أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد نوير - قصة قصيرة/ مقاومة














المزيد.....

قصة قصيرة/ مقاومة


عماد نوير

الحوار المتمدن-العدد: 6185 - 2019 / 3 / 27 - 23:53
المحور: الادب والفن
    


مقاومة
حينما كنتُ طفلا كان والدي يعاقبني بأخذ وضع القرفصاء لساعة من الزمن، فساعة قيلولته لا يمكن أن أبددها و أكمل يومي بسلام.
كبرت و كره هذا الوضع يشعرني بالغثيان، كنت أتصنع الإعاقة في حصص الرياضة في مرحلة المتوسطة، حينما نصل إلى إليه من ضمن حركات رياضية عديدة.
أُجبرت عليه في اليوم الأول لدخولي الخدمة العسكرية، كان وضعا مهينا أكثر من ذي قبل، محاولة لعدم المعاودة للشجار مع أفراد دفعتي، لكن هيهات أن يؤثر في الشباب و اندفاعه و تهوره رادع، الكرامة لا تباع بخوف من عقوبة، و فرض الذات لا تقيّضها إجبارك على ممارسة حركات لها محل نفور أزلي في نفسك.!
أو هكذا كان قوي الساعد و متقد الفكر يفكر و يعتقد.
أحكام العمر تجعل من الحركة تمرّ هي الأخرى بمراحل متطورة، تتطور هيمنتها و تتراجع قدرتنا على سهولة تطبيقها أو الانقياد لها.
لم يعد للقرفصاء مكان في حياتي، لم يعد هناك من يعاقبني، لم يعد هناك من يخيفني، صرت السيد الذي يسنّ القوانين، و صار لدي معيّة يمكن لي أن أطوّر لهم عقوبة القرفصاء و جعلها توافق الحداثة، تعطي إثارة تفوق إثارتها لأزمان غابرة.
النيازك الساقطة من السّماء التي تنذر بأفول الشباب غير قادرة على سلبه إلّا شكلا، الريح الصفراء القادمة من صحراء من كوكب متصحّر قاس، غير قادرة على اقتلاع الأمل، أو تركه مسجى على سرير اليأس، هناك دائما ثائر متمرد خفي يقود الانقلابات دون الانقياد إلى مواثيق أقرها يوما بمواصلة كل شيء بالقوانين الوضعية و السلمية.!
جذع الرجل القوي و ظهره الذي يستطيع أن يمتطيه طفله و هو يصلي، دون أن يقع منه، هو حتما ذلك الذي حمل أعباء الحياة دون أن يقع تحت عجلاتها لتدهسه بلا رحمة، ظهره الذي سيبقى يعاند كل انحناءة ليكون جميلا في عين أنثاه، ظهره الذي لا يبالي أن طُلب منه مقاومة القرفصاء في حالة التحدّي، ظهره الذي اختبأ بداخله حلم لا يتحقق بسهولة، و أخرج عوضا عنه أقدارا روتينية رتيبة، تصلح أن تكون حياة تقليدية، تنظر بحسرة إلى ذاك الكنز المخبوء في طيات الظهر، لا تدري متى يصرخ أول طفل كوني منه.
ظهره الذي يأبى أن يسقط مع أوراق خريفه، فينقلب من يستند إليه، و تتخلخل ثقة و طمأنينة يحملها مجنون ما.
نهضت بشموخ حرّكت نفسي، أشغلت ذهني بذكرى قريبة جدا جدا، ليست يوما و ليست ألف عام، لحظة زمنية بتوقيت مختلف.
طويته، أوقفته، أحسست بآثار الزمن، تذكّرت التمرين الذي كرهته طوال عمري، جلست أروّض نفسي و أقوّي ظهري لما بعد موتي، مسندا قويا لمن يحب أن يستظل بذكراه.
جلست القرفصاء لساعة كاملة، كانت غير تلك الساعات السابقة المزعجة...!
عماد نوير



#عماد_نوير (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللهجة المغاربية بين الغرابة و القرابة.!
- أياد جمال الدين: يحق لرجل الدين ما يحق لغيره!
- وسيم يوسف/ يؤكد وسامته و ينكر أخلاقه
- قصة قصيرة جداً
- قراءة نقدية في قصة قصيرة (المبتور) للقاص علي خالد
- قراءة نقدية في ققج (شطط) للكاتبة غادة رشاد.
- الخاشوقجي شهيدا.!
- مقاربة نقدية في نص قصّصيّ
- لا تظلمني يا بُني كما ظلمني أخي!
- حياة مؤرشفة
- لا تسويف بعد اليوم
- الحكومة الشّاملة و ضياع الحقوق الشّعبية
- رسالة بطريق الخطأ
- الحظّ المفقود
- لقاء عند الباب
- التّيّار الصّدري و ثقافة الحوار العنيف.!
- الصدر يُقلق المشروع السعودي
- انتظار
- هل كان السبهانُ عراقياً... أم إنَّ العراق سبهانيٌّ؟؟؟
- (العرس) الانتخابي و المقاطعة (المذمومة)


المزيد.....




- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...
- طفل يُتلف لوحة فنية تُقدر قيمتها بخمسين مليون يورو في متحف ه ...
- بوتين يمنح عازف كمان وقائد أوركسترا روسيا مشهورا لقب -بطل ال ...
- كيلوغ: توقيع اتفاقية المعادن بين واشنطن وكييف تأخر بسبب ترجم ...
- عرض موسيقي مفاجئ من مانو شاو وسط انقطاع الكهرباء في برشلونة ...
- مسقط.. أكثر من 70 ألف زائر بيوم واحد للمعرض الدولي للكتاب


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد نوير - قصة قصيرة/ مقاومة