أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - أحمد صبحي النبعوني - عامودة في ذاكرة المغترب














المزيد.....

عامودة في ذاكرة المغترب


أحمد صبحي النبعوني

الحوار المتمدن-العدد: 5784 - 2018 / 2 / 11 - 05:09
المحور: الصحافة والاعلام
    


عامودة في ذاكرة المغترب

يرحل المرء عن وطنه عندما يضيق رزقه فيضطر للبحث عن مصدر للرزق في بلاد أخرى لسد احتياجاته الضرورية وتحسين المستوى المعيشي له ولأسرته ، ليحظوا بحياة كريمة لم يتمكنوا من الحصول عليها في الوطن .
إنها عجلة العمر تدور ولا تتوقف إلا لمرة واحدة وتكون الأخيرة . في فترة من الفترات يجتمع عليك كل شيء وتسقط فوق رأسك كل خيبات الحظ وحطام الأحلام وفتات تعب الجسد ورماد الذكريات المرة وبكاؤك الحاد .
عندما ترى شخصا يتجاهل كل ما يزعجه - فلا تعتقد أنه بارد الأعصاب وبلا مشاعر ولكن أعلم أنه قد تألم ... حتى تخدر .

عبد المسيح مشحر ( شماس )

سافر بعيدا عن الوطن وعن مدينته التي يحبها عامودة في محافظة الحسكة منذ قرابة الأربعين عاما . واستقر به الحال في دولة السويد . سنوات طويلة من البعد والوحشة والغياب نالت من روحه ومن جسده حتى اصيب بمرض ذات الرئة . وفي ختام اختمار الافكار والأمنيات مع الذكريات المعجونة بصور الطفولة والشباب اصبح للسيد عبد المسيح ( عمسيح ) ثلاثة امنيات هي كل ما فهمها وادركها عن قيمة الحياة وجماليتها .. الأولى كانت هي ان تعود السنين إلى الوراء ليرجع ويعيش في بيت اهله في عامودة والثانية مرتبطة بالأولى وهي ان يعشق امرأة من ذات المدينة ويتزوجها والثالثة هي أن لا يترك عادة التدخين وتبقى معه و بين اصابعه سيكارته الحبيبة ليحكي لها كل ما يشاء دون خوف او خجل ... والتي منعها عنه الطبيب .
قبل الحرب الأخيرة في سورية كان يحرص على زيارة سورية وتحديدا مدينته التي يعشقها ( عامودة ) في كل عام .. ويمارس عادته في المشي على قدميه في شوارعها ليعيد امتحان ذاكرته فيسمي اصحاب البيوت القديمة فيها .. فيشير بأصبعه هنا كان بيت هاروش وهنا بيت صباغ وعروسة ودنحو وعبدلكي وطلياني وهذا بيت عبدي شيخ بكر وذاك بيت قس الياس وملوح و إلى أخره .

بعد كل زيارة طويلة لعامودة يتحدث لأصدقائه عن تفاصيل زيارته ويشرح لهم كيف ان نكهة الحياة تعود له عندما يتجول في شوارع عامودة وهو الشخص المريض الذي يشكو من ذات الرئة في دولة متجمدة يكثر فبها الصقيع والثلج وتغيب عنها الشمس لفترات طويلة إلى وطن عنوانه الشمس الدافئة .
حتى ان زوجته تحكي لأصدقائه وتقول أنه يعود من هناك برئة جديدة .

هكذا إذا يبقى الأنسان المغترب معلقا في حياته ما بين الوطن وبلد الاغتراب فلا هو مواطن ولا زائر ليعود إلى وطنه بعد انتهاء فترة الأجازة ...لا .. انها حكم بالمؤبد وزيارة مفتوحة تشبه وحشة الجذور عندما تغرس في تربة ليست لها أبدا . فيحاول ان يتكيف مع تفاصيل غربته ويبني الصداقات الجديدة ويبحث اولا عن ابناء وطنه من جلدته ليجتمع معهم . ويعيد سرد الحكايا والنكات والقصص القديمة و الفريدة من نوعها والتي لن تتكرر في زمن العولمة والحياة المعاصرة .

ونتيجة شهرته بين الأصدقاء من اهل بلده في حبه الفريد لعامودة كانوا يسمونه المختار الخاص لهم .. فيقدم له صديقه السيد زهير عبدلكي خدمة رائعة وهي اقامة حفل عشاء وفني لأهل مدينة عامودة في دولة السويد فسميت حفلة اهل عامودة في أحدى صالات مطاعم ضواحي العاصمة ستوكهولم .

الغربة في سنواتها المريرة تتخطى الإحساس وتمضي مغتصبة منه عمرا مضى ، غير قابل الاسترداد ، ومثلما تسرق الكوابيس الأحلام الجميلة ، تتسلل حلاوة الأيام ونغماتها عبر نوافذ الهجرة .

وفي قطار الغربة لا تجد فيه الزاد إلا ما أختزنته من عواطف مدفوعة القيمة مسبقا والتي عبرت معك الحدود في نفس الحقيبة المليئة بالذكريات التي يجتر بعضها البعض ، كونها حبوب مسكنة نتناول منها عند اللزوم لنخفف بها آلام الغربة لكنها لا تشفي ابدا .



#أحمد_صبحي_النبعوني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نافذة الحب والجدار العالي
- ماتوا ومازالوا عبق الأصالة
- سلاسل الانتظار
- موت الغريب
- ماردين عاصمة ثقافية وعالمية
- حق المواطن أولا
- يومي الأول في المدرسة
- احدى مشكلات التربية والتعليم في سورية
- في المقهى
- حب مع محاكمة عاجلة
- ثلج الغريب
- الحوت ابتلع القمر
- الشمس وسن الغزال والسعادة
- طفولة الطين
- رسالة إلى ولدي
- زنابق الشتاء
- لحن الراعي
- قدر الغريب
- رحم الله هؤلاء الآباء
- دستور يا شيخنا الكبير


المزيد.....




- سلاف فواخرجي تدفع المشاهدين للترقب في -مال القبان- بـ -أداء ...
- الطيران الإسرائيلي يدمر منزلا في جنوب لبنان (فيديو + صور)
- رئيس الموساد غادر الدوحة ومعه أسماء الرهائن الـ50 الذين ينتظ ...
- مجلس الأمن السيبراني الإماراتي يحذّر من تقنيات -التزييف العم ...
- -متلازمة هافانا- تزداد غموضا بعد فحص أدمغة المصابين بها
- ناشط إفريقي يحرق جواز سفره الفرنسي (فيديو)
- -أجيد طهي البورش أيضا-... سيمونيان تسخر من تقرير لـ-انديبندت ...
- صورة جديدة لـ -مذنب الشيطان- قبل ظهوره في سماء الليل هذا الش ...
- السيسي يهنئ بوتين بفوزه في الانتخابات الرئاسية
- الفريق أول البحري ألكسندر مويسييف يتولى رسميا منصب قائد القو ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - أحمد صبحي النبعوني - عامودة في ذاكرة المغترب