أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد صبحي النبعوني - حلم في زمن الطفولة














المزيد.....

حلم في زمن الطفولة


أحمد صبحي النبعوني

الحوار المتمدن-العدد: 6199 - 2019 / 4 / 12 - 20:49
المحور: الادب والفن
    


حلم في زمن الطفولة

الطفولة.. قصةحلم، وقصيدة أمل، وخاطرة عذوبة.
لا أعرف من أين اتت هذه الفكرة لدرجة أنها عشعشت في ذهني و لم تعد تهجره ، فكرة أن اصبح فارسا ويكون لدي الحصان الخاص بي ، علما إننا كنت أعيش وسط مدينة مع عائلتي ، لربما تكون هذه الفكرة أو الحلم غرس في مخيلتي من خلال مشاهدة المسلسلات البدوية على التلفاز بالابيض و الاسود .
كنت في الخامسة من العمر تقريبا ؛ اجلس امام بيتنا على الرصيف اشاهد الصبية الذين يكبرونني بالعمر يذهبون ويأتون وهم يركبون الحمير .. و على ظهر كل حمار خرج مملوء بالاكياس يوصلونها الى بيوت الناس لقاء اجر بسيط ..
و الحمار هو الحيوان الاقرب إلى الحصان لذا تولدت في عقلي فكرة امتلاك حمار صغير .. لما لا و انا كل يوم اشاهد الكثير من الحمير الشاردة دون صاحب تمر في شارعنا .. لكن هذه الحمير كانت كبيرة و عالية و كنت اخشى الاقتراب منها لأنها كانت ترفس اي شخص غريب يقترب منها ..
مشكلة الحياة إنك تحب شيء و في نفس الوقت تخشى منه أيضا ..
و الحب ينمو في كل مرحلة على حدة تدريجياً، حيث يصاحبه الشعور بالخوف من فقدان الشخص الذي تحبه، أو الخوف من خيانة الشخص الذي تحبه لك، أو الخوف من عدم استطاعتكما على استمرار علاقتكما، والخوف من أمور أخرى كثيرة تصاحب الحب بتدرجاته. أما انا فكان خوفي الأكبر هو ان انال رفسة قوية من الحمار .. لذا كنت أخشى لمسه أو حتى الاقتراب منه .. !
و هكذا تمر الأيام دون ان استطيع التغلب على فكرتي او حلمي في ان يصبح لدي حمارا مثل بقية الصبية الكبار ..
لم يكن يبعد بيتنا عن مركز المدينة كثيرا الذي كان يخترقها وادي صغير لنهر جاف لا يمتلأ بالماء سوى في نهاية فصل الشتاء لعدة اسابيع ثم يجف .. و في هذا الوادي كنت دائما اشاهد الحمير الكبيرة و الصغيرة لذا اتخذت قراري أن أمتلك حمارا صغيرا يكون وديعا و مطيعا استطيع أن اربطه بحبل و اقوده كيفما يحلو لي و من ثم استطيع ركوبه و أجعله يجري بسرعة و أنا على ظهره ..
بعد عدة مشاهدات و محاولات فاشلة نجحت في ايجاد الحمار الصغير في هذا الوداي الذي استسلم لي بسهولة دون مشاكسة منه ، ربطته بحبل ، كنت احمله لهذا الغرض دائما مع عصا و اخذت اجر الحمار الصغير معي إلى البيت .
وفي بيتنا كان هناك حوش كبير يتسع لتربية عشرة حمير و ليس لحمار واحد فقط .. كانت كل البيوت و الجدران من الطين المخلوط مع القش الناعم و من النادر ان تجد بيتا من الاسمنت في مدينتنا الطينية ، الطين كان محور حياتنا اليومية في كل الفصول . في الشتاء كان يعجن بماء المطر ويصبح وحلا يملأ الطرقات و الشوارع و في الصيف تختلط حبات الغبار الطينية مع الرياح لتغطي كل طقوس حياتنا بلون التراب ..
لكننا كنا معتادين على هذا الأمر .
أخيرا وصلت إلى باب بيتنا وبيدي الحبل و أنا أسحب الحمار خلفي ، عند باب حوش بيتنا على اليمين كان مطبخ بيتنا و الحمام ، تدخل إلى المطبخ أولا و من ثم إلى الحمام . ادخلت الحمار إلى الداخل وفجاة و حتى لا يكتمل حلمي في نهايته يدخل الحمار إلى المطبخ ومن ثم إلى الحمام فبدأ هنا صراخ و هلع اخواتي البنات الأكبر سنا من هذا الحمار مما أدى إلى تدخل اخوتي الذكور لأخراج وطرد الحمار من الحمام و إلى الشارع فورا ، لكن المشكلة أن ارض الحمام كانت مبللة بماء الصابون وكلما حاولوا أخوتي دفش الحمار نحو الباب كانت حوافر الحمار تتزحلق وتعود إلى مكانها و هكذا بعد عدة محاولات وبعد مرور أكثر من نصف ساعة استطاعوا اخراج الحمار إلى الشارع .. و هكذا تبخر حلمي بكل سهولة ، و نلت نصيبي الكافي من التوبيخ و الضرب .
توسعت و كبرت مديتنا و هدمت كافة البيوت الطينية و استبدلت بأخرى من الاسمنت و لم يعد هناك حمير تتجول في الشوارع لنقل حاجات الناس من السوق إلى بيوتها و استبدلت بسيارات خدمة
و كبرت أنا و انتقلت اسرتي إلى بيت أخر في المدينة .. لكنها تبقى ذكريات الطفولة البريئة ..
ما زالت باقية بكل عنفوانها حتى و أنا بعيد عن الوطن بألاف الأميال .



#أحمد_صبحي_النبعوني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تموت واقفا
- ثنائية السجن و الليل الطويل
- الرائحة ... ذاكرة لا تموت
- الحياة تمنحك الكثير لكن !
- ما هكذا تحضن الراقصة يا استاذ
- هل يعود ثانية ؟
- سؤال في قلب غريب
- عامودة في ذاكرة المغترب
- نافذة الحب والجدار العالي
- ماتوا ومازالوا عبق الأصالة
- سلاسل الانتظار
- موت الغريب
- ماردين عاصمة ثقافية وعالمية
- حق المواطن أولا
- يومي الأول في المدرسة
- احدى مشكلات التربية والتعليم في سورية
- في المقهى
- حب مع محاكمة عاجلة
- ثلج الغريب
- الحوت ابتلع القمر


المزيد.....




- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد صبحي النبعوني - حلم في زمن الطفولة