عماد نوير
الحوار المتمدن-العدد: 5829 - 2018 / 3 / 28 - 03:23
المحور:
الادب والفن
قراءة مبسّطة في نص ومضي للقاص حازم الشرباتي.
آدم
أكل تفاحة؛ التهمت ذريته البستان.
بغضّ النّظر عن كون الشّجرة المحرَّمة هي التّفاح أو غيره، و بغضّ النّظر عن كون قصة الإغواء حقيقة أم مثالا قصصيا قرآنيا لا أكثر، فإن المغزى من القصة في النص الماثل بين أيدينا هي الحكاية الأزلية حول الخطأ الأول، و إيجاد المبرر في التوغّل إلى سفلاته من قبل الخَلَف القادمون فيما بعده، و تعليق الأخطاء على شمّاعة الخطيئة الأولى و الانجرار الأكبر للسّلف في هذا المضمار، و تسهيل مهمة الخوض في الجريمة مادام هناك حدث تأريخي يجعل من حدوثها أمرا مستساغا!
و الومضة هنا تناولت الموضوع من جانب فلسفي رائع، و أخذت بنظر الاعتبار العامل النفسي للرجل الحديث و كيفية انكبابه على الموبقات، قاطعا شوطا كبيرا و بعدا شاسعا في هذا الميدان، دون أن يعي بأن الجرم الأول كان محدودا نوعا ما، و إن بالإمكان تلافيه في الأزمان المتقدمة، و إعلان التّوبة، و كبح كل شهوة، و قتل كل وسوسة، لا الجري في الطريق الذي قاد صنفنا الأول إلى الزلل و ثم العقوبة، و ملأ هذا الطريق بجيوش و حشود من الخطّائين و بدلا من ترك التّفاحة المحرمة و عدم مساس أخواتها، انقضضنا على البستان كله و إتيانه على آخره، ليجلس الطرف الثالث الذي وسوس لأبينا بادئ الأمر، مندهشا هذه المرّة من استجابتنا المرعبة و العجيبة ليس لوسوسته هو، بل لوسوسة شيطانا يسكن في كل نفس فينا، فسهّلنا عليه مهمة الإغواء، و أحببنا تطوير الخطأ إلى أقصى درجاته.
نص جميل، اتّصف بكونه ومضة من درجة جيدة من ناحية الإدهاش و أدب الحكمة، و احتاج النصّ إلى تناسق كمّي للشطرين، ليبدو شعريا و عروضيا أكثر من الصيغة التي ظهر بها، كزيادة كلمة للشّطر الأول، و تغيير العنوان إلى مصدرية عامة تقبل شمولية قصصية جميلة، كقولنا إيغال أو زلل أو اندفاع.
إيغال
أكلَ آدم تفّاحةً؛ التهمتْ ذرّيته البستانَ.
شكرا للكاتب على هذه الومضة الجميلة.
تحيّتي و الودّ.
عماد نوير
#عماد_نوير (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟