أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - [4]. الطُّفل والأفعى، قصّة قصيرة














المزيد.....

[4]. الطُّفل والأفعى، قصّة قصيرة


صبري يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 6098 - 2018 / 12 / 29 - 15:41
المحور: الادب والفن
    


كانَ عماد يسيرُ في أزقَّةِ المدينةِ على غيرِ هدى، وجدَ مشهداً غريباً .. مجموعة من النّسوةِ يولولْنَ وبعضهنَّ يضحكْنَ .. بعضُ الرِّجالِ تجاذبَ أطرافَ الحديثِ .. أحدُهم أشعلَ سيجارةً وآخرٌ بدأَ يضحكُ بصوتٍ عالٍ. وقعَ عماد بصرَهُ على رجلٍ ينظرُ إلى الأرضِ وهوَ صامتٌ وسمعَهُ يقولُ: سبحانَ الله! .. هازَّاً رأسَهُ يمنةً ويسرةً.
سألَ عماد أحدَ الرِّجالِ باللهِ عليكَ ماذا حصلَ؟
أجابَ الرَّجلُ: اِذهبْ واسألْ ذلكَ الطُّفل! .. كانَ الطُّفلُ في حضنِ أمِّهِ يبكي بحزنٍ عميقٍ. اِقتربَ من أمِّ الطُّفلِ ثمَّ سألَها:
ماذا حصلَ خالة؟
أجابَتِ الأمُّ: الّله سترَ اِبني!
ممَّنْ سترَهُ الله؟
قالَتْ وهيَ مرتبكة، لولا هؤلاء الرِّجال لكانَ اِبني الآنَ ميتاً. لم يفهمْ عماد ماذا قصدَتْ أمُّ الطُّفل، وكلّ ما فهمَهُ منها أنّ بعضَ الرِّجالِ ربَّما قدَّمُوا لها خدمَة ً ما وساعدوا اِبنَها وأنقذوهُ من مكروهٍ .. ولكنُ فضولُهُ الزَّائد دفعَهُ أنْ يستفسرَ عن السَّببِ؟ .. فأجابَتْ الأمّ، لقد كانَ اِبني في الغرفةِ لوحدِهِ، وعندما دخلْتُ، وجدْتُ أفعى غليظة ملتفّة حولَهُ، فاِقشعرَّ جسمي ووقفَ شعرُ رأسي مِنَ الخوفِ .. ما وجدْتُ نفسي إلَّا وأنا أركضُ كالمجنونةِ في الشَّارعِ، أستنجدُ النَّاسَ، لكي ينقذوا اِبني من الأفعى .. فجاءَتْ مجموعةٌ من الرِّجالِ، أمسَكَ أحدُهُم عصاةً غليظة ودخلَ الغرفةَ بسرعةٍ مدهشةٍ وأمسكَ ابني وأخرجَهُ مِنَ الغرفةِ، وأعطاني إيّاهُ.
تفحّصْتُهُ أنا ومجموعة من النِّسوةِ فلم نجدْ ما يوحي بأنّهُ ملدوغ. أغلقَ أحدُ الرِّجالِ بابَ الغرفةِ ثمَّ بدأَ يفتِّشُ أركانَها .. عندما رفعَ لحافَ اِبني، وجدَ الأفعى منـزويةً تحتَ اللِّحافِ، فانهالَ عليها ضرباً بعصاه الغليظة حتّى قتلَها، ثمَّ حملَها بعصاه وأخرجَها من الغرفةِ. صرخَتْ وولولَتْ النِّسوةُ وبعضهنَّ اِبتعدْنَ منها ذاهلات.
عندما وجدَ اِبني الأفعى ملقاةً على الأرضِ تنـزفُ دماً، اِزدادَ بكاؤه .. وكلَّما كنتُ أهدِّئِهُ قائلةً لهُ، لا تبكي لقد قتلناها، كانَ يزدادُ صراخاً وبكاءً .. لقد حيَّرني اِبني تماماً! .. جلبْنا لهُ قليلاً من الماءِ، لكنّهُ اِمتنعَ عَنِ الشُّربِ .. لقدْ خافَ اِبني خوفاً لا مثيلَ لهُ مِنَ الأفعى وأخشى أنْ ...
قاطعَ عماد الأمّ ثمَّ سألَها: أَلمْ تقولي بأنَّ أحدَهم قتلَ الأفعى؟
أيوه .. ذلكَ الرَّجل الّذي يقهقهُ معَ أصدقائِهِ هوَ الّذي قتلَها. أنظرْ أَلَا تراها؟
نظرَ عماد، فوجدَ الأفعى نائمة نوماً أبديّاً، اِندهشَ ــ هو الآخر ــ كما اِندهشَتِ الأمُّ، وقادَهُ فضولُهُ أنْ يسألَ الطّفلَ وهوَ يبتسمُ لهُ:
طالما الأفعى ماتَتْ فَـ (ليشْ عَمْ) تبكي عيني؟!
نظرَ الطّفلُ إلى عماد بعينينِ بريئتَينِ حزينتَين، وبصوتٍ خافتٍ أجابَ: لأنّني كنْتُ ألعبُ معها!

ديريك: 15 . 3 . 1986

* هوامش
(ليشْ عَمْ): عامّية تعني لماذا.



#صبري_يوسف (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- [3]. نوال ودلال وعيدانيّة بالدَّين، قصّة قصيرة
- [2]. تسطعُ ديريك فوقَ خميلةِ الرُّوح، قصّة قصيرة
- [1]. حيصة وسلال العنب، قصّة قصيرة
- [10]. ترتيلة الرّحيل، قصَّة قصيرة
- [9]. حنين إلى تلاوين الأمكنة والأصدقاء، قصَّة قصيرة
- [8] عمّتي تشتري عظامها من الله، قصّة قصيرة
- [7]. اللّحية واللّحاف، قصّة قصيرة
- [6]. الذَّبذبات المتوغِّلة عبر الجدار، قصَّة قصيرة
- [5]. حنين إلى ديريك بعقلائها ومجانينها، قصّة قصيرة
- [4]. أنا والرَّاعي ومهارتي بِبَيعِ العدس، قصّة قصيرة
- [3]. الكرافيتة والقنّب، قصّة قصيرة
- [2]. الّذكرى السَّنويّة، قصّة قصيرة
- [1]. فراخ العصافير، قصّة قصيرة
- [10]. استمراريّة القهقهات الصَّاخبة، قصَّة قصيرة
- [9]. وللزهور طقوسها أيضاً! ، قصّة قصيرة
- [8]. مشاهد من الطُّفولة، قصّة قصيرة
- [7]. احمرار السَواقي، قصّة قصيرة
- [6]. اللّص والقطّة، قصّة قصيرة
- [5]. قتل النَّاطور الحمامة، قصّة قصيرة
- [4]. حالات اِنفلاقيّة قُبَيْلَ الإمتحان قصّة قصيرة


المزيد.....




- حين استمعت إلى همهمات الصخور
- تكريم انتشال التميمي بمنحه جائزة - لاهاي- للسينما
- سعد الدين شاهين شاعرا للأطفال
- -جوايا اكتشاف-.. إطلاق أغنية فيلم -ضي- بصوت -الكينج- محمد من ...
- رشيد بنزين والوجه الإنساني للضحايا: القراءة فعل مقاومة والمُ ...
- فيلم -ساحر الكرملين-...الممثل البريطاني جود لو لم يخشَ -عواق ...
- معبر رفح بين الرواية المصرية الرسمية والاتهامات الحقوقية: قر ...
- رواية -رجل تتعقّبه الغربان- ليوسف المحيميد: جدليّة الفرد وال ...
- وحش الطفولة الذي تحوّل إلى فيلم العمر.. ديل تورو يُطلق -فران ...
- جود لو يجسّد شخصية بوتين.. عرض فيلم -ساحر الكرملين- في فينيس ...


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - [4]. الطُّفل والأفعى، قصّة قصيرة