أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - أحمد صبحي النبعوني - ماتوا ومازالوا عبق الأصالة














المزيد.....

ماتوا ومازالوا عبق الأصالة


أحمد صبحي النبعوني

الحوار المتمدن-العدد: 5694 - 2017 / 11 / 10 - 03:44
المحور: سيرة ذاتية
    




خرجوا من الزمان والمكان ، كيف لنا إذا فك وثاق البوح الثقيل الجاسم على صدورنا ... عرفتها منذ كنت في ريعان الشباب في بلدتي الصغيرة عامودا النائمة في حضن برية ماردين كطفلة مدللة ، أم إلياس .. المرأة العجوز في بيت طيني كبير يتوسط البلدة .وفيه دكان صغير لبيع المشروبات الروحية ، الضروري جدا لساعات الفراغ الطويلة في مكان يخلو من العمل طيلة العام سوى في مواسم حصاد سنابل القمح يدب النشاط فيه ما بين الجماهير المنتظرة طيلة فصل الشتاء ونظراتها معلقة في السماء تراقب الغيمات وتسأل ... هل ستمطر أم لا .. ! طاق .. طاق .. طاق ... يا سعيد أفتح لنا الدكان .. لكن سعيد يبدو أنه نائم في البيت أو أنه قد خرج لمكان ما مع رفاقه ... طاق .. طاق .. طاق أفتح يا سعيد ... لا أحد يرد ...! عندما نتأكد أنه لن يفتح الدكان في وقت متأخر من الليل ... ورؤوسنا الفارغة ما زالت في حاجة إلى بعض كؤوس العرق ( البطة البيضاء ) حتى تنتشي وتفرغ مافي جبعبتها من كل الكلام المحبوس داخلنا ولا يخرج من أفواهنا وصدورنا مع جماعة الاصدقاء سوى بسحر خمرة سعيد .. عقد نفسية ومعاناة شباب عاطل عن العمل يحمل في جيوبه أحلاما ميتة حتى قبل ولادتها ... نذهب إلى الشارع الأخر بالزاوية ... حيث كان منزل سعيد كان على شارعين ..نطرق باب منزله هذه المرة .. طاق .. طاق .. أفتح ياسعيد .. في الطبع سعيد يعيش وحيدا وعازبا مع والدته أم إلياس السيدة العجوز التي تعرف معظم الأباء والأمهات في البلدة لذلك كنا نسميها الخالة أو العمة .. ولا نشعر بالحرج من طرق الباب في وقت متأخر من الليل .. من نبرة صوتنا كانت تعرفنا وتقول أنت فلان أبن فلان وأمك فلانة .. سيدة من طراز النساء الوفيات المخلصات اللواتي يحفظنا الود وقيمة المكان والأصالة مهما أشتدت رياح التغيير أوأختلفت الأمزجة.. تبقى محافظة على قدسية ذكريات البيت الذي أنجبت فيه كل أولادها حتى وأن هاجر الجميع إلى أوربا وأمريكا ولم يتبقى معها سوى ولدها سعيد ... سعيد يخرج لنا والنعاس يغالب جفنيه ... من النافذة.. نمد له يدنا بالنقود أن وجدت وإذا لم توجد فسوف يسجلها في دفتر الديون الشهرية أو السنوية أو ربما تضيع وينساها سعيد ...! لكن معظم الزبائن لا ينسون دين سعيد .. ربما لعلاقتهم الجيدة بسعيد أو ربما لحاجتهم الدائمة له في وقت متأخر من الليل .. لذا الجميع كان يحافظ على شعرة معاوية في معاملاتهم التجارية معه وسط بلدة صغيرة لا يستطيع أحد أن يخل في سلوكه أوأخلاقه ... توفيت اليوم أم إلياس ... سمعت النبأ وأنا بعيد عن الوطن ألاف الأميال وأخر مرة شاهدت فيها أم الياس ربما منذ عشرين عاما .. لكن ذكرى الناس الطيبين لا يمحوها زمان ولا مكان .. رحمك الله يا أم ألياس .



#أحمد_صبحي_النبعوني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلاسل الانتظار
- موت الغريب
- ماردين عاصمة ثقافية وعالمية
- حق المواطن أولا
- يومي الأول في المدرسة
- احدى مشكلات التربية والتعليم في سورية
- في المقهى
- حب مع محاكمة عاجلة
- ثلج الغريب
- الحوت ابتلع القمر
- الشمس وسن الغزال والسعادة
- طفولة الطين
- رسالة إلى ولدي
- زنابق الشتاء
- لحن الراعي
- قدر الغريب
- رحم الله هؤلاء الآباء
- دستور يا شيخنا الكبير
- رقص السماح
- ليل وغربة وحب مؤجل


المزيد.....




- بلينكن يزور السعودية ومصر.. وهذه بعض تفاصيل الصفقة التي سينا ...
- في جولة جديدة إلى الشرق الأوسط.. بلينكن يزور السعودية ومصر ل ...
- رغد صدام حسين تستذكر بلسان والدها جريمة -بوش الصغير- (فيديو) ...
- فرنسا وسر الطلقة الأولى ضد القذافي!
- السعودية.. حافلة تقل طالبات من جامعة أم القرى تتعرض لحادث مر ...
- -البديل من أجل ألمانيا- يطالب برلين بالاعتراف بإعادة انتخاب ...
- دولة عربية تتربع على عرش قائمة -الدول ذات التاريخ الأغنى-
- احتجاج -التظاهر بالموت- في إسبانيا تنديداً بوحشية الحرب على ...
- إنقاذ سلحفاة مائية ابتعدت عن البحر في السعودية (فيديو)
- القيادة الأمريكية الوسطى تعلن تدمير 7 صواريخ و3 طائرات مسيرة ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - أحمد صبحي النبعوني - ماتوا ومازالوا عبق الأصالة