الولايات المتحدة الأميركية : - كل شيء ممكن -

خليل قانصوه
طبيب متقاعد
(Khalil Kansou)

الحوار المتمدن-العدد: 6228 - 2019 / 5 / 13 - 01:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

خليل قانصوة ـ فرنسا ـ في 12.05.2019
الولايات المتحدة الأميركية : "كل شيء ممكن "
عندما نتناول الولايات المتحدة الأميركية فإننا في الواقع نقصد أيضا الدول الأوروبية المجرورة بالقاطرة الأميركية ، أي أننا نعني ما يعرف اليوم " بالمجتمع الدولي " بما هو مصطلح يدل على ما تمثله الولايات المتحدة الأميركية على صعيد العالم كله من خلال الحروب العسكرية و الضغوط الاقتصادية من أجل فرض سياسة ليبرالية خطيرة تنذر بعواقب كارثية في مجالات الإنتاج و العيش المشترك ، والثقافة، والأخلاق ، و في ترحيل الناس و تهجيرهم من أوطانهم .من المعلوم أن ذلك يتبدى بوضوح ليس فقط في بلدان أميركا اللاتينية و إفريقيا و آسيا على شكل حروب دموية مدمِّرة و انقلابات عسكرية و ثورات ملونة مغشوشة و أنما يظهر أيضا بدرجة أقل طبعا ، في المجتمعات الغربية نفسها ، بالرغم من جلب الغنائم و الأرباح إليها ، من هذه البلدان المنكوبة ، نتيجة لاقتحام الأسواق فيه حيث لا تتوفر شروط المنافسة العادلة بين المنتج الغربي و المنتج المحلي ، بالإضافة إلى السيطرة على مصادر المواد الأولية و التحكم بأسعارها .
أكتفي بهذه التوطئة ، لأقول أن الولايات المتحدة الأميركية و حلفاءها الأوروبيين ، يدعون الأحقية في إخضاع العالم لمشيئتهم و لمصالحهم بحسب السياسة التي يضعوها و يفرضوها ، بالقوة . أي بكلام آخر ، إنهم يتصرفون بما هم أسياد يستطيعون فعل ما يريدون انطلاقا من ما يعتقدون أنه مسلمة : "كل شيء ممكن " . يحسن التذكير هنا بأن هذه المسلمة هي مبدأ أساس في سيرورة التسلـُّط الشمولي ، أو الكلـّياني أو الكامل و المطلق على الناس ، في المجتمع الوطني .
أسارع إلى القول أني لست هنا بصدد مقاربة مفهومية السلطة الشمولية من خلال النظريات الفلسفية ، علما أنها استخدمت كثيرا ربما بشكل مُفرط و خارج السياق التاريخي ، في الحملات الدعائية أثناء الحرب الباردة ، ضد الإتحاد السوفياتي ، خصوصا في عهد ستالين (Hannah Arendt , Le système totalistaire) وإنما أود الإشارة إلى أن الولايات المتحدة الأميركية و الدول الأوروبية المتحالفة معها تمارس كما أظن ، سلطة شمولية ، بحسب العلامات الفارقة التي تميز هذه السلطة ، كما تم تعريفها بعد الحرب العالمية الثانية ، أو بتعبير أدق لم تتوقف هذه الدول الغربيىة في الواقع عن ممارستها ، ليس في بلدانها طبعا و لكن حيث تريد إعادة هيكلة الأوضاع فيها تدعيما لنفوذها .
من البديهي أنه لا يمكن إيفاء هذا الموضوع دون الدخول في تفاصيل كثيرة ، لا يتسع لها المجال هنا ، لذا أقتصر الكلام على بعض النقاط الأساسية : مثلا إن اعتبار أصحاب السلطة الشمولية أن "كل شيء ممكن" يفترض أنهم يريدون التحكم في طرق عيش الناس ، أي مصادرة إرادتهم و حريتهم و إسكاتهم ، بالإضافة إلى عدم التسامح مع اية مخالفة أو اعتراض ضدهم ، و ذلك ليس فقط بالقضاء على المقاومة في المهد و لكن أيضا بتصفية خصومهم المحتملين ، اجتثاثا ، إذا جاز التعبير ، على أساس عرقي ، أو ديني ، أو عقائدي . استنادا إلى أن السلطة الشمولية ترفض أن تتعايش مع المعترضين أو المختلفين عنها .
فما حملني في الحقيقة على مداورة مسألة السلطة الشمولية في الذهن ، هو أن من اجراءاتها الوحشية ، حملات التطهير في البيئة الاجتماعية المعادية ، ترحيل الناس عن موطنهم ، مذابح مذهبية أو عرقية ، و إخلاء المجتمع من أية معارضة منظمة . علما أن تنفيذ هذه الإجراءات لا يتم بالضرورة ، مباشرة بواسطة أجهزة السلطة ، و لكن بأسلوب غير مباشر أيضا بواسطة تنظيمات المرتزقة ، أو عن طريق القاء قنابل ضخمة أو أطلاق صواريخ بعيدة المدى . هنا يتساءل المرء عن درجة الشمولية التي تمارسها الولايات المتحدة الأميركية في العراق ، وتمارسها إسرائيل في فلسطين على سبيل المثال .

#خليل_قانصوه (هاشتاغ)       Khalil_Kansou#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات