بانتظار قمة القرن في البحرين (2)

خليل قانصوه
طبيب متقاعد
(Khalil Kansou)

الحوار المتمدن-العدد: 6250 - 2019 / 6 / 4 - 17:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

خليل قانصوه ، فرنسا في 04.06.2019
بانتظار قمة القرن في البحرين (2)
إذن عقدت في نهاية شهر أيار /مايو.2019 ، في مدينة مكة مهد الرسالة المحمدية ثلاثة مؤتمرات قمة ( إسلامية ، عربية ، و لكبار علماء الأمة )، دعت إليها المملكة السعودية تحشيدا لأنصارها ودعما لموقفها في الصراع الدائر في المنطقة العربية إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل و حلفائهما في أوروبا ضد تحالف إقليمي يضم أساسا ، أيران و سورية و المقاومة الإسلامية في لبنان . المفارقة أن هذه الأنشطة التي شهدتها المدينة حيث توجد قبلة المسلمين جميعا ، جرت في نفس التوقيت بموازاة أسبوع القدس و هو من الفعاليات التي أطلقتها الثورة الإسلامية الإيرانية منذ انتصارها تذكيرا للمسلمين جميعا بما تفرضه على الذين أسلموا و آمنوا منهم ، من وجهة نظر قادة هذه الثورة ، التعاليم التي جاء ت في الرسالة المحمدية ، تجاه القضية الفلسطينية بماهي في جوهرها عدوان على شعب مسلم ، اغتصبت بلاده و طرد منها .
أضع هذه المقدمة لأظهر حجم التناقضات التي تعتمل مؤثراتها في الفضاء المسمى عربي ـ إسلامي ، حيث تتلازم في أرجائه عمليات " الإرهاب الإسلامي " ، بحسب مفردات الإدارة الأميركية المستوحاة من نظرية " صراع الحضارات " مع محاولات الملوك السعوديين تقطيع ، وبتر ، الدول التي تعترض في هذا الفضاء على طموحاتهم " الامبريالية " على المستوى العربي و على إعلان أنفسهم "خلفاء" على المسلمين ، فهم يقشرون العروبة عن الحكام الذي يعصون أمرهم و يكفرون الذين لايبايعوهم . بكلام أكثر وضوحا و صراحة تدور في الفضاء المشار إليه بواسطة الملوك السعوديين ، سيرورة الغاية منها مصادرة الدين الإسلامي بالإضافة إلى مصادرة الهوية العربية أيضا.
مجمل القول أننا حيال إجراءات توحي بأن ما يراد منها على الأرجح هو تتويج ملوك السعوديين و نظرائهم في الأمارات الخليجية الأخرى ملوكا على العرب ، أي الالتزام بمواقفهم و سياساتهم ، بالرغم من العلاقة المعروفة و المعاينة التي تربطهم بالولايات المتحدة الأميركية بشكل رئيس . و ما من شك في أن لهذه الأخيرة بالإضافة إلى حلفائهم في أوروبا ، دورا في تقرير الإجراءات المشار إليها و في التشجيع على اتخاذها . الأدلة على ذلك كثيرة ، بل هي لا تحصى ، منها على سبيل المثال لا الحصر إعدامات المعارضين السياسيين في السعودية ، بالجملة وبأساليب بشعة ، التي تتعامى عنها وسائل الإعلام في الغرب على غير عادتها حيال انتهاكات مشابهة ، وقعت فعلا أو أن وقوعها مفترض ، في ظل حكومات مغضوب عليها .
من البديهي في هذا السياق أن النهج الذي يسلكه النظام السعودي ليس ملائما في هذا العصر ، كونه يجعل المجتمع عقيما ، فكريا و سياسيا و روحانيا أيضا . و لا أجازف بالقول أنه يمثل " العودة إلى عصر الحجر" التي هدد بها وزيرٌ أميركي العراقيين ، لا سيما أن الشعوب العربية في غالبيتها ذاقت مرارة سلوك هذا النهج من خلال نماذج على شاكلة التنظيمات التي تشعبت عن حركة الإخوان المسلمين و التيار الوهابي ـ الحنبلي ، كتنظيمي القاعدة و داعش و من سار على خطاهم .
و لكن لا بد من التذكير هنا بأن هذا العقم المنْوي بثه أعدّ له خلال فترة من الزمن ابتدأت في حزيران 1967 ، أي بعد هزيمة النظام العربي المنافس لممالك و إمارات شبه جزيرة العرب ، ، بجعل هذه الأخيرة تتحكّم في أمور دول هذا النظام المنكسر و في معايش شعوبها المنكوبة إلى درجة الإذلال والاستيلاب أحيانا . بتعبير آخر أدمنت هذه النظم و الشعوب على أن يقتاتوا على فتات حكام الخليج ، على حساب العمل المنتج و البحث العقلاني عن حلول للأزمات ، فتشجع المستعمرون الجدد بواسطة الأموال الريعية على تخديرهم وبدء عملية تعقيم جماعي كوسيلة لإبادتهم !

#خليل_قانصوه (هاشتاغ)       Khalil_Kansou#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل