أحمد صبحي النبعوني
الحوار المتمدن-العدد: 5687 - 2017 / 11 / 3 - 02:47
المحور:
سيرة ذاتية
موت الغريب
الموت حق وكل انسان له زمان ومكان معين سيموت فيه ... وللموت هيبة ووحشة ، أما الأنسان المغترب فانه يموت مرتين في حياته ... المرة الأولى عندما يهاجر وطنه مجبرا لا رغبة منه .. والمرة الثانية في حالة موته الطبيعية ... والموت مصيبة وله وجع وفيه فزع وقد لا تكون مصيبة لمن رحل عن الدنيا ،بل مصيبة لأهله وأحبابه وأصدقائه ...قال الله تعالى : (( فأصابتكم مصيبة الموت )) .
لكن هناك فرق بين من يموت في وطنه ومن يموت في ديار الغربة ..! حيث تجد حضور المعزين قليل القليل من الأصدقاء أو الجيران أما عندما يموت في وطنه فكل غريب و قريب يحضر ويشارك في تعزية أهل الفقيد .... الذي يغادر الحياة في الغربة يموت بعيدا عن الشوارع التي أحتضنته طفلا ، عن الأصدقاء الذين شاركوه اللعب ..عن الاسواق والحارات و الأزقة التي شهدت كل مراحل حياته .
هناك من يوصي بنقل جثمانه إلى أرض الوطن ، بعد أن يكون قد أشبع الوطن و تراب الوطن والمقيمين في الوطن جميع أنواع السباب و الشتائم وهناك من لا يوصي بشيء إنه يكتفي بالموت الهادئ و البارد الحزين ، هذه هي الغربة وهذه اثمانها .
سيغادر الجثمان تلك الشقة و جدرانها التي عاصرت أحزانه و أشواقه و وحدته .... ولا أحد وراء الجنازة سوى صديق أو ربما صديقين بالمصادفة أو ربما لا أحد على الاطلاق سوى عمال البلدية الموكلين بالأمر. ثم يمض هذا الجسد إلى حفرة أو مكب للنفايات كأنه سلعة أنتهى مفعولها .. لقد تجاوز حدود الاستعمال .. هكذا هي الغربة تستنزف الروح و كل مشتقاتها .
الجسد الذي يولد و يشب في ارض ثم يهاجر إلى أرض أخرى بعيدة يفقد كل مناعاته الفطرية ويصاب بأمراض الزرع الغريب عن تربته .
أ.ص.ا
#أحمد_صبحي_النبعوني (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟