أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد نوير - لقاء عند الباب














المزيد.....

لقاء عند الباب


عماد نوير

الحوار المتمدن-العدد: 5920 - 2018 / 7 / 1 - 13:45
المحور: الادب والفن
    


كانت الرسالة واضحة، رغم إن المرسل كان مجهولا، على عجل ارتدى شجاعته التي نخرها تقدم العمر، و بان هزالها، و اكتفت بوسام وهمي اسمه الحكمة و التأني، و طالما خسر تحت هذا البند أمورا كانت حلما و فرصا لا تتكرّر، أحس بأنه أكثر شجاعة من أي وقت مضى، ليس مهما أبدا أن يركن لحسابات العواقب، فهي دائما تأخذ مسارا غير ذلك الذي يرسمه بدقه، لتتكفل الأقدار بمشيئاتها، أو ربما صارت لديه قناعات و تفسيرات أخرى، إن صرّح بها سوف يوسم بالخرف أو بعض الجنون!
انطلقت تكهناته تتعثّر بالتفنيدات المنطقية، و تمردت أحلامه على العقبات الواقعية، تذكّر حبّات الحنطة التي نثرها قبل خمسة عشر سنة في جبل ثلجي اللون، حينها فجأة أعلن إله المطر إن لا شمول لهذا الجبل بسحابة لمدة قرنين قابلة للتجديد، ارتجف قلبة لمجرد تلك الذكرى، رغم أنه كان مؤمنا آنذاك بكل ترتيبات الرب، و امتثل و ركع و سجد لأنه حُرم فرك حبّات السنبل التي من المؤكد أنها ستكون قمحا لا وصف له، فقد كان من حنطة سمراء أو خمرية، و لابد أن يكون خبزها لذيذا شهيا، لن يشبعه منها رغيف أو ألف رغيف.
استوقفته سمة المكان الذي ينوي أن ينتظر فيه أحدا ما، لم يزره من قبل، لم يره في مناماته التي كانت تحرره من كوابيس الواقع، ركل كل الشياطين التي تستطيع أن تثني المرء عمّا هو مقدم عليه، عدلَ و قرّر المحاباة، انتفضت كل أفكاره تتودد الشيطان و تحاول أن تؤكد له أن تمنحه فرصا أخرى دون مقاومة تذكر، إن أعرض عنه في هذه، لم يصدّق ما قاله صديقه قبل سنه عن رحمة الشيطان و تفهّمه لبعض الأمور، شريطة أن تترك له عمله، و لا تنافسه و لا تتشدّق بأنك يمكن أن تهزمه ذات يوم.
انطلق مع رفيقيه لذاك الموعد، فهو حتى لا يعرف أين يكون، أحس بأنه يخترق الزمن، أو أن الزمن كان حنونا على أحفاده، فكأن يد الإهمال كانت تتصفّح أوراق التاريخ بكل برود، و كأن حارات القدّيس توما كانت تنتظر قدوم ملك من السّماء، لترقص تلك الحارات و تعلو بها التراتيل، فيمرّ الأب ليمسح على رؤوس الجميلات و يضرب بحنان على أكتاف كل المزدحمين بالحارات الملتوية الضيقة، و لا يكترث لأيٍّ مسمّى ديني أو مذهبي، طاعن في السمرة السومرية أو بضّ رقيق من أحفاده.
كانت روائح الحضارات تندلق بين الأفرع و الأزقة مختلطة مع عبق الحسان اللواتي يبعثن الحياة للقلوب الميتة في صدور حيّة، لم يرَ أحدا يعرفه، و لم يُعرّف له أحد نفسه، توقّف عند محل لبيع البيتزا بطريقة شعبية لمتبضّعين يغلب عليهم طابع البورجوازية، أكل مع رفاقة و بعض الزبائن بطريقة واقفة، إذ لا جلوس عند البائع، كل الوجوه كانت غريبة، تفحصها جميعا، لم يجني غير متعة حائرة.
دفع صديقه الحساب فيما ارتكن هو قريبا، سمع لغطا، حاول التّدخل، ما الأمر:
- يدّعي البائع أننا أخذنا أربع.
- عذرا يا سيد، نحن ثلاثة فقط!
- و تلك السيدة، إليست معك؟؟
- أبدا يا سيد!!! أنت واهم..!
- واهم!!! هل تسخر مني؟ كل يومين أو ثلاثة تأكلان عندي...
- يا سيد... لكن...
انطلق وراء تلك السيدة التي ترتدي ملابس مختلفة عن الكل، تبدو كأنها في شتاء، عند البوابة الأغريقية التفتت إليه و ابتسمت.
- كيف وصلتِ إلى هنا، كيف تعبثين بي بجنون، دعيني أرقد بسلام، فأنا أشعر بجنازتي تُشيّع كل يوم! كيف تطيعكِ الأماكن و الأزمان؟
- أبدا!!! الأمر ليس كذلك.... أنت من لا يدعني أتحرّر منك!



#عماد_نوير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التّيّار الصّدري و ثقافة الحوار العنيف.!
- الصدر يُقلق المشروع السعودي
- انتظار
- هل كان السبهانُ عراقياً... أم إنَّ العراق سبهانيٌّ؟؟؟
- (العرس) الانتخابي و المقاطعة (المذمومة)
- قصة قصيرة (طيف ساندريلا)
- قراءة نقدية في نص ومضي (غربة) للكاتب مجدي أحمد
- قصة قصيرة بعنوان ((موسوبي))
- قراءة في نصّ ومضيّ
- دردشة على سيجارة افتراضية
- مقاربة نقدية بنص ومضي للقاص حازم الشرباتي
- قصة قصيرة/ ذات الرّداء الأسود
- قصة قصيرة/ عماد نوير
- الاختزال و التّكثيف في القص إلى أين؟
- قصة قصيرة مع مداخلة شعرية خلّابة للدكتورة الشّاعرة فاطمة الز ...
- قصة قصيرة بعنوان من مذكرات ميت
- قراءة في نص ومضي بعنوان ((خيبة)) للدكتورة الشّاعرة فاطمة الز ...
- ققج بعنوان ((انقلاب))
- القصة القصيرة جدا إبداع و متعة
- قراءة في ققج (اكتناف) للدكتورة الشّاعرة فاطمة الزهراء زين


المزيد.....




- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد نوير - لقاء عند الباب