أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد صبحي النبعوني - ليل وغربة وحب مؤجل














المزيد.....

ليل وغربة وحب مؤجل


أحمد صبحي النبعوني

الحوار المتمدن-العدد: 5513 - 2017 / 5 / 7 - 09:19
المحور: الادب والفن
    




عندما يخيم الليل ويغطي بظلامه ملامح الطبيعة من أشجار وأرصفة وطرقات خالية من زحمة المارة وأنت غريب ...في بلاد الضباب والغيم والبرد ...حيث لا تهمك جهات غربتك شمالا كانت أم جنوبا ... تغذ السير متجها إلى منزل صغيرفي الطابق العاشر لا تحن إليه لأنه ليس لك وتعلم أنك ستتركه يوما ما ...لذا تقول في قرارة نفسك لا يهم أنه العش الذي يستريح فيه النسر المهاجر قبل أن يعود لوطنه الأم ...وأمام بوابة العمارة تلتقي بجارك العجوز الذي يعيش لوحده لأنه لم يتجوز وهو سعيد بحياته حسب شرحه لي ذات صباح في موقف الباص.... لا أولاد ولا زوجة ولا مشاكل ولا مسؤولية... فتلقي عليه تحية المساء بلغة ركيكة وخجولة ( guten abend ) ... تتجه إلى المصعد... تفتح باب شقتك ... لا أحد ينتظر عودتك سوى طاولة خشبية وكومة من الأوراق منها ما زال ينتظر خربشات خطوطك العريضة ومشاريع أحلام لن تتحقق ....! ومنها ما هو ممزق على شكل لقمة القاضي المرتشي الذي لم يمنحك حقك البسيط في دعوتك الأخيرة في محكمة الشعب السعيد ...في هكذا موقف يتكرر معك بشكل رتيب وهادئ تعلم أن لا أمل اليوم أيضا للعودة إلى الوطن لأن الحرب لم تنتهي ولأنك مقيد بخطط وأوهام أكتشفت مؤخرا أنها ليست بمستوى أن يبتعد المرء عن وطنه لأجلها ...تجلس على كنبة وحيدة حتى هي .... ربما أيضا ملت جلوسك الطويل عليها ..تدخن سيجارة العودة للمنزل ... تضغط كبسة التلفاز وتبدأ بسماع أخبار الحرب من قصف وصواريخ سقطت فوق أبناء شعبك المدنيين وصور لأطفال أصبحوا فحما أو أشلاء رجل مزقته قنبلة مفخخة وهو في طريقه إلى عمله أو صورة مجموعة من الأسرى وضعوا في قفص حديدي وكأنهم حيوانات جاهزة للعرض أمام الجمهور مثلما يحدث في السيرك وفجأة تسمع من يقول ( الله أكبر ) فتشتعل النار بهؤلاء الرجال إلى أن ينهاروا على الأرض ليفقدوا حياتهم بكل بساطة فالوطن ينزف شعبه .....فتجتمع عليك كل خيباتك دفعة واحدة وتعب الجسد الذي أرهقه غياب حرارة الشمس ... ذكرياتك المرة التي دفعتك للهجرة ...وبكاؤك الصامت من داخل الجفون بلا دمع أو حتى تنهيدة طويلة ..الكثير والكثير من تفاصيل حياتنا اليومية والصغيرة في الوطن تصبح حلما صعبة المنال ... فتعلم أن الوطن يعيش بداخل دماغك عبرات سنوات مرت عليك وأنت لا تشعر بها وأنت مع من أوجدك الخالق معهم ... الأهل والأحبة والأصدقاء ... رياح الغربة الباردة التي تحاصر أحلامك كيفما وجهت أشرعتك فهي تخونك بأتجاه آخر ... وتجعل كل من قناعاتك السابقة هشة وتافهة أمام صعوبات ومواقف وجبهات لم تعد تقوى على مواجهتها فالعمر قد سار بك نحو الهاوية أيها الغريب وأنت ما زلت تحلم وتخطط للعودة إلى الوطن ...فتضيع صور الذكريات في فوضى طابور الأحلام والخيالات وأنت تنتظر أن تبدأ حديث على النت مع حب يلاحقك أينما أتجهت غربا أو شرقا ... ربما لأنه قدرك الجميل... أن ترافق غربتك سيدة بلون الياسمين ورائحة النرجس تخفف من وحشة الليل الطويل وتمد أحلامك بمزيد من النشاط لتستمر حتى الصباح وأنت تناقش مسألة الحب المؤجل .



#أحمد_صبحي_النبعوني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبث الانتظار
- رباعيات الغياب
- هدية عيد الأم
- من قال ذلك
- نظرية فراغ
- مذكرات من بيت خشبي
- تجليات من وحي الأنتظار
- هواجس الليل
- شجرة توت
- حصاد السنابل
- أحلام مستغانمي ....ما بين فخامة المفردات والشخصية غير المتوا ...
- حافية القلب
- كل حلم جميل
- تسمية عامودا وقلعة ماردين
- هديل المخيلة
- محطات للرحيل
- ندم لا ينتهي
- قصاصات على حائط حبيبتي
- المرأة في زمن الحرب
- الليل وما يتبعه


المزيد.....




- من قس إلى إمام.. سورة آل عمران غيرتني
- إطلاق متحف افتراضي في دمشق يوثّق ذاكرة السجون في سوريا
- رولا غانم: الكتابة عن فلسطين ليست استدعاء للذاكرة بل هي وجود ...
- -ثقافة أبوظبي- تطلق مبادرة لإنشاء مكتبة عربية رقمية
- -الكشاف: أو نحن والفلسفة- كتاب جديد لسري نسيبة
- -هنا رُفات من كتب اسمه بماء- .. تجليات المرض في الأدب الغربي ...
- اتحاد أدباء العراق يستذكر ويحتفي بعالم اللغة مهدي المخزومي
- -ما تَبقّى- .. معرض فردي للفنان عادل عابدين
- فنانون إسبان يخلّدون شهداء غزة الأطفال بقراءة أسمائهم في مدر ...
- فنانون إسبان يخلّدون شهداء أطفال غزة بقراءة أسمائهم في مدريد ...


المزيد.....

- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد صبحي النبعوني - ليل وغربة وحب مؤجل