معادلات السنين العجاف

خليل قانصوه
طبيب متقاعد
(Khalil Kansou)

الحوار المتمدن-العدد: 6303 - 2019 / 7 / 27 - 18:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

يدهش المرء أمام القرار الذي اتخذته الآن ، السلطة الفلسطينية في رام الله بتعليق العمل بالاتفاقيات بينها و بين الإسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة التي تتضمن في ما تتضمنه " التنسيق الأمني " من أجل منع الرازحين تحت وطأة الاحتلال من الاحتجاج و المقاومة ، بانتظار التوافق بين الطرفين ، عن طريق المباحثات ، على حل نهائي بحسب روحية اتفاقيات أوسلو التي توصلا إليها في سنة 1993 .
لا غلو في القول أنه، لم يبق من هذه الاتفاقية إلاّ " التنسيق الأمني " الذي يتولاه جهاز شُرطي ، بالرغم من مضي المستعمر الإسرائيلي في زرع مستعمرات استيطانية في الضفة الغربية ، و في محو معالم التاريخ العربي في طول البلاد الفلسطينية و عرضها ، بما في ذلك مدينة القدس التي تفيد الأخبار بأنه أقدم مؤخرا على هدم عدد كبير من منازلها ، بالإضافة إلى فصل قطاع غزة و أهلها عن فلسطين !
اللافت للنظر في هذه المسألة أن سلوك المستعمر الإسرائيلي لا يختلف في جوهره عن تصرف المحتلين الأميركيين في العراق و عن التخريب الذي تعرضت له المعالم التاريخية في سورية على أيدي داعش و غيرها من تنظيمات الإرهاب الإسلامي . و لا حرج في هذا السياق ، في القول أن أموال الدول الخليجية استخدمت في إزالة الكثير من الآثار التاريخية الثقافية العربية و الإسلامية ، ليس في شبه جزيرة العرب وحسب و أنما في بلاد ما بين النهرين و في سورية أيضا .
أضع هذه التوطئة تمهيدا للنظر في ما أعتقد أنه قانون من القوانين التي يتبعها المستعمر في مستعمراته ، يتعلق في موضوع اختياره بنفسه ، قيادة لأهلها الأصليين و ترغيب قادتهم بقبول الحلول التي يقترحها من أجل تسوية سلمية بينه و بينهم ، ثم لا يلبث هذا المستعمر أن ينقض ما اتفق عليه ويفرض بديلا عنه ، إلى أن يستحوذ على كل ما يريده .
من البديهي أن إيفاء هذا الموضوع حقه يحتاج إلى تفاصيل لا يتسع هذا البحث لها ، لذا أكتفي بالإشارة إلى المعادلات المذهلة التي تستوقفنا من خلال مداورة ، قرار سلطة رام الله ، كرد فعل على جرف عددا كبير من منازل الفلسطينيين في مدينة القدس :
ـ المعادلة الفلسطينية : لولا وفاة السيد ياسر عرفات ، الذي وصل إلى رام الله نتيجة لاتفاقية أوسلو حيث حوصر و مرض في داخل سجنه ، لما آلت السلطة الفلسطينية إلى السيد محمود عباس . بكلام آخر لم يشكل ما تعرض له السيد عرفات ، سببا أو حجة لتعليق العمل باتفاقية أسلو ، بل على العكس من ذلك استمرت السلطة في ظل شروط أسوأ من تلك التي رفضها السيد عرفات ، مثل التنسيق الأمني وفصل قطاع غزة ، جغرافيا و بشريا ، عن فلسطين و اعتباره في نظر الإسرائيليين " كيانا معاديا "
ـ المعادلة المصرية : من البديهي أنه لولا اغتيال الرئيس المصري الأسبق لما بلغ الموقف المصري الرسمي الحالي من القضايا العربية مستوى منسجما مع مفهومية زعماء المملكة السعودية و الإمارات والبحرين لهذه القضايا ، خصوصا لجهة معاونة الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل على تقويض أسس الدولة الوطنية في العراق و سورية بالإضافة إلى تصفية القضية الفلسطينية ، كما أتضح ذلك من خلال صفقة القرن .
ـ المعادلة السعودية: من نافلة القول أنه يوجد اختلاف جوهري بين مشروع الملك السعودي فيصل في تمتين دعائم مملكة سعودية من جهة و مشروع ولي العهد السعودي الحالي في تثبيت ملكه بكل الأساليب و الوسائل التي تفرضها الإمبريالية الأميركية الإسرائيلية .
ـ المعادلة اللبنانية : ليس مستبعدا في هذا السياق ،أن يكون اغتيال الرئيس رفيق الحريري ، معادلا لاستبدال اتفاقية بأخرى ، غايتها تصفية المقاومة و أضعاف سورية و القضاء على النفوذ الإيراني.

#خليل_قانصوه (هاشتاغ)       Khalil_Kansou#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل