أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صفوت سابا - البابا والصحفية والجيوش الإلكترونية














المزيد.....

البابا والصحفية والجيوش الإلكترونية


صفوت سابا

الحوار المتمدن-العدد: 6678 - 2020 / 9 / 16 - 10:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في مقال سابق كتبت عن المشاكل التي واجهها قداسة البابا تواضروس منذ توليه رئاسة الكهنوت في الكنيسة القبطية وخاصة علاقته بالأساقفة، وعرضت وجهة نظري عن الأسباب التي أدت إلى توتر العلاقة بينهم، ثم تحدثت عن بعض الوسائل التي يستخدمها هؤلاء الأساقفة وبوجه خاص أصحاب الخطاب العدائي والمناهض لقداسته.

وقبل أن أتحدث اليوم عن الجيش الإلكتروني، وهو وسيلة أخرى يتبناها هؤلاء الأساقفة لمحاربة البابا تواضروس، اريد ان أتحدث عن اللغط الحادث بخصوص رفع دعوى قضائية من أحد الأساقفة ضد إحدى الصحفيين.

من حق أي مواطن في دولة القانون أن يرفع دَعْوَى قضائية في حالة إلحاق ضرراً به أو تضرره من مقال أو كتاب أو أي عمل فني أشاع السوء عنه بين الناس بالقذف أو التشهير أو ما شابه. أقول من حق أي مواطن أن يقوم بذلك، لكن عندي مشكلتين في أن يقوم أسقف برفع دعوى قضائية علي صحفي. المشكلة الأولى أن تكون هذه الدعوى أداةً لإسكات الصحفيين أو الحد من حرية التعبير أو منعهم من الكتابة في موضوع ما - بالرغم من قناعتي بأن الحق في حرية التعبير ليس حقاً مطلقاً، فليس من حق شخص أن يسب أو يقذف أو يلوث سمعة آخر أو يشهر به، وهذا أيضاً يُحرِّمه القانون. وفي الغالب يكون الهدف من هذه الدَّعْاوَى هو رد الاعتبار، التعويض عن الضرر، تحقيق هدفاً استراتيجياً كدعم ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، أو تحقيق تغييراً منهجياً معيناً، الخ. المشكلة الثانية هي أن رفع دعوى قضائية بسبب التشهير بقداسة البابا شنودة الثالث أمر قانوني وسياسي وحقوقي لا يخص إيبارشيه بعينها أو أسقف بذاته بل هو أمر عام يخص الكنيسة في مصر، وربما المصريين جميعاً. لهذا كان من الواجب على من أقام هذه الدعوى أن يعلن ويسجل أمام رئاسة الكهنوت في الكنيسة وبقية أساقفة المجمع المقدس وبشكل واضح رغبته وعزمه على إقامة هذه الدعوى، ثم يتأكد من موافقتهم على ذلك قبل أن يبدأ في إجراءاتها. اما القول بان الموضوع قد تم نقاشه مع قداسة البابا وخمسة اساقفة من أكثر من سنة ونصف، فهذه حجة واهية تقلل من شأن الموضوع وتُهَمَّشه وتُهَمَّش ايضاً من دور قداسة البابا تواضروس في الكنيسة والمجمع المقدس كله.

والآن أعود للكلام عن الجيوش الإلكترونية التي تحارب البابا تواضروس. فهي تملك قنوات تلفزيونية ومواقع إلكترونية تصل بحسب متابعتي إلى ما يقرب من ثلاثين يحاولون بها أن يوهموا القارئ بأن ما يرد في هذه المواقع والقنوات يعبر عن رأي الكنيسة القبطية، لهذا يهتمون أن تحمل عناوين صفحاتهم مشتقات كلمات تجد قبولاً عن القارئ القبطي مثل: "أرثوذكسية"، "قبطية"، "كنسية". بالإضافة، فإن هناك صفحات تنتمي لأفرد بشخصهم - للأسف الشديد منهم بعض الكهنة وأسرهم - لا يخجلون من محاربة قداسة البابا بشكل علني. وتحرص هذه الجيوش على متابعة كل ما ينشر على الإنترنت أو يخص أي شيء يصلح كأداة للتشهير بقداسة البابا. بالإضافة، فهم يَبُثُّون الإشاعات وينشرون الأكاذيب بغرض خلق البلبلة وإرباك الشعب وتهيجه ضد قداسة البابا والضغط عليه حتى يَعْدِل عن برنامجه الإصلاحي. كما أنهم يُرَوّجون لوجهات نظر لا تمت للحقيقة بصلةٍ، ويطرحونها على أنها الفكر السليم والمتفق عليه داخل الكنيسة. كما تجدهم في كل كتاباتهم يَدَّعُون معرفة العلوم الكنسية ويَدَّعُون أنهم يحملون على عاتقهم رسالة الحفاظ على الإيمان وحماية العقيدة.

أما أساليب الجيوش الإلكترونية فحدث ولا حرج، فهي أساليب لا تختلف عن أساليب الإخوان المسلمين في ضراوتها والسلفيين في عدم لياقتها. كما أن أُطْروحاتهم تحتوي على حجم كبير من الجهالات الفكرية التي لا تليق بمن يدعي البحث عن الحقيقة. وهم لا يتورَّعون عن إهانة قداسة البابا بشكل علني لا يسمح بالتأويل، يُحَقِّرُون من شأنه ويصفونه بألفاظ يَنْدَى لَها الجَبِينُ، يخاطبونه باسمه العلماني قبل الرهبنة "وجية صبحي" وكأنهم ينكرون عليه انتماءه إلى الإكليروس، لهذا تراهم يعلنون بكل فجاجة أن "الكرسي المرقصي مازال شاغراً" بعد نياحة قداسة البابا شنودة.

السؤال الذي يلح عليَّ الآن: كيف يقبل الأساقفة الذين يرفعون دعاوى قضائية بسبب إهانة البابا السابق (قداسة البابا شنودة) أن يهان البابا الحالي (قداسة البابا تواضروس) من أولادهم المعروفيين بعلاقتهم الوثيقة بهؤلاء الأساقفة، وظهورهم الدائم معهم، ودعموهم لهم بشكل واضح؟

وبالرغم من أنني أؤمن بأن إصلاح عيوب المجتمع الكنسي المعاصر لا يمكن أن يتم إلا من خلال التعليم ومُوَاجَهَةُ العيوب في إطار التنوير والتفكير النقدي الذي يلتزم بالتحليل والتقييم الموضوعي للقضايا قبل تكوين الأحكام، فإن الطريق الذي يسلكه هؤلاء الأساقفة وجيشهم الإلكتروني لا علاقة له بالتنوير أو التفكير النقدي أو حتى الروحانية التي أشبعونا كلاماً عنها دون أفعال. فهم بأساليبهم هذه يَفْصِلون بين الحياة المسيحية الحقيقية وأخلاقيات المسيحي، كما يَفْصِلون بين التعليم فوق المنير وسلوكياتهم على أرض الواقع. وكأن الشركة بين النور والظلمة ممكنة عندهم، فلا مانع للواحد منهم أن يتناول من الأسرار الإلهية في الصباح، ثم يلقي عظة عن القداسة بعد الظهر، ثم يخرج علينا في المساء بفيديو أو بوست مملوء بالشتائم والإهانات والتجاديف على المختلفين معهم.

عزيزي القارئ: إن كنت ترى أن مصير برنامج قداسة البابا الإصلاحي يبدو داكناً، فإن الصورة تبدو أكثر سواداً عندما تدرك أن هناك قوى أخرى كثيرة داخل الكنيسة وخارجها تهدف إلى إفشال مساعي قداسة البابا نحو الإصلاح والتغيير.
ومن المحزن أن الجيوش الإلكترونية - ومن يقف وراءهم في الغرف المظلمة من الذين سمحوا لمرارة تجاربهم وعداوتهم نحو قداسة البابا - يتصورون أن مزاعمهم هذه سوف تشوه تاريخ الأب البطريرك، إذ لا يعلمون أن التاريخ شيء والشهادات المغرضة شيء آخر، ولي في هذا كلام كثير سأعرضه في مقال قادم.



#صفوت_سابا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بابا الإِسْكَنْدَرِيَّةُ والأساقفة
- مَجْهُولٌ أَخْرَق
- أُورْشَلِيمَ تأكل أَفْرَخها
- آخِر وصَايَا إمرأة مَهْزُومَة
- وَحْيٌ يُضْحِك الثَّكْلَى
- يا صاحبي: لا تنس أيامًا قَضَيْناها - ديسمبر 1986
- مِلْءُ الزَّمَانِ
- كَلَّا لَنْ يَحْدُث شيئٌ إنْ مُتَّ
- اذبحني فوق مائدة سحورك
- أَبُو جَهْل في بَلْدَتِى
- هكذا قال العَمّ بنيامين: فى الشُّكر
- فى مديح السيدة العذراء
- اللَّيْلُ فى بَلْدَتِى
- الْبَحْر لمَّا ابْتَسَم
- إلى أُمِّي : أنا في الْهَيَام مَأمُور
- الكاهن والْمَعْتُوه
- رحلة إستشهاد طفل فى أحد الشعانين
- لمَّا تشُوف الْبُطْرُسِيّة
- عوض جويد
- رسالة إلى رئيس جمهورية مصر العربية - المشير عبد الفتاح السيس ...


المزيد.....




- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صفوت سابا - البابا والصحفية والجيوش الإلكترونية