أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد صبحي النبعوني - هدية عيد الأم














المزيد.....

هدية عيد الأم


أحمد صبحي النبعوني

الحوار المتمدن-العدد: 5467 - 2017 / 3 / 21 - 02:19
المحور: الادب والفن
    


تهطل الثلوج والأمطار طيلة فصل الشتاء لتروي الأرض ، وحين أختمار التراب مع بذار الخير في فصل الربيع فأنها تشق التربة لتنبت كل مافي جوفها من زهور وأعشاب وتتفتق براعم الأشجار مزدهرة بدورة خصوبة جديدة ...كذلك هي المرأة الأم ، المرأة التي تقدم وتمنح كل مافي جعبتها لرعاية فراخها حتى تنمو وتقدم للدنيا حياة متجددة على الدوام .. وليس مصادفة ان يكون عيد الأم في هذا الفصل لأنها هي جوهره ونواة الربيع ... جميعنا يتذكر هذا العيد حينما كان طفلا بالتأكيد وبطرق مختلفة اما أنا أتذكره جيدا ،وبذكرى فيها روح الفكاهة التي أصبحت فيما بعد يعاد نسجها وحياكتها لتحكى في كل عام من قبل أخوتي الذين كانوا يكبروني في السن ... كنت في السابعة من العمر عندما فهمت واستوعبت ماذا تعني هذه المناسبة .وأخذت أفكر في شراء هدية من النقود التي لا أتذكر كيف حصلت عليهم والتي لم تتجاوز قيمتهم حينها الليرة والنصف ، وبالتأكيد لم يقم أحد من أخوتي العشرة الكبار بتذكر هذه المناسبة ،أضافة كونهم كانوا طلبة مدارس ولا يملكون ثمن هدية ... وبعد تفكير... ! ماذا أستطيع الشراء بهذا المبلغ البسيط ...!!؟ توصلت لقرار وهو شراء برتقالة واحدة تكون كبيرة وكذلك تفاحة .. وكيس صغير يحتوي على خمسة مناديل أضافة إلى كرت خاص أشتريته من المكتبة يناسب عيد الأم ودونت عليه عبارات تهنئة بخط طفل بدأ يتعلم كتابة الحروف لتوه ...وحملتهم معي إلى البيت وأنا أشعر بأني قد قمت بعمل يميزني عن بقية أفراد أسرتي وبكل أعتزاز قبلت يدها وقدمت لها هديتي المتواضعة ، وكعادتها دائما كانت تخبئ حاجاتها في درج خاص بها وتقفله بالمفتاح ...فجلست بجانبها وأخذت أنتظر وأنا ملتصق بها وكل ربع ساعة أسألها .. ماما متى ستأكلين البرتقالة والتفاحة ...؟ حتى أيقنت تماما : إنني لن أتركها حتى أشاركها في وجبتها هذه... وفعلا ذهبت أنا وهي فقط ... وجلسنا في حديقة بيتنا الذي كانت تتوسطه شجرة توت كبيرة ووضعنا الفاكهة بصحن من بلور أبيض وعلى جانبهم شوكة وسكين، تماما مثل ما كنا نشاهده في المسلسلات التلفزيونية وبناء على طلبي ..وبعد تناولنا وجبتنا اللذيذة... مسحنا ايدينا بالمناديل الي قدمته لها وطبعت قبلة كبيرة على خدها وأنطلقت إلى اللعب مع صبية الحارة . من منا لا يتذكر الطرق العديدة التي كانت الأم تستخدمها في أمور تدبير المنزل من خياطة وترقيع وصنع لحف ووسائد من بقايا أقمشة ثيابنا البالية ..
حتى ثيابنا الصوفية القديمة كانت تعيد فرط خيوطها وتشكل منها كرات كبيرة من الخيوط الصوفية الملونة والتي تجمعها لأشهر طويلة ثم ترسلها معي إلى صانع السجاد المنزلي والذي كان شيخا كبيرا بالعمر لأعود بعد فترة أليه وأخذ منه سجادة كنت أندهش كثيرا من ألوانها وأشكال رسومها وكيف تحولت هذه الخيطان القديمة إلى سجادة جديدة وجميلة .
كل ما كانت تدخره لنفسها من قطع نقدية لشراء ثوب جديد أو حاجة ما كانت عند الحاجة تتنازل عنه لأولادها... انها تضحي بكل ما تملك في سبيل سعادة أبنائها ، الأم هي التي تهدر سعادتها وعواطفها ومشاعرها وتعرضها بالسوق للبيع بأرخص الاثمان كي تجني راحة وفرحة ، لن يعرف مدى قيتمها ومعانيها سوى تلك المرأة التي تنجب الأطفال وتسهر على راحتهم .. ولو جرّدنا المرأة من كلّ فضيلة لكفاها فخراً أنّها تمثّل شرف الأمومة.



#أحمد_صبحي_النبعوني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من قال ذلك
- نظرية فراغ
- مذكرات من بيت خشبي
- تجليات من وحي الأنتظار
- هواجس الليل
- شجرة توت
- حصاد السنابل
- أحلام مستغانمي ....ما بين فخامة المفردات والشخصية غير المتوا ...
- حافية القلب
- كل حلم جميل
- تسمية عامودا وقلعة ماردين
- هديل المخيلة
- محطات للرحيل
- ندم لا ينتهي
- قصاصات على حائط حبيبتي
- المرأة في زمن الحرب
- الليل وما يتبعه
- همسات تهطل عشقا
- خربشات الغربة
- دراما


المزيد.....




- هل تصدق ان فيلم الرعب يفيد صحتك؟
- العمود الثامن: لجنة الثقافة البرلمانية ونظرية «المادون»
- في الذكرى العشرين للأندلسيات… الصويرة تحلم أن تكون -زرياب ال ...
- أَصْدَاءٌ فِي صَحْرَاءْ
- من أجل قاعة رقص ترامب.. هدم دار السينما التاريخية في البيت ا ...
- شاهد/ذهبية ثالثة لإيران في فنون القتال المختلطة للسيدات
- معرض النيابة العامة الدولي للكتائب بطرابلس يناقش الثقافة كجس ...
- شاهد.. فيلم نادر عن -أبو البرنامج الصاروخي الإيراني-
- تمثال من الخبز طوله متران.. فنان يحوّل ظاهرةً على الإنترنت إ ...
- مسك الختام.. أناقة المشاهير في حفل اختتام مهرجان الجونة السي ...


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد صبحي النبعوني - هدية عيد الأم