أحمد صبحي النبعوني
الحوار المتمدن-العدد: 6139 - 2019 / 2 / 8 - 07:46
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
الشعور بالوجود بالحياة بالأنا يجب أن لا يكون أقل وقفة من تلك الأعواد المنتصبة في الهواء في مواجهة الريح... والأعاصير... لتبقى صامدة ... أنت ايضا يا صديقي : ترعرعت.. واشتد عودك.... وأن جذورك في الأرض ممتدة.. ممتدة امتداد الحياة نفسها... لكن كيف حدث ذلك ؟
كيف اقتلعوك من جذورك ثم رموك بالبحر لتجد نفسك تعيش مرة أخرى في تربة جديدة بعد ان قدمو لك الماء و السماد وطلبوا منك أن تعيش مجددا وترتفع نحو السماء ... قدموا لك الماء و السماد دون الشمس التي كنت تعشقها و تعانقها منذ الصباح لتحترق معها كل احزانك دفعة واحدة .. هل هو هروب إرادي من مواجهة واقع صعب ومعقد، أم هو في جوهره هروب طوعي عند نقطة الاقتناع بعدم القدرة على المواجهة .
اخبرني يا صديقي كيف حدث ذلك ؟
يقول جبران خليل جبران: الأشجار أشعار تكتبها الأرض في السماء نحن نقطعها ونحيلها ورقا نضمنه حماقاتنا.
يشعر الأنسان بوجوده مع الناس الذين نشأ معهم ، يعرفهم جيدا و يدرك بسرعة مكنونات خيالاتهم و افكاراهم و حتى احلامهم ، الحياة تتطلب ذلك لتكون أسهل .. الشجرة المنعزلة ستجد صعوبة حيث لا يمكنها تعديل الجو وستكون وحدها أضعف في مواجهة الريح والحشرات والأخطار الممكنة.
أما الأشجار معا فهي قادرة على تعديل حالات الجو القصوى الباردة أو الحارة قادرة أيضا على تخزين كمية أكبر من الماء وهي أقل عرضة للهجوم ولها مدة عيش أطول مقارنة بالوحيدة. إذا يا ترى كيف تعيش الاشجار كمجتمعات وما هي لغتها؟
لا تقل في وصف أية إنسان أنه سعيد قبل أن يموت. الكلام يشبه ... إنما تعرف الشجرة من ثمارها.
لكن الشجرة المزروعة في غير مكانها لا تثمر ... كيف سيعرف الناس إذا شجرة ماذا هي ... كذلك هو الشخص المهاجر الذي ترك وطنه قسرا .
خلق الله آدم في الجنة و عاش في نعيمها حتّى أكل من الشجرة المحرمة، إغواءمن إبليس، بأنّها شجرة الخلد وملك لا يبلى، وهي بذلك شجرة المعرفة المطلقة، وهنا بدأت معرفة الإنسان لذاته أولا ، فعرف اللذة ومتعة الاكتشاف فدفع ثمنًا باهظًا لقاء تلك المعرفة، ليبدأ رحلة ستر العورة التي انكشفت، في دلالة ظاهرة على أول معاناة للأنسان .
و هكذا تمر رتابة حياة الغريب ، يصلي يعمل يكافح و يحلم كثيرا أن يعود إلى جنته ثانية التي طرد منها ..
#أحمد_صبحي_النبعوني (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟