|
[6]. خوصة وخلّوصة، قصَّة قصيرة
صبري يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 6099 - 2018 / 12 / 30 - 06:20
المحور:
الادب والفن
6 . خوصة وخلّوصة عندما يصبحُ بعضُ الرّجالِ أغنياء في الشَّرق، يصبحونَ بطرانين، أجل يصبحونَ بطرانين للغاية، فإمّا أن يفكِّروا بالقتلِ أو بالزَّواجِ ثانيةً كما يُقالُ المثل ..، قالَتْ منيرة زوجة رشيد سَلمان، لجارتِها وهي تغزلُ بمغزلِها كنـزةَ صوف لابنِها الصَّغير، فأجابَتْ عمشة، كلامُكِ صحيح لأنَّ زوجي حطَّ عينَهُ على اِبنةِ الرّاعي الشَّابة الجميلة، وخطفَها وهربا معاً إلى تركيا منذُ بضعةٍ شهور وتركني وحيدة مع كومةِ أولاد في رقبتي، الله يقرف رقبته ورقبة زوجته الجديدة، الله يخرِّب بيتها مثلما خرَّبَت بيتي. كانَ رشيد سلمان، زوج منيرة فعلاً يخطِّطُ للزواجِ من شابّةٍ فقيرة في مقتبلِ العمرِ، بعدَ أنْ أصبحَ من أغنياءِ الحيِّ من جرّاءِ تجارتِهِ بأعمالِ تهريبِ الغنمِ والأسلحةِ من تركيا، ثمَّ بدأ يعملُ بالتِّجارةِ، وشيئاً فشيئاً طوَّرَ مشاريعَهُ التِّجاريّة إلى أن وصَلتْ معَهُ الأمور إلى شراءِ فندق في حلب، وهكذا بدأَتْ فكرةُ الزَّواج من شابّةٍ صغيرةٍ تراودُهُ أكثرَ ممّا تراودُهُ مشاريعُهُ التِّجاريّة، وأصبحَتْ هاجسَهُ الوحيد ولا يستطيعُ الإقلاعَ عنها، فلم يتردَّدْ من وضعِ مخطَّط للذهابِ إلى بيتِ أبي خلّوصة، ليطلبَ بعدئذٍ يدَ ابنتِهِ الصَّغيرة، كانت قد تجاوزَتِ العشرينَ من عمرِها، بينما هو كان على مشارف الستّين من العمر، مركِّزاً على صبغِ شعرِهِ بلونٍ أسود فاحم كي يبدو في عمرِ الشَّبابِ، طامساً الشَّيبَ الّذي غزا شعرَهُ. صباح الخير أبو خلّوصة. صباح الخيرات أبو فرهاد. كيف هي صحّتكَ وصحّة العائلة والأولاد. الحمدُ لله بخير. (تمتمَ أبو خلّوصة هامساً لنفسِهِ، ما هذا الاِهتمام المفاجِئ بي من قبلِ أبي فرهاد). خليلو! نادى أبو فرهاد لصانعِهِ الّذي مرّ بالقربِ منهما، وقالَ له، اذهبْ للدكَّانِ واجلبْ كيلو زعتر وكيلوين سكَّر وكيلو شاي سيلاني وكيلو بقلاوة وخذْها هديّة منّي لبيتِ عمّكَ أبو خلّوصة. أجابَ أبو خلّوصة وما المناسبة يا أبا فرهاد لهذه الهدايا. المناسبة، أنَّ الله أنعمَ عليّ بنعمِهِ وخيراته، وعليَّ أن لا أنسى أبناء حيّي المحترمين والمعوزّين أمثالِكَ. كيف هبطَ عليه فجأةً هذا الكرم الحاتمي؟ تمتمَ لنفسه أبو خلّوصة، هل مات ذئباً في البرّيّة أم أنّه يضمر لي شيئاً ما في نفسه. لا أظن أنّه يتكرَّم عليّ كلّ هذا الكرم لوجه الله. ماذا تغمغمُ لنفسِكَ يا أبا خلّوصة؟ وهل تراها غريبة أنْ أقدّمَ لابن حارتي المحترم هذه الهديّة المتواضعة، أم أنّكَ تستكثرُ عليّ أنْ أفكّرَ بأبناءِ حيِّي؟! لا أستكثرُ عليكَ، ولكن ليس من عاداتِكَ أنْ تقدّمَ الهدايا والمساعدة لأبناءِ حيِّكَ. ولا يهمُّكَ ستصبحُ الهدايا والمساعدات لأبناءِ حيّي من الآن وصاعداً عادةً من عاداتي. ولكن تمهّلْ عليّ، المستقبلُ سيثبتُ لكَ مصداقيّةَ كلامي. همسَ لنفسه، سنرى يا رشيدو يا زوج منيرة. لماذا أراكَ تهمسُ لنفسِكَ؟ قُلْ لي ماذا يجولُ في خاطرِكَ، لعلَّ وعسى أستطيعُ أنْ أقدِّمَ لكَ ما أنتَ بحاجة إليه. ماذا ممكن أنْ تقدِّمَ إليّ، وما هي المناسبة؟ هناكَ الكثير ممّا يمكنُ أنْ أقدِّمَهُ لكَ، وبمناسبةِ الحياةُ هي أخذُ وعطاء. أيُّ أخذٍ وأيُّ عطاءٍ تتحدّثُ عنه، وأيُّ عطاءٍ ممكن أنْ أقدِّمَهُ لكَ، وأنا لا أملكُ شيئاً، يا أبا فرهاد. مَنْ قالَ لكَ، أنَّكَ لا تملكُ شيئاً، انّي أراكَ تملكُ الكثيرَ وقادراً على العطاءِ، لا تنسى أنَّ اللهَّ قد أنعمَ عليكَ بالبنينِ والبناتِ وهم كنـزٌ ثمين. شعرَ أبو خلّوصة أنَّ أبا فرهاد يضمرُ له شيئاً ما في قلبِهِ، ولاحظَ أنّه يتودَّدُ إليهِ بشكلٍ غير معهود سابقاً. بماذا تفكِّرُ يا أبا خلّوصة؟ أفكِّر بكلامِكَ و.. لا تفكِّر بكلامي كثيراً فأنا أرغبُ أنْ أدعوكَ إلى الغذاءِ وندردشُ قليلاً على أمورِ الدُّنيا. تدعوني إلى الغذاءِ وتدردشُ معي على أمورِ الدُّنيا؟.. ما الّذي ستدردشُهُ معي، وهل لديّ ما أقدِّمُهُ لكَ؟ نعم، بكلِّ تأكيد هناك الكثير ممّا تستطيعُ أنْ تقدِّمَهُ لي، والكثير ممّا يمكنُ أنْ نناقشَهُ سويةً؟ عجيب، إنّي لا أصدِّقُ ما أسمعُهُ، هل أبو فرهاد يتحدَّثُ معي؟. نعم أبو فرهاد يتحدّثُ معكَ، وآملُ أنْ تقبلَ دعوتي على الغذاءِ. ولكن .. لا أريد اعتذاراً! .. أيوه يا أبا خلّوصة، آملُ أنْ تقبلَ دعوتي وأنْ نصبحَ أصحاباً ونتعاونَ سويةً. أقبَلُ دعوتَكَ شريطةَ أنْ تقولَ لي ما هي المناسبة لهذهِ الدّعوة؟ أعدُكَ أنْ أقولَ لكَ كلّ شيء في أوانِهِ، وسوفَ أبذلُ جهدي أنْ أقدِّمَ لكَ كلّ الخيرِ ولكن أترُكْ كلّ شيء في أوانِهِ حلو. ومتى تريدُ أنْ نلتقي؟ غداً. عندَكَ في المنـزل؟ لا، أدعوكَ إلى الغذاءِ في مطعمِ الحياة لنتكلَّمَ هناكَ على راحتِنا بعيداً عن ضجيجِ الأولادِ وقال وقيلِ النِّساء. على راحتِكَ يا أبا فرهاد، وأيّ توقيت يناسبُكَ؟ بحدودِ السَّاعة الثَّانية عشرة نلتقي في المطعم. راح كلٌّ منهما في سبيلِهِ، ولكن أبو خلّوصة ظلَّ يفكِّرُ طوالَ الوقتِ بما يخطِّطُ له أبو فرهاد، وتساءَلَ هل من المعقولِ أنْ يفكِّرَ أبو فرهاد فعلاً بالتَّخطيطِ لقيامِ مشروعٍ ما معي، ولكن أيُّ مشروعٍ ممكن أنْ يراودَهُ وأنا العبدُ الفقير لا أملكُ ما أسدُّ بِهِ رمقي، وبصعوبةٍ أعيلُ أسرتي؟ على أيّةِ حال الصَّباح رباح، سنرى غداً ما يراودُهُ من مخطَّطات. يمرُّ الوقتُ بطيئاً وتساؤلات عديدة خطرَتْ على بالِ أبي خلّوصة، ويأتي الصَّباح محمَّلاً بالتَّساؤلاتِ، المطعمُ يعجُّ بالزُّوارِ، وإذْ بالسَّيّدِ رشيد سلمان قد أخذَ ركناً قصيّاً، واستقبلَ أبا خلُّوصة ببشاشةٍ، مرحِّباً بضيفِهِ أحلى عباراتِ التّرحابِ والمودّةِ وكأنّهُ شخصيّة معتبرة. أيّوه أبو فرهاد، ها قد جئتُ على الموعدِ المحدَّد، وقد أكّدْتَ لي البارحة أنَّكَ ستقولُ لي أسبابَ دعوتِكَ إيّاي للغذاء، وآملُ أنْ تعطيني أسباباً مقنعة لكلّ هذا التّرحاب والدّعوة للغذاء. خلّينا نطلبُ طلباتنا ونتمتّعُ بالوقتِ والطّعامِ سويةً وسآتيكَ بشرحِ كلّ ما في صدري وآمل أنْ نصلَ إلى ما فيهِ خير الجميع. نادى أبو فرهاد الكرسون، ما رأيكَ أن نطلبَ صحنين من الكبابِ الشَّهيِّ مع السَّلطاتِ وتوابعِها. كما تشاء، دعوة شهيّة والمكانُ مريحٌ تماماً. صحنين كباب مع صحنين سلطة وتوابعها. حاضر أبو فرهاد، دقائق وطلبكم سيكونُ جاهزاً. بعد لحظات كانَت الطَّاولة عامرة، الطَّعامُ كان شهيّاً والدّردشة أثناءَ الطّعامِ كانَتْ تدورُ حولَ أنواعِ الطّعامِ. ثمَّ قالَ أبو فرهاد لضيفِهِ، ما رأيكَ أبو خلّوصة بهذهِ الوجبة؟ بالحقيقة يا أبا فرهاد وجبة لذيذة وشهيّة، لذيذة للغاية. من الآن وصاعداً ستزدادُ هكذا وجبات لو وضعْتَ فقط يدكَ في يدي. سأضعُ يدي في يدِكَ، لكن لا بأس أنْ أسمعَ ما يدورُ في ذهنِكَ أوَّلاً، وعلى ضوئِها سيتبيّن مدى قدرتي على التَّعاونِ معكَ، معَ انّني لا أظنّ أنّني قادر على تقديمِ شيء ما لكَ أنا العبدُ الفقير. لا يا أبا خلّوصة، لا تقُلْ هذا، إنّكَ تستطيع أنْ تقدِّمَ لي الكثيرَ الكثير ممّا لا يستطيعُ غيرُكَ أنْ يقدِّمَهُ لي، لهذا قصدتُكَ وأريدُ أنْ أفصحَ لكَ عن مكنوناتِ قلبي ونصبحَ أصدقاءً وعائلة واحدة، وسأقدِّمُ لكَ ولعائلتِكَ كلّ ما تحتاجونَهُ بعونِ الله. شغلْتَ بالي يا أبا فرهاد، معقول كلّ هذا أسمعُهُ منكَ. أيوه معقول، ولكن فقط بإشارة منكَ، سأقدِّمُ لك ما تشاء. لكنّي لمْ أسمعْ منكَ حتَّى الآن ما يدورُ في خلدِكَ. ستسمعُ. وأنا كلّي آذانٌ صاغية للسمعِ. يا أبا خلّوصة، كما ترى لقد أنعم الله عليّ بنعمه ... الله يزيد أكثر وأكثر. باركَ اللهُ فيك يا أبا خلّوصة. وفيك يا أبا فرهاد. فيا جاري، أنا بعدَ ما أنعمَ اللهُ عليّ، أحببْتُ أنْ أوزّعَ هذه النّعم على غيري. كيفَ توزّعُها على غيرِكَ، فأنتَ وأولادُكَ وزوجتُكَ أوْلَى بها. ولكن لديّ الكثير من المالِ، يكفيني ويكفي لغيري. ما قصدكَ يكفيني ويكفي غيري، ومَنْ هو هذا الغير؟ أنتَ وزوجتكَ وأولادكَ وبناتكَ. عجيب، هكذا من دونِ أسباب. بل هناك أسباب قويّة. أرجوكَ، قُلْ لي فأنا لم أعُدْ أطيقُ صبراً. بالحقيقة يا أبا خلّوصة فكَّرْتُ كثيراً قبلَ أن ألتقي معكَ ووجدْتُ أنّهُ من المناسب أن ألتقي معكَ وأصارحكَ لعلَّنا نستطيعُ أن نجمعَ شملنا. نجمعُ شملنا، وهل نحنُ أهل كي نجمعَ شملنا. نحنُ لسنا أهلاً حتَّى الآن، ولكن يشرِّفُني أن نصبحَ أهلاً. لأنّي بكلِّ صراحة أريدُ أن أتقدّمَ إلى اِبنتِكَ خوصة على سُنّةِ الله ورسولِهِ، وأتمنّى أن لا تخيّبَ أملي، وبإمكانِكَ أن تفكِّرَ على كاملِ مهلِكَ وتستشيرَ عائلتكَ وأولادكَ وبعدئذٍ تردّ عليّ الردّ المناسب وآمل أن أحظى بموافقتِكم الكريمة وموافقةِ كريمتكم خوصة. ولكن يا أبا فرهاد، خوصة صغيرة جدّاً عليك. والأنسب لو كانت خلّوصة، لأنَّ خلّوصة هي البنت الكبيرة أولاً وتناسبُكَ أكثر. ولكن يا أبا خلّوصة أنا خفقَ قلبي لخوصة. ثمَّ أنّني قلتُ لكَ لا أريدُ جواباً الآن، أريدُ أن تجتمعَ مع أسرتِكَ وتناقشوا الأمر فيما بينكم بهدوء وتذكَّروا أنّني سأقدّمُ لكم كلّ ما تطلبونه منّي، سأكونُ رهنَ طلباتكم. لقد فاجأتَني يا أبا فرهاد بطلبِكَ هذا، وعلى أيّةِ حال سأناقشُ الأمرَ مع أسرتي وسأردُّ عليكَ في أقربِ فرصة. إن شاء الله يكونُ ردّكم خيراً عليّ وعليكم جميعاً يا رب. إنْ شاءَ الله. والآن أستأذنُ يا أبا فرهاد، فلدي بعض الأعمال الَّتي أقومُ بها، وسأناقشُ موضوعَ طلبكَ معَ أسرتي وأخبِّرُك عندما نتّفقُ في الأسرةِ على صيغةٍ معيّنة. لا تنسَ أنّنا سنصبحُ نسائب لو كل شيء انتهى على خير ونلتُ موافقة كريمتكم وموافقتكم. لن أنسى هذا بكلِّ تأكيد. ودّعَ أبو خلّوصة رشيد سلمان، ثمَّ تمتمَ لنفسِهِ، عجيب أمر بعض أغنياء هذا الزّمان، يظنّونَ أنّهم سيشترونَ بنات العالم في مالهم، ابنتي الصَّغيرة مناسبة لابنِهِ وليس له، عادَ إلى أسرتِهِ مهموماً، والحوارُ الدَّائرُ بينهما لا يفارقُ ذهنَهُ، حالما دخلَ المنزلَ، لاحظَتْ زوجتُهُ أنّهُ مهمومُ البالِ وعلى غيرِ عادتِهِ، فسألتْهُ ماذا حصلَ لكَ، دخلْتَ عتبةَ الدَّارِ وكأنّكَ شاردَ الذّهنِ، هل حصلَ لكَ مكروهٌ ما، لا سامحَ الله؟ لا لا، لم يحصلْ لي مكروهٌ ما، لكنّي التقيتُ مع أبي فرهاد، رشيد سلمان، ودارَ حديث بيننا، غيَّر تفكيري ومزاجي رأساً على عقب. ماذا قالَ لك، أبو فرهاد، كي يغيّرَ تفكيرَكَ ويقلقَ مزاجَكَ رأساً على عقب؟ الموضوع يحتاجُ إلى الكثيرِ من الرَّويَّةِ، والاجتماعِ معَ العائلة ككل ومناقشته معاً! لهذه الدَّرجة الموضوع مهم وحسّاس. نعم، الموضوع مهم وحسّاس جدّاً. ما هو الموضوع يا أبا خلُّوصة، هل استدنْتَ منه مالاً ويطالبُكَ بِهِ ولا تستطيعُ استردادِهِ ويهدّدُكَ؟ لا، لا. لم أستدِنْ منهُ مالاً ولا يهدِّدُني، الموضوع مختلف كلِّيَّاً، ولا يتعلّقُ بالمالِ نهائيَّاً. طيّب، ما هي علاقتك أنتَ بالموضوع الّذي أقلقَكَ إلى هذا الحدّ؟ علاقتي وعلاقتنا كأسرة مباشرةً بِهِ و ... علاقتنا مباشرة به، قالت أم خلُّوصة، ومنذُ متى كانت لنا علاقات بمواضيع أبي فرهاد؟ يبدو منذُ اليوم، بحسبِ ما طرحَهُ علي. وماذا طرحَ عليكَ أبو فرهاد كي يكونَ لنا علاقة بِهِ إلى درجةٍ تبدو وكأنّكَ في ورطة؟ لا، لسْتُ في ورطة لكن القضيّة فيها مفاجأة، حيثُ فاجأني تماماً بما عرضَهُ علي. ماذا عرضَ عليكَ كي يفاجِئَك إلى هذا الحدّ؟! بالحقيقة منذُ البارحة تقرّبَ إلي، وكانَ ودوداً للغادية، وعزمني على الغذاءِ في مطعمِ الحياةِ، لأنّه كانَ يريدُ أنْ يطرحَ عليَّ أمراً عائليَّاً مهمَّاً وأرادَ أن نلتقي خارجَ منزلِهِ، ولبّيتُ دعوتَهُ بعدَ الحاحٍ منهُ. طيّب، وماذا حصلَ أثناءَ الغذاءِ، وماذا طرحَ عليكَ كي تكونَ قلقاً ومتفاجِئاً إلى هذا الحدِّ؟ بالحقيقة يا أم خلّوصة، بعدَ أن تناولْنَا الغذاءَ معاً وهوَ في قمَّةِ تودّدِهِ معي، فاجأني تماماً، حيثُ طلبَ يد ابنتنا خوصة زوجةً لهُ على سنّةِ اللهِ ورسولِهِ! جحظَتْ عينا أم خلّوصة، مردّدةً طلبَ يد خوصة، وهي في عمرِ ابنِه البكر، عجيب أمر هذا الرّجل، وكانَ من الأَوْلى بهِ أنْ يطلبَ يد خلّوصة فهي أنسب إلى حدٍّ ما، لأنَّ خوصة تناسبُ أن يطلبَها لابنِهِ وليسَ له. هذا ما قلتُهُ لهُ، لكنّهُ أجابني، يا أبا خلُّوصة لقد خفقَ قلبي إلى خوصة، وسوفَ أقدّمُ وأنفّذُ لكم كل طلباتكم لأنَّنا سنصبحُ نسائب وطلباتكم كلّها مستجابة! طلباتنا مستجابة! هل يريدُ أن يشترينا في مالِهِ؟ هذا ما كنتُ أفكّرُ به طوالَ الوقتِ في الطَّريقِ، وهذا ما أقلقَني وفاجأني وقلَبَ تفكيري رأساً على عقب. والله معكَ حق يا أبا خلّوصة أن تكونَ قلقاً ومهموماً إلى الحدِّ الَّذي رأيتُكَ فيهِ، لأنَّ عرضَهُ وطلبَهُ محيّر فعلاً، فهوَ من جهة من أغنى أغنياءِ البلدة ومن جهةٍ أخرى ابنتنا لا تليقُ بهِ، بلْ تليقُ بشابٍّ من جيلِ ابنِهِ، فهيَ من جميلاتِ المدينةِ وأصغر منهُ بحدودِ أربعينَ عاماً! وتريدينني أن لا أكونَ مهموماً لما فاجأني بهِ؟ وماذا أجبْتُهُ عندما طلبَ يد خوصة. لم أجبْهُ، لأنّهُ قالَ لي لا ترد عليَّ الآنَ، تفضّل اجتمع معَ أسرتِكَ كلّها وناقشوا الأمر سويّةً وعلى كاملِ مهلِكم ردُّوا علي وأنا رهنُ طلباتِكم وأتمنَّى أن نصبحَ نسائب وأقدِّمَ لكم وللعروسِ كل ما ترغبونَ وتطلبونَ؟ وودّعتُهُ قائلاً، سألتقي بأسرتي وأناقشُ الأمرَ معَ زوجتي وابنتي ونردُّ عليكَ يا أبا فرهاد قريباً. وماذا ستردُّ عليهِ، معقول توافقُ عليهِ يا أبا خلّوصة؟ الموافقة أولاً وأخيراً ستكونُ من قبلِ خوصة وموافقة الأسرة كلّها، سنجتمعُ مع خوصة وخلّوصة وأنتِ وأنا ونناقشُ الأمر لعلَّنا نخرجُ بنتيجة تناسبُنا جميعاً. كانتْ خوصة خارجَ المنزلِ، وأخيها الصَّغير في المدرسة وخلّوصة في المطبخِ تسمعُ كل ما دارَ بينَ والدِها ووالدتِها، فدخلَتْ عليهما وهي تسألُ والدَها وأنتَ يا بابا هل ستوافقُ على طلبِ يد أختي لأبي فرهاد؟ بالحقيقة يا ابنتي موافقتي مرتبطة بموافقةِ خوصة نفسَها. هزَّتْ خلُّوصة رأسَها وظلَّتْ صامتة، وجالَ في خاطرِهَا فكرةً، وقالَتْ في نفسِها ربّما أحقِّقُ عبرَها ما لا يخطرُ على البال! جاءَتْ خوصة برفقةِ بعضِ صديقاتِها إلى المنزلِ، جلسوا قليلاً في غرفتِها، وفيما كانَتْ صديقاتها يستأذنَّ منها ليذهبنَ إلى منازلهنّ، دخلَتْ أختُها خلّوصة إلى غرفتِها وشرحَتْ لها القصّة كي تضعَ مخطّطاً يناسبُ كلَّ الأطراف، اندهشَتْ خوصة وهي تسمعُ هذا الخبر، وقالَتْ وما هو رأي والدي ووالدتي، أجابَتْ خلّوصة رأي الوالد والوالدة مرتبط برأيِكِ، ففي حالِ موافقتك سيوافقان، ولو لم توافقي، فلن يوافقان. وما هو رأيُك أنتِ يا خلّوصة، أجابتْها برأيي أن توافقي عليه، لكن قبلَ أنْ توافقي عليهِ اسمعي إلى فكرتي ورأيي كي أنقذَكَ ممَّا أنتِ قادمة عليهِ. كيفَ ستنقذيني ممّا أنا قادمة عليهِ وتطلبينَ منِّي أنْ أوافقَ عليه؟ هنا يكمنُ اللُّغزُ الّذي سأشرحُهُ لكِ! لغز، أي لغز يا أختي؟ تمهَّلي عليّ قليلاً كي أشرحَ لكِ اللُّغزَ، وبعدَها ستقهقهينَ عالياً وتفرحينَ فرحاً من أعماقِ القلب! كيفَ سأفرحُ وأنتِ تخطِّطينَ أنْ أوافقَ على رجلٍ من جيل والدي تقريباً؟ سأنقذُكِ منهُ بطريقةٍ لا تخطرُ على بال. طيّب لِمَ نعقِّدُ وتعقِّدينَ الأمور، لِمَ لا أرفضُهُ ونتخلَّصُ منهُ جميعاً؟! لا، نحنُ نريدُ أنْ تتخلّصي أنتِ منهُ، لهذا أطلبُ منكِ أن تتمهَّلي عليّ كي أشرحَ لكِ فكرتي وكيفيّة تخلّصكِ منهُ، لأنَّ خطّتي هي أفضل من رفضِكِ لهُ. تفضَّلي أختي اشرحي لي خطَّطَكِ، فأنا كلّي آذان صاغية! أنتِ وافقي عليه، وخبِّري الوالد والوالدة على أنّكِ موافقة عليه، وبعد أنْ تتمَّ الموافقة، سأنفّذُ به خطّتي على الشَّكلِ التّالي، ففي يومِ زفافِكِ وتحويلِكِ من بيتِ والديكِ، سأذهبُ أنا بدلاً عنكِ، فهوَ سيظنُّ أنَّكِ العروسة، بينما في واقعِ الحالِ سأكونُ أنا، وأنتِ تعرفينَ جيّداً كيفَ يتمُّ وضع حجاب على رأسِ العروسِ ومغطّى وجهها إلى درجةٍ لا يميّزُ العريس وجهَ العروسِ، وبهذه الطَّريقة سيتمُّ كتْب كتابي عليه أثناء كتْبِ الكتاب، وعندما يتمُّ تحويل العروس سيظنُّ الجميع بما فيهم الوالد والوالدة أنَّكِ أنتِ الّتي تمَّ تحويلها، في هذا الوقت ستدخلين إلى غرفتي وتقفلينَ البابَ على نفسِكِ على أساس أنّكَ أنا وحزينة لأنّه لم يختَرني واختارَكِ، وهكذا الجميع سيظنُّ أنَّني أنا في المنزل وأنتِ العروس، وسيتمُّ كتْبَ الكتاب وإعداد حفلة الزَّفاف، وعندما تُحينُ ساعةُ الدُّخول علي سأطلبُ منهُ الدُّخولَ أولاً إلى بيتِ الزَّوجيّة وأبدِّلُ ثيابَ العروس، آنذاك سأكسرُ كلَّ المصابيح، وفي حالِ لو طلبَ إضاءةَ النّورِ سأقولُ لهُ إنّني أخجلُ أنْ أراكَ على الضَّوءِ فتستطيعُ أنْ تدخلَ عليّ في عتمِ اللّيلِ، وسيدخلُ في مخدعي ويتزوَّجُني على سنّةِ الله ورسولُهُ، وننامُ نوماً عميقاً. لكنّهُ في صبيحةِ اليومِ الثَّاني سيكتشفُ اللّعبةَ. عندها اتركي هذا الأمر لي، لأنّني سأضعُهُ تحتَ أمرِ الواقع، وأقدِّمُ لهُ ورقةَ كتب الكتاب بأنّهُ وقّعَ على زواجِهِ من خلّوصة وليس من خوصة، وتزوَّجتي زواجاً شرعيَّاً ويكونُ قد سدَّدَ المقدّمَ ووقّعَ على المتأخّرِ بحسبِ الاتّفاقِ بيننا، ففي حالِ رفضَ الاستمرارَ معي كزوجة سيقدِّمُ المؤخّرَ ويطلِّقُنِي، وإلَّا سيضطرُّ أنْ يسكتَ ويستمرَّ في الزَّواجِ منِّي وأنتِ ستتخلَّصينَ منهُ على الوجهينِ! ضحكَتْ خوصة وقالَتْ صدِّقيني فكرة رائعة، ولابدَّ أنْ نخطّطَ لهذا الأمر بدقّةٍ كي لا يكتشفَ أحدٌ من جانبهِم أمرَ مخطَّطنا. بعدَ أنْ التقتْ خلُّوصة مع خوصة ووضعا الخطّة في تفويتِ الفرصة على رشيد سلمان، التقى أبو خلُّوصة معَ خوصة، وعرضَ عليها الاقتراح بخصوصِ تقدُّم أبو فرهاد لطلبِ يدِها، فقالَتْ لهُ أنتَ ما هو رأيك يا بابا؟ فقال لها، يا ابنتي موافقتي مرتبطة بموافقتِكِ وكذلك هذا هو رأي أمُّكِ وأختكِ أيضاً، فقالَتْ لهُ طالما أنتم غير معارضين فأنا موافقة عليه وتستطيعُ أن تبلّغَهُ وتحدِّدَ موعدَ الزّفافِ وكتْبَ الكتابِ معاً، فخرجَ أبو خوصة وبلّغَ رشيد عثمان على أنّ كريمتَهُ خوصة موافقة على عرضِهِ، وتنتظرُ كتْبَ الكتابِ، فأجابَ "خيرُ البرِّ عاجله"! وحدَّدَ الخميس القادم يومَ الزّفاف وقرآ الفاتحة معاً، وبدأ السِّيد رشيد سلمان يعدُّ العدّة لحفلةِ الزّفافِ، وبلّغَ أهلَهُ وكذلكَ أبو خلُّوصة بلّغَ أهلَهُ وأعدَّ الطَّرفان ترتيباتهم ليومِ الزَّفافِ، وفي ليلةِ الزَّفافِ اتَّفقَتْ خلّوصة معَ بناتِ عمّها وأختها خوصة أن يعدّانِ الخطّةَ واتّفقوا على أن لا يسمحوا لأحدٍ من نساءِ أهلِ العريسِ الدُّخولَ إلى غرفةِ العروسِ، وسوفَ يقمْنَ بنات عمِّها بتزيينها، وهكذا جلسَتْ خلّوصة أمامَ المرآة وخلّوصة بجانِبِهَا وبدأنَ يزيَّنونُها ويُمكْيُجُونُها بطريقةٍ بحيثُ تُشبهُ أختها خوصة حتّى أنَّ الشّبهَ بينهما كانَ قريباً إلى حدٍّ ما، وقد ساعدَ الماكياج على تقريبِ الشَّبهِ أكثر، إضافةً إلى أنّها ستغطى وجهها بشالٍ بحيثُ أنْ لا يُرى وجهَها بشكلٍ واضح، وهكذا قاموا بالمهمّةِ على الوجهِ الأكملِ إلى درجةِ أنّهم هم صدّقوا أنَّ العروسَ هي خوصة لدقّةِ الشّبهِ، فباتَ من الصَّعبِ أنْ يميّزَ أحدٌ أنَّ العروسَ هي خلّوصة، وقبلَ أن يأتوا أهلَ العريسِ دخلَتْ خوصة في غرفةِ خلّوصة على أساسِ أنّها زعلانة ولن تحضرَ حفلَ الزّفافِ، لأنّ العريسَ لم يختَرْها، وقد كانت حجَّتها قويّة، فتركوها على حرِّيتِها، لأنَّ ظهورَها سيكشفُ اللُّعبةَ، وهكذا دخلَ أهلُ العريس وبدأنَ النّسوة والصّبايا يغنَّينَ على رأسِ العروسِ، وأمسَكَ الوالدُ يدَها ومشى بها حتّى عتبةِ البابِ الخارجي وصعدَتْ سيارة خاصّة لتحويلِها إلى بيتِ العريسِ، وتمَّ استقبالِهِما بالطَّبلِ والمزمارِ وبدآ يعزفانِ الأغاني الخاصّة بحفلاتِ الزَّفافِ، وبدأ الأهلُ يرقصون، والعريسُ في أوجِ فرحِهِ، تقدّمَتِ العروسُ بهدوءٍ تسيرُ بلباسِهَا الأبيض وشالَها على وجهِهَا وتحني رأسهَا على أساس أنّها خجولة، فأمسكَ بيدِهَا العريسُ وتقدَّما نحوَ منصّةِ الزّفافِ وتقدَّمَ أحدُ الشُّيوخِ وكتبَ الكتابَ وكلُّ ما يخصُّ الزَّفافَ واتّفقا على المقدّمِ والمؤخّرِ في حالِ لو تمَّ الطّلاق، وتمَّ تثبيت كلّ شيءٍ في عقدِ الزَّواجِ! كانَتِ الصَّبايا والشَّباب يرقصونَ في حلقةِ الدَّبكة رقصةَ خانمان، وهم في أوجِ الفرحِ، خاصّةً أهل العريس، ولا أحد يعلمُ بما هو آتٍ سوى ابنَتَي عم العروس وخوصة والعروس، بما تخبِّئه صباحيّة العريسِ من مفاجآتٍ، قامَ عازفُ المزمارِ بتقديمِ عبارات "الشَّاباش" على رأسِ العريسِ والعروسِ وعلى رأسِ الكثيرِ من الأهلِ والشَّخصيّاتِ الهامّة، وتلقَّى مكافآته الخاصّة بِهِ وبعازفِ الطّبلِ، وفي نهايةِ حفلةِ الزَّفافِ، قدّمَ المدعوونَ هداياهم وصباحيّاتهم للعروسَين وودَّعوهم ثمَّ أمسكَ العريسُ يدَ عروستِهِ وتوجّها إلى بيتِ الزَّوجيّة، حيثُ كانَ قد اشترى بيتاً مستقلَّاً للعروسِ، وحالما وصلا إلى المنزلِ، دخلَتْ العروسُ إلى غرفةِ الزّفافِ قبلَهُ، وطلبَتْ منْهُ أنْ يتركَهَا لبعضِ الوقتِ كي تغيِّرَ ثيابها وتجهّزَ نفسَها لاستقبالِهِ كي يدخلَ عليها وهي مهيَّأة نفسها، فوافقَ على طلبِها طالما الأمرُ لا يحتاجُ سوى بضع دقائق، وفور دخولها إلى الغرفةِ بدَّلَتْ ثيابَها ولبسَتْ لباسَ النَّومِ وكسرَتْ كلّ المصابيح ثمَّ طلبَتْ منهُ أنْ يدخلَ عليها، وإذْ بالغرفة معتمة، فحاولَ أن يضيءَ المصباحَ لكنّها قالَتْ لهُ أريدُ أن تدخلَ عليَّ في عتمِ اللّيلِ، لأنَّني ماأزالُ أخجلُ أن تدخلَ عليَّ مكشوفةً، فإنَّكَ تستطيعُ أنْ تتزوّجُني في العتمِ، وهذهِ رغبتي في ليلةِ الدُّخلة، فتقدَّمَ نحوَ السَّريرِ وبدأَ يقومُ بواجباتِهِ الزَّوجيّة على أكملِ وجه، ولم يشعرْ إطلاقاً أنّها خلّوصة، بل كانَ في غايةِ السُّرورِ أنَّ عروسَتَهُ خوصة بينَ أحضانِهِ زوجة مطيعة، ثمّ غطَّ في نومٍ عميق وشعرَتْ هي الأخرى أنَّها قامَتْ بمهمَّتها على أكملِ وجه، ووقَعَ العريسُ في الفخِّ بطريقةٍ سلسة! نهضَتْ خلّوصة في يومِ صباحيّتِها باكراً وأعدَّتْ فطوراً لذيذاً لزوجِها، وتنحنحَ العريسُ وإذْ بِهِ يسمعُ صوتاً من المطبخِ فعرَفَ أنَّ عروسَتَهُ تُعدُّ ترتيباتِ الفطورِ، فنهضَ وغسلَ وجَهَهُ وقدّمَتْ لهُ منشفةً وهي تقولُ، تفضَّل يا ابن عمِّي، فاندهشَ لمشاهدتِها في بيتِهِ في صبيحةِ صباحيّته، فقالَ لها ماذا تعملينَ هنا يا خلّوصة في يوم صباحيِّتي، أمَا كنْتِ تستطيعي أنْ تنتظري إلى ما بعدَ الفطورِ، أجابَتْهُ ولماذا سأنتظرُ طالما هي صباحيّتي؟ فقالَ لها صباحيّتُك! فقالَتْ أيوه صباحيّتي، لقد تمَّ زفافي منكَ يومَ البارحة على سنّةِ اللهِ ورسولِهِ وكتبْتَ كتابي وتزوّجْتَني ليلةَ أمس وهذه شهادة زفافي وكتْب كتابي! نظرَ إليها بغضبٍ كبير، قائلاً لكنّي طلبْتُ خوصة وكتبْتُ كتابي على خوصة، لكنّكَ عمليّاً كتبْتَ كتابَكَ عليّ، نعم عليّ، على خلّوصة وهاأنذا ماثلة أمامَكَ وها هي آثار زواجنا شرعاً موجودة، تفضّل أتريدُ أنْ تتأكَّدَ من زواجِكَ منّي، وقدّمَتْ لَهُ شهادةَ عذريَّتها وآثارِ ما خلّفَهُ أثناءَ قيامِهِ بواجبِ الزَّوجيّة! جنَّ جنونُهُ وهوَ ينظرُ إلى الآثارِ المتناثرة على طريحةٍ بيضاء، وبكلِّ هدوءٍ قالَتْ لَهُ، تفضَّل إلى الفطورِ ابن عمِّي، الفطورُ جاهز، ولو لم يناسبْكَ هذا الزّفاف وكتْبُ الكتاب، تستطيعُ أنْ تدفعَ لي المؤخّر الّذي اتّفقنا عليه وقد وقَّعْتَ أنتَ وأنا عليه وبشهود، لكنّي أنا طلبْتُ خوصة وليس خلّوصة، لكنّكَ عمليّاً نكحْتَ خلّوصة كزوجةٍ وكلُّ شيءٍ سارَ بشكلٍ رسمي، وأنتَ حرٌّ أنْ تستمرَّ في زواجِنا أو تدفعَ لي مؤخَّري وتطلِّقُني قبلَ أنْ تتناولَ فطورَكَ! نظرَ إليها ثمَّ نظرَ إلى الفطورِ وشعرَ أنّهُ في موقفٍ لا يُحسَدُ عليهِ، كيفَ سيتصرَّفُ أمامَ زوجتِهِ وأولادِه ويطلّقُها من أوّلِ ليلةٍ وفي يومِ صباحيَّتِهِ؟ وشعرَ أنَّ خلّوصة أفضل على الأقل من زوجتِهِ، فسكَتَ على ما حصلَ وابتسمَ لها، قائلاً أهلاً بكِ زوجةً يا خلّوصة، يبدو أنَّكِ أنتِ نصيبي وليسَتْ خوصة، ففرحَتْ لهذا القبول ثمَّ جلسَ إلى طاولةِ الفطورِ، وفيما كانَتْ تحضِّرُ ما تحتاجُهُ الطّاولة، تمتمَ لنفسِهِ، طيّب يا خلّوصة، هل تظِّنينَ أنّكِ ستتخلّصينَ من خوصةٍ أخرى، فما أكثرَ الخوصات طالما لديَّ ما يدفعهنَّ إلى بيتِ الزُّوجية، وفي المرّاتِ القادمة سأكونُ حريصاً جدّاً من تفادي هكذا مقالب، وإلَّا ستزدادُ عددُ الخوصاتِ واحدة تلو الأخرى!
ستوكهولم: آب (أغسطس) 2002 مسودة أولى أيلول (سبتمبر) 2018 صياغة نهائيِّة
#صبري_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
[5]. إيقاعاتُ الشَّخير، قصّة قصيرة
-
[4]. الطُّفل والأفعى، قصّة قصيرة
-
[3]. نوال ودلال وعيدانيّة بالدَّين، قصّة قصيرة
-
[2]. تسطعُ ديريك فوقَ خميلةِ الرُّوح، قصّة قصيرة
-
[1]. حيصة وسلال العنب، قصّة قصيرة
-
[10]. ترتيلة الرّحيل، قصَّة قصيرة
-
[9]. حنين إلى تلاوين الأمكنة والأصدقاء، قصَّة قصيرة
-
[8] عمّتي تشتري عظامها من الله، قصّة قصيرة
-
[7]. اللّحية واللّحاف، قصّة قصيرة
-
[6]. الذَّبذبات المتوغِّلة عبر الجدار، قصَّة قصيرة
-
[5]. حنين إلى ديريك بعقلائها ومجانينها، قصّة قصيرة
-
[4]. أنا والرَّاعي ومهارتي بِبَيعِ العدس، قصّة قصيرة
-
[3]. الكرافيتة والقنّب، قصّة قصيرة
-
[2]. الّذكرى السَّنويّة، قصّة قصيرة
-
[1]. فراخ العصافير، قصّة قصيرة
-
[10]. استمراريّة القهقهات الصَّاخبة، قصَّة قصيرة
-
[9]. وللزهور طقوسها أيضاً! ، قصّة قصيرة
-
[8]. مشاهد من الطُّفولة، قصّة قصيرة
-
[7]. احمرار السَواقي، قصّة قصيرة
-
[6]. اللّص والقطّة، قصّة قصيرة
المزيد.....
-
الفنانة المغربية لالة السعيدي تعرض -المرئي المكشوف- في -دار
...
-
-الشوفار-.. كيف يحاول البوق التوراتي إعلان السيادة إسرائيل ع
...
-
“المؤسس يواصل الحرب”.. موعد مسلسل قيامة عثمان الموسم السادس
...
-
المسرح الجزائري.. رحلة تاريخية تجمع الفن والهوية
-
بفعاليات ثقافية متنوعة.. مهرجان -كتارا- للرواية العربية ينطل
...
-
حديقة مستوحاة من لوحة -ليلة النجوم- لفان غوخ في البوسنة
-
عودة الأفلام الرومانسية إلى السينما المصرية بـ6 أعمال دفعة و
...
-
عائلات وأصدقاء ضحايا هجوم مهرجان نوفا الموسيقي يجتمعون لإحيا
...
-
كيف شق أمريكي طريقه لتعليم اللغة الإنجليزية لسكان جزيرة في إ
...
-
الحلقة 2 الموسم 6.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 166 كترجمة على
...
المزيد.....
-
إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ
/ منى عارف
-
الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال
...
/ السيد حافظ
-
والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ
/ السيد حافظ
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال
...
/ مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
-
المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر
...
/ أحمد محمد الشريف
-
مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية
/ أكد الجبوري
-
هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ
/ آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
-
توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ
/ وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
-
مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي
...
/ د. ياسر جابر الجمال
-
الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال
...
/ إيـــمـــان جــبــــــارى
المزيد.....
|