|
[7]. احتيال مروّج المخدّرات على البوليس، قصّة قصيرة
صبري يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 6101 - 2019 / 1 / 1 - 17:54
المحور:
الادب والفن
شعرَ حميد أنّه في ورطة بعد أن تخلّتْ عنّه صديقته السُّويديّة الّتي كانَ يعيشُ معها في شقّتها، منذُ أكثر من سنة وبضعةِ شهور، فقد أصبحَ بلا مأوى بعد أن أجّرَ شقَّتَهْ المكّونة من غرفة واحدة ومطبخ صغير وحمّام ومرفقاته. فكّر مليّاً، كيفَ سأحلُّ مشكلةَ السّكن ومردودي قليل وشقّتي مؤجَّرة لمدّةِ سنة كاملة وقد مضى على تأجيرِها شهران فقط، كيفَ سأنتظرُ عشرة شهور أخرى كي يخلي لي المستأجر شقّتي بحسبِ العقدِ المبرم بيننا، كيف سأعالجُ هذه المشكلة العويصة؟ ليسَ بالأمرِ السَّهل إيجاد غرفة في هذهِ الأيَّام بسعرٍ يناسبُ أوضاعي المهلهلة، حيثُ لا مردود لدي سوى مبلغ زهيد من المساعداتِ الاِجتماعيّة الَّتي أتقاضاها شهريَّاً، وهناك الكثير من الدِّيونِ علي، كيفَ سأجدُ توازناً بين مصاريفي وديوني وإيجار غرفة لو كانت بسعرٍ غالٍ؟ وفيما كانَ في أوجٍ تفكيرِهِ لمعَتْ في ذهنِهِ فكرةً مدهشةً لا تخطرُ على بال في مثلِ هذهِ الأحوال، وإذ بهِ يقولُ إنّني وجدتُها وبدأ يرقصُ فرحاً، آهٍ لو نجحْتُ في هذهِ الفكرة الّتي تراودُني، سأحقّقُ هدفي وأحلُّ مشاكلي من جذورِها! فتحَ موبايله وبدأ يبحثُ عن رقمِ أحدِ أصدقائِهِ، اتّصلَ بهِ، كيفَ حالك يا هادي، بخير، وأنتَ كيفَ حالكَ، كيفَ تسيرُ الأمورُ معَ صديقتكَ السُّويديّة؟ الأوضاعُ ليسَتْ على مايرام، ماذا حصلَ بينكما؟ اختلفنا في بعضِ الأمورِ، وطلبَتْ منّي أنْ أذهبَ في حالِ سبيلي وأخرجَ من شقَّتها وعالمِها وإلّا ستبلِّغُ عنِّي البوليس، فخرجْتُ من عندِها دونَ أيَّةِ شوشرات، وأنا منذُ البارحة بلا مأوى، ليسَ لدي سكن ولا أعلمُ كيفَ سأحلُّ هذه المشكلة، لهذا أريدُ اللِّقاءَ معكَ لأمرٍ هام، لكنّي أنا نفسي أسكنُ معَ صديقَين وليسَ هناك أي مجال للسكنِ معنا لأنَّ الشّقّة هي غرفة واحدة ولا تتسّعُ إلّا لشخصين، ومعَ هذا فنحنُ ثلاثة نعيشُ فيها، الأمرُ لا يتعلِّقُ بالسَّكنِ معكم، بل يتعلّقُ بموضوعٍ آخر وأظنُّ تستطيعُ أن تساعدَني به، أينَ أنتَ الآن؟ أنا قريب من مركزِ المدينة، طيّب أراك بجانبِ "الأولينز" بحدودِ السَّاعة السَّادسة، ممتاز أراكَ على الموعد، إلى اللّقاء، إلى اللّقاء. ذهبَ هادي في الوقتِ المناسب ووجدَ حميد في انتظارِهِ، سلّمَ هادي عليه قائلاً، اقلقتني يا حميد، ما هو الأمر الَّذي تحتاجُني فيهِ، وأنا في وضعٍ محرج ولا أظنُّ أنّني قادر على مساعدتِكَ؟ تفضّل معي كي ننزوي في مقهى قريبة من هنا ونتحدَّثُ بكلِّ هدوءٍ، لعلّ وعسى تستطيعُ مساعدتي أو تدلُّني على طريقةٍ ما للوصولِ إلى ما أبتغيهِ. تفضَّل، توجّها نحوَ مقهى في شارعٍ فرعي، أخذا ركنّاً من المقهى وطلبا فنجانين قهوة وبدآ يشربان القهوة، ثمَّ قالَ هادي، تفضّل أسمعُكَ يا حميد، وآمل أن أكونَ قادراً على مساعدتِكَ، لأنّني أراكَ قلقاً وعلى غير مايرام، الصّحّة جيّدة لكن الأوضاع سيئة، طيّب تفضّل أسمعكَ جيّداً، اسمع يا هادي، أحتاجُ كمِّيّة قليلة من الحشيشِ، هل ماتزالُ تستطيعُ أن تؤمّن لي كمية قليلة من الحشيشِ من ذلكَ الشّاب التشيلي الّذي كنتَ على تواصلٍ معهُ أيّام زمان، ولكنّني لم أعُدْ أتعاطى المخدّرات أبداً، ولا أنا أتعاطى نهائيّاً، ولكنّي أحتاجُ كمِّيةً قليلةً ولي هدفٌ منها وليستْ للمتاجرة بها ولا لترويجِها بل لدي حاجة ماسّة إليها، هل تتعاطى الحشيشَ يا حميد؟ قلتُ لكَ لا أتعاطى، صدّقني لا أتعاطى الحشيش، بل لدي هدف آخر من الحشيشِ، هل هذا الأمر يتعلَّقُ بوضعِكَ وظروفِكَ؟ أيوه تماماً يتعلّقُ الأمرُ بوضعي وبحسبِ الخطّة الّتي وضعتُها فإنّ هذا الموضوع سيحلُّ مشكلتي من جذورِها، بالحقيقة ماأزال أحتفظُ برقم هذا الشَّخص سأحاولُ الاتِّصالَ بهِ وأخبّرُكَ بما يحصلُ معي بالتّفصيل، سأكونُ شاكراً إيّاكَ لو خدمتني هذه الخدمة! بكلِّ سرور ولكن لا تدخِّلني في الموضوعِ في حالِ لو حصلَ لك مشكلةً ما من وراءِ هذا الأمر. ولووو! أنتَ تعرفُني يا هادي، نحنُ أصدقاء فكيفَ سأورِّطُكَ في قضيّةٍ حسّاسةٍ كهذِهِ القضيّة وأنتَ تخدمُني بها. أنتظرُ مني هاتفاً أثناءَ اللَّيلِ، بعدَ أنْ شربا قهوتهما، خرجا من المقهى، وراحَ كل واحد في سبيله، وفي عزِّ اللَّيلِ وفيما كانَ حميد يفكّرُ بما يمكنُ أنْ يحصلَ معَ هادي، رنَّ هاتفه، أيوه هادي ماذا حصلَ معكَ؟ كلُّ شيء على مايرام والأمانة متوفِّرة متى ما تشاء، فقالَ الآن أحتاجُ الأمانةَ، فقالَ كم تريدُ من الأمانة فحدّدَ لهُ طلبَهُ وحدّدَ المكانَ الّذي يستطيعُ اللّقاءَ بصديقِهِ التشيلي فزوَّدَهُ هادي بمواصفاتِ الشّابِّ التشيلي، وذهبَ على الموعدِ وإذ بِهِ هذا التشيلي في الانتظارِ، وكانَ بينهما كلمة السّر، فقالَ حميد له الكلمة وسلّمَ عليه، هزّ رأسه التشيلي وقالَ لهُ كم تريدُ، فقالَ أريدُ كمّيةً قليلةً وحدّدَ لهُ طلبَهُ، هزّ رأسَهُ قائلاً طلبك موجود، لكنّي أريدُ أولاً حقِّي، زوّدَهُ حميد قيمةَ طلبِهِ، وأخرجَ التشيلي من جيبِهِ قدّاحةً على أساسِ أنّهُ سيشعلُ سيجارةً لحميد وفيما كانَ يشعلُ سيجارتَهُ أعطاه الكمِّيّةَ المطلوبة دونَ أنْ يلفتَ انتباهَ المارّة، تفادياً لأيّةِ مشكلة، ثمَّ سارَ كل منهما في سبيله. فرَحَ حميد لهذهِ الخطوة الَّتي حقَّقَها، وكم كانَ متلهّفاً لتطبيقِ خطّتَه، ففي صبيحةِ اليومِ الثّاني تناولَ فطورَهُ على جناحٍ من السّرعةِ، ثمَّ وجّهَ أنظارَهُ نحوَ قلبِ المدينةِ بحيثُ أن يكونَ قريباً من البوليسِ المنتشرِ في المدينةِ، وحالما شاهدَ بوليساً على مقربةٍ منهُ توجّهَ نحوَ أحدِ المارّة وبدأ يوشوشُ له ويقولُ له لدي كمِّيّة حشيش تستطيعُ شراءَها بمبلغٍ زهيدٍ، فكانَ الشَّخصُ يتوارى بعيداً، ورآهُ البوليسُ لكنَّهُ تجاهلَه ولم يفكِّرْ بِهِ نهائيَّاً، لكنّهُ حاولَ عدّةَ مرّاتٍ هذهِ المحاولة أمامَ عيني البوليس وكانَ المارّةُ يفرّونَ منه بعيداً، وبعدَ أنْ أعادَ الكرّةَ عدّةَ مرّات، توجّهَ نحوهُ البوليسُ وأوقفَهُ وقالَ لهُ ماذا لديكَ تعرضُها للمارّة كي يشترونَها منكَ، فقالَ له لا شيء، فقالَ له انتظرْ لا تتحرَّكْ، اتَّصلَ البوليس مع زميلٍ له فحضرَ في الحالِ، ثمَّ طلبَ البوليس من حميد أن يرفعَ يديهِ كي يفتّشَهُ البوليس وفيما كان يفتّشُهُ وجدَ معَهُ كمِّيّةَ الحشيشِ، فألقى القبضَ عليهِ وقالَ لهُ تجاهلتُكَ عدّةَ مرّات ولكنّكَ أنتَ ألحَحْتَ في بيعِ الحشيشِ أمامي ممّا جعلتَني أنْ أشُكَّ فيكَ وألقي القبضَ عليك. تظاهرَ حميد أنّه حزين لِما حصلَ معهُ لكنَّهُ في قرارةِ نفسِهِ شعرَ بالفرحِ والانتصارِ وتحقيقِ هدفه الّذي خطّطَ له، وشكرَ ضمناً صديقَهُ، كما شكرَ في أعماقِهِ الشّاب التشيلي الَّذي أمّنَ لهُ هذه الكمِّيّة، وسارَ معَ البوليسِ إلى أن وصلَ إلى مركزِ البوليس وكتبَ البوليس ضبطاً فيهِ وصادرَ الحشيشَ وتمَّ التَّحقيق معهُ وتوقيفه في نظّارةِ إلى أن تمَّ تحويلهِ إلى المحكمة، وأصدرَت المحكمة قراراً بسجنِهِ لمدّةِ سنة كاملة ويخرجُ بعدها من السِّجنِ، شعرَ بفرحٍ كبيرٍ عندما سمعَ القاضي ينطقُ بقرارِ الحكمِ عليه بالسِّجن لمدّةِ سنة، همسَ في سرِّهِ الحمدُ لله تحقَّقتْ أمنيتي ونجحَتْ خطّتي على أكملِ وجه! فانشرحَتْ أساريرُ وجهه فيما كانَ يمسكُ الشِّرطي يدَهُ ويسيران نحوَ السّجنِ، فقالَ لهُ البوليسُ الّذي ألقى القبضَ عليهِ، أراكَ سعيداً ومنشرحَ الصِّدرِ وأنتَ تتوجَّهُ نحوَ السّجنِ، نظرَ إليهِ حميد ببسمةٍ وقالَ لهُ سأخبِّركَ فيما بعد عن سببِ اِنشراحِ صدري وفرحي للمستجدّاتِ الّتي حصلَتْ معي، اِندهشَ البوليسُ عندما قالَ له حميد هذا الكلام، وتساءَل هل من المعقولِ أن يتوجّهَ الإنسانُ نحوَ السِّجنِ وهو منشرحُ الصّدرِ، هل هو سعيد لأنَّ فترةَ الحكمِ قليلة أم أنَّ هناكَ أسابٌ أخرى جعلتْهُ يكونَ مسروراً ولا نعلمُ هذه الأسباب؟ تمتمَ البوليسُ معَ نفسِهِ وهو يقولُ كما يقولُ الشَّرقيون، فعلاً إنّ لله في خلقهِ شؤون! تفضَّل هذه هي غرفةُ السّجن، دخلَ حميد مخدعَهُ بكلِّ راحةٍ واِطمئنان، ألقى نظرةً على سريرِهِ الَّذي كانَ ينتظرُهُ بفارغِ الصَّبرِ، بطانيات نظيفة ومناشف نظيفة، دخلَ الحمّام وقضى حاجته، ثمَّ أخذَ دوشاً على راحتِهِ، شعرَ وهوَ تحتَ الدّوشِ أنّهُ حقَّقَ هدفَهُ على أكملِ وجهٍ، وشكرَ ثانيةً وثالثةً صديقَهُ الّذي اتَّصلَ معَ التشيلي كما شكرَ هذا التشيلي البديع الّذي من خلاله استطاعَ أن يحقَّقَ هدفَهُ المنشودِ وهوَ تحتَ رذاذاتِ الدُّوش بكاملِ فرحِهِ. ماذا كانَ سيحلُّ بي لو لمْ أحقِّقْ هذا النَّجاح بخطَّتي وأدخل السُّجن بهذه السَّلاسة، وفيما كانَ ينشّفُ نفسهُ، ويرتدِي البيجاما الّتي كانت تنتظرُهُ في خزانةٍ جميلةٍ، أرادَ أنْ يقولَ للشرطي الَّذي ألقى القبضَ عليهِ وأمسكَ بيدِهِ من المحكمة إلى السّجنِ وهوَ منشرحُ الصَّدرِ، أرادَ أنْ يخبِّرَهُ الآن عن سببِ فرحِهِ وانشراحِهِ، فدقَّ الجرسَ، فجاءَهُ أحدُ الحرّاسِ، طلبَ منهُ أنَّه يريدُ أنْ يقابلَ البوليس الَّذي سلّمَهُ منذُ قليل، هلْ هناكَ أمر هام تريدُ أن أبلِّغَهُ؟ انِّي أريدُ أن ألتقي بهِ شخصياً لأمرٍ هام، لحظةَ سأنادي البوليس، بعدَ لحظات جاءَ البوليس متصوِّراً أنَّ لحميد طلبات معيّنة لا تتوفَّرُ له في السِّجنِ وممكن أنْ يطالبَ بها، وقالَ له البوليس هل تحتاجُ لشيء ما لهذا طلبتني؟ لا ، لا أحتاجُ شيئاً، لكنِّي أريدُ أن أقولَ لكَ عن سبب انشراحي وفرحي عندما كنتَ تقودُني إلى السِّجنِ! تفضَّل خبِّرني، لأنّني فعلاً اِندهشْتُ جدّاً كيفَ أنتَ في طريقِكَ إلى السِّجنِ ومنشرح الصّدر بتلكَ البشاشة؟ أسألُكَ حضرةَ البوليس، الآن بعدَ أن تمَّ إصدار قرار بسجني، هل تستطيعُ المحكمة أو البوليس إخلاء سبيلي من السِّجنِ لأيِّ سببٍ كان؟ فقالَ الشّرطي لا، لا يمكنُ إخلاء سبيلكَ، ولكن ممكن أن تقدِّمَ طلباً للخروجِ من السِّجنِ على أن تنفِّذَ السِّجنَ في وقتٍ آخر وسيتمُّ دراسةَ طلبِكَ وبحسبِ قناعةِ المحكمة سيتمُّ الرَّدّ عليكَ! أفهمُ منّك أنّه من غير الممكن إخلاء سبيلي من السُّجنِ مهما تكُنِ الأسباب، فقال طبعاً من غيرِ الممكن، لأنَّ القرارَ الّذي اتّخذَهُ القاضي بحقِّكَ ناجم ومستند على قانونِ العقوبات في السُّويد، لهذا لا يمكنُ إخلاء سبيلكَ، طمأنتَني الله يطمئنك، نظرَ إليه البوليس وازدادَ اِندهاشاً على أنّه في حالةِ اِطمئنانٍ، ثمَّ قالَ لهُ حميد وهو في أوجِ لياقتِهِ وبشاشتِهِ وفرحِهِ، تعرف يا حضرة البوليس، كانَ لديَّ مشكلة كبيرة وكنتُ خلالَ الأيامِ الأخيرة محتاراً كيفَ سأحلُّ هذه المشكلة وأنتَ أنقذتني من الورطةِ الّتي كنتُ فيها. ماذا تقصدُ بأنّني أنقذتكَ من الورطةِ الّتي كنتَ فيها، هل تلومُني على ما قمْتُ به من واجب؟ فقالَ له حميد، لا لا، لا ألومُكَ نهائيَّاً، بالعكسِ تماماً أشكرُكَ من كلِّ قلبي على إلقائِكَ القبض عليّ وأشكرُ القاضي على قرارِ السِّجنِ الّذي اتّخذَهُ بحقّي. عجيب، لأوِّلِ مرّة أرى وأسمعُ سجيناً يكونُ بهذهِ البشاشة وهذا الفرح في السَّاعاتِ الأولى من سجنِهِ، فقالَ لهُ حميد، هل تريدُ أن تعرفَ لماذا أنا سعيد ومنشرح الصَّدر لهذهِ الدَّرجة الّتي لا تصدقّها؟ فقالَ لماذا؟ أجابَهُ حميد بالحقيقة كنْتُ بأمسِّ الحاجة لسريرِ أنامُ عليهِ بعدَ أن اختلفتُ مع صديقتي السُّويديّة وطردتني من شقَّتِها، وكنْتُ قدْ أجَّرْتُ شقّتي المؤلّفة من غرفةٍ ومطبخٍ صغير وحمّام ومرفقاته لمدّةِ سنة، فلمْ أجدْ أفضل من أنْ أُسجَنَ لمدَّةِ سنة على الأقلِّ كي أحلَّ مشلكةَ سكني وأكلي وشربي، وها أنا قد حصلتُ على سكنٍ مريحٍ يتوفَّرُ فيه كل ما أحتاجُهُ من مأكلٍ وملبسٍ ومشربٍ، وبعدَ سنةٍ سأخرجُ من السِّجنِ بعدَ أن أوفِّرَ قرابةَ مئة ألف كرون وشقّتي في اِنتظاري، وبهذا أستطيعُ أن أقولَ لك أنَّكَ خدمتني خدمةً كبيرة بإلقائِكَ القبضَ علي والقاضي قدّمَ لي هديّة الهدايا بالحكمِ علي لمدَّةِ سنة بالتَّمامِ والكمالِ، لأنّني كنتُ فعلاً أحتاجُ إلى هذه الغرفة أو هذا السِّجن البديع لمدّةِ سنة كي أحلَّ مشاكلي الاقتصاديّة ومشكلةَ السَّكنِ والأكلِ والشّربِ، وبعدَهَا سأخرجُ وأنا مطمئنَّ البال. ضحكَ البوليسُ وقالَ له، حقيقةً فكرتكَ بديعة جدّاً، ثمَّ أجابَهُ حميد إيَّاك أنْ تغيِّرَ رأيكَ وتخلي سبيلي أو تخبِّرَ القاضي بما قلتُهُ لكَ ويغيِّرَ رأيهُ ويُخلي سبيلي، ستحطِّمونَ مستقبلي لو أخليتم سبيلي، لأنّه من المستحيلِ أنْ أرى خياراً آخر أفضلَ من هذا الخيار! ضحكَ البوليس مرَّةً أخرى ثمَّ قالَ لهُ، ألف مبارك سجنك هذا طالما يحقِّقُ لكَ راحةً واِطمئاناً، ولهذا رأيتُكِ توشوشُ المارّةَ كلّما كنْتُ أسيرُ على مقربةٍ منكَ كي تلفِتَ انتباهي وألقيَ القبضَ عليكَ، فكنْتَ على ما يبدو تخطِّطُ كي توقعني في الفخِّ الَّذي نصبتُهُ لي وللقاضي، فقالَ حميد وهو في كاملِ مرحِهِ، بكلِّ تأكيد هذه كانَتْ خطّتي، ونجحْتُ فيها ببراعة، ضحكَ البوليسُ مرةً أخرى وقالَ لهُ، فعلاً نجحْتَ ببراعةٍ فائقة، أحييكَ على ذكائِكَ ومهارتِكَ في تحقيقِ أهدافِكَ حتَّى ولو كانتْ عبر المخدّراتِ والدُّخولِ إلى السّجنِ!
ضحك حميد وقالَ يستحيلُ أن أحظى على غرفةٍ ضمنَ ظروفي أفضل من هذا السِّجن الرّائع، حيثُ يتوفَّرُ فيهِ ما لا يتوفَّرُ في أيّةِ غرفةٍ أخرى وأنا أسكنُ معَ مجموعة من الأشخاصِ، وتعال ووصّل على المصاريفِ والكهرباءِ والإيجارِ، ناهيكَ عن المصاريفِ الأخرى وحجز حرِّيتي ليل نهار! فأنا هنا لا أتحمَّلُ أيّةَ مسؤولة ووجباتي الثّلاثة متوفّرة ونومي مريح ودوشي منعش متى ما أشاء! قهقهَ البوليسُ وضحكَ معهُ حميد وهو يضربُ كفَّهُ بكفِّ البوليسِ، قائلاً لهُ ألف مبارك دخولك إلى السّجنِ وأنتَ في أوجِ انشراحِكَ وفرحِكَ وقد حقَّقْتَ مخطّطَكَ بطريقةٍ بديعة!
ستوكهولم: 10. 10. 2018
#صبري_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
[6]. سطو مريح على صائغ، قصّة قصيرة
-
[5]. حرامي يقاضي المسروق، قصّة قصيرة
-
[4]. اِندهاش شاعرة سويديّة في حانوتي، قصّة قصيرة
-
[3]. عبور في عوالم واهِم، قصّة قصيرة
-
[2]. النَّمل، قصَّة قصيرة
-
[1]. حفلة موسيقيّة في الهواء الطَّلق، قصّة قصيرة
-
[10]. العلّوكة والطَّبّكات، قصّة قصيرة
-
[9]. رحيل امرأة من فصيلةِ البحر، قصّة قصيرة
-
[8]. يذكِّرني يوسف، ابن كابي القسّ بالخبز المقمّر، قصّة قصير
...
-
[7] . الشّروال، قصّة قصيرة
-
[6]. خوصة وخلّوصة، قصَّة قصيرة
-
[5]. إيقاعاتُ الشَّخير، قصّة قصيرة
-
[4]. الطُّفل والأفعى، قصّة قصيرة
-
[3]. نوال ودلال وعيدانيّة بالدَّين، قصّة قصيرة
-
[2]. تسطعُ ديريك فوقَ خميلةِ الرُّوح، قصّة قصيرة
-
[1]. حيصة وسلال العنب، قصّة قصيرة
-
[10]. ترتيلة الرّحيل، قصَّة قصيرة
-
[9]. حنين إلى تلاوين الأمكنة والأصدقاء، قصَّة قصيرة
-
[8] عمّتي تشتري عظامها من الله، قصّة قصيرة
-
[7]. اللّحية واللّحاف، قصّة قصيرة
المزيد.....
-
بيت المدى ومعهد -غوته- يستذكران الفنان سامي نسيم
-
وفاة الممثلة المغربية الشهيرة نعيمة المشرقي عن 81 عاما
-
فنانون لبنانيون ردا على جرائم الاحتلال..إما أن نَنتَصر أو ن
...
-
مخرج يعلن مقاضاة مصر للطيران بسبب فيلم سينمائي
-
خبيرة صناعة الأرشيف الرقمي كارولين كارويل: أرشيف اليوتيوب و(
...
-
-من أمن العقوبة أساء الأدب-.. حمد بن جاسم يتحدث عن مخاطر تجا
...
-
إعلان أول مترجم.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 166 مترجمة على قص
...
-
رحال عماني في موسكو
-
الجزائر: مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي يستقبل ضيوفه من ج
...
-
أحلام تتفاعل مع تأثر ماجد المهندس بالغناء لعبدالله الرويشد
المزيد.....
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال
...
/ مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
-
المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر
...
/ أحمد محمد الشريف
-
مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية
/ أكد الجبوري
-
هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ
/ آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
-
توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ
/ وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
-
مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي
...
/ د. ياسر جابر الجمال
-
الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال
...
/ إيـــمـــان جــبــــــارى
-
ظروف استثنائية
/ عبد الباقي يوسف
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل
...
/ رانيا سحنون - بسمة زريق
المزيد.....
|