الصداقة-
...
-
أجريت لمدة 85 عاما - دراسة لهارفارد تكشف أهم أسباب الحياة ال
...
-
سائحة إنجليزية تعود إلى مصر تقديرا لسائق حنطور أثار إعجابها
...
-
مصر.. 5 حرائق ضخمة في مارس فهل ثمة رابط بينها؟.. جدل في مو
...
-
مليار وجبة تُهدر يوميا في أنحاء العالم فأي الدول تكافح هذه ا
...
-
علاء مبارك يهاجم كوشنر:- فاكر مصر أرض أبوه-
-
إصابات في اقتحام قوات الاحتلال بلدات بالضفة الغربية
-
مصافي عدن.. تعطيل متعمد لصالح مافيا المشتقات النفطية
المزيد.....
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
-
شئ ما عن ألأخلاق
/ علي عبد الواحد محمد
-
تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا
...
/ شادي الشماوي
المزيد.....
|